الدمناتي: مسيرة FDT بطنجة ناجحة والاتحاد الاشتراكي سيظل دائما في صفوف النضال مدافعا عن حقوق الشغيلة    تيزنيت: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ينظم تظاهرته بمناسبة فاتح ماي 2025 ( صور )    عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية لـ"التجديد": انتخابات 2012 ستشهد صراعا بين تيار الدفاع عن الديمقراطية وتيار إفساد الحياة السياسية
نشر في التجديد يوم 29 - 06 - 2009


يؤكد محمد ضريف في هذا الحوار أن الاستراتيجيات التي اعتمدت لعزل العدالة والتنمية وإبعاده عن المدن الكبرى فشلت ولم تحقق أهدافها، وأن تشكيل مكاتب المجالس أثبتت أنه هو المستفيد الأول من المدن، ويعتبر أن أهم شيء حققه الحزب في هذه المرحلة هو أنه فك العزلة السياسية التي كانت مفروضة عليه، وأنه أنهى الخطوط الحمر التي كانت توضع من قبل الأحزاب السياسية اتجاهه، وفي استشرافه لمرحلة ما بعد اقتراع 12 يونيو ,2009 وتحديدا انتخابات ,2012 يرى محمد ضريف بأن المغرب السياسي ارتسمت معالمه من خلال صراع تيارين، يقود الأول تحالف العدالة والتنمية مع الاتحاد الاشتراكي والأحزاب الوطنية والديمقراطية التي يمكن أن تنضم إليه دفاعا عن الديمقراطية ضد من يفسد الحياة السياسية، وتيار يقوده الأصالة والمعاصرة. الآن وبعد أن تشكلت أغلب مكاتب المجالس في المدن، كيف تقرؤون الحصيلة الإجمالية لهذه المجالس؟ وهل نجحت استرتيجية الأصالة والمعاصرة في عزل حزب العدالة والتنمية وإبعاده عن المجالس في المدن الكبرى؟ بخصوص إستراتيجية عزل العدالة والتنمية في المدن الكبرى يمكن أن نتحدث عنها على مستويين: أ ـ المستوى الأول، ويتعلق بإبعاد الكتلة الناخبة عن تجديد ثقتها في هذا الحزب. ب ـ المستوى الثاني، ويتعلق بحرمان حزب العدالة والتنمية من رئاسة مجالس المدن الكبرى وإبعاده عن المشاركة في الأغلبية المسيرة لهذه المجالس. فعلى المستوى الأول، يمكن الجزم بأن هذه الاستراتيجية فشلت باعتبار أن الحزب احتل الرتبة الأولى في الجماعات ذات الاقتراع اللائحي، وعزز مواقعه في المدن. ففي الدار البيضاء مثلا، انتقل عدد مقاعده إلى 86 مقعدا في اقتراع 12 يونيو ,2009 بعدما كانت مقاعده في انتخابات 2003 لا تتجاوز 54 مقعدا. أما على المستوى الثاني، من استراتيجية عزل الحزب، فيمكن القول أيضا بأنها لم تحقق أهدافها. فإذا كنا نتحدث عن المدن الست الكبرى التي عرفت نظام المقاطعات (طنجة، فاس، الرباط، سلا، مراكش، الدار البيضاء) فالحزب أصلا لم يكن يرأس أي مدينة في انتخابات ,2003 وبالتالي لا يمكن الحديث عن أي تراجع له بهذا الخصوص، وفي المقابل نسجل تقدما كبيرا للحزب في هذه المدن، إذ عزز مواقعه في كل من الرباط وسلا والبيضاء ومراكش. أما المدن الكبرى التي لا تعرف نظام المقاطعات، فعلى الرغم من أن الحزب قد فقد مدينة مكناس، إلا أنه في المقابل كسب مدنا أخرى، إذ سيرأس مدينة تطوان والقنيطرة، كما أنه سيشارك في الأغلبية المسيرة في مدن مثل أكادير وسطات، كما أضاف الحزب إلى رصيده رئاسة مدن متوسطة كالشاون والعرائش والرشيدية، ناهيك عن استمراره في تسيير مدن