قافلة طبية تخفف معاناة مرضى القلب بجرسيف    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد بالمغرب    تقرير: أكثر من 12 ألف رأس نووي في العالم .. 87 بالمائة منها بيد دولتين فقط    تهديدات جهادية تستنفر درك السنغال        ولاء يتجاوز المال .. باحث يرفض عرضًا ب1.5 مليار دولار من مارك زوكربيرغ    جباري يعزز هجوم سينسيناتي الأمريكي    المغرب حليف إستراتيجي دولي لصياغة توازنات جديدة في إفريقيا والعالم    حملة دولية للإفراج عن الزفزافي.. البكاري ينوه بالتدخلات الخارجية ويفضل الحل الوطني لمعتقلي الحراك    وزارة الداخلية تطلب من الأحزاب تقديم اقتراحاتها حول التحضير للانتخابات القبلة قبل نهاية شهر غشت    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    التصفيات المؤهلة ل"أفرو باسكيط" 2025-أقل من 16 سنة : المغربيات يتفوقن على التونسيات ينتيجة 68-50    الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني تعبر عن ارتياحها لتنامي الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة    السكتيوي: الفوز على أنغولا مفتاح البداية القوية وهدفنا هو اللقب    تنزانيا تفتتح مشوارها في "الشان" بفوز مستحق على بوركينا فاسو        تفاصيل الاتفاق الاستراتيجي بين الرجاء و"Ports4Impact".. شركة رياضية جديدة برأسمال 250 مليون درهم    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان        ميمون رفروع يطلق أغنيته الجديدة "ثبرات" ويعيد الروح للأغنية الريفية    رسالة من ترامب إلى الملك: "الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بسيادة المغرب على الصحراء"    مدريد تتجه لإسقاط السرية عن أرشيفها.. وتوقعات بالكشف عن ملفات تاريخية حساسة مع المغرب    حادثة سير مروعة قرب سطات تخلف ثلاثة قتلى وطفلين مصابين        3 قتلى في حادث بالطريق السيار    نادي المحامين بالمغرب ينتقد "انتهاكات قانونية جسيمة" في متابعة حكيمي    خريبكة تحتفي بمونية لمكيمل في الدورة العاشرة لمهرجان الرواد    مهدي فاضيلي يزيل الستار عن "ساريني"    بورصة الدار البيضاء تغلق الأسبوع على ارتفاع ب0,85% في مؤشر "مازي"        "حماس" تكذب مبعوث ترامب: لن نتخلى عن السلاح إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    استشهاد 21 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي قرب مراكز توزيع المساعدات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    صادرات قطاع الطيران بالمغرب تتجاوز 14 مليار درهم    الداخلية تُؤكد التزامها بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات القادمة        "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    تقرير: الدار البيضاء تصعد إلى المرتبة 431 ضمن المدن العالمية.. ومراكش تسجل أدنى تقييم وطني في رأس المال البشري    خبراء "نخرجو ليها ديريكت": الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة    أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي: المغرب الحليف العريق والشريك "الأساسي" للولايات المتحدة    صحيفة صينية: المغرب نفّذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل بقيادة الملك محمد السادس    المغرب يعزز الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات الرقمية المتصاعدة    بعد أشهر من الانتظار.. انطلاق أشغال الطريق المنهار بين الحسيمة وتطوان    سون هيونغ مين يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    مجلة أجنبية تشيد بجمال وتنوع المغرب السياحي    الدار البيضاء .. نجوم العيطة يلهبون حماس عشاق الفن الشعبي        نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى        دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم    ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على هامش النقاش حول الجهوية- بقلم عمر إذثنين
نشر في التجديد يوم 17 - 02 - 2010

نشرت جريدة التجديد في عددها ليوم 04 فبراير 2010 مقالة تحت عنوان هل تشكل الجهوية الموسعة جوابا عن إشكال التعدد اللغوي في المغرب؟ بقلم فؤاد بوعلي، وهي إن كانت تتناول موضوع الجهوية، فإنها كانت تتناوله من أجل إعطاء تصور حول التدبير اللغوي في هذا المشروع، هذا التدبير في الحقيقة. ومن أجل الإدلاء برأينا في الموضوع من نفس الزاوية لا بد أن أثمن أولا هذه المبادرة الملكية الرامية إلى توسيع إمكانيات التدبير المحلي بعد أكثر من نصف قرن من التدبير المركزي لشؤون المناطق والجهات وهو تدبير أكد فعلا على أنه لا زال في المغرب من يفكر بعقلية المغرب النافع والمغرب غير النافع، وهو الشيء الذي يتضح من خلال أشكال متعددة لفضح هكذا تدبير، من خلال الخرجات الاحتجاجية التي لم نعتدها في هوامش المراكز الحضرية من قبل.
