مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي    على غرار الأشهر الماضية.. لا زيادة في سعر "البوطا"    وزارة الفلاحة تتوّج أجود منتجي زيوت الزيتون البكر    بايتاس: الحكومة تثمن التعاطي الإيجابي للنقابات.. والنقاش يشمل جميع الملفات    المغرب يستنكر بشدة اقتحام المتطرفين الإسرائيليين للمسجد الأقصى    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    وضع اتحاد كرة القدم الإسباني تحت الوصاية    الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي : إصدار 2905 تراخيص إلى غاية 23 أبريل الجاري    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الجماعات الترابية تحقق 7,9 مليار درهم من الضرائب    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    من بينها رحلات للمغرب.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا بسبب إضراب للمراقبين الجويين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    واشنطن طلبات من إسرائيل تعطي إجابات بخصوص "المقابر الجماعية" ف غزة    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة الإسلامية والحقل الديني؟!
نشر في التجديد يوم 27 - 03 - 2009


في إطار الحوار الوطني الذي دعت إليه حركة التوحيد والإصلاح، أود أن أعرض رأيي بشرح الموقف الإسلامي بوضوح، لكن بعد التذكير بخلاصة العرض الذي قام به الأستاذ بلال التليدي تحت هذا العنوان، وجاء فيه: في ندوتها التي انعقدت يوم السبت 7 يبراير 2009 بالرباط حول تدبير الحقل الديني، دعت حركة التوحيد والإصلاح إلى إطلاق حوار وطني بين مختلف الفاعلين رسميين ومدنيين لتقييم نتائج السنوات الخمس الماضية من إصلاح الشأن الديني ومدى تلبيتها لحاجيات التدين المتزايدة في المجتمع، في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها المغرب. وأضاف الأستاذ التليدي في مقدمة مقاله المنشور تحت هذا العنوان بجريدة >التجديد< بتاريخ (11/02/2009) ما يلي: ولأن الحركة استعملت مصطلح الحقل الديني فقد ثار الجدل حول مدى تبنيها لهذا المفهوم، بالتحديد السوسيولوجي الذي أسس له عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو ، ونقل بعض مفاهيمه وأدواته الإجرائية الدكتور محمد الطوزي في كتاباته بعد إخضاعها لعملية التبينة مع خصوصية مغرب ما بعد الاستقلال. والحقيقة أن الحركة حين استعملت هذا المصطلح الحقل الديني في بعض تعابيرها لم تتبن بالضرورة المفهوم الذي يعتبر الحقل الديني سوقا تنافسية تسود فيها علاقات القوة والاحتكار والمقاومة والاستراتيجيات والمصالح بين أطراف متعددة، تدافع عن مصالحها، وتتصارع في إنتاج الرمزي، فمثل هذا التحديد ينسحب (أكثر) على التجربة المسيحية واليهودية، ويلخص ذ. التليدي من جديد الموضوع بقوله : بكلمة إن الفهم الإجرائي الذي تتبناه الحركة لإصلاح الحقل الديني يقطع الطريق أمام اتجاهين : ـ اتجاه علماني يسعى إلى تحييد الدين عن الشأن العام وفصل العمل الدعوي بعيدا عن الشأن العام. ـ اتجاه يريد أن يفتعل صراعا بين الحركة الإسلامية ومؤسساتها الدينية على مستوى الفعل الديني. على أن الاتجاهين معا يلتقيان في نقطة واحدة وهي عزل الفعل الديني وإضعافه، ليختم تحليله بقوله: وهذا يعني إضعاف كل جهد يروم إصلاح الشأن الديني والنهوض بأوضاع التدين في المجتمع ليبقى التركيب الذي اختارته الحركة عن وعي، وهو كون (الشأن الديني) جزءا لا يتجزأ من الشأن العام. فيما يلي نص الملاحظات على ما جاء في عرض الأستاذ التليدي: أولا : كل ما ذكر عن إصلاح الشأن الديني ومدى تلبيته لحاجيات التدين المتزايدة في المجتمع، والشروح التي أعطيت له، والمصطلحات المستعملة فيه بإلحاح وتكرار من مثل الحقل الديني و الشأن الديني والفعل الديني و التدين، هي بقدر ما تريد أن تقترب وتشترك مع مفهوم المسيحية واليهودية وغيرهما. تصر وبقوة أن لا تذكر كلمة الإسلام ولو خطئا، وأنا شخصيا اعترف بحق الأحزاب الوطنية في أن تتبنى ما شاءت من تيارات