طنجة.. اصطدام عنيف بين دراجة نارية وسيارة يُخلّف إصابات متفاوتة الخطورة    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    مركز إيواء يستقبل مشرّدي المحمدية    كأس إفريقيا 2025: بطاقة ب50 درهما وتخفيض 30% وبرنامج قطارات خاص للجماهير    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    سلطات الحوز ترفع حالة التأهب القصوى لمواجهة موجة البرد والثلوج    التساقطات الثلجية والأمطار تدفع وزارة التجهيز إلى استنفار فرقها لضمان سلامة حركة السير    موجة البرد القارس: مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية دعم لفائدة 73 ألف أسرة في 28 إقليما    تعبئة شاملة بشيشاوة لدعم القطاع الصحي    عوامل مناخية وراء التقلبات الجوية التي يعرفها المغرب: "لانينيا" تُضعف المرتفع الأزوري والاحتباس الحراري يُكثّف التساقطات    نقد مقولة "استنفاد التجربة": في تقييم حزب العدالة والتنمية ومنطق الإنهاء السياسي    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    بونو: "الأسود" متحمسون ل"الكان"        توقعات بأرقام قياسية في "الكان"    رصيف الصحافة: مباريات كأس إفريقيا تمدد أوقات إغلاق المقاهي والمطاعم    المغرب يفعّل لجان اليقظة لمواجهة التقلبات المناخية    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    "التجاري وفا بنك" يستحوذ على 45 في المائة من الاكتتابات في "SGTM"    بنك المغرب يبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 2,25 في المائة    وزارة التجهيز والماء تعبئ إمكانياتها لإزالة الثلوج وضمان حركة السير بعد اضطرابات جوية    تماثل للشفاء    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى ملك مملكة البحرين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    هيئات تطالب الحكومة بإعلان مدينة آسفي منطقة منكوبة وتعويض المتضررين وإنصاف الضحايا    بنكيران: تلقيت تعويضا بقيمة 100 مليون سنتيم بعد إعفائي من تشكيل الحكومة    بنك المغرب: وقع تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 5 في المائة سنة 2025    الحكم على نادي باريس سان جرمان بدفع 61 مليون أورو لفائدة مبابي كمكافآت ورواتب غير مدفوعة    دعوات لإعلان آسفي منطقة منكوبة    ترامب يطالب BBC ب10 مليارات دولار تعويضاً عن تهمة التشهير    التربية في صلب أولوياتها…الصين ترسم معالم تنشئة أخلاقية جديدة للأطفال        بطولة "الفوتسال" تتوقف بالمغرب    بوساطة مغربية... الأمم المتحدة تعيد إطلاق حوار ليبيا السياسي    مسلحون يقتلون 3 أمنيين في إيران    ال"كاف" تطلق دليل "كان المغرب 2025"    أبرز أحزاب المعارضة الكولومبية يرشح مؤيدة لترامب لانتخابات 2026 الرئاسية    أبرز عشرة أحداث شهدها العالم في العام 2025    تراجع أسعار النفط في ظل توقعات بتسجيل فائض في سنة 2026    أخنوش: إصلاح الصفقات العمومية رافعة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز تنافسيتها    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنترنت.. البوابة الجديدة للثراء الفاحش
نشر في اليوم 24 يوم 18 - 11 - 2014

تحول الإنترنت من مجرد أداة لإدارة الاستثمارات وأصبح مجالاً لها؛ إذ ظهرت العديد من الشركات التي تتخذ من الإنترنت مجالاً لعملها، كما صار حقلا لمشاريع تحقق أموالاً طائلة. ولقد كان من شأن ذلك أن يخلق طبقة جديدة من الأثرياء على مستوى العالم من مالكي شركات الإنترنت Internet entrepreneurs، الذين تخطت ثرواتهم المليارات من الدولارات، وصعدوا في قائمة الشخصيات الأكثر ثراءً، سواء في دولهم أم في قائمة أثرياء العالم، إلى الحد الذي ينبئ بزيادة نفوذ هذه الفئة، وقدرتها على التأثير في الاقتصاد العالمي.
أثرياء الإنترنت
تطورت الاستثمارات في مجال الإنترنت في عدد كبير من الدول في السنوات الأخيرة، خاصةً الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان؛ إذ تحتل هذه الدول المراتب العشر الأولى في قائمة أثرياء الإنترنت لعام 2014. كما يلاحظ حدوث طفرة كبيرة في ثروات من أتوا على رأس هذه القائمة، ما يوضح تصاعد نفوذهم في فترة محدودة من الزمن.