سبق له أن سيرها مثل القصر الكبير وواد زم. وعلى العموم، وعكس القراءات المتسرعة التي اعتقدت في البداية أن حزب العدالة والتنمية تراجع باحتلاله للرتبة السادسة في جماعيات ,2009 فمن خلال تحليل الأرقام، يظهر أن حزب العدالة والتنمية كان المستفيد الأول من المدن، إضافة إلى أنه كان له الدور الأكبر في إعادة الثقة في بعض المسؤوليين المحليين السابقين كما هو الشأن في حالة الدار البيضاء، أو إزاحة مسؤولين محليين آخرين لم يعد مرغوبا فيهم. لكن هذه الانتخابات نجحت في فك العزلة السياسية عن العدالة والتنمية ودفعته في اتجاه تشكيل تحالف مع الاتحاد الاشتراكي للدفاع عن الديمقراطية والتصدي لعملية إفساد العملية الانتخابية، ألا يمكن أن نعتبر هذا من المكاسب السياسية التي حققها الحزب؟ رغم أن الانتخابات الجماعية لها بعد محلي واضح، إلا أن ذاك لا يمنعنا من تسطير مجموعة من الخلاصات السياسية، خاصة فيما يتعلق ببناء التحالفات المستقبلية في تشريعيات 2012 قبل اقتراع السابع من شتنبر ,2007 كان كل المحللين السياسيين والملاحظين يعتقدون أنه من المستحيل أن يكون أي تحالف أو تنسيق بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، ولم يكن بالإمكان تصور وجود الحزبين معا في المعارضة أو في خانة الأغلبية، لكن بعد اقتراع السابع من شتنبر، وبعد الخروج السياسي لفؤاد عالي الهمة وتأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، كان الهمة يطمح في التعاون مع الاتحاد الاشتراكي من خلال رفعه لشعارات التحديث ومواجهة الظلاميين بشكل عام والعدالة والتنمية بشكل خاص، بيد أن حزب الاتحاد الاشتراكي لم يسايره في ذلك، وأبدى تخوفاته من الوافد الجديد في بيان السابع من أكتوبر ,2007 وقد لعب الوافد الجديد من حيث لا يشعر دورا أساسيا في التقريب بين الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، وأصبح الحديث عن ضرورة تشكيل جبهة للدفاع عن الديمقراطية في مواجهة إعادة إنتاج تجارب سياسية ماضية، وقد نقلت عمليات تشكيل المجالس الجماعية هذا التقارب بين الحزبين إلى أرض الواقع. وعليه، يمكن القول بأن من أهم تداعيات الانتخابات الجماعية 2009 هو وضع سيناريو لتشكيل ائتلاف بين قوى سياسية لا يرتكز على وحدة المرجعية بقدر ما يرتكز على تصور برنامجي لمواجهة قوى تريد أن تجهز على الكثير مما تحقق من مكتسبات سياسية منذ حكومة عبد الرحمن اليوسفي سنة .1998 الخلاصة، هو أن حزب العدالة والتنمية استطاع من خلال تدبيره لجماعيات 2009 وكيفية تشكيل المجالس وانتخاب الرؤساء أن يسقط الفيتو الذي كانت ترفعه بعض الأحزاب ضده وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. يلاحظ أن التحالفات التي نسجها حزب العدالة والتنمية نجحت في أن تسقط العديد من الرموز التي كانت محسوبة على الفساد الانتخابي أو سوء التسيير، إلى أي حد نجح حزب العدالة والتنمية في تحقيق شعاره مواجهة الفساد؟ الواقع أن التحالفات بين الأحزاب السياسية بهدف تشكيل المجالس وانتخاب رؤساء الجماعات لم تكن محكومة بمنطق واحد، ولم تكن هناك خطوط حمر على مستوى التحالفات، ففي اللحظة التي أعلن فيها حزب الأصالة والمعاصرة استبعاده للتحالف مع العدالة والتنمية، وأن ذلك بالنسبة إليه هو خط أحمر، نجده في بعض الجماعات يركن إلى التحالف معه كما في مراكش وسلا. لكن أهم ما تميزت به هذه التحالفات هو أنها في بعض المدن تعاملت مع أشخاص بأعيانهم، بحيث سعت إلى عدم تجديد الثقة فيهم بدل التعامل مع الهيئات التي ينتمون إليها، ففي مدينة سلا والرباط تم استهداف عمر البحراوي وإدريس السنتيسي كشخصين لما يرمزان إليه لدى كثير من القوى السياسية من سوء التسيير واستغلال النفوذ، ولم يكن التحالف ضد هذين الشخصين بالضرورة موجها ضد الحركة الشعبية التي ينتميان إليها، ونفس الشيء ينطبق على مدينة مراكش، بحيث لم يستهدف الاتحاد الدستوري كهيئة سياسية بل كان المستهدف هو عمر الجزولي لشخصه، ودليل ذلك أن الهيئات التي وقفت ضده هي التي ساندت محمد ساجد الذي ينتمي إلى نفس الحزب في مدينة الدار البيضاء، وما دمنا نتحدث عن ضرورة تجديد النخب السياسية وإبعاد بعض المسؤولين المحليين الذين تلصق بهم كثير من الاتهامات فقد برمت تحالفات في هذا الاتجاه لإقصاء هؤلاء في مدن كتطوان والعرائش والشاون.. وعلى العموم، يمكن القول، بأن حزب العدالة والتنمية بحصوله على الرتبة الأولى في المدن كان من الصعب أن تشكل أغلبيات بدون مشاركته، لذلك، فقد أسهم إلى حد كبير في إبعاد كثير من الأسماء التي أصبحت جزءا من إرث العهد السابق على مستوى تدبير الشأن المحلي. وما هي قراءتك للضغط الذي مارسه الوافد الجديد وتوظيفه لاسم الملك لفك بعض التحالفات ونسج أخرى وتواطؤ بعض رجال السلطة معه في كثير من المدن، هل يتعلق بحزب السلطة، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تقاطع مصالح مع السلطة التي تريد أن تحافظ على بعض التوازنات السياسية؟ فيما يتعلق بالتحالفات والتحالفات المضادة، علينا أن نعترف بأن من حق كل الأحزاب أن تبحث عن تحالفات تمكنها من المشاركة في تسيير الشأن المحلي. ولذلك، حين يتهم حزب العدالة والتنمية حزب الأصالة والمعاصرة بالضغط على بعض الأحزاب لفك ارتباطها، فهذا الاتهام ينبغي أن يوضع في سياقه، وكل حزب سواء تعلق الأمر بحزب الأصالة والمعاصرة أو غيره إذا استشعر أنه يوجد خارج الأغلبية ويعتقد أنه بإمكانه توفير أغلبية جديدة فيجوز له ذلك ما دام أن كل تحالف هو أولا وأخيرا محكوم بمنطق الأرقام وعدد المقاعد التي بإمكانها أن تمنح رئاسة المجلس لهذا الشخص أو ذاك. هذا من حيث المبدأ، أما كون السلطات العمومية تدخلت في توجيه التحالفات فهذا أمرا وارد لعدة اعتبارات: أ ـ أولها، أن السلطات تعمل من أجل الحفاظ على بعض التوازنات السياسية، وهذا ما نلاحظه من خلال تقسيم عموديات المدن الكبرى بين الأحزاب السياسية. ب ـ ثانيها وهو توجيه رسائل مطمئنة إلى بعض الشركاء، سواء كانوا من الداخل أو الخارج، ذلك أن بعض الجهات لا زالت تبدي بعض التحفظات في إشراف العدالة والتنمية على رئاسة المدن الكبرى وإن كانت لا تمانع في القبول بإشراكه في التسيير. أما هل هناك تدخل للسلطات العمومية لتنفيذ توجهاتها من خلال حزب الأصالة