1. الرئيسية 2. المغرب ملف التقاعد ينفجر من جديد.. ومصدر نقابي ل"الصحيفة": الحكومة لم تقدم أي التزام مالي لسداد المليارات التي في ذمة الدولة للصناديق الصحيفة من الرباط الجمعة 18 يوليوز 2025 - 19:23 عقدت اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد اجتماعا بمقر رئاسة الحكومة، أمس الخميس حضرته المركزيات النقابية الثلاث الأكثر تمثيلية، وهي الاتحاد المغربي للشغل (UMT) والكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) والاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM) إلى جانب ممثلين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب CGEM، والمديرين العامين لصناديق التقاعد، وخصص لمناقشة مسارات الإصلاح المرتقب لأنظمة التقاعد، وسط تباين في المقاربات بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين. وبحسب بلاغات النقابات وتصريحات مصادر حضرت الاجتماع، فإن اللقاء شكل مناسبة لعرض مواقف الأطراف المعنية، وتسجيل الملاحظات الأولية حول التوجهات العامة المرتقبة للإصلاح. وأفادت المصادر ذاتها أن الاجتماع خلص إلى اتفاق مبدئي يقضي باستئناف الحوار داخل لجنة تقنية مختصة تضم ممثلين عن الحكومة والمركزيات النقابية والباطرونا وصناديق التقاعد، على أن تنطلق أشغالها بداية من شتنبر المقبل، في أفق إعداد تقارير تفصيلية تُرفع إلى اللجنة الوطنية. وتسود نقاشات إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب منذ أكثر من عقد، في سياق إقرار السلطات العمومية بوجود اختلالات بنيوية تهدد استدامة الصناديق التقاعدية، خصوصا الصندوق المغربي للتقاعد (CMR) والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR) والنظام العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) فيما تشير تقارير رسمية سابقة، من بينها تقارير للمجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، إلى عوامل متعددة وراء هذه الاختلالات، منها ارتفاع متوسط العمر، وتقلص عدد النشطين بالنسبة للمتقاعدين، إضافة إلى ضعف مردودية الاستثمار وغياب التوازن في التمويل. وفي هذا السياق، دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عقب الاجتماع إلى مقاربة شمولية للإصلاح، لا تمس بمكتسبات الأجراء ولا تفرض أي أعباء إضافية على الطبقة العاملة، مشددة على ضرورة إشراك الفرقاء الاجتماعيين في بلورة أي مشروع إصلاحي، كما طالبت الكونفدرالية الحكومة بتقديم معطيات محينة حول الوضعية المالية والفنية لكافة صناديق التقاعد، مع التشديد على اعتماد مبدأ المساهمة بالثلثين من طرف المشغل وإجبارية التصريح بكافة الأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إضافة إلى مراجعة الإجراء المتعلق بتقييم معاشات RCAR. من جهته، أكد الاتحاد المغربي للشغل في بلاغ له، على ضرورة الزيادة العامة في معاشات التقاعد في القطاعين العام والخاص، معربًا عن رفضه لما وصفه ب"المقاربة المعيارية" القائمة على ثلاثية، رفع سن التقاعد، ورفع نسبة المساهمات، وتقليص المعاشات كما شدد على أن أي إصلاح حقيقي يمر أولا عبر تحسين الحكامة داخل الصناديق وتحمل الدولة لالتزاماتها المالية تجاهها، بما في ذلك أداء المستحقات المتراكمة لفائدة الصناديق الاجتماعية. المعطيات التي خرجت بها النقابات من اللقاء تؤكد أن هناك إجماعا بينها على مطلب الرفع من معاشات التقاعد، خاصة في ظل الارتفاع المتواصل في كلفة المعيشة ومعدلات التضخم، كما تم التأكيد