قررت الغرفة الجنحية باستئنافية مراكش، مؤخرا، إلغاء القرار الذي كان اتخذه قاضي التحقيق بابتدائية المدينة نفسها، إدريس النوازلي، باعتقال موظفين جماعيين بقسم تنمية الموارد المالية، التابع للجماعة الحضرية، متهمين بتلقي رشوة موثقة بشريط مصور، بعد أن طعن دفاعهما بالاستئناف في قرار قاضي التحقيق أمام الغرفة الجنحية، برئاسة القاضي محمد شافا، التي حجزت الملف للمداولة لجلسة يوم الاثنين المنصرم، وقضت بالإفراج عن المتهمين ومتابعتهما في حالة سراح. وقد سبق للنيابة العامة بابتدائية مراكش أن استمعت للمتهمين، بتاريخ فاتح أبريل الجاري، وتحيلهما في اليوم نفسه على قاضي التحقيق، الذي استهل استنطاقهما التمهيدي بالاستماع إلى كل متهم على حدة، ثم أجرى مواجهة بينهما، قبل أن يقرر متابعتهما في حالة اعتقال، ويأمر بإيداعهما السجن المدني المحلي «بولمهارز»، في انتظار الانتهاء من الاستنطاقين الابتدائي والتفصيلي في هذا الملف المثير. وقد تفجرت القضية حين تقدم تاجر يملك محلا تجاريا في المواد الغذائية والأواني المنزلية بالمركب التجاري التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بحي المسيرة الثانية، إلى المصالح البلدية لاستصدار شهادة جبائية من قسم تنمية الموارد المالية، حيث تم إخباره بضرورة إجراء معاينة لتحديد مساحة الملك العمومي الذي يستغله قبل تسليمه الوثيقة الإدارية المذكورة. وإثر الانتهاء من العملية، طالبه الموظفان المتهمان بأداء مبلغ 30 ألف درهم كرسوم مستحقة لفائدة الجماعة الحضرية، قبل أن يلمحا إلى إمكانية تخفيض المبلغ والاكتفاء بأدائه 12 ألف درهم فقط كرشوة، وهو الاقتراح الذي وافق عليه التاجر، حيث سلمهما المبلغ المطلوب داخل محله التجاري، في الوقت الذي كانت فيه كاميرا مثبتة بالمكان توثق بالصوت والصورة المشهد المثير. أياما قليلة بعد ذلك، اكتشف التاجر أنه تعرض لعملية نصب وابتزاز. فقد تم إخباره من طرف أحد أصدقائه بأن حصوله على الشهادة الجبائية لا يكلفه قانونيا سوى أداء رسم قيمته المالية لا تتجاوز 4 آلاف درهم، قبل أن يقرر الرجوع إلى المشاهد التي سجلتها كاميرات محله التجاري، ويضمنها بقرص مدمج أرفق نسخة منه بشكاية شفوية تقدّم بها أمام العديد من الموظفين والمنتخبين، الذين تدخلوا لمعالجة الموضوع ونزع فتيل الفضيحة، حيث قام الموظفان بإرجاع مبلغ الرشوة للمشتكي، وأديا مستحقات الرسم الجبائي من أموالهما الخاصة. محاولات طمس معالم القضية باءت بالفشل، فقد أمرت النيّابة العامة الضابطة القضائية المختصة بإجراء بحث تمهيدي في الموضوع، إذ تم الاستماع إلى التاجر والموظفين وبعض المنتخبين، قبل أن تضع البحث بين أيدي الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، الذي قرّر متابعة الموظفين الجماعيين، في حالة اعتقال، بتهمة «الارتشاء»، وأحال الملف على قاضي التحقيق، الذي من المقرر أن يستمع إلى الموظفين والمنتخبين الذين تم الاستماع إليهم في محاضر الضابطة القضائية.