بعض المسؤولين الحكوميين يضعون أنفسهم في كثير من الأحيان في مواضع لا يحسدون عليها أمام الشعب وأمام من يهمهم الأمر. ومن أغرب هذه المواضع، أن يتصرف الوزير الأول عباس الفاسي كمن يغطي الشمس بالغربال! في محاولة منه إخفاء حقيقة ما جرى في سيدي إفني خلال تصريحه المشهور للقناة الثانية، والذي نفى فيه وجود أي أحداث في هذه المدينة، وأن ما وقع فيها ليس إلا تعبير من شباب المدينة عن مطالب شغل. ورغم الأخبار التي تصل من المدينة المطوقة أمنيا، وصور الأحداث التي تظهر احتجاجات المواطنين، وتدخلات رجال الأمن، وحجم الأضرار التي خلفها اقتحامهم للمنازل وإتلاف ممتلكات أهلها، وكذا صور التعذيب التي تعرض لها بعض المواطنين في المخافر، فإن قضية حكومتنا لم تكن سوى قناة الجزيرة التي تسرعت في خبر حدوث قتلى، وبدل أن يعكف وزراؤها على معالجة القضية من جذورها والأضرار الناتجة عنها، جعل ناطقها الرسمي جوهر حل الأزمة يكمن في اعتذار القناة المذكورة للشعب. قد تقدم الجزيرة على الاعتذار، وتصحيح الخطأ، وهي مطالبة بذلك احتراما للقانون ولأخلاقيات المهنة. لكن ماذا بعد؟، هل تقدم حكومتنا وإعلامها الرسمي على نقل الحقائق كلها للشعب؟، هل تمتلك الجرأة على تقديم اعتذارها لأهل المدينة عن تجاوزات بعض رجال الأمن خلال هذه الأحداث؟ وماذا عن لجنة تقصي الحقائق التي يطالب بها نواب الأمة والمجتمع المدني؟ وهل سينكب المسئولون في الدولة على معالجة الأسباب، أم أخمدت نيران الغضب فوق الأرض وبقي الجمر تحت الرماد؟