والمعاصرة، فالأمر يستدعي بعض التوضيحات: ـ أولها أن السلطات تنفذ مخططاتها سواء من خلال الأصالة والمعاصرة أو من غيره، وهنا لا ينبغي التركيز على الأصالة والمعاصرة، وإنما التركيز على سلوكات الأحزاب التي قبلت بالانخراط في بعض التحالفات معه. ـ ثانيها، أن حزب الأصالة والمعاصرة ليس هو حزب السلطة وإن كان يؤسس خطابه ومواقفه على إعادة إنتاج توجهاتها، وهنا يمكن الحديث عن التقاء موضوعي بين هذا الحزب وبين بعض مكونات السلطة في المغرب دون أن يكون هناك تماه بينه وبينها. إذا انتقلنا إلى تحليل نتائج حزب الأصالة والمعاصرة وما حققه بالقياس إلى الشعارات التي رفعها، إلى أي حد استطاع هذا الحزب تحقيق الأهداف التي أعلنها، خاصة منها ما يتعلق بإبعاد العدالة والتنمية وعزله؟ عندما نتحدث عن حزب الأصالة والمعاصرة فإننا بالضرورة نتحدث عن فؤاد عالي الهمة رغم أن هناك من يصر على التمييز بينهما. فؤاد عالي الهمة استطاع من خلال تحمله للمسؤولية في وزارة الداخلية أن يشكل شبكات تضم أعيانا ورجال أعمال وإعلاميين ورياضيين وفنانين ومثقفين، وإذا أردنا أن نكون فكرة عن العينة التي تكون هذه الشبكات علينا أن نستحضر مجموع الأسماء التي شاركت معه في حملته الانتخابية في صيف ,2007 حيث كانت هناك فسيفساء إيديولوجية وسياسية تتشكل من مختلف الألوان. هذه الشبكات هي التي كونت أساس حركة لكل الديمقراطيين، وبعد ذلكحزب الأصالة والمعاصرة. نحن في الحقيقة لسنا أمام حزب جديد، وإنما أمام حزب بتسمية جديدة تعبر عن هذه الفسيفساء. وإذا ما رجعنا إلى تحليل عدد المقاعد التي حصلها في اقتراع 12 يونيو الأخير، فيمكن تفسيرها بسببين: أ ـ السبب الأول: ويتعلق باستراتيجية الاستقطاب التي اعتمدها فؤاد عالي الهمة، والتي شملت الأعيان ورجال الأعمال وكثيرا من أطر الأحزاب سواء منها من هم في البرلمان أو من يتحملون مسؤولية تدبير الشأن المحلي. فاستراتيجية الاستقطاب هذه ركزت بشكل رئيس على محترفي الانتخابات الذين راكموا تجربة على مستوى تدبير الآلة الانتخابية. ب ـ السبب الثاني، ويتعلق بالمراهنة على العالم القروي، إذ إنه من المعلوم أن نقطة ضعف الأحزاب السياسية منذ الاستقلال إلى اليوم تكمن في عدم قدرتها على إيجاد موطئ قدم في العالم القروي، وقد استهدف حزب الأصالة والمعاصرة العالم القروي من خلال الشبكات التي كانت قد تشكلت، والتي لا تؤمن إلا بالإيديولوجية المخزنية. لذلك، فورقة صديق الملك تكون فعالة في أداء وظيفتها لدى القرويين، وهذا هو ما يفسر لماذا حصل حزب الأصالة والمعاصرة على أكثر من خمسة آلاف مقعد في العالم القروي بينما لم يتجاوز ست مائة وخمسين مقعدا في الجماعات ذات الاقتراع اللائحي. وبشكل عام، فحزب الأصالة والمعاصرة رغم أنه احتل الرتبة الثالثة في المدن الكبرى والمتوسطة فقد استطاع من خلال إدارة معركة تشكيل المجالس أن يرأس مدينتين (مراكش وطنجة) مما يعني أنه لعب دورا أساسيا في الحفاظ على جزء من التوازنات السياسية التي أشرنا إليها سابقا. وماذا عن طرد حزب الأصالة والمعاصرة لأحمد هلال من صفوفه بعدما كسب رئاسة مدينة مكناس، ألا يمكن أن نعتبر أن حزب العدالة والتنمية من خلال الدعوى القضائية التي رفعها وكيل لائحته عبد الله بوانو قد وجه ضربة سياسية قاتلة لهذا الحزب؟ نحن لا ندري حقيقة كيف تم السماح لأحمد هلال بالترشح، لأنه طبقا للقانون ممنوع من مجرد وضع اسمه في اللوائح الانتخابية، فبالأحرى الترشح، كما أننا لا ندري رغم كل ما قاله حزب الأصالة والمعاصرة عن طريقته في اختيار مرشحيه كيف لم ينتبه إلى ترشيح شخص ثبتت عليه تهمة النصب والتزوير بمقتضى حكم قضائي ابتدائي واستئنافي. وبعيدا عن كل قراءة سياسية، يمكن القول، بأن فصل أحمد هلال من الحزب هو محاولة لتصحيح خطأ تم الوقوع فيه. لكن على المستوى الأخلاقي، أكيد أن تساؤلات كثيرة ستطرح حول معايير استقطاب الأصالة والمعاصرة لـمناضليه، خاصة وأن الكل يتحدث عن منطق الأعيان ورجال الأعمال الذي يحكم هذا الحزب في عملية استقطابه. أما بالنسبة لما سيترتب سياسيا عن هذه المسألة، فأعتقد أن الأمر متروك إلى قرار المحكمة الإدارية للنظر في النازلة، وبعدها سننتظر المآل السياسي الذي سيترتب على ذلك بعد أن تستكمل الآلة القانونية إجراءاتها. في الأخير، إلى أي حد يمكن أن تكون هذه النتائج التي أفرزتها الانتخابات والمجالس التي تشكلت أرضية معينة لاستشراف مستقبل تشريعيات 2012؟ ما أصبح مؤكدا في استحقاقات 2102 التشريعية أن بعض الخطوط الحمر قد رسمت، خاصة على مستوى تشكيل التحالفات أو على الأقل اعتماد آليات التنسيق والتعاون بين مختلف القوى السياسية. وبشكل عام، سنكون أمام تيارين: الأول يتشكل من الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية ويمكن أن يضم قوى أخرى. والثاني يتكون من حزب الأصالة والمعاصرة. أهم ما يمكن أن نستخلصه في هذا الإطار، فهو أن زمن الحديث عن المرجعيات قد ولى، وأصبح من الصعب جدا أن يحدث نوع من التلاقي بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، وهذا بالطبع سيعزز من إمكانيات التنسيق بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي ومن سينضم إلى هذا التيار في مواجهة تشريعيات .2012 بل إن هذا التنسيق قد يأخذ منحى آخر إذا قرر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الانتقال إلى المعارضة، خاصة وأن الاتجاه الذي ظل يدافع عن هذا الانتقال منذ اقتراع السابع من شتنبر 2007 بدأ يتعزز بما حصل عليه الحزب في جماعيات ,2009 ويمكن الحديث عن إمكانية انتقال الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة ليخوض الحملة الانتخابية في استحقاقات 2012 وهو متحرر من الأغلبية الحكومية ومن الدفاع عن حصيلتها، وهذا سيشكل، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، من خلال توحيد المواقف السياسية في مواجهة من يتهم بكونه أتى ليفسد الحياة السياسية ويرجع المغرب إلى الوراء. وعلى العموم، بالنسبة إلى العدالة والتنمية، يبدو من خلال النتائج التي حصلت أنه سيعزز مواقعه في تشريعيات ,2012 خاصة وأن رهانات الانتخابات التشريعية تختلف بشكل كبير عن رهانات الانتخابات الجماعية

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.