ويتضح من الإحصاءات أن شركة غوغل Google الأمريكية هي الأكثر نفوذًا في سوق الإنترنت؛ إذ يأتي مؤسساها لاري بايدج Larry Page، وسيرجي برين Sergey Brin على قمة قائمة أثرياء الإنترنت على مستوى العالم. وتبلغ ثروة بايدج 32.3 مليار دولار، ويأتي في المرتبة ال 11 على مستوى الولايات المتحدة والمرتبة ال 17 على مستوى العالم. فيما تبلغ ثروة برين 31.8 مليار دولار، ويحتل المرتبة ال 13 في الولايات المتحدة ،والمرتبة ال 19 عالميًّا. ويلاحظ أن كلَيْهما استطاع أن يزيد ثرواته بنحو 9 مليارات دولار خلال العام الماضي فقط. ومن شركة غوغل أيضًا يأتي إيريك شميت Eric Schmidt المدير التنفيذي للشركة في الترتيب ال132 عالميًّا، والمرتبة ال45 على مستوى الولايات المتحدة، بثروة تقدر بنحو 3.9 مليار دولار.
ويعزز من سيطرة الولايات المتحدة على سوق الإنترنت العالمي، وجود شركة أمازون دوت كوم Amazon.com، التي تحقق مكاسب هائلة من التجارة الإلكترونية؛ إذ يبلغ إجمالي ثروة جيف بيزوس Jeff Bezos المؤسس والمدير التنفيذي للشركة 32 مليار دولار بزيادة نحو 13 مليارًا عن 2013، وهو ما ترتب عنه صعود بيزوس إلى المرتبة 12 على مستوى الولايات المتحدة، والمرتبة 18 عالميًّا.
ولعل النموذج الأشهر عالميًّا هو مارك زوكربيرغ Mark Zuckerberg مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الفايس بوك Facebook؛ حيث تضاعفت ثروته عن العام الماضي لتصل إلى 28.5 مليار دولار، وبذلك أصبح يحتل المركز 14 على مستوى الولايات المتحدة، وال11على مستوى العالم. كما كان من شأن الصفقة التي تم بموجبها بيع خدمة المحادثة واتس آب Whatsapp لزوكربيرغ أن تؤدي إلى دخول مؤسس هذا التطبيق جان كوم Jan Koum في قائمة الأكثر ثراءً في المركز ال202 عالميًّا، وال64 في الولايات المتحدة.
وفي مجال التجارة الإلكترونية أيضًا، تظهر شركة إيباي e-bay كأحد أهم شركات الإنترنت، التي استطاع مؤسسها ومديرها بيير أوميديار Pierre Omidyar أن يحقق ثروة حجمها 8.2 مليار دولار، ويحتل المرتبة ال162 عالميًّا، وال52 على مستوى الولايات المتحدة.
ولا يختلف الوضع كثيرًا في الصين؛ إذ تمتلك أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم، وأكثر أسواق التجارة الإلكترونية رواجًا، وهو ما نتج عنه تراكم ثروات العاملين بشركات الإنترنت الصينية بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة. وإن كان نفوذ أثرياء الإنترنت واضحًا في الولايات المتحدة، فهو أكثر وضوحًا في الصين؛ حيث يسيطر مالكو هذه الشركات على المراكز العشرة الأولى في قائمة الأشخاص الأكثر ثراءً على مستوى الدولة.
حتى في الصين
فالرجل الأغنى في الصين الآن هو «جاك ما» Jack M صاحب شركة «علي بابا» Alibaba العاملة في مجال التجارة الإلكترونية بثروة تصل إلى 25 مليار دولار. وعلى الرغم من أن ثروة جاك كانت تقدر بنحو 10 مليارات دولار حتى يوم 23 شتنبر من هذا العام، فإن الوضع تغير بعد أن طرح في هذا اليوم أسهمه للاكتتاب العام في بورصة نيويورك، لتقفز ثروته، ويصبح الأكثر ثراءً على مستوى الصين. ويتوقع «جاك ما» أنه بحلول عام 2016، ستفوق حصة شركته من التجارة الإلكترونية العالمية حصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معًا.
