اضطرابات في حركة سير القطارات ما بين 12 و26 ماي نتيجة أشغال تأهيل منشآت التشوير    سفير إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة أمام الجمعية العمومية (فيديو)    مزور تستقطب شركة عالمية رائدة للمغرب    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا بالمغرب    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    143 دولة تدعم عضوية فلسطين بالأمم    حماس: إسرائيل تعيد الأمور للمربّع الأول    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    منتخب "لبؤات الأطلس" يكتسح الجزائريات    رسميا.. مبابي يعلن الرحيل عن سان جرمان    خبراء يناقشون حكامة منظومات التربية    اعتراض 133 مرشحا للهجرة في طانطان    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    لحجمري ينصب 3 أعضاء جدد في الأكاديمية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    بعد إحداثها لطفرة في إصدارات الAI وطنيا.. الأمانة العامة للحكومة تُناقش آخر إصدارات الدكتورة رومات حول الذكاء الإصطناعي    تفاصيل قاعدة عسكرية مغربية جديدة لإيواء الدرونات والصواريخ    سماء المملكة غائمة وطقس حار بهذه المناطق!    بالصور.. اعتقال خمسة أشخاص بتهمة تنظيم الهجرة غير الشرعية والعثور على زوارق وسيارات وأموال    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    دكار توضح حقيقة وجود مهاجرين سنغاليين عالقين بالصحراء المغربية    الشبيبة التجمعية بطنجة تلامس منجزات وتحديات الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    بهدف تأهيله لاستقبال 4.4 ملايين مسافر .. هذه تفاصيل مشروع توسيع مطار طنجة    "طاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    هل تحتاج الجزائر إلى المغرب لتطوير اقتصادها؟    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الدراسة الطبوغرافية لأنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا تترجم فلسفة إفريقيا للأفارقة    قرار أمريكي يستهدف صادرات المغرب    توقع تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق منطقة طنجة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    ثنائية الكعبي تقود أولمبياكوس إلى نهائي "كونفرنس ليغ"    المغرب يعلن حزمة جديدة من مشاريع الترميم والإعمار في المدينة المقدسة    امرأة مسنة تضع حدا لحياتها شنقا بالجديدة    بعد أن أفرغت الحكومة 55 اجتماعا تنسيقيا ومحضر الاتفاق الموقع بين الوزارة والنقابات من محتواها    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    نقابة "البيجيدي": آن الأوان لإيقاف التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    غوتيريش يحذر من أن هجوما بريا إسرائيليا على رفح سيؤدي إلى "كارثة إنسانية"        تأشيرة الخليج الموحدة تدخل حيز التنفيذ مطلع 2025    نقابة تنبه لوجود شبهات فساد بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    إحداث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"    أخصائية التغذية ل"رسالة24″… أسباب عديدة يمكن أن تؤدي لتسمم الغذائي    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    الحسين حنين رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام: يتعهد بالدفاع عن المهنيين وتعزيز الإنتاج الوطني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الدمليج يقدم "بوريوس" في المهرجان الوطني الرابع لهواة المسرح بمراكش    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    النادي الثقافي ينظم ورشة في الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية/ عرباوة    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    أصالة نصري تنفي الشائعات    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق وأسرار : كيف هيمن الفاسيون على الوزارات والوظائف السياسية والعمومية الكبرى داخل المغرب
نشر في أسيف يوم 27 - 04 - 2011

يحكي الأستاذ الجامعي والباحث المغربي، حسن قرنفل، في كتابه «أهل فاس: المال والسياسة» حكاية دالة تلخص بشكل كبير هيمنة أهل فاس على المناصب السياسية والعمومية
الكبرى في المغرب منذ الاستقلال عام 1956. ومفاد تلك الحكاية أن «أكرام» الحركة الشعبية المحجوبي أحرضان عندما تم تعيينه مرة وزيرا، عقد لقاء أوليا مع مدراء وزارته وبدأ الكاتب العام للوزارة يعدد واحدا تلو الآخر مع ذكر أصولهم الفاسية، فما كان من المحجوبي أحرضان إلا أن سارع إلى القول بعفويته المعهودة «هذه قيسارية ما شي وزارة». كان المحجوبي أحرضان ذو الأصول الأمازيغية من الشخصيات السياسية التي حاولت اللعب على هذا الوتر من أجل أن تحصن مواقعها السياسية، وقام برفقة شخصيات أخرى مثل الدكتور الراحل عبد الكريم الخطيب والحسن اليوسي بتأسيس الحركة الشعبية منذ نهاية الخمسينيات من القرن الماضي ووجهوا سهام نقدهم لحزب الاستقلال الذي كان يعتبر «حزب الفاسيين». يقول جون واتربوري في كتابه الشهير الذي كتبه في بداية السبعينيات من القرن الماضي «أمير المؤمنين: الملكية المغربية ونخبتها»، بأن «حزب الاستقلال كان يعتبر، بشكل عام، حزب الفاسيين. فقيادته كانت دائما بيد بورجوازية المدن الكبرى حيث كانت العناصر المنحدرة من فاس هي المهيمنة. وكانت الجماعة الوطنية تتشكل قبل 1934، من علال الفاسي وأحمد مكوار، وحمزة الطاهري، ومحمد بن طالب بناني، وأحمد وحسن بوعياد، وعمر السبتي، وعبد القادر التازي، وحسن الوزاني. وهذه «الزاوية» تقوت وتعززت بوفود عمر عبد الجليل، وأحمد بلافريج، ومحمد اليزيدي، وعبد السلام بنونة، ومحمد داوود، وأحمد غيلان، ومحمد غازي، ومحمد بلكورة».
