المنتخب الرديف يدخل مرحلة الإعداد الأخيرة لكأس العرب بقطر..    هذه تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة لمواجهة كاليدونيا الجديدة في مونديال قطر    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    نفاد تذاكر ودية "الأسود" أمام موزمبيق    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    التجمع الوطني للأحرار بسوس ماسة يتفاعل مع القرار التاريخي لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    بعد حكيمي.. إصابة أكرد تربك الركراكي وتضعف جدار الأسود قبل المونديال الإفريقي    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    مغاربة فرنسا يحتفلون بذكرى المسيرة    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    مقتل فلسطيني في قصف إسرائيلي    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    توقيف شاب متورط في اختطاف واحتجاز وهتك عرض فتاة قاصر بالعنف    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية تسلم رفات رهينة من غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليسار والإسلاميين: اليسار والإسلاميين: أية علاقة؟
نشر في أسيف يوم 21 - 11 - 2007

يعيش المغرب أزمة سياسية بل وعلى مشارف فراغ سياسي سيشوش حتما على استقرار المغرب- ولو بعد حين- وعلى مستقبل مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء. إننا نقول لمهندسي المرحلة الذين فكروا وقدروا ورتبوا الأولويات وسلكوا المسار الذي أوصلنا للوضع الراهن بكل صراحة وصدق ومسؤولية: لقد أخطئتم التفكير والتقدير وترتيب الأولويات و نحن اليوم على خلاف معكم ونرفض منطقكم ورؤيتكم هذه للأشياء.. نقول لكل القوى الحية ببلدنا لا بد لنا اليوم من وقفة. وقفة تأمل في الحصيلة وطرح الأسئلة التي تناسب المرحلة والإجابة عليها بكل شجاعة وجرأة ومسؤولية . لا بد من إعادة تقويم المسارات إن كانت خاطئة وترتيب الأولويات وضبط الأجندات . لا بد من القيام بالمراجعات الضرورية. هذا إذا كانت هذه القوى راغبة في أن تكون حاضرة موجودة كقوة مبادرة فاعلة مناضلة في صياغة وبناء المغرب الجديد: مغرب الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية وحقوق الناس.ولأن حب الوطن من الأيمان فمن حقنا بل من واجبنا أن نكون قلقين على مستقبل بلادنا بعد الذي صار منذ استحقاقات 07/09/2007 وإلى تنصيب الحكومة. هذا إذا كنا نرفض الاستقالة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المغرب. هناك الكثير من الأسئلة التي تتناسل في أذهاننا جميعا, نريد أن يشارك بعضنا البعض الرأي في نقاش جاد وهادف في الجواب عن السؤال المركزي:إلى أين يسير المغرب حاليا؟ وإلى أين ينبغي أن يسير؟ الجواب على هذين السؤالين لابد وأن يثير لدينا أسئلة أخرى :- هل تقبل القوى الوطنية الديمقراطية وتسلم بما جرى بل وتتماهى طوعا أو كرها مع خيارات وأولويات أصحاب القرار وأجندتهم - حتى ولو قدرت- أن السلطة ومهندسوها قد أخطؤوا الموعد و أخطؤوا ترتيب الأولويات ؟ - هل تريد هذه القوى أن تكون شريكة حقيقية في صنع القرار السياسي بالمغرب؟ . - أم ستكتفي بأن تكون مجرد كومبارس تملئ الفضاء السياسي وتنشط الحياة السياسية ولكنها في كل الحالات محتقرة مهانة لايكن لها أي تقدير واحترام؟. - بمعنى آخر هل تترك القوى الوطنية الديمقراطية صناع القرار السياسي ببلادنا يصوغون لوحدهم وعلى مزاجهم وأهوائهم ومصالحهم الخاصة مغرب المستقبل ؟