وتعد شركة «تينسينت» Tencent العاملة في مجال التسويق الإلكتروني لصاحبها «ما هواتينغ» Ma Huateng من الشركات الأكثر نفوذًا بين شركات الإنترنت الصينية؛ حيث وصلت ثروة صاحبها إلى ما يقدر بنحو 13.4 مليار دولار، وهو ما جعله يحتل المركز الثمانين عالميًّا، والمركز الرابع من بين الأكثر الأشخاص ثراءً بالصين، كما يأتي «تشانج شينشونغ»Zhang Zhidong من الشركة نفسها في المرتبة ال305 عالميًّا بثروة تقدر بنحو 4.8 مليار دولار.
ومن أثرياء الصين أيضًا «روبن لي»Robin Li، صاحب المحرك البحثي الصيني «بايدو « Baidu، الذي يحاكي محرك البحث الشهير غوغل. وقد استطاع لي أن يصل إلى المركز الخامس على مستوى الصين، والمركز ال91 على مستوى العالم بثروة قدرها 12.1 مليار دولار.
كما يأتي «وليام دينغ»William Ding، المدير التنفيذي لشركة الألعاب الإلكترونية «نت إيز» Netease في المرتبة ال354 عالميًّا بثروة تبلغ 4,2 مليار دولار. كذلك استطاع رجل الأعمال الصيني «ليو كيادونغ»» Liu Qiangdong، صاحب موقع التجارة الإلكترونية JD.com؛ أن يزيد حجم ثروته من 2.7 مليار دولار إلى 8.8 مليار دولار خلال عام واحد فقط، ليصبح التاسع في قائمة أثرياء الصين.
وبالانتقال إلى اليابان، يلاحظ أن رجل الأعمال «ماسايوشي سون»Masayoshi Son الذي يمتلك ويدير إحدى أنجح شركات الإنترنت والاتصالات على مستوى العالم -وهي شركة «سوفت بانك» Softbank- قد تمكن من مضاعفة ثروته لتصل إلى 19.7 مليار دولار، وبهذا أصبح حاليًّا هو الأغنى على مستوى اليابان، كما يحتل المركز ال42 عالميًّا، متقدمًا بذلك على كثير من أثرياء الإنترنت في الولايات المتحدة والصين. واستطاع أيضًا «هيروشي ميكيتاني» Hiroshi Mikitani، مالك شركة التجارة الإلكترونية اليابانية «راكوتن» Rakuten أن يحقق ثروة وصلت إلى 7.7 مليار دولار، دفعت به إلى أن يصبح رابع أغنى مستثمر في اليابان، وبات يحتل المركز ال132 عالميًّا.
ويتضح مما سبق أن شركات الإنترنت صارت تخلق ثروات لأصحابها، لا نقول دفعت بهم إلى المنافسة فقط، بل إلى التفوق على صناعات تقليدية أخرى لطالما سيطر أصحابها على قائمة أثرياء العالم، كشركات النفط والسيارات وغيرها، بشكل يخول لنا الآن الحديث عن طبقة جديدة صاعدة على مستوى العالم، يختلف نمط تراكم الثروات لديها عن الأنماط التقليدية، بما يستدعي دراسة أبعاد هذا الاختلاف ومآلاته على الاقتصاد العالمي.
سمات أثرياء الإنترنت
يرجع صعود طبقة أثرياء الإنترنت في جزء كبير منه إلى اتجاه عالمي جديد يعزز من بروز العامل الفردي في الأنشطة الاقتصادية، ويدفع الكثيرين على مستوى العالم إلى إقامة مشاريع خاصة للتعامل مع المشكلات الاقتصادية التي تواجهها العديد من الدول، وعلى رأسها ارتفاع معدلات البطالة، كما أن تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات قد خلقت ما يعرف باسم «ديمقراطية الابتكار» democratization of entrepreneurship، التي تشير إلى ظهور طبقات جديدة ومتنوعة من المستثمرين بأفكار مختلفة، وبتكلفة دخول cost of entry منخفضة نسبيًّا.