هناك دراسات جامعية تشير إلى أن النخبة الفاسية هيمنت لسنوات طويلة على المناصب الحكومية والوزارية منذ بداية الاستقلال. فحسب الدراسة التي قامت بها الأستاذة الجامعية، أمينة المسعودي، والتي تحمل عنوان «الوزراء في النظام السياسي المغربية 1955-1992: الأصول، المنافذ، المآل»، فإن الوزراء المنحدرين من مدينة فاس يهيمنون بشكل كبير على الحكومات المتعاقبة منذ عام 1955 إلى سنة 1985. وحسب نفس الدراسة فإن من أصل 196 وزيرا خلال تلك الفترة، 67 وزيرا ينحدرون من مدينة فاس وحدها، أي بنسبة 34.1 في المائة، ثم تليها مدينة الرباط ب18 وزيرا، أي بنسبة 9.1 في المائة. وتحل مدينة مراكش في المرتبة الثالثة ب12 وزيرا، أي بنسبة 6.1 في المائة. أما مدينة الدار البيضاء فتحل في المرتبة الرابعة ب11 وزيرا، أي بنسبة 5.6 في المائة. وقالت أمينة المسعودي في دراستها «في جميع دول العالم، تكون العاصمة الإدارية ممثلة حكوميا تمثيلا قويا، كما هو الأمر مثلا، بالنسبة للعاصمة الإسبانية مدريد، أو بالنسبة لعاصمة الجمهورية المصرية القاهرة، وكذلك بالنسبة لعاصمة الجمهورية التونسية، أما بالنسبة للمغرب، فإن العاصمة العلمية هي التي تحظى بالأولوية في التمثيل، بالمقارنة مع العاصمة الإدارية أو السياسية».
ثم تتابع الباحثة المغربية دراسة مدعومة بأرقام وإحصائيات، تؤكد هيمنة أهل فاس على الوظائف السياسية منذ الاستقلال وحضورهم القوي في وزارات العدل والخارجية والوزارة الأولى، كما هو مبين في المادة المنشورة ضمن هذا الملف والتي تحمل عنوان «الفاسيون هيمنوا منذ الاستقلال على الخارجية والعدل والوزارة الأولى».
هذا التواجد المكثف للفاسيين في المناصب السياسية والعمومية الكبرى في المغرب، جعلهم عرضة للانتقاد، بل هناك من عمل على محاربتهم من أجل الحد من نفوذهم وقوتهم. تحدثنا في السابق عن المحاولة التي قام بها المحجوبي أحرضان. كما أن وزير الداخلية السابق إدريس البصري «العروبي» المنحدر من مدينة سطات دخل في حرب مع أهل فاس وعمل على الحد من نفوذهم. واستطاع إلى حد ما أن ينجح في مسعاه خاصة على مستوى الإدارة الترابية التي «أغرقها» بعناصر «عروبية»، كما أنه خلال حملة التطهير الشهيرة أواسط التسعينيات من القرن الماضي، عمل على تصفية الحسابات مع عدد من رجال الأعمال الفاسيين. لكن بعد أن تمت إزاحة إدريس البصري من منصبه في نهاية الألفية الثانية، عاد أهل فاس إلى الظهور بقوة، وبدؤوا يحتلون مواقع استراتيجية سواء في الحكومة أو في المؤسسات العمومية.
خلال المظاهرات التي شهدها المغرب في الشهور الأخيرة، رفع عدد من المواطنين شعارات من بينها شعار «إسقاط حكومة الفاسيين». بالرغم من الحمولة العنصرية التي يحملها هذا الشعار، إلا أنه مع ذلك لا يخلو من حقيقة وواقع مفاده أن «أهل فاس» أو النخبة الفاسية لها موقع قدم في هرم السلطة في المغرب، سواء من خلال احتلالها مواقع المسؤولية داخل الحكومة، أو من خلال احتلالها لمواقع مهمة داخل المؤسسات العمومية أو شبه العمومية.
الفاسيون هيمنوا منذ الاستقلال على وزارتي الخارجية والعدل والوزارة الأولى
خلال المظاهرات التي شهدها المغرب في الأسابيع الأخيرة، رفع عدد من المواطنين شعارات من بينها شعار «إسقاط حكومة الفاسيين». ورغم الحمولة العنصرية التي يحملها هذا الشعار،
فإنه، مع ذلك، لا يخلو من حقيقة وواقع مفاده أن «أهل فاس» أو النخبة الفاسية لها موقعُ قدم في هرم السلطة في المغرب، سواء من خلال احتلالها مواقع المسؤولية داخل الحكومة أو من خلال احتلالها مواقع مهمة داخل المؤسسات العمومية أو شبه العمومية.
هناك دراسات جامعية تشير إلى أن النخبة الفاسية هيمنت لسنوات طويلة على المناصب الحكومية والوزارية منذ بداية الاستقلال. فحسب الدراسة التي أنجزتها الأستاذة الجامعية أمينة المسعودي، والتي تحمل عنوان «الوزراء في النظام السياسي المغربية 1955-1992: الأصول، المنافذ، المآل»، فإن الوزراء المتحدرين من مدينة فاس يهيمنون، بشكل كبير، في الحكومات المتعاقبة منذ عام 1955 إلى سنة 1985. وحسب نفس الدراسة، فإن 67، من أصل 196 وزيرا خلال تلك الفترة، يتحدرون من مدينة فاس وحدها، أي بنسبة 34.1 في المائة، ثم تليها مدينة الرباط، ب18 وزيرا، أي بنسبة 9.1 في المائة. وتحل مدينة مراكش في المرتبة الثالثة، ب12 وزيرا، أي بنسبة 6.1 في المائة. أما مدينة الدار البيضاء فتحل في المرتبة الرابعة، ب11 وزيرا، أي بنسبة 5.6 في المائة.
