مع بدء المناقشة التفصيلية لمواد مشروع قانون المالية لسنة 2026، أثير نقاش حاد داخل لجنة المالية بمجلس النواب حول المادة الرابعة من المشروع، التي تنص على تخفيضات في الرسوم الجمركية المطبقة على منتجات دوائية وصيدلانية مستوردة من الخارج. وقد حمل مشروع القانون مقتضيات جديدة، ترافع النائب عبد الله بووانو من أجل إلغائها، مقدِّمًا معطيات "صادمة" عن أرباح مستوردي الأدوية، مؤكّدًا أن الإجراءات الحكومية السابقة، التي تم بموجبها تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد بعض الأدوية، لم تنعكس على أسعار البيع. وتساءل بووانو عن "اللوبيات" المستفيدة من تعديلات قوانين المالية، في ظل وجود وزراء في حالة تضارب مصالح، "منهم من يستثمر في قطاع الأدوية"، وفق ما صرّح به زميله في الحزب النائب مصطفى الإبراهيمي. وقال بووانو، خلال مناقشة المادة الرابعة من مشروع مالية 2026، إن هناك "شركات مصنّعة للأدوية في المغرب تستورد أيضًا، لأن الاستفادة الأكبر تكمن في الاستيراد لا في التصنيع". وأضاف: "الدراسة التي قمنا بها تُظهر بعض الإشكالات، من بينها أن ارتفاع أسعار الأدوية سببه التسعيرة المرجعية المعتمدة، وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية"، مشيرًا إلى أن "الجزء الأكبر من السعر يذهب إلى هوامش التوزيع"، إضافة إلى "ضعف المنافسة". كما قال المتحدث: "للأسف، الدولة لا تتفاوض على مراجعة أسعار الأدوية من أجل المصلحة العامة، بما يرضي الصيدلي والمصنّع معًا". وكشف بووانو أن مختبرًا معروفًا استورد من الهند دواء ب208 دراهم للكيلوغرام الواحد، وهو الدواء الذي يُباع في المغرب ب51 درهمًا للعلبة الواحدة كحد أدنى، بينما اشتراه المستورد ب2.5 درهم فقط للعلبة. واستغرب بووانو من الفارق الكبير بين ثمن الاستيراد وثمن البيع، الذي لا يتجاوز في فرنسا 30%، رغم احتساب مصاريف النقل والتعليب وهوامش الربح، ملاحظًا أن "عددًا كبيرًا من الأدوية يُستورد أساسًا من الهند". وتساءل المتحدث: "من المستفيد من هذه التعديلات إذا لم تنعكس على السعر بالنسبة للمواطن؟ لقد قمنا بتخفيضات جمركية شملت منتجات دوائية في قوانين المالية لسنوات 2022 و2023 و2025، ثم حاليًا، لكن ما قمنا به لم ينعكس على الأسعار التي لم تنخفض". واقترح البرلماني التنصيص في المرسوم المتعلق بالتخفيضات الجمركية على المنتجات الدوائية، على أن يكون النقصان في سعر البيع للمواطن بنفس نسبة التخفيض الجمركي، مضيفًا: "خفضنا من 30% إلى 2.5%، ويجب أن ينعكس ذلك على ثمن البيع للمواطن أيضًا". وأمام إشارات نواب حزب العدالة والتنمية إلى وجود تضارب مصالح داخل الحكومة في ما يتعلق بقطاع الأدوية، قال الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع: "اطمئنوا… العلاقة الوحيدة التي تربطني بالدواء هي الاستهلاك"، ليرد النائب مصطفى الإبراهيمي موضحًا أن المقصود ليس لقجع ولا وزيرة المالية نادية فتاح العلوي، التي كانت حاضرة في الاجتماع، وإنما "أعضاء آخرون في الحكومة"، دون أن يسميهم. ثم عاد لقجع ليقترح عقد اجتماع بين أعضاء اللجنة ومصالح وزارتي الاقتصاد والمالية والصحة لبحث الموضوع من جميع جوانبه، قائلاً: "إذا لم يكن المراد من التخفيضات الجمركية هو خفض ثمن بيع الأدوية، فسنتراجع عن تعديلات خفض الرسوم الجمركية، وستتقدم الحكومة بنفسها بتعديل في هذا الشأن". وتنص المادة الرابعة من مشروع قانون المالية على أن 132 منتجًا دوائيًا ستشملها التخفيضات في الرسوم الجمركية من 30% إلى 2.5%، مع وجود منتجات أخرى سيرتفع مستوى الرسوم المطبقة عليها لوجود صناعة محلية لها. كما تضمنت المادة المذكورة تعديلات ترفع نسب الرسوم الجمركية المفروضة على بعض الأدوية من 10% إلى 17.5%، وأخرى من 17.5% إلى 30%، وذلك حسب مستوى الإنتاج المحلي للدواء.