إضافة إلى ما أحدثه الإنترنت من ثورة في مجال إقامة المشاريع وإدارتها، جعلت منه سوقًا جاذبةً للاستثمارات؛ فنتيجةً لازدياد أعداد مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم، بات من الممكن الوصول إلى قاعدة أكبر من المستهلكين، ومعرفة معلومات دقيقة عنهم، وتحديد رغباتهم واحتياجاتهم بوضوح، ومن ثم تقديم خدمات تستجيب لهذه الاحتياجات. وكان من شأن ذلك أن يعزز من نفوذ طبقة أصحاب مشاريع الإنترنت، وتعظيم أرباحهم بما يستدعي تحديد أهم سمات هذه الطبقة وآليات تكوين ثروات أعضائها:
سن صغيرة
صغر سن أعضائها: تتسم هذه الطبقة بصغر سن أعضائها؛ فمعظمهم قد بدؤوا تكوين ثرواتهم من العمل في مجال الإنترنت ومما أسسوه من شركات في العقد الثالث أو الرابع من عمرهم. ولعل المثال الأبرز على ذلك هو مارك زوكربيرغ مؤسس فيس بوك، الذي استطاع أن يدخل قائمة الأغنياء على مستوى العالم وهو لم يتخط بعدُ الثلاثين من عمره، وقد صُنِّف الأغنى على مستوى العالم في هذه الفئة العمرية.
وبخلاف الأسماء الأكثر شهرةً المعروفة عالميًّا من مليارديرات الإنترنت، هناك نماذج أخرى من شباب تمكنوا من تحقيق ملايين الدولارات وهم في سن صغيرة. ومن هؤلاء على سبيل المثال «مات مولينويغ» Matt Mullenweg صاحب شركة «أوتوماتيك» Automattic التي أطلقت موقع المدونات المشهورWordPress.com.، وقد استطاع مات أن يحقق ثروة كبيرة في عمر يناهز 22 عامًا في مدة لم تتجاوز ثمانية أشهر فقط. وكذلك «روب بانويل»Rob Benwell الذي استطاع، وهو لا يزال في العقد الثالث من عمره، أن يؤسس موقع BloggingtotheBank.Com. وتقوم فكرة الموقع على تقديم إرشادات لكيفية تحقيق مكاسب كبيرة من خلال التدوين، وقد حقق مكاسب هائلة من وراء هذا الموقع قدرت بما يزيد عن مليون دولار.
وتتسع قائمة مليونيرات الإنترنت من الشباب لتشمل العديد من الأمثلة الأخرى التي تبرهن على خصوصية الإنترنت كمجال لاستثمارات تفتح المجال أمام الشباب لتأسيس مشاريع مربحة، يستطيعون من خلالها تحقيق ثروات ضخمة ومضاعفتها في فترة محدودة من الزمن.
الاعتماد على النفس
الاعتماد على الذات: الغالبية العظمى من النماذج التي تم ذكرها قد بدؤوا من الصفر دون أن يمتلكوا رأس مال كبيرا في البداية؛ لذا يطلق عليهم Self-made billionaires؛ حيث لم تتوافر لديهم أية مساعدة مالية في البداية، ولم تكن لديهم أية خلفية مسبقة عن إدارة الأعمال. ويرجع ذلك إلى طبيعة الإنترنت، وطبيعة المشاريع التي يقومون بها؛ فعلى عكس المشاريع التقليدية التي قد تتطلب أموالاً طائلة للبدء، تتطلب مشاريع الإنترنت فكرة جاذبة ومبتكرة ومعرفة تقنية كافية، دون أن يكون رأس المال عنصرًا حاكمًا للبدء فيها؛ لذا نجد أن أغلب الأسماء التي ذكرت لم يكونوا رجال أعمال من قبل، وإنما كانوا يعملون في وظائف تقليدية في شركات قبل بداية مشاريعهم الخاصة. ولعل هذا هو ما يفسر صغر أعمارهم عند بداية تحقيق هذه الثروات، وقدرتهم على مضاعفتها في فترات قصيرة نسبيًّا.
فرص للاستثمار الافتراضية: يتضح مما سبق أن مشاريع الإنترنت متنوعة بين مشاريع قائمة على أساس تقديم خدمات بلا مقابل، وأخرى قائمة على أساس التجارة الإلكترونية. وعلى الرغم من أن مصادر الربح أكثر وضوحًا في شركات التجارة عبر الإنترنت التي يكون مصدر الربح فيها هو حصول الموقع على عمولة مقابل إتمام عملية الشراء، فإن تلك المواقع التي تقدم خدمات مجانية مثل الفايس بوك وغوغل وشبكات التواصل الاجتماعي، تحقق هي الأخرى مكاسب كبيرة.