وقالت أمينة المسعودي في دراستها إنه «في جميع دول العالم، تكون العاصمة الإدارية ممثلة حكوميا تمثيلا قويا، كما هو الأمر مثلا، بالنسبة إلى العاصمة الإسبانية مدريد أو بالنسبة إلى عاصمة الجمهورية المصرية، القاهرة، وكذلك بالنسبة إلى عاصمة الجمهورية التونسية. أما بالنسبة إلى المغرب، فإن العاصمة العلمية هي التي تحظى بالأولوية في التمثيل، بالمقارنة مع العاصمة الإدارية أو السياسية».
وتضيف الباحثة المغربية في دراستها الجامعية، والتي أشرف عليها الأستاذ الجامعي عبد الله ساعف، أن فاس تحتل المرتبة الأولى في ما يخص المدة الإجمالية لشغل المنصب الوزاري، حسب الأقاليم، إذ تصل هذه المدة إلى 5111 شهرا، أي بنسبة 42.43 في المائة خلال المدة الفاصلة بين 1955 و1985، بمعنى آخر أن معدل بقاء كل وزير فاسي في الحكومة يقدر ب76 شهرا، أي ما يفوق ست سنوات، كما تشير إلى ذلك الدراسة الجامعية، تليها الرباط بفارق كبير، ب732 شهرا، أي بنسبة 6.7 في المائة، فمدينة الدار البيضاء، ب703 أشهر، أي بنسبة 5.83 في المائة.
الوزارة الأولى
خلال المدة من 1955 إلى 1985، تولت منصبَ الوزارة الأولى ثلاث شخصيات فاسية، هي في أحمد باحنيني وعز الدين العراقي ومحمد كريم العمراني. وتحتل فاس، أيضا، المرتبة الأولى من حيث مدة مكوث شخصيات أكبر مدة على رأس الوزارة الأولى، إذ بلغت هذه المدة 126 شهرا، أي بنسبة 35.50 في المائة، وتولى هذا المنصب أيضا شخصيتان من وجدة (امبارك لهبيل البكاي وأحمد عصمان) اللذين مكثا على رأسها 105 أشهر، أي بنسبة 29.57 في المائة، وشخصيتان من مدينة الدار البيضاء (أحمد العراقي والمعطي بوعبيد) ومكثا على رأس الوزارة الأولى 77 شهرا، أي بنسبة 21.70 في المائة.
وزارة الخارجية
من بين القطاعات الحكومية التي هيمن فيها الوزراء، هناك وزارة الخارجية، إذ إنه خلال الفترة الفاصلة بين 1955 و1985، شغل هذا المنصبَ سبعةُ وزراء يتحدرون من مدينة فاس ومكثوا على رأس هذه الوزارة ما يقرب من 252 شهرا (26 سنة) أي بنسبة 40.44 في المائة، يليهم أربعة وزراء يتحدرون من مدينة مراكش، ومكثوا على رأسها ما يقرب من 115 شهرا، أي بنسبة 18.45 في المائة، فوزير واحد من مدينة الدار البيضاء، بنسبة 11.55 في المائة، والذي مكث في هذا المنصب 72 شهرا. وتشير الباحثة إلى أن تفوق مدينة فاس على مستوى التمثيل على صعيد وزارة الشؤون الخارجية بلغ ذروته خلال الفترة الممتدة من 1972 إلى 1985، بترأس هذه الوزارة من قِبَل خمس شخصيات فاسية، في حين أن فاسيين اثنين احتلا هذا المنصب خلال الفترة ما بين 1960 و1970، بينما لم يتولَّ هذا المنصب أي فاسي ما بين 1955 و1960.
وزارة العدل
تُلاحَظ نفس الهيمنة، أيضا، على مستوى وزارة العدل، إذ ما بين 1955 و1985، تولى هذا المنصب 11 وزيرا ومكثوا على رأس وزارة العدل ما يقرب من 273 شهرا، أي أن نسبة مكوثهم فيها تصل إلى 74.38 في المائة. وتولى هذا المنصب أيضا بيضاوي لمدة 49 شهرا، أي بنسبة 13.35 في المائة، واحتل مراكشيان هذا المنصب لمدة 35 شهرا، أي بنسبة 9.54 في المائة، في حين تولت شخصية تطوانية هذا المنصب لمدة عشرة أشهر، أي بنسبة 2.73 في المائة.
وزارة الداخلية
من أصل 18 وزيرا تعاقبوا على وزارة الداخلية ما بين 1955 و1985، تولّتْ هذا المنصبَ سبع شخصيات فاسية وظلت في هذا المنصب لمدة 210 شهرا، أي بنسبة 24.83 في المائة. كما تولّت شخصيتان من مدينة الخميسات هذا المنصب لمدة 166 شهرا، أي بنسبة 19.62 في المائة، وشخصية من سطات، ممثلة في وزير الداخلية السابق إدريس البصري، والذي ظل في هذا المنصب إلى حدود سنة 1999.
