حالة من الغليان الشعبي عمت الحي الهامشي "جنان الورد" بمقاطعة الجنانات بفاس، بعد أن تحولت جنازة أب الفتاة التي اعتقلت على خلفية بلاغ وزارة الصحة الأخير، اتهمتها بالاعتداء على تقنية للأشعة بمصلحة المستعجلات بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، إلى مسيرة احتجاجية على حرمان هذا المواطن المريض من حقوقه في ولوج العلاج، حيث لفظ أنفاسه، كما تقول عائلته والمتضامون معها، بعد أيام قليلة عن رفض المستشفى استقباله، حيث تزامن ذلك مع "العراك" الذي وقع بين ابنة المرحوم وموظفة بالمستشفى. وفي هذا السياق، قالت أرملة المريض المتوفى "أحمد الوردي"، إن "زوجها الذي كان يعاني قيد حياته من مرض عضال في مرحلته المتقدمة، سبق لعائلته أن نقلته إلى المستشفى الجامعي قضى فيه بضعة أيام، بعدها طلبت الإدارة إخراجه وأعادته إلى بيته لإتمام العلاج بالأدوية، لكن الرجل العجوز، تضيف أرملته، ساءت حالته الصحية فنقلوه مرة أخرى إلى المستشفى الجامعي الاثنين الماضي، حيث طلب منهم الطبيب إجراء فحص له بالسكانير، وأحالهم على تقنية للأشعة، هذه الأخيرة أرسلت عائلة المريض إلى مصلحة أخرى بدون أن تشرح لهم المطلوب إجراؤه، حيث ظلوا ينتقلون بالمريض من مكان إلى آخر، فقرروا العودة إلى تقنية الأشعة، تحكي أرملته وابنته، لتفاجئهم موظفة الصحة برمي الملف الصحي للعجوز على جسده الممدد على سرير متحرك خاص بالمرضى، (بحسب ما يظهره شريط فيديو يوثق الواقعة)، وهو ما أثار غضب الابنة الكبرى التي دخلت مع الموظفة في عراك بالأيدي وتبادل الضرب، تقول أم الشابة المعتقلة. بعد العراك الذي وقع بين الموظفة وابنة العجوز المريض، اعتقلت عناصر الأمن الشابة، فيما تم إخراج المريض من المستشفى بدون أن يخضع لأي تدخل طبي، وهو ما أجبر عائلته بعد أن نفذوا اعتصام بخارج المستشفى، إلى نقل مريضهم إلى البيت، حيث ظل يصارع الموت إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة بمنزله صبيحة يوم أول أمس السبت، حيث خلف الحادث غضبا وغليانا لدى ساكنة الحي الشعبي "جنان الورد"، والذين حجوا إلى بيته للتضامن مع عائلته، فيما لا تزال ابنته البكر التي دافعت عنه بالمستشفى رهينة الاعتقال بسجن "بوركايز"، حيث لم تحضر لوفاة أبيها وجنازته، وتنتظرها أول جلسة لمحاكمتها يوم الأربعاء المقبل في حالة اعتقال، بعد أن وجه لها وكيل الملك تهما ثقيلة تخص "إهانة موظفة عمومية أثناء قيامها بمهامها"، و"استعمال العنف في حقها". وكانت الموظفة التي تعمل تقنية للأشعة بمصلحة المستعجلات بمستشفى التخصصات التابع للمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، قد اتهمت ابنة العجوز المتوفى يوم أول أمس السبت، بالاعتداء عليها بالضرب والجرح، حيث قدمت روايتها للمحققين، قالت فيها إنها طالبت من عائلة المريض أخذه إلى قاعة خاصة بالعلاجات، لأجل وخزه بإبرة تستعمل لحماية المرضى من أشعة السكانير، وهو ما رفضته العائلة، تقول الموظفة، حيث واجهتها ابنته المعتقلة بكلامها الذي جاء فيه، "حنا ديما دايينا جايبينا، أنا ماكنفهمش فهادشي، أنا باغا ندير لبابا سكانير ماغادي نمشي لفين"، بعدها أصرت تقنية الأشعة على ضرورة إجراء العائلة لما طلبته منهم، قبل أن تفاجئها ابنة المريض المتوفى بهجومها عليها، حيث "أمسكتني من شعري ووجهت لي ضربات على مستوى الوجه وغرست أظافرها في حنكي الأيسر مخلفة خدوشا وجروحا"، تقول تقنية الأشعة، والتي نفت رمي الملف الطبي على جسد العجوز الممد على السرير المتحرك، وهو ما يكذبه فيديو كاميرات المستشفى، تظهر فيها الموظفة وهي متلبسة بسلوكها في حق أب الشابة المعتقلة، والتي دافعت عن حق أبيها في الولوج إلى العلاج. وكانت وزارة الصحة قد أصدرت وسط الأسبوع الماضي بلاغا ناريا، أدانت فيه ما وصفته "الاعتداءات المتكررة" على مهنيي الصحة أثناء قيامهم بعملهم، حيث شدد البلاغ على تمسك الوزارة بمتابعة ومقاضاة المعتدين على أطرها الصحية، وهو ما خلف ضجة كبيرة وردود أفعال غاضبة بمدينة فاس، حيث طالب المتضامنون مع العجوز المتوفى بعد طرده من المستشفى الجامعي، من وزير الصحة أناس الدكالي بفتح تحقيق في الفوضى التي يعرفها المستشفى الجامعي بفاس، وإجبار موظفيها على ضمان سير المرفق العمومي، وتوفير الخدمات الصحية للمواطنات والمواطنين، بما يضمن حقهم في ولوج العلاج.