- أم أن هذه القوى السياسية الوطنية: الإسلامية و الديمقراطية تتوق للعب دور ريادي في مغرب الغد؟. هذا يدفعنا للتساؤل عن مستقبل العلاقة بين تيارين رئيسيين في الساحة السياسية المغربية: التيار العلماني اليساري والتيار الإسلامي. هل ستبقى علاقة توتر وصراع أم ستصبح علاقة تعاون وتنسيق؟ وإذا كان الجواب هو إمكانية التعاون والتنسيق فما هي مداخل التعاون وما هي شروط التنسيق؟ - ما مستقبل القطب الديمقراطي؟شيء من التاريخ:اتسمت العلاقة بين هذين التيارين الوطنيين بالكثير من التجاذب والتوتر والصراع والمواجهات المباشرة خلال القرن العشرين. وفي بلادنا وظف هذا التجاذب في لعبة التوازنات السياسية أتقنها النظام بامتياز. لكن مع التحولات السياسية التي صاحبت الحياة السياسية ببلادنا منذ حدوث التناوب التوافقي وانتقال الملك إلى محمد السادس ستعرف الساحة السياسية المغربية المزيد من الاستقطاب اليساري الإسلامي بلغ الذروة مع خطة إدماج المرأة في التنمية ثم عاد ليتصاعد بعد استحقاقات 2002 حينما ظهر حزب العدالة والتنمية بقوة أرقت مضاجع النخب السياسية العلمانية المغربية. ومن مفارقات العجيبة في هذه الفترة المفصلية من تاريخ المغرب أن هذين التيارين وعوض أن ينخرطا في دينامية دمقرطة المغرب انشغلا بالصراع بينهما, فلجأ الإسلاميون ( حزب العدالة والتنمية) إلى المطالبة الملك بتفعيل صلاحياته كأمير للمؤمنين للتصدي للعلمانيين وخطتهم, أما العلمانيون اليساريون فقد طالبوا بدورهم من الملك بتفعيل صلاحياته كأمير للمؤمنين للتصدي للإسلاميين ومنعهم من احتكار الخطاب الديني. وإذا كانت بعض المكونات الإسلامية قد وظفت في منتصف التسعينات لضبط عقارب ساعة الكتلة على التناوب التوافقي فإن بعض المكونات اليسارية ستوظف في ضبط السلوك السياسي للإسلاميين خصوصا إسلاميي العدالة والتنمية بعد أحداث 16 ماي الإجرامية.
إن الدولة المغربية التي فشلت في التعامل مع مكونات المشهد السياسي الوطني بحيادية ومساواة وعدالة دونما تمييز أو إقصاء و فشلت في تحقيق انتظارات شعبها فشلا مزدوجا- فشل سياسي حينما عجزت في انجاز الانتقال الحقيقي إلى الديمقراطية، و فشل اجتماعي/اقتصادي- واعتمادها أسلوب التخطيط بالكوارث عوض التخطيط الاستراتيجي المستند إلى مشروع مجتمعي متفق عليه من طرف المغاربة لافتقارها أصلا لهكذا مشروع مجتمعي حقيقي..أقول إن هذه الدولة ستنجح في توظيف الخلافات السياسية بين التيار العلماني اليساري والتيار الإسلامي بل وضخمته لتسنى لها الانفراد بصياغة مستقبل المغرب وهي مطمئنة إلى استحالت قيام أي تفاهم بين هذين التيارين الوطنيين الكبيرين . الحصيلة اليوم: تنصيب حكومة السيد عباس الفاسي , إنها الخاتمة المفجعة لدراما سياسية عشناها منذ انتشار حمى الانتخابات التشريعية قبل شهور وبالتحديد منذ قيام معهد أمريكي متخصص في استطلاع الرأي بنشر نتائج استطلاع قام به ومنح 47 في المائة من نوايا تصويت المغاربة لحزب العدالة والتنمية . الحصيلة اليوم هي:- عزوف الشعب عن المشاركة في العملية السياسية ، - تكريس عدم ثقته في السياسيين ,- استمرار حكم الأغلبية الحكومية المنتهية ولايتها بعد 07-09-2007. والاستمرارية تعني أن تبقى الحكومة : فاقدة للشرعية الشعبية وللمصداقية, ضعيفة في التخطيط , ضعيفة في الأداء والمردودية. وأن