قيوح يرأس تنصيب عامل إقليم أزيلال    المدير العام للأمن الوطني يتقلَّد وسام الصليب الأكبر للاستحقاق للحرس المدني الإسباني    زيدان يبسط تفاصيل مِنح دعم المقاولات الصغرى باستحضار البعد المجالي    منتخب الناشئين يواجه نظيره الأمريكي في الدور 32 من مونديال قطر    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    عمالة طنجة-أصيلة : لقاء تشاوري حول الجيل الجديد من برنامج التنمية الترابية المندمجة    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    المنتخب الوطني يجري حصة تدريبية مفتوحة امام وسائل الاعلام المعتمدة بملعب طنجة الكبير    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    (فيديو) بنسعيد يبرر تعين لطيفة أحرار: "كانت أستاذة وهل لأن اسمها أحرار اختلط على البعض مع حزب سياسي معين"    الكشف عن الكرة الرسمية لكأس أمم إفريقيا المغرب 2025    كيف أصبح صنصال عبئاً على الديبلوماسية الجزائرية؟    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    اقتراب منخفض جوي يجلب أمطارًا وثلوجًا إلى المغرب    لتعزيز جاذبية طنجة السياحية.. توقيع مذكرة تفاهم لتطوير مشروع "المدينة المتوسطية"    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    مجلس القضاء يستعرض حصيلة 2024    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين الوصول إلى جميع الوسائط الحديثة المشتركة    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعرض تجربة الذكاء الاصطناعي في منصة "SNRTnews" بمعرض كتاب الطفل والشباب    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    تستر ‬عليها ‬منذ ‬سنوات‮ ‬.. ‬    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرات في سورة الجمعة
نشر في التجديد يوم 28 - 06 - 2004


الحلقة التاسعة
قوله تعالى: (فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) «يقال: فلان يذر الشيء أي: يقذفه لقلة اعتداده به، أي: اتركوا المعاملة، فالبيع مجاز عن المعاملة مطلقا كالشراء والإجارة والمضاربة وغيرها، ويجوز إبقاء البيع على حقيقته ويلحق به غيره بالدلالة، وقال بعضهم: النهي عن البيع يتضمن النهي عن الشراء لأنهما متضايفان لا يعقلان إلا معا فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر، وأراد الأمر بترك ما يذهل عن ذكر الله من شواغل الدنيا، وإنما خص البيع والشراء من بينها لأن يوم الجمعة يوم تجمع فيه الناس من كل ناحية، فإذا دنا وقت الظهيرة يتكاثر البيع والشراء، فلما كان ذلك الوقت مظنة الذهول عن ذكر الله والمضي إلى المسجد قيل لهم: بادروا تجارة الآخرة واتركوا تجارة الدنيا واسعوا إلى ذكر الله الذي لا شيء أنفع منه وأربح، وذروا البيع الذي نفعه يسير وربحه قليل».
أخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب: «أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام، فربما قدما يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فيدعونه ويقومون، فنزلت الآية: (وذروا البيع) فحَرُم عليهم ما كان قبل ذلك».
(ذلكم) أي: السعي إلى ذكر الله وترك البيع (خير لكم) من مباشرته في ذلك الوقت لما في الامتثال من الأجر.. ونفع الآخرة أجل وأبقى. قال ابن العربي في أحكام القرآن: «واختلف العلماء إذا وقع (أي البيع) ففي المدونة يفسخ، وقال المغيرة: يفسخ ما لم يفت. وقاله ابن القاسم في الواضحة وأشهب، وقال في المجموعة البيع ماض. وقال ابن الماجشون: يفسخ بيع من جرت عادته به، وقال الشافعي: لا يفسخ بكل حال. وأبو حنيفة يقول بالفسخ في تفصيل قريب من المالكية وقد بينا توجيه ذلك في الفقه، وحققنا أن الصحيح فسخه بكل حال لقوله عليه السلام في الصحيح: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
... فإن كان نكاحا فقال ابن القاسم في العتبية: لا يفسخ، قال علماؤنا: لأنه نادر، ويقرب هذا من قول ابن الماجشون: يفسخ بيع من جرت عادته بالبيع. وقالوا: إن الشركة والهبة والصدقة نادر لا يفسخ والصحيح فسخ الجميع، لأن البيع إنما منع للاشتغال به، فكل أمر يشغل عن الجمعة من العقود كلها فهو حرام شرعا مفسوخ ردعا».