وأشارت أمينة المسعودي إلى أن «استمرار تواجد إدريس البصري على رأس وزارة الداخلية في ما بعد المدة المدروسة، أي خلال حكومات التسعينيات، يعني أن إقليم سطات ما زال ممثلا على مستوى هذه الوزارة بمدة تفوق المدة الواردة في الجدول، أي مدة 150 شهرا، وبهذا يأتي إقليم سطات في المرتبة الأولى من حيث التمثيل على صعيد وزارة الداخلية، قبل إقليم فاس»، أما من حيث عدد الشخصيات الفاسية التي احتلت هذا المنصب، فإن فاس تظل في المرتبة الأولى.
وزراء محظوظون عمروا في الوزارة لأكثر من عشرين سنة وآخرون قضوا فيها أقل من سنة
تختلف الحظوظ من وزير إلى آخر، هناك وزراء عمّروا طويلا في مناصبهم أو تنقّلوا بين الوزارات لمدة طويلة، وهناك وزراء لم يحالفهم الحظ ولم يمكثوا إلا فترة قصيرة جدا. فعلى سبيل المثال،
يعد محمد باحنيني، الشخصية المغربية التي ظلت تحتل مناصب حكومية لمدة طويلة، إذ بلغت هذه المدة 36 سنة و10 أشهر و9 أيام، وهو الأمر الذي دفع أمينة المسعودي إلى وصفه ب«عميد الوزراء المغاربة». وهكذا تقلد أول منصب حكومي له خلال حكومة امبارك البكاي بعد الاستقلال، أي يوم 7 دجنبر 1955 وظل يتقلد مناصب حكومية إلى أن وافته المنية عام 1989.
وتقلد أحمد العلوي مناصب حكومية عدة وبقي فيها لمدة تقدر ب22 سنة و10 أشهر. كما أن امحمد الدويري، وهو أول مغربي يحصل على شهادة مهندس من مدرسة البوليتينيك الفرنسية الشهيرة، مكث في المناصب الوزارية لمدة تقارب 13 سنة، والراحل عبد الهادي بوطالب مكث في المناصب الوزارية 10 سنوات تقريبا. كما أن وزير الداخلية السابق إدريس البصري عمّر في هذه الوزارة منذ سنوات السبعينيات، أي من 1979 إلى أن أزاحه الملك محمد السادس من منصبه عام 1999.
غير أن هناك وزراء آخرين لم يعمّروا طويلا في الوزارة، ومن بين هؤلاء الوزراء نذكر عبد الخالق الطريس، الذي اشتغل كوزير للعدل ابتداء من فاتح شتنبر 1960 وترك الوزارة بعد 9 أشهر و24 يوما فقط، ومحمد العربي العلمي، الذي شغل منصب نائب كاتب الدولة في الشؤون الخارجية يوم 11 يونيو 1961، وقضى في منصبه 6 أشهر و9 أيام فقط، وأحمد حمياني، وزير الداخلية في 5 يونيو 1963 واستمر في منصبه 6 أشهر و18 يوما.
وينطبق نفس الأمر على إدريس الدباغ، وزير التجارة والصناعة والمعادن في 5 يونيو 1963، والذي ظل في منصبه مدة 6 أشهر و18 يوما، ومحمد عمور، وزير الشغل والشؤون الاجتماعية في 20 غشت 1964، وقضى في منصبه 9 أشهر و18 يوما، والعربي المسعودي، الذي شغل منصب نائب كاتب الدولة في التعليم الابتدائي في 19 شتنبر 1964، والذي قضى في منصبه 8 أشهر و19 يوما، ويحيى بن سليمان، وزير الصناعة العصرية والمعادن، في 10 يوليوز 1965، الذي قضى في منصبه 7 أشهر و13 يوما، وعلي بنجلون، وزير العدل، في 11 نونبر 1967، والذي تقدر مدة بقائه في المنصب ب8 أشهر، ومحمد البرنوصي، وزير الأشغال العمومية والمواصلات، في 11 غشت 1971، والذي قضى في منصبه مدة 7 أشهر و23 يوما.
أما محمد المدغري، نائب كاتب الدولة في المالية في 11 غشت 1971، فقد قضى في منصبه 7 أشهر و23 يوما، وقضى الحبيب الفاسي الفهري في منصبه، كوزير الثقافة والتعليم الثانوي والعالي والأصيل، في 12 أبريل 1972، 7 أشهر و8 أيام، وعبد الله الفاسي الفهري، كاتب الدولة لدى الوزير الأول مكلف بالشؤون الاقتصادية والتعاون في 12 أبريل 1972، مدة 7 أشهر و8 أيام كذلك...
وقد يرجع قضاء بعض الوزراء مدة قصيرة على رأس الوزارة، في بعض الأحيان، إلى «خطأ» في نظر السلطة، ارتكبه الوزير المعني بالأمر، كما هو حال محمد العربي الخطابي، الذي عُيِّن وزيرا للاتصال في شهر أكتوبر 1977 وأزيح في عام 1978.
ويحكي الصحافي البريطاني ستيفان هيوز، الذي كان مراسلا لوكالة «رويترز» في المغرب، أن «محمد العربي الخطابي كان وزيرا للاتصال من عيّنة نادرة، عين في هذا المنصب في شهر أكتوبر 1977، وكان مثقفا يتحدث اللغتين الفرنسية والإسبانية وكان الصحافيون يحترمونه. ولكنْ، للأسف الشديد، عندما وقع الانقلاب في موريتانيا، صرّح لصحافي فرنسي بأن الانقلاب ليس في صالح المغرب، لأنه يبدو أن القادة العسكريين الجدد في نواكشوط يتعاطفون مع جبهة البوليساريو. وقد قام الصحافي، الذي كان قد حل حديثا بالمغرب، بذكر اسم الوزير. وسرعان ما تمت إقالة محمد العربي الخطابي ولم تمر بعدُ سنة على تعيينه في هذا المنصب، ربما لأنه عبّر عن رأيه».
