الحادث المأساوي الذي هز، أول أمس، منطقة بوقنادل بعد حادث انقلاب القطار، والذي أودى بحياة 7 أشخاص وعشرات الجرحى، يطرح العديد من التساؤلات حول الجانب القانوني والحقوقي المتعلق بهذا النوع من الحوادث والخطوات القانونية الممكن اتباعها، من طرف الضحايا لجبر الضرر النفسي والمادي الذي تسبب فيه هذا الحادث، كما يطرح تساؤلات حول الجانب المتعلق بالعلاقة القانونية التي تربط الضحايا بالمكتب الوطني للسكك الحديدية. في هذا الصدد، أكد الخبير القانوني، محمد جمال معتوق، في تصريح ل”أخبار اليوم”، أن أولى الخطوات القانونية التي يجب اتباعها من طرف الضحايا هي تحضير الملفات الطبية بالنسبة إلى الجرحى، وشهادات الوفاة بالنسبة إلى المتوفين، فضلا عن تحضير نسخة من المحضر. المسطرة الثانية، التي من الممكن اتباعها هي المسطرة المدنية القحة، بمعنى أنه على الضحايا في هذه الحالة التوجه إلى المحكمة المدنية، قصد المطالبة بتعويضات في إطار الفصل 88 المتعلق بقانون العقود والالتزامات، والذي ينص “على أنه حارس الشيء مسؤول عن الضرر الذي يتسبب فيه الغير كيف ما كان سلوكه، سواء أكان هنالك خطأ أو لم يكن “. واستنادا إلى قرينة المسؤولية يفترض في المكتب الوطني للسكك الحديدية أنه ارتكب خطأ، وليس من اختصاص الضحايا إثبات ذلك، بحسب معتوق، على اعتبار أن المشرع منحهم الحق في التعويض لأنه في هذه الحالة “حارس الشيء كان عليه اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحمايتهم دون التسبب في أي ضرر”. الخيار الثالث في هذه القضية، هو التوجه مباشرة لشركات التأمين عبر طلب إجراء مسطرة الصلح،”ودائما بالوثائق نفسها المذكورة سلفا.أما بالنسبة إلى المتوفين فعائلاتهم يجب أن توفر عقد الإراثة ونسخة من عقد الأجر الذي كان يتقاضاه المتوفى في حالة العمل لإثبات الدخل، وعلى أساسه يجري تعويضهم بطريقة حبية”. أما بخصوص الجانب المتعلق بالعلاقة القانونية بين الضحية والمكتب الوطني للسكك الحديدية، فقد أكد الخبير القانوني أن الضحايا ليسوا أغيارا، بل متعاقدون مع المكتب بحكم التذكرة، وهذا العقد يلزم الناقل على إيصال المتعاقدين معه إلى وجهتهم المذكورة في التذكرة”. وأردف المصدر ذاته أنه يجب التوكيد هنا أن الناقل ملزم بالنتيجة وليس بالوسيلة، بمعنى أنه يتحمل مسؤولية إيصال المتعاقدين سالمين “ومدام أن الأمر لم يحصل في هذه الحالة، فإذن، هنالك مسؤولية، وبالتالي يجب تعويضهم”. أما ما يهم وجود التذكرة، فقد ذكر معتوق أنه يجب إعفاء الضحية منها ، وأن لا يُطالب بها “لأن الحادث لم يكن عاديا، بل وقع انقلاب للقطار، بمعنى جرى إتلاف الممتلكات “. وذكر معتوق أنه على الضحايا التحرك بشكل عاجل لإثبات وجودهم في القطار أثناء الحادث، حتى لا تقع هنالك أي فوضى، ولقطع الطريق أمام أي شكوك محتملة حول صفة المتعاقدين بالتذكرة مع المكتب الوطني للسكك الحديدية. كما أشار الخبير القانوني أنه في هذه القضية يمكن أيضا متابعة – بالإضافة إلى السائق في حال ما ثبت أي تقصير من طرفه- بعض المسؤولين الإداريين الذين قيل أنهم توصلوا بشكاوى قبل وقوع الحادث من طرف ركاب القطار الذي سبق الحادث، والذي تعرض بدوره للارتجاج، “وفي حال ثبت الأمر يجب متابعتهم قضائيا لأنهم لم يتحركوا لمعالجة الخلل”. كما طالب معتوق في الأخير المسؤولين “بالاشتغال بجدية وبكل أمانة وحزم، ويتقوا الله في المواطنين حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث المأساوية”. من جانبه، أكد النقيب عبدالرحمان بنعمرو أنه في مثل هذه القضايا، المسؤولية الجنائية يتحملها مرتكب الخطأ المحتمل وهو السائق، بتسببه في القتل غير العمد بسبب التهور أو عدم التبصر. أما المسؤولية المدنية، فيتحملها المكتب الوطني للسكك الحديدية الذي يمكن متابعته للمطالبة بتعويضات على الضرر المادي والمعنوي المترتب عن الحادث. حقوقيا، أكد عبدالإله بنعبد السلام، رئيس الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، أنه يجب فتح تحقيق معمق في الموضوع بالشكل الذي يسمح بالبحث عن أسباب الحادث، كما يجب ربط المسؤولية بالمحاسبة وإطلاع المواطن المغربي على نتائج التحقيق حتى لا يلقى هذا التحقيق المسار نفسه، الذي لاقته عدد من التحقيقات التي جرى فتحها دون معرفة مآلاتها. من جانبه، وفي تصريح ل”أخبار اليوم” حث بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك ،المكتب الوطني للسكك الحديدية على تعويض الضحايا في ممتالكاتهم التي تعرضت للنهب، كما طالب بضرورة مرافقة نفسية للجرحى، نظرا إلى التداعيات السلبية للحادث. كما استنكر الخراطي عدم تفاعل مسؤولي المكتب مع شكاوى المواطنين، والتي جرى تقديمها قبل وقوع الحادث لتنبيه المسؤولين إلى وجود مشكلة في النقطة التي شهدت انقلاب القطار،على اعتبار أن قطارا سبق الرحلة المعنية شهد ارتجاجا على مستوى المنطقة نفسها، لكن المسؤولين لم يحركوا ساكنا ولم يجر التفاعل مع هذه الشكاوى بالجدية المطلوبة، بحسب الخراطي. وأردف الأخير قائلا إن الوقت حان لإعادة النظر في إدارة المكتب “لأنها طاغية”، وهنالك غياب لحسن التدبير وجشع تجاه المستهلك، الحلقة الأضعف في هذه العملية.