(إن كنتم تعلمون) أي إن كان لكم علم بالأصلح والأنفع لكم، فإن الصلاة تفوت بخروج وقتها، والبيع لا يفوت قال سيد قطب رحمه الله: «... فلابد من فترات ينخلع فيها القلب من شواغل المعاش وجواذب الأرض، ليخلو إلى ربه، ويتجرد لذكره، ويتذوق هذا الطعم الخاص للتجرد والاتصال بالملأ الأعلى، ويملأ قلبه وصدره من ذلك الهواء النقي الخالص العطر ويستروح شذاه!».
إن الجمعة فريضة من فروض الأعيان كما صرحت بذلك الآية وكما صح في السنة الشريفة فقد أخرج مسلم في صحيحه عن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أُحَرِّق على رجال يتخلفون، عن الجمعة، بيوتهم.
وأخرج مسلم أيضا عن الحكم بن ميناء؛ أن عبد الله بن عمرو وأبا هريرة حدثاه؛ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، على أعواد منبره: «لينتهين أقوام عن وَدْعِهِم (أي تركهم) الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين».
في إكمال المُعْلِم للقاضي عياض: «وقوله: «أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين» حجة بينة في وجوب الجمعة وكونها فرضا؛ إذ العقاب والوعيد والطبع والختم إنما يكون على الكبائر، وأصله (يعني الختم) التغطية أي غطى عليها ومنعها من الهداية به، حتى لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا، ولا تعي خيرا...» وفي المفهم للقرطبي، في معنى الختم: "وهو في الحقيقة عبارة عما يخلقه الله تعالى في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة. وهذا مذهب أهل السنة...".
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: «وقد ذكرنا في التمهيد حديث علي بن زيد عن سعيد ابن المسيب، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم، فقال في خطبته: إن الله فرض عليكم الجمعة في يومي هذا، وفي عامي هذا، فمن تركها جحودا بها واستخفافا لحقها فلا جمع الله عليه شمله ولا بارك له في أمره. ألا ولا صلاة له، ولا زكاة له، ولا صوم له، ولا حج له إلا أن يتوب. فمن تاب تاب الله عليه" في حديث طويل ذكرته من طرق في التمهيد، وقد بان فيه أن الوعيد المذكور إنما هو لمن تركها جحودا بها واستخفافا بحقها".
وقال رحمه الله: "وأجمع علماء الأمة أن الجمعة فريضة على كل حر بالغ ذكر يدركه زوال الشمس في مصر من الأمصار، وهو من أهل المصر غير مسافر".
وقال: "وأجمعوا أنه من تركها وهو قادر على إتيانها ممن تجب عليه أنه غير كافر بفعله ذلك، إلا أن يكون جاحدا لها مستكبرا عنها".
وقال: "وأجمعوا أنه بتركها ثلاث مرات من غير عذر فاسق ساقط الشهادة".
وقال رحمه الله في العذر الذي يمكن معه التخلف عن الجمعة: "فالعذر يتسع القول فيه، وجملته كل مانع حائل بينه وبين الجمعة مما يتأذى به، أو يخاف عدوانه، أو يبطل بذلك فرضا لابَدَلَ منه؛ فمن ذلك السلطان الجائر يظلم والمطر الوابل المتصل، والمرض الحابس، وما كان مثل ذلك؛ ومن العذر أيضا أن تكون عنده جنازة لا يقوم بها غيره، وإن تركها ضاعت وفسدت...".
محمد عزيز السجاعي-أستاذ باحث-القنيطرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.