منصف بلخياط ورضا الشامي «وزيرا الفيسبوك» بامتياز في حكومة عباس الفاسي
في زمن «فيسبوك» و«تويتر»، قلة قليلة من الوزراء المغاربة داخل حكومة عباس الفاسي من اختاروا طريق الأنترنت من أجل التواصل مع الآخرين ومع «المعجبين» و«المحبين»
و«الأصدقاء» الافتراضيين، عبر إحداث صفحات على شبكة «فيسبوك». وهؤلاء الوزراء، الذين اختاروا هذا الطريق هم شباب، ومن بينهم أحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، المزداد يوم 16 ماي 1961، والمنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. يجعل أحمد رضا الشامي، الذي له أيضا صفحة على موقع «تويتر»، من صفحته «شبه وكالة» تنشر كل تحركاته وبرامجه وأسفاره وأخباره وصوره خلال الأنشطة التي يعقدها داخل الوزارة أو خارجها، وأحيانا، ينشر على الصفحة بعض آرائه من أحداث وطنية، مثل التعليق الذي نشره حول الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم 9 مارس الماضي، والذي أعلن فيه عن إحداث تغييرات «عميقة» في الدستور المغربي. ومما جاء في تعليق الوزير: «كل الذين لم يكن لهم حظ معايشة فرحة الاستقلال أو فرحة المسيرة الخضراء يمكنهم، اليوم، أن يفخروا بأنهم عايشوا يوم 9 مارس، هذا الخطاب الملكي لحظة تاريخية ستمكننا من أسباب العدالة والحكامة الجيدة والنمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، هذا التاريخ الذي يفتح جلالة الملك بابه واسعا سيكون علينا أجمعين، أحزابا سياسية ونقابات ومجتمعا مدنيا وشبابا، أن نخطه بمداد العز والفخر»...
بالنسبة إلى أحمد رضا الشامي، لا يمكن لوزير يشرف على قطاع التكنولوجيات الحديثة ألا تكون له صفحة على شبكة «فيسبوك»، وهو ما أكده يوم إعلانه عن فتح صفحة على هذه الشبكة في شهر يناير من العام الجاري: «وزير يرأس قطاع التكنولوجيات الحديثة بدون صفحة على «فيسبوك»! هذه المفارقة يجب أن أعمل على حلها. إنني جد سعيد أن أتمكن منذ اليوم من التفاعل مع الفيسبوكيين».
ويظل منصف بلخياط، وزير الشباب والرياضة، رجل ال«فيسبوك» بامتياز داخل حكومة عباس الفاسي، فصحفته على هذا الموقع هي الأكثر مشاهدة، ولديه ما يفوق 43 ألف «صديق» على هذه الصفحة. وقد سطع نجم منصف بلخياط عندما دخل في سجال ونقاش مع «شباب 20 فبراير» ورد عليهم، وإن كان قد أسيء فهم بعض أقواله وتم تحريفها وطالب البعض بإقالته من الوزارة... ويجيب بلخياط على كل الأسئلة التي تطرح عليه، كيفما كان نوعها، وهو يعتقد أن الأفكار التي يعبر عنها «شباب 20 فبراير» هي أفكار مهمة، ولكنْ يتعين عليهم أن ينخرطوا في الأحزاب السياسية، لكي يعبروا عن تلك الأفكار.
وحسب مقربين من الوزير، فإن منصف بلخياط يخصص ساعة كل يوم ثلاثاء من أجل التحاور مع أصدقائه على صفحة «فيسبوك». «هذا التوقيت أصبح بالنسبة إليه توقيتا مقدسا، إذ أصبح من «عاداته» أن يلتقي بهم على الصفحة كل يوم ثلاثاء، حتى ولو كان مسافرا أو خارج الوطن».
جعل منصف بلخياط من صفحته على «فيسبوك» مجالا للحوار والسجال والمرافعة والدفاع عن آرائه وبسط الأعمال التي يقوم بها. وقال منصف بلخياط عن صفحته إنها «صفحة مفتوحة أمام الجميع وأتقبل كل الانتقادات، بصدر رحب، خاصة تلك التي من شأنها أن تساعدني على تحسين عملي من أجل أداء خدمة أحسن للشباب والرياضيين المغاربة. أرحب بكل التعليقات، ماعدا تلك التي تتسم بالقذف أو الموقَّعة من أشخاص مجهولين». وأحيانا، يقوم بلخياط بدور الموجه، مثلما هو عليه الحال بالنسبة إلى شكاية أحد الأشخاص، حيث نصحه أن يوجهها إلى الجامعة الملكية للرياضة الجامعية، عوض وزارة الشباب والرياضة، وأحيانا أخرى، تصبح هذه الصفحة وسيلة للرد على معارضيه وعلى ما يسميه «الحملات» ضده.
