لست صحفيا أغطي حدثا أو خبيرا ينشر تقريرا..بل أنا مهندس دولة، سأحاول عبر هذه الأسطر بسط واقع المهندس بالمغرب. استبشرنا خيرا ببرنامج 10.000 مهندس سنويا ..وإن كنت لا أدري حقيقة ما الفائدة من العدد الهائل من المهندسين ما دامت الدولة تعتمد على الفلاحة و ليس لها مشاريع و رؤى حقيقية من أجل تطوير الصناعة و تحويل الوضع العام من الإنتاج أو الصيانة إلى التطوير و البحث العلمي. للتمكن من الوصول إلى هذا العدد من المهندسين، ثم فتح عدد هام من الأقسام التحضيرية للمدارس العليا سواء التابعة للدولة أو التابعة للقطاع الخاص، كذلك تم فتح أسلاك هندسة في عدد من الجامعات التقنية. و قرَّرت الدولة أيضا زيادة عدد الخريجين من المعاهد والمدارس ناهيك عن الترخيص لعدد من المدارس الخاصة. بالنسبة للجامعات التقنية التي فتحت أسلاكا للهندسة فإن العائق الأكبر يكمن خصوصا في قلة المختبرات وضعف التجهيزات الكفيلة بمقاربة المسافة بين النظري و التطبيقي. مدارس ومعاهد المهندسين اضطرت للرفع من عدد الأساتذة والمشرفين ،حتى تتمكن من مواكبة عدد الطلبة المهندسين الجديد، وإن كان التحصيل العلمي لهؤلاء لا يسمح بالإشراف على طالب الهندسة خصوصا على المستوى البيداغوجي. المدارس الخاصة..حتى أرسم الصورة بشكل واضح.أعطي مثالا: أحد الشباب ..أنفقت أسرته المال الوفير لتعلمه ومأكله و مشربه ومحل سكناه..بعد خمس سنوات انتهى به المطاف موظفا بأجر شهري أقل من الواجب الشهري الذي أداه أبواه قبل. على العموم مشاكل الهندسة متعددة ؛ أهمها الهوَّة الفارقة بين الأكاديمي والصناعي.إذ يجد كثير من الطلبة أنفسهم مضطرين خلال بحث التخرج إنجاز بحثين لإرضاء الطرف الصناعي و لإرضاء المشرف الأكاديمي. بعد التخرج يصطدم المهندس بواقع البطالة وضبابية سوق الشغل.المضحك في هذه المرحلة هو تلهف مراكز الاتصال على الأرقام الهاتفية للمهندسين لعرض منصب شغل ب3500درهم عمل يتطلب شهادة الباكلوريا لا أقل ولا أكثر. نقطة أخرى وجب الإشارة إليها ألا وهي عدم مطابقة التكوين لما يتطلبه سوق الشغل وخير مثال مجال الطيران، حيث أن الشركات الأجنبية بمنطقة النواصر، أغلب موظفيها أطر أجنبية تعتمد بالخصوص على اليد العاملة المغربية. أما العمل في قطاع الدولة فقد صار ،أو كان و لازال، مستعصيا مما اضطر الكثيرين إلى العمل في قطاع خاص غير منظم،قد يطلب رب العمل المسمى "بوشكارة" منك في أي لحظة إيصال زوجته أو إرجاع ابنته الصغرى إلى البيت قبل التعريج على العمل.عمل ليس الهم منه الإستفادة من خبرتك بل استغلال دبلوم الدولة المشترط لإكمال بعض الصفقات الخاصة بمشروع "بوشكارة". الدولة مدعوة بمهندسيها وخبرائها لإيجاد الحلول الكفيلة بتكوين 10.000 مهندس وضمان فرص عمل كافية و متطابقة مع تخصصاتهم.أما التكوين فقط فهو بيع للأوهام . عبد الله اليعقوبي..مهندس دولة