الغزو الثقافي والسياسي والديني، لكنني فوجئت بموضوع ولغة ومصطلحات هذا العرض، وكأن الحركة الإسلامية المذكورة تريد أن تختزل نفسها، وتحدد عملها الدعوى بمفهوم الحقل الديني الغربي، في محاولات تعسفية غير معقولة ولا مقبولة، منطقيا ومنهجيا، لحشر الإسلام في هذه الدائرة الدينية الضيقة، من المصطلحات والإجراءات والمفاهيم الغربية لما يسمونه بالحقل الديني وفي غيبة كاملة عن المفهوم الإسلامي؟. ثانيا : أول من استعمل مصطلح الحقل الديني في المغرب هو وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور أحمد التوفيق في عدة صحف منها ما جاء في افتتاحية الشرق الأوسط في (13/4/2007) بعنوان تدابير جديدة لإعادة هيكلة الحقل الديني في المغرب، أي في نفس الفترة التي حول فيها الوزير المذكور دار الحديث الحسنية من (معهد للدراسات الإسلامية العليا في علوم الحديث النبوي) إلى كلية لاهوتية لدراسة الأديان، مع العلم تبعا لاختلاف المصطلحات والمفاهيم الاسلامية عن الغربية ـ أن الاستعمال المتكرر لعبارة الشأن الديني والحقل الديني من شأنه التقليل من (أهمية الاسلام) ، والتأكيد على أنه مجرد دين كالأديان الأخرى خاصة مع تجنب ذكر (الإسلام). يضاف إلى ذلك أن الوظيفة الرسمية للدكتور أحمد توفيق هي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وليس الشؤون الدينية فالمملكة المغربية هي (دولة إسلامية) بنص الدستور شعبا ونظاما، وتاريخا وحضارة، ويتحمل الوزير كل المسؤوليات المترتبة عن تجاهله لكل المفاهيم والتطبيقات الإسلامية في وظائفه الرسمية المختلفة، واستعماله مفاهيم الأديان الأخرى. ثالثا : يقول الله تعالى باللغة العربية الفصحى لمن يتقنها : {إن الدين عند الله الإسلام، وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} (ءال عمران/ 19). {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين} (ءال عمران/ 85). تعدد الشرائع لا تعدد الأديان. {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} (الشورى/ 13). {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما، وما كان من المشركين} (ءال عمران/ 67). {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}(الأنفال/ 39). قال المفسرون : فرقوا دينهم باختلافهم فيه، فأخذوا بعضه وتركوا بعضه، فنزل قوله تعالى : افتومنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب، وما الله بغافل عما تعملون (البقرة 85). هذه الآيات الكريمة تعني وبكل وضوح أن الإسلام هو كل لا يقبل التجزئة وتنفي تعدد الأديان وأن الدين الحق عند الله واحد هو الإسلام، وتؤكد أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء والمرسلين، من إبراهيم إلى موسى وعيسى، إلى نبينا خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن الله تعالى كان يختار لكل نبي ورسول من أحكام الشريعة ما يناسب قومه وزمنه، هناك إذن تعدد للشرائع لا للأديان، وهذا معنى قوله تعالى : شرع لكم من الدين يعني (من أحكام الدين) وهذا مع الأسف خطأ شائع حتى من بعض كبار العلماء. عقائد الإيمان الإسلامية المتميزة ثلاثة (وحدة الدين، ووحدة الربوبية، ووحدة البشرية). هذه الآيات الكريمة إذن تؤكد وحدة الدين التي هي جزء من عقائد الإيمان الثلاثة التي يتميز بها الإسلام عن المسيحية واليهودية، بالإضافة إلى وحدة الربوبية ووحدة البشرية في قوله تعالى : {لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح بن مريم} (المائدة/ 73) {لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة، وما من اله إلا اله واحد} (المائدة/ 73) {وقالت اليهود عزير ابن الله} (التوبة/ 30) {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} (المائدة 18) {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء} (البقرة/ 113) أما وحدة البشرية فجاءت في خطبة حجة الوداع النبوية بقوله عليه السلام : >أيها الناس إن ربكم واحد، وأن أباكم واحد، كلكم لآدم وءادم