القانون يحدد راتب الوزارء في 32 ألف درهم والتعويض عن السكن في حدود 15 ألف درهم
كم يتقاضى الوزراء مقابل مهامهم الوزارية في الوقت الحالي؟ سؤال يطرحه المواطنون ولكنْ لا يجدون له جوابا مقنعا. هناك ظهير شريف رقم 1.74.331 صادر في 11 ربيع الثاني 1395،
الموافق ل23 أبريل 1975، المتعلق بوضعية وزراء الحكومة ودواوينهم، يحدد الأجر الذي يتقاضاه الوزراء عن أداء مهامهم الوزارية. والمثير في الأمر أن هذا الظهير لم يُكتَب له، يوما، أن يرى طريقه إلى النشر في الجريدة الرسمية. وقد صدر، في ما بعد، ظهير شريف، مؤرخ في 29 أبريل 1993، يغير بعض المقتضيات الخاصة بتعويضات وأجور الوزراء وكتاب الدولة وأعضاء دواوينهم.
ويتقاضى الوزير الأول، بمقتضى هذا الظهير، 32 ألف درهم، والوزراء 26 ألف درهم وكتاب الدولة 20 ألف درهم ونواب كتاب الدولة 16 ألف درهم. وتضاف إلى هذا المرتب الشهري الإجمالي الذي يتقاضاه أعضاء الحكومة تعويضات عن التمثيل، تخصص لتغطية المصاريف الخاصة ومجمل التكاليف المرتبطة بمهامهم. ويحدد الظهير الشريف هذه التعويضات بالنسبة إلى الوزير الأول في 18 ألف درهم شهريا والوزراء في 14 ألف درهم وكتاب الدولة في 10 آلاف درهم ونواب كتاب الدولة في 9 آلاف درهم.
وأثناء مزاولتهم مهامهم، يتقاضى الوزراء تعويضا عن السكن تقدر قيمته الشهرية ب15 ألف درهم، وفضلا على ذلك، يتقاضون تعويضا شهريا إجماليا قدره 5 آلاف درهم كصوائر التأثيث والأواني والأدوات الزجاجية والفضية... كما تتكفل الدولة بمصاريف الماء والكهرباء والتدفئة. وتوضع رهن إشارة الوزير الأول ثلاث سيارات مصلحة وسيارات رهن إشارة الوزراء وسيارة واحدة رهن إشارة كل كاتب دولة أو نائب كاتب دولة.
وبالقيام بعملية حسابية، يمكن أن يكلف وزير واحد، على سبيل المثال، ميزانية الدولة 60 ألف درهم شهريا، وهو رقم يقل عن أجر وتعويضات عدد من مدراء بعض المؤسسات العمومية وشبه العمومية، التي قد يحصل بعض مدرائها على أكثر من 20 مليون سنتيم شهريا. وفضلا على ذلك، يتقاضى أعضاء الحكومة، بمناسبة كل تنصيب، تعويضا يقدر ب20 ألف درهم بالنسبة إلى الوزير الأول، و10 آلاف درهم بالنسبة إلى الوزراء وكتاب الدولة ونواب كتاب الدولة، ويحصلون على تعويض عند نهاية مهامهم يعادل أجرة عشرة أشهر. وقد وردت هذه المقتضيات الجديدة في الظهير الشريف، الذي صدر سنة 1993.
وقد أضاف المشرّع، بموجب الظهير الشريف رقم 1.98.87، الصادر في 29 ماي 1998، والذي لم ينشر هو الآخر في الجريدة الرسمية، شرطا آخر يتعين توفره في كل وزير يتحمل مسؤولية داخل الحكومة، وينص هذا الظهير على توقف أعضاء الحكومة طيلة تحملهم المسؤولية الوزارية عن القيام بأي نشاط مهني أو تجاري في القطاع الخاص، وبشكل أساسي إذا كانوا يشاركون في أجهزة تسيير أو تدبير أو إدارة إحدى المنشآت الخاصة، الهادفة إلى الحصول على ربح.
ومن جهة أخرى، يُصرَف لأعضاء الحكومة عند انتهاء مزاولة مهامهم معاش يعادل، بعد خصم الضرائب المحتجزة، الأجرة الشهرية الجزافية المنصوص عليها في الظهير الشريف الخاص بوضعية أعضاء الحكومة، مضروبة في واحد ونصف. وتضاف إلى مبلغ المعاش المنصوص عليه أعلاه، عند الاقتضاء، التعويضات عن الأعباء العائلية الممنوحة وفق النظام المعمول به في هذا الميدان. ولا يستحق المعاش المشار إليه آنفا ما دام مجموع الدخول الشهرية الصافية من الضرائب التي يحصل عليها عضو سابق في الحكومة، مهما كان منشؤها أو طبيعتها، يساوي أو يفوق مبلغ المعاش المحدد في السابق. وإذا كان مجموع المداخيل المشار إليها آنفا أقل من مبلغ المعاش، فإنه لا يستحق من هذا الأخير إلا المقدار الذي يزيد على مبلغ مجموع المداخيل التي يحصل عليها عضو الحكومة السابق.
ويتكون ديوان الوزير الأول من رئيس ديوان وستة مستشارين تقنيين وملحق صحافي، فيما يضم ديوان كل وزير من الوزراء رئيسا للديوان وخمسة مستشارين تقنيين، منهم مستشار قانوني ومستشار في الشؤون البرلمانية ومستشار في الاتصال ورئيس للكتابة الخاصة. أما ديوان كاتب الدولة ونائب كاتب الدولة فيتكون من رئيس للديوان ومن مستشارين تقنيين اثنين.
