1. الرئيسية 2. اقتصاد مجلس المنافسة يحذر من الاختلالات الكبيرة في احتكار مجموعات محددة على مطاحن القمح والدعم المقدم لها الصحيفة الأثنين 8 دجنبر 2025 - 0:00 حذّر مجلس المنافسة من الاختلالات الكبيرة التي يشهدها سوق المطاحن في المملكة بما فيها التداعيات السلبية العميقة التي يُخلفها نظام دعم الدقيق على السير الطبيعي لقواعد المنافسة، كاشفا في الآن ذاته عن مستوى مقلق من تمركز السوق في يد فاعلين محدودين، بما يطرح إشكالات بنيوية تمس التوازنات الاقتصادية وتكافؤ الفرص داخل القطاع. وأوضح مجلس المنافسة، في رأيه المتعلق بالسير التنافسي لسوق المطاحن الذي اطلعت عليه "الصحيفة" أن سوق القمح اللين يتميز بتركيز واضح، إذ تستحوذ سبع مجموعات فقط من أصل 99 مجموعة ناشطة على 48 في المائة من الحصة السوقية. وتُسيطر هذه المجموعات السبع على نحو 49 في المائة من الإنتاج الوطني، بحصص فردية تتراوح ما بين 2,7 في المائة و11,6 في المائة. في المقابل، تتقاسم 92 مجموعة أخرى ما تبقى من السوق، أي 51 في المائة، دون أن تتجاوز حصة أي واحدة منها 2,5 في المائة، وهو ما يعكس تفاوتا حادا في موازين القوة داخل القطاع. وبخصوص سوق القمح الصلب، فيصفه التقرير بسوق ذي تركيز "معتدل" غير أن الأرقام تكشف بدورها عن هيمنة واضحة لعدد محدود من الفاعلين فمن بين 29 مجموعة تنشط في هذا السوق تستأثر أربع مجموعات وحدها ب 54 في المائة من الإنتاج، بحصص سوقية تتراوح بين 8,8 في المائة و18,6 في المائة وتبقى نسبة 46 في المائة موزعة بين 25 مجموعة أخرى، في حين تتحكم أكبر مجموعة في 8,3 في المائة من الإنتاج الإجمالي. أما سوق الشعير، فيتخذ طابعا أكثر حدة من حيث درجة التركيز، إذ يبرز التقرير أن ثلاث مجموعات فقط من أصل 16 مجموعة ناشطة تستحوذ على 71 في المائة من الإنتاج، بحصص سوقية تتراوح بين 11 في المائة و47 في المائة وفي المقابل، تتقاسم 13 مجموعة ما تبقى من السوق، أي 29 في المائة، فيما لا تتجاوز حصة أكبر مجموعة منفردة 11,6 في المائة من الإنتاج. ويستخلص مجلس المنافسة من هذه المعطيات أن نسبة التركيز المرتفعة، خصوصا في سوق الشعير، تمنح المجموعات الثلاث الكبرى قدرة كبيرة على التأثير في الأسعار وفي شروط الولوج إلى السوق وهو ما يثير، بحسب التقرير"إشكاليات تنافسية متعلقة بوضعها المهيمن، ويحد من شروط ممارسة المنافسة، ومن إمكانية دخول شركات صغيرة الحجم". وبموازاة تشريحه لبنية السوق، توقف التقرير عند آلية الدعم والتعويض التي أقرتها الدولة لضمان استقرار سوق القمح اللين ودعم الإنتاج الفلاحي والتصدي لتقلبات الأسواق العالمية، مسجلا أن هذه الآلية، بدل أن تشكل رافعة توازن، تحولت إلى عنصر مربك للمنافسة ومصدر ضغط متصاعد على المالية العمومية. ويشير مجلس المنافسة إلى أن التعويض استهدف في بداياته الحد من تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين، غير أنه "أصبح لاحقا عبئا متزايدا أثقل كاهل الميزانية، وأفضى إلى تحريف مسار سلسلة التوزيع، وخلف تداعيات على الأسعار الحقيقية التي يتحملها المستهلكون" وهي وضعية يرى فيها المجلس انعكاسا مباشرا لاختلال آليات السوق وتداخل غير متوازن بين منطق الدعم العمومي ومتطلبات المنافسة الحرة. وأكد التقرير أن التدابير المتخذة لدعم القمح اللين تنعكس سلبا على السير التنافسي لسوق المطاحن، موضحا أن هذا الدعم يوجه خيارات المستهلكين لصالح القمح اللين على حساب الحبوب المحلية الأخرى، من خلال الإبقاء على أسعار منخفضة "بصورة زائفة" وهو ما يحد من إمكانيات تنويع القطاع ويضعف تنافسية سلاسل إنتاج بديلة. ورغم إقرار الدولة لإجراءات تحفيزية، من قبيل رفع الدعم من 5 إلى 30 درهما لتشجيع محصول القمح المحلي، يسجل التقرير مفارقة لافتة تتمثل في استمرار تفضيل المطاحن الصناعية للمنتوج المستورد. ويعزو مجلس المنافسة هذا التوجه إلى الطابع المنظم للقمح الأجنبي القادم من دول مثل فرنسا وروسيا وكندا، وإلى جودة هذا المنتوج المستقرة وانتظام جودته في مقابل المنتوج الوطني المتأثر بتقلبات الظروف المناخية وتذبذب المحاصيل. ورسم مجلس المنافسة صورة مركبة لسوق المطاحن في المغرب، تجمع بين تمركز مقلق للفاعلين، وتشوهات هيكلية ناتجة عن آليات الدعم، واختيارات صناعية تميل بوضوح إلى الخارج على حساب المنتج المحلي، بما يطرح أسئلة عميقة حول فعالية السياسات العمومية في تحقيق التوازن بين دعم القدرة الشرائية، وضمان المنافسة العادلة، وتأمين السيادة الغذائية.