يبقى أداء البرلمان ضعيف من خلال ضعف الأغلبية الحكومية المفتقرة للسند الشعبي والمفتقرة للانسجام , ومن خلال ضعف المعارضة البرلمانية. وتبقى المؤسسة الملكية لوحدها فاعلة عاملة مبادرة تتمم ما بدأته منذ 2002 من خلال البرنامج الوطني للتنمية البشرية. بهذه الحصيلة خسر الإسلاميون وخسر اليساريون وخسرت الديمقراطية وخسر الشعب المغربي حينما لم تشكل حكومة في مستوى الانتظارات، تكون قادرة على إدارة البلاد، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وحل المشكلات الملحة كالبطالة، وتدني مستوى الدخل الفردي، والفقر,وتحسين شروط العيش الكريم لعموم الناس، واستكمال السيادة. انتصر أعداء الديمقراطية والفاسدون الذين عادوا بقوة ليستعملوا المال لإفساد الانتخابات أمام الصمت المتواطئ للسلطة ولا أقول الحياد السلبي.اليوم، يجدر بنا أن نتساءل: هل قدرنا أن يستمر التصادم الإسلامي-اليساري ؟، وهل إمكانية اللقاء من أجل التعارف والتحاور و التفاهم قائمة ؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فما هي أهداف هذا الحوار؟، وما هي شروطه؟ وأين تقف كل من الاعتبارات الفكرية والسياسية في إدارة هذا الحوار؟ هناك ثلاث مسلمات لابد من التذكير بها:المسلمة الأولى. إن التيار الإسلامي تيار الأصيل في حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية ، وهو إحدى تجليات الذات الحضارية لأمتنا. والمجتمعات لا تتخلى عن ذواتها، بل ترتد إليها، خصوصا حينما تتعرض للغزو الفكري أو السياسي أو تواجه وضعا اجتماعيا أو اقتصاديا ضاغطا- كما يحدث اليوم- ببلادنا. إن عموم المغاربة يؤمنون بالإسلام، ولكن العديد منهم لا يتوفرون على فهم صحيح له بما في ذلك بعض المنتسبين للحركة الإسلامية. وهذا يفتح بطبيعة الحال المجال لإساءة استخدام الإسلام وتطبيقه من قبلهم. لكن الإساءة هنا لا تبرر إقصاء القيم الإسلامية عن الحياة المجتمعية أو محاربة التيار الإسلامي. بل المطلوب هو بذل الوسع من أجل تصحيح الفهم وتطبيق القيم الإسلامية الصحيحة.المسلمة الثانية. إن التيار اليساري بالرغم من حداثة تكوينه( ظهر مع دخول الاستعمار أو لظروف نشأة الدولة القطرية ومستلزمات التحديث ) ،فهو حاضر في حياتنا الثقافية والفكرية والسياسية أيضاً. نعم هناك بعض الغلاة من هذا التيار يسيئون التعامل وفهم مقاصد واضعي المذاهب اليسارية ويخلطون بين تجربتين تاريخيتين في الزمان والمكان: شروط نشأة الدولة/ الأمة في الغرب وشروط نشأة الدولة/ الأمة في الوطن العربي والإسلامي بعد انهيار الاستعمار القديم, ويؤاخذون على الإسلام ما أخده العلمانيون في أوروبا عن المذاهب المسيحية . والحال أن مسألة العلمانية والإسلام وفصل الدين عن الدولة، لا يمكن طرحها بالأسلوب والمنهج كما في الحالة الأوروبية. إن موقف بعض الغلاة اليساريين من الدين والمتدينين, و من الأخلاق, ومن عموم القيم السائدة في المجتمع تصدم إلى حد كبير عموم المواطنين والمتدينين منهم على وجه الخصوص... لكن هذا الأمر لا يبرر إقصاء أو محاربة التيار اليساري فهم شركاء في المواطنة, حريصون على خدمة الوطن والأمة, ومنهم الكثير من فضلاء ديمقراطيون. المسلمة الثالثة. إن مجتمعنا قد أصبح بالفعل مجتمع متعدد المرجعيات : إسلامي, ليبرالي, اشتراكي .. والتسليم بهذه الحقيقة يعني التعايش . أن كل من يؤمن بالديمقراطية ملزم بقبول جميع الفاعلين في الساحة السياسية . أن نكون ديمقراطيين معناه أن نؤسس لقيمة القبول بالآخر بما هو استعداد نفسي للتلاقي والاستماع والتعارف أولا و الاتفاق و التوافق ثانيا. غير أننا لا نرضى لهذا التعايش بان يكون سلبيا بل نريد أن ندفع به كي يبتعد عن دائرة الصراع و ينتمي إلى دائرة التنافس، فالصراع علاقة إقصاء ينتج عنها بقاء طرف على حساب الآخر، أما التنافس ، ففضلا عن كونه قيمة أخلاقية ، فمعناه السياسي هو العمل الجاد و الدؤوب والمستمر من اجل تحقيق نجاحات تتفوق على نجاحات الآخر، فيكون الرابح الأكبر هو المغرب. و بهذا ننضم إلى ثقافة البناء و قيم الانجاز.و القبول بالتعدد و بالتعايش معناه المبادرة بإطلاق حوار تأخر كثيرا بين كل الفاعلين السياسيين في المجتمع وبالخصوص بين التيارين الإسلامي والعلماني اليساري للاتفاق على ثوابت وطنية تضيق الخلاف بين الطرفين لمصلحة المجتمع والأمة خصوصا أمام النفوذ المتزايد للفاسدين في الحياة السياسية وفي ظل عولمة استعمارية طاغية. لا نريده حوارا سجاليا إيديولوجيا زائفا, عناوينه ثنائيات فكرية وإيديولوجية: الحداثة والتقليدية، الأصالة والمعاصرة, العلمانية والدين الإٍسلامي. بل نهدف به استعادة الوعي بالذات الحضارية لأمتنا. وإذا كانت الديمقراطية ديمقراطيات والحداثة حداثاث فلا بد من التوافق و الاتفاق على مقومات الديمقراطية والحداثة لدينا لأن هذا الأمر- في تقديري المتواضع- يشكل أحد المداخل الرئيسية لإخراج البلاد من المأزق الذي تعيش فيه وإقرار النظام الديمقراطي. ولإنجاح الانتقال إلى الديمقراطية وحماية المكتسبات الديمقراطية لابد من تطوير وعي مجتمعي حقيقي يدافع عن الخيار الديمقراطي ويحميه من الردة عليه ومصادرته. شروط حوار إسلامي يساري حقيقي - يجب أن يكون الحوار علميا موضوعيا. - سياسيا بعيدا عن الدخول في المتاهات الحوارية الإيديولوجية. - يحترم حرية الفكر والعقدية ، بحيث يستطيع كل صاحب رأي وفكر أو معتقد أن يدافع عن ما يؤمن به من دون خوف من اضطهاد أو إرهاب فكري. - لا يدعي فيه أحد امتلاك الحقيقة المطلقة ويتم التمييز فيه بين الدين والفكر الديني. فإذا كان الدين هو المطلق المقدس الذي جاء من عند الله فالفكر الديني ليس سوى اجتهاد وتأويل العقل البشري النسبي الإدراك مما يجعله قابل للنقاش. وما يقوله أي من المتحاورين سواء في الفكر الديني أو السياسي إنما هو اجتهادات بشرية. - التسليم بتعدد المرجعيات تحت سقف مجتمع واحد و ضرورة الإقرار بوجود الاختلاف، وهذا الاختلاف هو تنوع يجب أن ينظر إليه على أنه مسألة إيجابية وليست سلبية، شرط أن يتم التعامل معه بطريقة صحيحة. - إيمان أتباع أي دين أو مذهب أو فكرة بصحة معتقداتهم وببطلان ما يعتقده الآخرون و الجرأة في الطرح وبيان التناقض في الموقف مع الآخر المختلف ليس مشكلة. المشكلة في رفض الآخر وإقصائه وعدم احترام رأيه و التهكم عليه والسخرية منه وتسفيهه. - قبول الاحتكام إلى نتائج صناديق الانتخاب و الالتزام بنتائج الحوار أو التوافق. - احترام القانون ولو لم نكن موافقين على بعض بنوده أو مقتنعين بها، مع الاحتفاظ بحق معارضتها وتغييرها سواء من خلال المؤسسات المخولة لذلك كالبرلمان أو عبر الحوار الوطني والتوصل إلى عقد جديد.هذا , و لإنجاح الحوار يجب تجاوز أهل الجمود و العرقلة من الجانبين دون القطيعة معهم من اجل مبادرتهم هم أيضا بالحوار لحثهم على الانخراط في معركة البناء الديمقراطي.