ومن جهة أخرى، تتألف هيأة موظفي مكتب الوزير الأول من كاتبين (فرع الإدارة) وكاتبين آخرين (فرع الاختزال والضرب على الآلة الكاتبة) وثلاثة سائقين للسيارات وعونين للخدمة، فيما يوضَع رهن إشارة الوزراء نفس العدد من الموظفين المذكورين، باستثناء السائقين، الذين يحدد عددهم في اثنين. وتتألف هيأة موظفي مكتب كتاب الدولة ونواب كتاب الدولة من كاتب واحد (فرع الإدارة) وكاتب واحد (فرع الاختزال والضرب على الآلة الكاتبة) وسائق واحد.
ويشترط المشرع في أعضاء الدواوين الوزارية الكفاءة والمروءة لتصان للدواوين حرمتها بالنسبة إلى الناس والإدارة. ويقوم أعضاء الديوان لحساب السلطة الحكومية التي ينتمون إليها بالدراسات وبتسوية المسائل التي تكتسي طابعا سياسيا أو محتفظا به والتي ليست لها أي علاقة بالاختصاصات المسندة إلى مختلف مصالح الوزارة. ويمنع عليهم المساهمة في التسيير الإداري أو التقني أو إصدار تعليمات أو أوامر إلى الموظفين المسندة إليهم بعض اختصاصات الوزارة بوجه قانوني، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو بواسطة شخص آخر. وفضلا على كل ذلك، يتعين على أعضاء الدواوين التقيد، كيفما كانت الظروف، بواجبات التحفظ وكتمان السر المهني.
ويحصل رئيس الديوان على أجر إجمالي شهري يقدر ب16 ألف درهم والمستشار التقني على 12 ألف درهم ورئيس الكتابة الخاصة على 8 آلاف درهم. وينص القانون، أيضا، على أن رؤساء الدواوين يستفيدون -زيادة على ذلك- من استرجاع مصاريف الماء والكهرباء والتدفئة والهاتف، على غرار مديري الإدارة المركزية وكذا من استخدام سيارة للمصلحة.
طرائف من واقع المعيش اليومي لبعض الوزراء
بنسالم حميش يتكلم باللهجة المصرية :
خلال الدورة السابقة للمهرجان الوطني للمسرح (2010)، تم تكريم المسرحي المغربي عبد العظيم الشناوي، وقد حضر هذا التكريم وزير الثقافة بنسالم حميش. وظن هذا الأخير
أن عبد العظيم الشناوي ممثل مصري، فما كان من الوزير إلا أن أطلق العنان للسانه وبدأ يتحدث باللهجة المصرية عن الفنان المغربي... ويحكي، أيضا، أن سجالا وقع بين بنسالم حميش والمفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري، إذ كان حميش، بعد عودته من رحلة الدراسة في باريس، يهاجم المفكرين المغاربة، ومن بينهم عابد الجابري، ويتهمهم بممارسة التقية، فكان رد محمد عابد الجابري حادا وقاسيا عندما قال: «إذا كنا نمارس التقية، فإنك تضع الطاكية»، أي القبّعة، في إشارة إلى «البيريكْ» التي يخفي بها «مجنون الحكم» صلعته.
المالكي.. يعشق الورد والشكولاطة والكحص يشارك مستشاريه في «الكاميلا» :
كان محمد الكحص يعشق قراءة الكتب وأكل «الكاميلا» مع رفقائه ومستشاريه داخل الوزارة عندما كان كاتبا للدولة في الشباب وكان يؤدي حصته من المال من أجل إعداد «الكاميلا». كما أن نزهة الشقروني كانت تحب العزف على البيانو، وعندما التحقت بكتابة الدولة، «افتقدت» هذه الهواية وأصبحت أناملها لا تقوى على العزف. أما الحبيب المالكي، الذي كان يشرف على قطاع التربية الوطنية خلال حكومة التناوب التوافقي، بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، فقد كان يعشق الورد والشوكولاطة إلى حد الجنون، ويقال إنه كان يخصص ميزانية للقهوة الرفيعة والورد وينفق أكثر من 20 ألف درهم شهريا على علب الشكولاطة، وعندما سأله أحد الصحافيين عن سر حبه للشكولاطة، غضب وقال إنه لا يأكلها، وفي اليوم الموالي، علقت عليه «المساء» بتهكم قائلة: «لا يأكلها لأنه كان في السابق يشتريها من مال الوزارة»...
أحرضان ينتفض بعد أن اكتشف أن جل مدراء وزاراته فاسيون: «هذه قيسارية ماشي وزارة»!...:
للمحجوبي أحرضان قصص مع أهل فاس ومع حزب الاستقلال، إذ كان يكن لهما حقدا دفينا جعله يدفع، في بداية الاستقلال، رفقة الدكتور عبد الكريم الخطيب وغيره، إلى تشكيل الحركة الشعبية. وفي هذا السياق، يحكى عن المحجوبي أحرضان أنه لمّا تسلم مهام وزارة جديدة ويوم تسليم المهام، دار اجتماع مع مديري مديريات الوزارة والكاتب العام ليقدم له المدراء، واكتشف المحجوبي أحرضان أن جل هؤلاء المدراء يتحدرون من مدينة فاس، فثارت ثائرته واحتج وقال غاضبا: «هادي قيسارية، ما شي وزارة«!...
