أسرار الدولة في تعريف علم الاجتماع السياسي يتربع مفهوم الدولة عرش الفلسفة السياسية، لما يحمله من أهمية قصوى سواء اعتبرناه كيانا بشريا ذو خصائص تاريخية، جغرافية، لغوية، أو ثقافية مشتركة؛ أو مجموعة من الأجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع. وينظر إلى الدولة على أنها تنظيم سياسي يكفل حماية القانون وتأمين النظام لجماعة من الناس تعيش على أرض معينة بصفة دائمة، وتجمع بين أفرادها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة. ولذلك لا يمكن الحديث عن الدولة في مجال ترابي معين إلا إذا كانت السلطة فيها مؤسساتية وقانونية، وأيضا مستمرة ودائمة لا تحتمل الفراغ. كما يقترن اسم الدولة بمجموع الأجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع. هكذا تمارس الدولة سلطتها بالاستناد إلى مجموعة من القوانين والتشريعات السياسية التي تروم تحقيق الأمن والحرية والتعايش السلمي. وللدولة التي هي بهذه الصفات أسرار وخبايا من شأن الخاصة الاطلاع عليها، وليس الاطلاع على الأسرار ترفا يلهو كبار القوم، ولكنه وسيلة للمساعدة على تحديد الاستراتيجيات وتدقيقها ورسم الخطط المستقبلية للبلاد، ووضع التوجهات العامة التي تحكم الدولة لزمن طويل. لكن من يمتلك المعلومة يمتلك سلطة على الآخرين، وإذا تمكنت دولة من معرفة معلومات عن دولة أخرى، فإنه يسهل عليها حربها بل تدميرها لهذا تحتاط الدول وتتكتم على معلوماتها الاستراتيجية، والتي لا يعرفها إلا نخبة صغيرة من المجتمع تم تجريب منسوب حفاظها على الأسرار وإلا انهارت الدول. فللدولة مؤسسات، وللدولة تراتبات في المسؤولية، والذي يفشي سرا في مؤسسة صغيرة قادر على إفشاء أسرار الدولة الخطيرة وربما تكون أسرارا قاتلة لو تم تسريبها. وفي تاريخ المغرب تكلمت شخصيات ساهمت في التأسيس للدولة الحديثة، ورغم أنهم كانوا شخصيات فاعلة فلم نسمع عن مسؤول سرب سرا من أسرار الدولة، وكتب الكثيرون مذكراتهم مثل الراحل عبد الهادي بوطالب الذي كتب عن خمسين سنة في السياسة، لكن تحدث عما يرتبط به هو ولم ينشر سرا من الأسرار وكذلك الكثيرون. وفضل أغلب الزعماء الصمت لأن الدولة حديثة، وفي العرف الدولي لا يتم رفع السرية عن الوثائق حتى تمر 50 سنة أي في الوقت الذي لن يعود فيه للوثيقة قيمة في الحاضر ولكن تصبح وثيقة ذات قيمة تاريخية. لقد ساهمت أحزاب مغربية في الحكومات وتولت مناصب استراتجية مثل الخارجية وغيرها وعندما خرجت للمعارضة لم تفش سرا، لأن هذا من قواعد تسيير الدول أما إذا حولنا الأسرار مشاعا للجميع فانتظر ساعة البلد وانهياره الوشيك. حزب يستعد لرئاسة الحكومة لا يتوانى في الكشف عن الأسرار مثلما حدث في التسجيل الرهيب لنائب برلماني من حزب العدالة والتنمية عندما سجل مداولات لجنة الداخلية وجعلها في متناول العالم. علينا أن نضع أيدينا فوق قلبنا في انتظار ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات، لأن القوم يلعبون لعب أطفال.
