بعد الحرب «غير المعلنة» بين المغرب والجزائر حول منطقة الساحل، تستعد الرباط لتحقيق اختراق مهم، بالمشاركة في قمة تجمع الرئيس أوباما بأزيد من 40 رئيسا إفريقيا، رغم عدم عضوية المغرب في الاتحاد الإفريقي معركة سياسية ودبلوماسية كبيرة على الواجهة الأمريكية تنتظر المغرب. ففي سابقة من نوعها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، يستعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لعقد أكبر قمة أمريكية إفريقية في واشنطن، تجمعه بزعماء أغلب الدول الإفريقية. خلفية المعركة كون البيت الأبيض بعتمد تقليدا دبلوماسيا في تنظيم مثل هذه القمم، حيث يتعامل مع المنظمات الإقليمية، وهي في الحالة الإفريقية منظمة الاتحاد الإفريقي الذي لا يضم المغرب في عضويته، بل يضم جبهة البوليساريو كعضو مؤسس. الأنباء الواردة من واشنطن، تُفيد بوجود لائحة تضم 47 دولة إفريقية تعتزم الولاياتالمتحدةالأمريكية دعوتها للمشاركة في القمة، وتضم اللائحة اسم المغرب. غير أن الوثيقة التي تتداولها أغلب وكالات الأنباء الدولية حتى الآن، لم ترد في التصريح الرسمي للناطق باسم البيت الأبيض الذي أعلن عن القمة وموعدها المتمثل في5 و6 غشت المقبل، بل نسبتها وكالة الأنباء الفرنسية إلى مصدر من داخل الإدارة الأمريكية. وتعتبر القمة ردا سريعا على القمة الفرنسية الإفريقية التي احتضنتها باريس مؤخرا وشارك فيها المغرب، في سياق صراع دولي محموم حول النفوذ في إفريقيا، بين كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا والصين. مصدر دبلوماسي مغربي، قال ل»اليوم24» إن كل ما يتداول حتى الآن حول هذه القمة، «يجري هناك في الضفة الأمريكية فقط، ولم يصلنا بعد أي شيء رسمي عنها». مصدر آخر أوضح للموقع أن المملكة لم تتوصّل بعد بأي دعوة رسمية للمشاركة في أي قمة، معتبرا أن الأمر «سابق لأوانه»، لكنه عاد ليلمّح إلى أن استفادة المغرب من منحة جديدة لبرنامج «تحدي الألفية» الأمريكي، تؤشر على مكانة المغرب الخاصة لدى واشنطن. التصريح الرسمي للبيت الأبيض الأمريكي، قال إن باراك أوباما سيكون سعيدا بدعوة جميع القادة الأفارقة إلى قمة هي الأولى من نوعها، تنفيذا لما كان الرئيس الأمريكي قد أعلنه في جولته الإفريقية الأخيرة شهر يونيو 2013. وأوضح التصريح الرسمي الموجود في موقع البيت الأبيض، أن القمة ستبحث مواضيع الاقتصاد والاستثمارات وأيضا مواضيع الأمن والديمقراطية. فقرة إضافية تضمنتها قصاصات بعض وكالات الأنباء، نسبت إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي، تقديمه لائحة ب47 دولة إفريقية ستشارك في هذه القمة، يوجد المغرب ضمنها. فيما تستثني الإدارة الأمريكية بعض الدول وفي مقدمتها مصر، مبررة ذلك بكون هذه الأخيرة مجمّدة العضوية في الاتحاد الإفريقي. وفي حال تأكد اللائحة المنشورة حتى الآن، سيشكل ذلك اختراقا دبلوماسيا غير مسبوق، حيث يحضر المغرب فيما تغيب جبهة البوليساريو. الكشف عن موعد المؤتمر واستثناء بعض الدول منه مثل مصر والسودان وزيمبابوي... أماط اللثام عن خلفيات التحركات المكثفة وغير المسبوقة التي قام بها المغرب في الشهور القليلة الماضية، تجاه الأوساط واللوبيات الأفرو أمريكية، أي تلك التي تضم أمريكيين سود من أصول إفريقية. ففي بداية شهر يونيو الحالي، استقبل المغرب عددا من النواب بالكونغرس الأمريكي من ذوي الأصول الإفريقية، وخصّهم باستقبال ملكي ومشاورات مع كبار المسؤولين الحكوميين وغير الحكوميين. وفي الأسبوع الماضي، حلّ بالمغرب أعضاء جمعية مهنية تضم قضاة ومحامين من أصول إفريقية، عقدوا مؤتمرهم السنوي في المغرب، واعتبر رئيس محكمة النقض، مصطفى فارس، أن الأمر لا يندرج في إطار «الدبلوماسية القضائية». الخبير المغربي في الشؤون الاستراتيجية، عبد الرحمان مكاوي، قال إن المغرب سيشارك في هذا المؤتمر «لأنه ليس دولة تم تجميد عضويتها في الاتحاد الافريقي، بل وضعه الحالي هو أنه دولة انسحبت من منظمة الوحدة الإفريقية». وأضاف مكاوي أن المغرب هو من يطالب بتجميد عضوية البوليساريو في الاتحاد الإفريقي، مضيفا أنه لا يمكن تصوّر مشاركة الجبهة الانفصالية في المؤتمر، لأن ذلك يعني بشكل مباشر استبعاد المغرب. وأوضح الخبير المغربي أن المملكة عليها ألا تكتفي بالاشتغال على اللوبيات الأفرو أمريكية، «بل عليها أن تتجه أكثر نحو اللاتينو أمريكيين، وهم اللوبي الذي بات له تأثير كبير في محيط أوباما، ويساندون البوليساريو بفعل علاقاتهم ببعض دول أمريكا اللاتينية».