من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى<. هذه الآيات القرءانية البليغة التي عرفت البشرية كلها بحقيقة (المبادئ والقيم الإنسانية العالمية) التي جاء بها (الإسلام)، لا يعقل ولا يقبل أن يصفه أحد بأنه حقل من الحقول و شأن من الشؤون و دين من الأديان و يلبي حاجة من حاجات التدين في المجتمع، إطلاق هذه المصطلحات الغربية المسيحية على (الإسلام) كدين يعبر عن محاولة تقزيمه والتقليل من شأنه، وحصر دوره في طقوس التدين و التعبد وكل هذه المصطلحات والمفاهيم لا علاقة للإسلام بها كما هو معروف. وهذا في الوقت الذي عرفت فيه المسيحية ثلاثة مذاهب مختلفة في عقائدها الأصلية اختلافا انفصاليا كليا، وهي الكاثوليكية، والبروتيستانتية، والأورثذوكسية، فهذا ما لم يحدث في الإسلام باعتراف العالم المستشرق الشهير كولدزهير عندما قال: لا يمكن المقابلة بين العقائد الإسلامية وبين العناصر الدينية الأساسية في أي كنيسة مسيحية، فليس في الإسلام مجامع دينية يحمى فيها وطيس المناقشات والمجادلات حتى يصل المجتمعون إلى تقرير القواعد الدينية والصيغ الاعتقادية التي يتحتم اعتمادها، كرمز يدل على الدين الصحيح. ولا توجد في الإسلام وظائف كهنوتية أو سلطة دينية، تمثل المعيار القويم للسنة، ولا يوجد تفسير للنصوص المقدسة أقره المسلمون وحده دون غيره. إذ لا يجهل أحد من المسلمين أن الإسلام يتدخل في جميع أنماط السلوك الإنساني لكل البشر خيرا كانت أو شرا، ويحاسب أصحابها عليها، بما فيها طبعا المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وسواء تعلق الأمر بالأفراد أو الجماعات، حكاما أو محكومين، لقوله تعالى : {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون} (الأنعامة 160). {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (الزلزلة/ 87) {وما الله بغافل عما تعملون} (البقرة/ 85). {إلى الله مرجعكم جميعا فينبؤكم بما كنتم تعملون} (المائدة/ 105). {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم} (الجاثية/ 21). وأكثر من ذلك إنما الأعمال بالنيات كما قال عليه السلام. وفضلا عن كل ذلك فإن الإسلام ليس دينا فقط، كما يقع الحرص دائما على مقارنته بالمسيحية واليهودية بمفهومهما الغربي ؟، وخاصة في مؤتمرات الحوار بين الأديان المنظمة من طرف إسرائيل، لتحقيق أهدافها السياسية. بل هو أهم وأخطر من ذلك، أنه أيضا دولة وحضارة بالمفاهيم العلمية والقانونية والسياسية لهاتين الكلمتين، مع التأكيد على الجانب الأخلاقي والإنساني لهما في الإسلام، وهذا التميز الكبير والخطير هو سر قوة الإسلام التاريخية، وسر انتشار حضارته عبر العالم، وهو سر (الخوف المتغلغل) في أعماق الدول الغربية المسيحية المتحالفة مع إسرائيل، من عودة (الإسلام الدولة) و(الإسلام الحضارة)، وسر الحروب المعلنة عليه وعلى حضارته من الاستعمار الغربي الصهيوني. حركة التوحيد والإصلاح وإعادة هيكلة الحقل الديني ـ وجهة نظر أولية ـ بشكل عام تتحدث أدبيات التوحيد والإصلاح بإيجابية عن مشروع إعادة الهيكلة ويتجلى ذلك في البيانات و الكتابات الصحفية التي يصدرها بعض رموز الحركة في جريدة التجديد (1)، ثم في اهتمام هذه الأخيرة بتغطية أنشطة المجالس العلمية. ويندرج تأييد حركة التوحيد والإصلاح لمشروع إعادة هيكلة الحقل الديني ضمن موقف فكري وسياسي عام مؤيد لمؤسسة إمارة المؤمنين ووظائفها السياسية والدينية، التي ترى فيها الحركة صمام أمان في مواجهة التطرف الديني واللاديني، وفي هذا السياق ستعلن التوحيد والإصلاح بشكل مبكر عن دعمها واعتزازها بما تعرفه بلادنا في عهدكم (أي الملك محمد السادس) من إصلاحات كبرى في مجالات مختلفة نذكر منها الحقل الديني، وما عرفه من تجديد المجالس العلمية وتعميمها، وتنظيم الفتوى العامة والنهوض بالإعلام الديني وغيره من المبادرات الرامية إلى توفير الأمن الروحي للمواطنين وتلبية حاجياتهم الدينية(2)، من جهته يفسر محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح تأييد حركته لورش