وسط احتدام الجدل حول الحريات الفردية، بين حداثيين، مؤيدين لتوسيعها، ورفع التجريم عن عدد من مناحيها، وإسلاميين محافظين، يطالبون بإبقاء الوضع على ما هو عليه، فجرت أمينة ماء العينين، القيادية في حزب العدالة والتنمية غضب قيادات سلفية، بسبب دفاعها عن الحريات الفردية، خلال مشاركتها المكثفة، خلال الأيام القليلة الماضية، في عدد من الندوات، واللقاءات المصورة، على الرغم من انتمائها السياسي لحزب بمرجعية إسلامية. وجاءت آخر انتقادات السلفيين لماء العينين، على لسان الشيخ السلفي حسن الكتاني، الذي اتهمها ب”الارتماء في حضن أعداء الدين”، بسبب دفاعها عن الحريات الفردية، إذ علق على إحدى خرجاتها الإعلامية بالقول: “أمينة ماء العينين، حفيدة الإمام المجاهد، وسليلة الأسرة المتدينة، وابنة الحركة الإسلامية تخالف قواطع الدين، وترتمي في حضن أعدائه، كيف حدث هذا؟”. خروج الكتاني لمهاجمة ماء العينين، بشكل علني، جعل هذه الأخيرة في قلب زوبعة جديدة، بين مؤيدي الشيخ، ومعارضيه، الذين دافعوا عنها، وعن حقها في التعبير عن آرائها الخاصة في قضايا الشأن العام، حتى برأي قد يخالف التوجه العام لحزبها. ورأى آخرون أن الانتقاد شديد اللهجة، الذي وجهه الشيخ الكتاني إلى ماء العينين، بسبب مواقفها من الحريات الفردية، يقترب من التكفير، وعلق عبد الوهب رفيقي، المعروف ب”أبو حفص” على خرجة الكتاني بالقول: “تكفير ولا مش تكفير؟؟؟”. ماء العينين، منذ احتدام الجدل حول الحريات الفردية، وقوانين تقييدها، اعتبرت أن "استمرار نفس التقسيم التقليدي بين تيار يطالب بإلغاء هذه القوانين لخرقها للحقوق والحريات، وبين تيار يرفض الاقتراب من هذه القوانين، باعتبار أن مرجعيته في العمق هي مرجعية إسلامية، وبين تيار متردد يؤمن أن ما يحدث من انتقائية في توظيف هذه القوانين، غير سليم لكنه لا يريد أن يجازف إلى درجة المطالبة بإلغائها". وقالت ماء العينين إن هذه القوانين، آخر معاقل التناقض بين "الكتلة الحداثية" و"الكتلة المحافظة"، مشيرة إلى أن "أي توافق حول تدبيرها سيجعل الكتلتين تتحدان لخوض المعركة الكبرى: معركة الديمقراطية والكرامة والتنمية، ولا شك أن هذا التقارب، لا ينظر إليه دائما بعين الرضا من المعادين المبدئيين للديمقراطية". ودعت ماء العينين حزبها إلى "فتح نقاش داخلي هادئ ومؤطر، بعيدا عن الاتهامات الجاهزة والضعيفة من حيث الحجة، من قبيل مناقضة الشريعة الإسلامية، أو التشجيع على إشاعة الانحلال في المجتمع، أو الابتعاد عن مرجعية الحزب. واعتبرت البرلمانية، أن مقتضيات القانون الجنائي المغربي "هي مقتضيات عتيقة وضعت منذ ستينيات القرن الماضي، وصارت تحتاج إلى مراجعة عميقة، وشاملة على ضوء مبادئ دولة الحقوق والحريات". وتأسفت ماء العينين، التي سبق أن عبرت، مرارا، عن موقفها المؤيد لتقنين الإجهاض، من موقف حزب العدالة والتنمية، الذي تبنى "نفس ما تبنته الأحزاب جميعها من تعديلات أدخلتها الحكومة السابقة على القانون الجنائي بناء على نتائج مشاورات اللجنة الملكية المكلفة، التي ضمت وزارة الأوقاف، والعدل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان". وانتقدت ماء العينين المحافظين داخل قاعدة الحزب ممن يعتبرون أن نقاش القوانين، المتعلق بحماية الحياة الخاصة مؤامرة على الدين والتدين لتحويل هوية المجتمع، ودفعه إلى التفسخ والانحلال، مشيرة إلى أن "الدين لم يكن يوما نصيرا للتجسس والتعقب واقتحام الفضاءات الخاصة ما دام أصحابها اختاروا احترام المجتمع، وعدم استفزازه، وهو ما يفسر الشروط القاسية، التي وضعها الدين نفسه لإثبات مثل هذه الوقائع، حماية للمجتمع وليس انتهاكا للخلوات، وتبني منطق الفضيحة والتشهير والقذف الذي حرمه الدين".