تمكين مرضى السكري من تجنب عناء الحقن بفضل دواء ينتجه الجسم، تلك هي المهمة التي يتفانى من اجلها كريم حمادشا ويستثمر فيها كل طاقاته. فمنذ أزيد من عقد من الزمن، يسعى هذا الباحث، المزداد بمكناس، والعضو في هيئة تضم النخبة العلمية الإسبانية، جاهدا لتطوير علاجات بالخلايا لفائدة المصابين بمرض السكري. ويقود البروفيسور حمادشا فريقا علميا في المركز الأندلسي لعلم الأحياء الجزيئية والطب التجديدي في إشبيلية . وبانخرطه جسدا وروحا في مبادرة تروم كبح جماح مرض السكري، لم يكن تركيز حمادشا يقتصر على سبر خبايا هذا المرض و تحقيق التفوق المعرفي والعلمي في هذا المجال، بل بعث له القدر بعض المؤشرات التي أظهرت له ثراء وروعة المسار الذي اختاره. ويقول في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، لقد حصلت على الإجازة في عام 1993 في شعبة البيولوجيا بكلية العلوم بمكناس، وخططت للتوجه صوب الولاياتالمتحدة من أجل استكمال دراستي ، لكنني لم أحصل على التأشيرة". وخاض كريم غمار استكشاف وجهة جديدة، حيث انتقل الشاب المغربي إلى إشبيلية ، ليلتحق بكوكبة من الطلبة المغاربة الذين اختاروا الاستقرار بهذه المدينة الإسبانية. وأوضح أن "المركز الجامعي بإشبيلية منحني إمكانية تطوير معارفي في مجال علم الأحياء الجزيئية وانصبت أبحاثي على الاكتشاف المبكر لبعض الاضطرابات العقلية ". وبعد مناقشته لأطروحة الدكتوراه ، حملته الأقدار لعبور المحيط الأطلنتي من جديد، ففي ولاية ميشيغان دشن فصلا جديدا من حياته العلمية ببدء بحث ما بعد الدكتوراه . ويتذكر أن "زوجته غادرت الولاياتالمتحدة بعد ثلاثة أشهر فقط في الوقت الذي كانت تعتزم الاستقرار بهذا البلد"، إذ كان من الصعب عليها العيش في مناخ غير مناسب، فقد مرت علي فترات لازمت فيها البيت لمدة أسبوع بسبب العواصف الثلجية". وبالعودة إلى إشبيلية في 2005، أثرى مساره الأكاديمي مرة أخرى، عندما جمعه القدر بيرنا سوريا باحث وعالم إسباني مرموق، دعاه إلى تولي حقيبة الصحة في إسبانيا في الفترة ما بين 2007 و2009. وسطر هذا الثنائي العلمي كرهان له تخفيف آلام مرضى السكري وإنهاء محنة حقن الأنسولين . كيف؟ بجعل الخلايا الجدعية تنتج الأنسولين في جسم المريض بالسكري. ويشرف كريم حمادشا على المجموعة الأولى من الخلايا الجدعية لتطوير علاجات بديلة . وأوضح البروفيسور " انتقلت إلى معهد كارولينسكا بستكهولم في السويد من اجل الحصول على أول خليتين بشريتين لتنطلق مغامرتنا العلمية" . وكان النجاح حليفنا ". "بدأت هذا المشروع في مختبر صغير ، تم إنشاؤه بمساعدة زملائه في ظرف أسبوعين ". و اليوم هذا المركز هو منشأة صحية كبيرة تشغل 200 موظف ، وقد تجاوز صيت أبحاثه العلمية الحدود الإيبرية ". ويواصل كريم حمادشا وفريقه العلمي المضي قدما على درب النجاح. وتم إخضاع بعض المرضى لاختبارات سريرية للعلاج بالخلايا الجدعية التي ينتجها جسمهم . وتوج هذا المسار بالحفاظ على سيقانهم وعدم اللجوء إلى بترها . كما ينكب الفريق العلمي الذي يعمل تحت إشراف البروفيسور حمادشا على مشروع سيحدث ثورة طبية. و ستكون الانعكاسات الإيجابية للعلاج مطابقة للنتائج التي حققها اكشاف الأنسولين في 1921 . وتابع "لقد قطعنا خطوة مهمة في هذا المشروع الذي تم إنجازه بتعاون مع العديد من المراكز الأوروبية والأمريكية واليابانية " ويبقى حلمه تطوير علاج أساسه الخلايا الجدعية يتم تسويقه في الصيدليات ويكون في متناول المرضى الذين يعانون من مضاعفات السكري . وبالنسبة للباحث المغربي فإن هذا النجاح العلمي هو "أجمل انتصار على مرض اخذ أعز شخص لديه، والدته".