إعادة هيكلة الحقل الديني على اعتبار أن الدولة بنهجها هيكلة الحقل الديني وتأطيره، قطعت الطريق على خيار تجفيف المنابع الذي كان يطمح له الاستئصاليون(3). كما أن الحركة ساندت الخطوة مبدئيا لاقتناعها بأن الشأن الديني يجب أن يكون وفق سياسة جامعة، فنحن مع أن تكون للدولة سياسة عامة يتوافق عليها المغاربة من أجل تأطير الحقل الديني(4). كما يساهم توجه حركة التوحيد والإصلاح بالتعاون مع المؤسسات الدينية الرسمية وفي مقدمتها المجالس العلمية ضمن ما تسميه بالجبهة الدينية في بروز العديد من المبادرات التي تصبو إلى تنزيل هذه الجبهة على أرض الواقع، وإن كانت يغلب عليها الطابع المناسباتي والفردي أحيانا، مثل دعم فرع الحركة بوجدة لأنشطة لمجلس العلمي المحلي في بعض الأنشطة(5) نظرا للصلة الجيدة التي تربط مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي بوجدة بالحركة ورموزها، بالإضافة إلى اشتغال بعض الشخصيات المحسوبة على التوحيد والإصلاح لكن في إطار فردي مهني ضمن المؤسسات الجديدة المؤطرة للحقل الديني. لكن رغم التأييد المبدئي للحركة لمشروع إعادة هيكلة الحقل الديني فإنها تبدي بعض التحفظات على ضعف التدبير التشاركي للشأن الديني والذي تضعه في سياق الشأن الإسلامي العام، وأن اعتماد مصطلحات من قبيل الحقل الديني ليس سوى استمرار لمفهوم الوظائف الدينية التي ظهرت في التاريخ الإسلامي، وليس بالمعنى الغربي الذي ينطلق من محاولة عزل الحقل الديني عن باقي الحقول، كما أن سياسة إشراك الجهود المجتمعية ضمن الأغصلاح هو عامل تقوية الإطار التنافسي، لذلك أكد رئيس الحركة محمد الحمداوي ضمن كلمته الافتتاحية في الجمع العام الوطني الثالث للحركة المنعقد أيام 654 نونبر 2006 بمدينة المحمدية على أن أي محاولة للانجرار وراء دعوات إغلاق الباب أمام جهود المجتمع، وأمام مساهمة الجمعيات وهيئات المجتمع المدني في هذا الشأن سوف لن يؤدي إلا إفراغ هذه الإصلاحات من محتواها وإلى إضعاف المجهودات الرسمية في تأطير الشأن الديني، وإضعاف مستوى تنافسيته في ظل عولمة الخطاب الديني(6). وهنا نشير أن أحمد الريسوني الرئيس السابق للحركة وعضو مكتبها التنفيذي الحالي، عبر عن أن أسوأ ما يخشاه في تدبير الحقل الديني الحالي هو تحنيط الشأن الديني، وتحنيط العلماء بحيث يفقدون استقلاليتهم وطعمهم ومبادرتهم وحرية تفكيرهم، ويصيرون مثل آلات يتم التحكم فيها(7). في المحصلة تتلخص الرهانات التنظيمية والسياسية للتوحيد والإصلاح تجاه إعادة هيكلة الحقل الديني في إبراز التأييد له مع إبداء بعض الملاحظات والمقترحات لتطويره، ثم الاستمرار في تقوية العلاقة مع المؤسسات الدينية الرسمية خاصة مع استمرار خطر من تسميهم بالاستئصالين. عبد الرحمن الشعيري منظور طالب باحث في العلوم السياسية- طنجة هوامـــش 1 - يتفاعل العديد من رموز الحركة من خلال مقالاتهم بإيجابية مع المبادرات المرتبطة بمشروع إعادة هيكلة الحقل الديني ويبرز ذلك بوضوح في المساهمات الصحفية المتنوعة لمحمد يتيم، محمد الحمداوي- خالد الصمدي... 2 - مقتطف من برقية لحركة التوحيد والإصلاح إلى الملك محمد السادس، جريدة >التجديد< ع: 1917 .1533 نونبر ,2004 ص : .1 3 - تقصد أدبيات الحركة بالاستئصالين: بعض التوجهات اليسارية واللائكية التي طالبت بحل حزب العدالة والتنمية بعد أحداث 16 ماي .2003 4 - حوار مع محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح، جريدة التجديد عدد خاص عن مرور عشر سنوات من تأسيس الحركة، 23 أكتوبر- 15 نونبر ,2006 ص: .3 5 - من أبرز هذه الأنشطة محاولة تنظيم مهرجان، نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم إبان إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة، لكن السلطات منعت تنظيم النشاط في مارس .2008 6 - جريدة التجديد عدد: 6 ,1524 نونبر ,2006 ص : .4 7 - حوار مع أحمد الريسوني، جريدة التجديد، عدد: 29 ,1791 دجنبر ,2007 ص: 7ه

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.