سائق مولاي أحمد العلوي يتركه في الخلاء بعد أن اعتقد أنه ركب السيارة :
نوادر مولاي أحمد العلوي كثيرة. ويحكى أنه، في أحد الأيام، كان أحمد العلوي في أحد الفنادق، وكان حينها يشغل منصب وزير دولة بدون حقيبة، فانتبه إلى أن شخصا كان لا يتوقف عن الصعود والنزول بالمصعد، فبادره العلوي بالسؤال: «أجي.. أنت شكون؟»، فأجابه ذلك الشخص: «صحافي، نعم أَسيدي».. وقدم له بطاقة الصحافة التي تثبت انتماءه إلى هذه المهنة. فقام أحمد العلوي، أمام اندهاش الشخص، بتمزيق تلك البطاقة وقال له «سير فحالك، كْنتي صحافي»...
ويحكى، أيضا، أن كان أحمد العلوي عائدا من فاس في اتجاه مدينة الرباط. وفي وسط الطريق، أمر سائقه الشخصي بالتوقف من أجل أن «يقضي حاجة ملحة»، فنزل أحمد العلوي الذي كان يجلس في المعقد الخلفي وشرع في قضاء حاجته، وفجأة، أُغلِق باب السيارة، بسبب قوة الرياح.. وكانت الأوامر التي تعطي للسائق تقضي بأن ينطلق بمجرد إغلاق الباب، فانطلق السائق، دون أن ينتبه إلى أن الوزير لم يصعد السيارة. وقد اضطر الوزير أحمد العلوي إلى العودة إلى الرباط على متن شاحنة، ولما وصل إلى وجهته، أمر صاحب الشاحنة بأن يأخذ السائق ويتركه في نفس المكان الذي وجده فيه...
المسيوي يحرس نوال المتوكل خوفا عليها من الجزائريين :
يعد المرحوم عبد العزيز المسيوي أحدَ أبرز قادة حزب الاتحاد الدستوري، والذي توفي مؤخرا بعد معاناة طويلة مع المرض، كان صاحب نكتة، ويحكى أنه لمّا كانت البطلة المغربية نوال المتوكل تشارك في الألعاب الأولمبية لسنة 1984 في لوس أنجليس في الولايات المتحدة، وكان عبد العزيز المسيوي، حينها وزيرا، للرياضة، وكان ضمن الوفد المرافق للمنتخب المغربي، قام المسيوي بحراسة نوال المتوكل، خوفا عليها من «هجمات» الجزائريين ولعب دور الحارس الشخصي للبطلة التي أصبحت وزيرة للرياضة في ما بعد.
عندما أوهم أحمد السنوسي وزير الصيد البحري بأن الحسن الثاني يحب «البغرير 99 ثقبة»...:
كان الحسن الثاني يعتزم حضور قمة إفريقية في مدينة طرابلس الليبية. وكان وزير الصيد البحري حينها هو بنسالم الصميلي، وقد كلفه الملك الحسن الثاني بإعداد الباخرة الملكية التي كانت ستُقله بحرا إلى ليبيا لحضور تلك القمة. وبينما كان بنسالم الصميلي ضيفا على أحمد السنوسي، بحضور المستشار عواد، في دار السنوسي لحفل عشاء، سأل السنوسي الصميلي عن تفاصيل الاستعدادات للرحلة الملكية عبر الباخرة. وبعد برهة، همس السنوسي في أذن بنسالم الصميلي وقال إن الحسن الثاني يعجبه كذا وكذا ويحب أكل الأكلات المغربية التقليدية ونصحه بأن يعد له «أمْلو والزيت البلدية والمسمن والبغرير». ثم أضاف أن الحسن الثاني يحب أن يكون البغرير يتوفر على 99 ثقبا... ثم سأله الصميلي، بسذاجة، وكيف يتأتى للملك أن يعرف أن البغرير يتوفر على هذا العدد من الثقب؟ فأجابه السنوسي بأن هناك أمنا خاصا يقوم بذلك الدور... لم ينم بنسالم الصميلي في تلك الليلية، لأنه ظل يفكر في الكيفية التي ستُمكّنه من صنع «بغرير» بتلك «المواصفات» التي يحبها الملك. وفي يوم الرحلة، سأله الملك عن الاستعدادات، فأجاب الصميلي بأن كل شيء على ما يرام، باستثناء «البغرير»، فضحك الحسن الثاني وسأل الصميلي عن صاحب المقلب الذي وقع فيه...
البصري للقباج: «مالْك؟ غادي تْخلص شي حاجة مْن جيبْك؟«
خلال سنوات تسعينيات القرن الماضي، كلف الملك الراحل الحسن الثاني وزيره في الداخلية، إدريس البصري، بأن يشرف على الحوار الاجتماعي. وخلال إحدى الجلسات التي عُقدت مع المركزيات النقابية، قال وزير المالية، آنذاك، محمد القباج، إنه يستحيل الاستجابة لمطالب النقابات، لأنها ستكلف ميزانية الدولة الكثير، فما كان من إدريس البصري إلا أن قاطعه قائلا: «ومالكْ؟ غادي تْخلصْ شي حاجة مْن جيبْك؟».. بعدها، تدخل محمد نوبير الأموي، زعيم الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، وقال للقباج، الذي كان قد شغل، في السابق أيضا، منصب وزير التجهيز: «لقد بنى ابن تاشفين قنطرة في مراكش ما زالت موجودة إلى حد الآن، وأنت بنيت قنطرة عند مدخل مراكش سرعان ما تهدمت».. ثم وجه خطابه لكل الوزراء الحاضرين في الاجتماع قائلا: «أنتم تفكرونني بأغنية «أنت فين والحب فين؟»، في إشارة إلى بُعد الوزراء عن المطالب الاجتماعية للعمال والموظفين .
التحقيق من إنجاز : مراد ثابت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.