أهداف الحوارلا بد من الانطلاق من كوننا أمة مهددة بالتفكيك والتمزيق من طرف الاستعمار الجديد وعملائه المندسين بيننا. من هنا تصبح مهمة كل المخلصين من أبناء المغرب العمل من أجل دعم وحدة الوطنية واستمراريتهما عبر: -البحث عن سبل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة القادرة على مواجهة التحديات التي عرقلت بناءها وأدت إلى ضعفها. دولة تكون فضاءا للحرية السياسية المنضبطة بالمسؤولية الأخلاقية، و تكون فيها سلطة الأمة هي العليا, دولة تحترم رأي الأغلبية ولكنها لا تصادر رأي الأقلية، وتفتح المجال أمام جميع القوى السياسية والحزبية في الإسهام بالرأي والحوار والمبادرة والاقتراح.-حصول توافق سياسي وطني عام يكون بمثابة العمود الفقري لثقافة وطنية مشتركة تدعم الهوية الوطنية. ويمكن أن يتمحور هذا التوافق السياسي حول:طبيعة الدولة و النظام السياسي : نوع النظام الملكي . السلطة وطريقة التداول عليها. الثروة وكيفية توزيعها. دستور ديمقراطي حقيقي - البحث في أسباب تراجع الهوية الوطنية لصالح صعود هويات فرعية، وتوتر العلاقات بين المكونات الاجتماعية. فضلا عن الفساد الإداري و المالي والسياسي. - النقاش من أجل الاتفاق على قضايا السياسة والاقتصادية والاجتماعية و البحث عن إطار للتعاون الفكري والثقافي، بما يساهم في بناء الأمة القوية الموحدة. - الحوار على القضايا والتحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية وتتعلق باستقلالها وتضامنها ومواجهتها للعدوان الخارجي والمشروع الصهيوني، والمساهمة في وجود سلام عالمي عادل مبني على الحق واحترام استقلال وكرامة وخيارات الشعوب. - تهدئة مخاوف العلمانيين من الإسلاميين - وتهدئة مخاوف الإسلاميين من العلمانيين. - الدخول في حوار مع الحركة الثقافية الأمازيغية ومساندة مطالبها حينما تكون عادلة بما يغني التعدد في إطار الوحدة و يقطع الطريق إلى التشرنق في الانتماءات الهوياتية الفرعية المنغلقة والضيقة لفائدة الانتماء والهوية الوطنية. - إحياء القطب الديمقراطي :شكل الحوار الذي عرفته الساحة المغربية بين التيارين الإسلامي( ممثلا في جمعية البديل الحضاري) والعلماني منذ 1994 منعطفا حقيقيا في علاقة هذين التيارين توج ببيان من أجل الديمقراطية في مطلع القرن 21 وكان من المفروض أن يتوج المجهود الذي بدله العديد من الفضلاء الديمقراطيون من إسلاميين ويساريين ببناء قطب ديمقراطي يتصدى لمهمة أنجاح الانتقال الديمقراطي ببلادنا ويكون بمثابة قوة اقتراحيه مبادرة ومساندة أو مناضلة في أفق بناء الدولة الديمقراطية بل يكون من مهمته التصدي للفساد والمفسدين بالمغرب والحيلولة دون أن يختل ميزان القوى لصالح أعداء الديمقراطية. لكن ولأسباب ليس من المفيد الوقوف عندها اليوم توقفت سيرورة تطور بناء هذا القطب وتم التراجع عن التفكير في تفعيله وتطويره في وقت كان من المفيد أن يتم العكس. من الضروري بل من الواجب اليوم العودة إلى التفكير في إحياء هذا القطب وتوسيعه كي يساهم في انجاز المهمات الوطنية وعلى رأسها بناء الدولة الديمقراطية والتصدي للفساد والقيام بالإصلاحات الضرورية في مختلف المجالات. إنها دعوة نتوجه بها إلى كل المكونات السياسية المهتمة بموضوع القطب الديمقراطي ونأمل أن تستجيبون إلى ندائنا من أجل العودة إلى تفعيله. أمين عام حزب البديل الحضاري

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.