حيث يأتي المصدر الأكبر للربح في هذا النوع من الشركات من الإعلانات، سواء بالسماح للشركات بالإعلان عن مواقعهم، أو بيع جزء من المعلومات الشخصية التي يوافق المستخدمون على تقديمها مقابل استخدامهم هذه الخدمات لشبكات الدعاية والإعلان؛ حتى تستطيع أن تقدم إعلانات تتناسب مع ميول كل مستخدم على حدة. فقد أصبحت العديد من الشركات تلجأ إلى التسويق الإلكتروني لمنتجاتها؛ نظرًا إلى انخفاض تكلفته وفاعليته وقدرته على الوصول إلى أعداد كبيرة من المستهلكين، ونتيجةً لزيادة أعداد مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم، وتنوع احتياجاتهم بين الحصول على معلومات، أو عمليات الشراء والبيع، أو الرغبة في التواصل؛ ما جعل هناك مجالاً مفتوحًا يستطيع هؤلاء المستثمرون استغلاله لتحقيق أكبر قدر من الأرباح، عن طريق الخروج بأفكار تتناسب مع هذه الاحتياجات المتنوعة.
دور الاحتكار
الاعتماد على الاحتكارات: بالرغم من انفتاح سوق الإنترنت وسهولة الدخول فيها، فإن هناك شركات هي الأكبر على مستوى العالم تسيطر على خدماتها الرئيسية؛ إذ يمكن تقسيم شركات الإنترنت إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
محركات البحث search engines: يشهد سوق محركات البحث احتكارًا كاملاً من شركات بعينها تستحوذ على البحث الإلكتروني في أغلب الدول؛ هي: شركة غوغل التي تسيطر على سوق البحث في أغلب الدول الغربية، و»بايدو» في الصين، و«ياهو» Yahoo في اليابان، و«ياندكس» Yandex في روسيا. ويرجع ذلك إلى دقة نتائجها وسرعتها التي تميزها عن غيرها.
شركات التجارة الإلكترونية online trade: كشركات أمازون وعلي بابا التي يرجع استحواذها إلى أن الخدمات المتعلقة بعمليات البيع والشراء الإلكتروني تتطلب ثقة كبيرة من المستخدمين بنزاهة هذه المواقع؛ ما يصعب المنافسة على الشركات الجديدة والصغيرة.
شبكات التواصل الاجتماعي: ويعد موقع الفايس بوك هو المسيطر في هذا المجال؛ فمع غشت 2012، كان قد سيطر على 64.27% من سوق التواصل الاجتماعي، وفق استطلاعات رأي المستهلكين، في مقابل 7.39% لموقع «يوتيوب»، و5.07% حازها موقع تويتر، و0.31% لموقع Linkedin. لكن لا تزال هذه السوق تفتح المجال للمنافسة، خاصةً أن أغلب الشركات لا تقدم خدمات ذات طابع واحد، بل يكون لكل شركة هدف معين مختلف عن الشركات والمواقع الأخرى.
عالمية النشأة والتأثير: تتسم شركات الإنترنت بأنها تنشأ على نطاق عالمي؛ فليس هناك قيود مكانية تحد من عولمة نشاطها، كما لا يحتاج ذلك إلى أية تكاليف إضافية، وهو ما يعني أن الإنترنت قد خلق نمطًا جديدًا من الشركات العابرة للحدود، أو الشركات متعددة الجنسيات، يتم من خلاله تقديم الخدمات لقواعد ضخمة من المستخدمين تتجاوز الحدود الفاصلة بين الدول. ولعل ذلك هو أحد العوامل المفسرة للأرباح الهائلة التي تحققها شركات الإنترنت خلال فترات قصيرة ما بعد تأسيسها.
صعود الشركات الآسيوية: تعد سوق الإنترنت في آسيا هي الأكثر ازدهارًا على مستوى العالم؛ إذ تحتكر آسيا لوحدها نحو 45% من إجمالي عدد مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم. وفي السوق الآسيوية، نجد أن الصين واليابان والهند هي أكثر الدول استخدامًا للإنترنت؛ إذ تصل نسبة مستخدمي الإنترنت في الصين نحو 49% من إجمالي عدد المستخدمين في آسيا. أما الهند، فتسيطر على 15.4% من إجمالي المستخدمين، وتحظى اليابان بنسبة 8.7%. وهذا ما يفسر بروز تأثير طبقة أثرياء الإنترنت في هذه الدول الثلاث بجانب الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما يشير أيضًا إلى أن هذا النمط الجديد من تكوين الثروات ليس قاصرًا على دول الشمال المتقدمة فقط. بتصرف عن المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية.
* بتصرف عن المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.