على أن فئة المتقاعدين لم تستفد من الزيادات الأخيرة التي شملت الأجراء النشطين، ويدعو الفاعلون النقابيون إلى إدماج هذا الملف ضمن أولويات الحوار الاجتماعي، وتجنب اتخاذ قرارات أحادية الجانب في موضوع يعتبر من أكثر الملفات حساسية من الناحية الاجتماعية. على مستوى المعطيات الرقمية، كان المجلس الأعلى للحسابات قد أشار، في تقريره لسنة 2022، إلى أن نظام المعاشات المدنية الذي يدبره الصندوق المغربي للتقاعد سيسجل أول عجز نقدي له سنة 2023، وهو ما تم بالفعل، كما سجل النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد عجزا تقنيا منذ سنة 2020 ويشير نفس المصدر إلى أن هذه الأنظمة قد تواجه خطر نفاد احتياطاتها المالية في أفق عقد ونصف في حال عدم اتخاذ تدابير تصحيحية، ما يضع ضغوطًا على الفاعلين السياسيين والاجتماعيين لإيجاد حلول توافقية ومستدامة. في المقابل، يشدد الفاعلون النقابيون على ضرورة تفادي اعتماد مقاربات تقنية صرف، ويقترحون مقاربات تركز على توسيع قاعدة الانخراط من خلال محاربة الشغل غير المهيكل، وتحفيز التصريح بالأجراء، وتحسين مناخ الشغل والاستثمار، بما يسهم في رفع مداخيل الصناديق دون المساس بحقوق المنخرطين. وفي هذا الإطار، اعتبر مصدر نقابي أن ما يقع اليوم هو "نتيجة مباشرة لفشل حكومة عزيز أخنوش في التعاطي الجاد والمسؤول مع أحد أعقد الملفات الاجتماعية في البلاد" مؤكدا أنه "منذ تنصيبها لم تقدم الحكومة أي تصور متكامل لإصلاح أنظمة التقاعد، بل ظلت تؤجل وتراوغ وتشتغل بمنطق اللجان دون قرارات، وهو ما جعل الأزمة تتفاقم أكثر، مع العلم أن الحكومة تعلم أن بعض الصناديق تعيش اختلالات مالية خطيرة، ومع ذلك اختارت الصمت، ولم تفتح أي حوار جدي حول مآلاتها إلا بعد ضغط النقابات". ونبّه المصدر ذاته، في تصريح ل "الصحيفة"، أنه في اجتماع اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد، "طُرحت كل هذه الإشكالات وطالبنا بإصلاح حقيقي يبدأ أولا بتحمل الدولة لمسؤوليتها، عبر سداد الديون المتراكمة تجاه صناديق التقاعد، والتي تصل إلى مليارات الدراهم، في وقت أن الحكومة تتحدث عن الإصلاح، لكنها لم تقدم إلى حدود الساعة أي التزام مالي واضح لتغطية هذه المتأخرات، بل تحاول مجددا تمرير نفس الوصفات القديمة التي سبق أن رفضناها سنة 2016 وهي رفع سن التقاعد، رفع المساهمات، وتخفيض المعاشات.. وهذه ليست حلولا، بل تحميل للأجراء وحدهم كلفة سوء التدبير". وتابع المصدر النقابي المسؤول: "للأسف، حكومة أخنوش لم تفتح هذا الملف إلا تحت الضغط ودون استعداد فعلي لتقديم تنازلات أو استراتيجيات إصلاحية مبنية على العدالة الاجتماعية.. المتقاعدون اليوم يعيشون أوضاعا صعبة، معاشاتهم مجمدة منذ سنوات، والتضخم يلتهم قدرتهم الشرائية، ومع ذلك لم يُطرح أي مقترح للزيادة في المعاشات.. نحن لا نرفض الحوار، لكننا نرفض أن يتحول إلى واجهة شكلية لتسويق قرارات جاهزة.. ما نحتاجه هو تغيير جذري في طريقة تعامل الحكومة مع هذا الورش، قبل أن نفقد ثقة الأجراء بشكل نهائي". الجدير بالذكر أن اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد تم إحداثها في 2013 بقرار من الحكومة، سبق أن عقدت عدة لقاءات تقنية خلال السنوات الماضية، دون أن تُفضي إلى إصلاح هيكلي شامل، ويرتقب أن يكون الدخول السياسي المقبل حاسما في تحديد مآل النقاش، خاصة في ظل ترقب صدور تقرير اللجنة التقنية المرتقب تشكيلها في شتنبر، وتفاعل الحكومة مع المطالب الاجتماعية المطروحة.