وأنطلق أنا أيضا من تلك التوجيهات التي جاءت في خطاب جلالة الملك، من مثل الاجتهاد في إيجاد نموذج مغربي للجهوية، وهذا يستدعي الانكباب على الملاحظة الدقيقة للتركيبة السكانية المغربية، وقراءة المعطيات التاريخية والاجتماعية لمجتمعنا، والذي يعرف تعددا ثقافيا لا ينكره عاقل، وتعددا لغويا لا يجاحده جاحد، لكن هذا التعدد اللغوي والثقافي لا يعطي أفضلية مكون لغوي على مكون آخر بدعاوي أكثرها تردادا هو أن العربية هي المكون الذي يجمع المغاربة، وهذا لعمري موقف إيديولوجي وليس موضوعي، إن الذي يجمع المغاربة حقيقة هو انتماؤهم إلى هذه الأرض، فاللغة العربية لم تعرف انتشارها في المغرب إلا مع دولة الاستقلال وتوفر شروط تعليم مركزي، وهي لغة الدراسة والنخبة التي تعلمتها، وهذه وظيفة من الوظائف التي يمكن أن تلعبها لغة ما، فلو توفرت نفس الشروط التي أعطيت لهذه اللغة، للغة الأمازيغية لما تحدث صاحبنا في مقاله عن اللغة العربية باعتبارها لغة وطنية واللغات الأمازيغية باعتبارها لغات محلية.
إن الأستاذ يحاول ما أمكن أن يعوم اللغة الأمازيغية في تحدد لغوي، يمططه كي يعطي الأفضلية للغته العربية باعتبارها هي القادرة على جمع وبوتقة الكل المغاربة في إطار لغة أعطى لها بعدا وطنيا وبالباقي أعطاء بعدا محليا، فما تحدثت عنه من حسانية ودارجة ولهجات عربية يدخل في إطار منظومة عربية واحدة، أما ما سميته باللهجات الأمازيغية فإنها تدخل أيضا في منظومة واحدة هي اللغة الأمازيغية التي يشتغل الخبراء على توحيد قواعدها ومعيرتها الشيء الذي سبقت إليه اللغة العربية منذ قرون، فلو أعطيت نفس الحظوظ التي أعطيت للغة العربية لصنوتها الأمازيغية لما وجدنا لتحليلك من محل من الإعراب.
إن الحقيقة التي يجب الكشف عنها هي أن بعض مثقفينا يعيبون على الأوروبيين ما يسمى في الأنثروبولوجيا بالمركزية الأوروبية، لكنهم في المقابل يسقطون في المركزية العربية دون عقد نقص، وهذه الازدواجية للأسف هي الطاغية في تحاليل البعض الذي يتحامل على اللغة الوطنية للبلاد وكأننا بصدد استيراد منتوج غريب من جزيرة الوقواق، في حين أن الأمازيغية التي يحاول صاحبنا -بشتى الوسائل- أن يقزم دورها سبقت وجوده إلى هذه الربوع.
لقد سقط صاحبنا سهوا في استعارة نماذج للتدبير اللغوي في البلاد الأوروبية، بعدما هيئ لتحليله بمقدمات مرجعية من الخطاب الملكي حول الموضوع، وأذكره بمسألة فقز عليها وهي ضرورة إيجاد نموذج مغربي، عوض الهروب إلى نماذج جاهزة كما أقدم عليه فؤاد أبو علي الذي استهواه النموذج الاسباني في تعاطيه مع الموضوع، في الوقت الذي نعرف أن المغرب واسبانيا مختلفين كليا في الوضعية اللغوية للبلدين، ذلك أن اسبانيا تعرف تطابقا بين التمايز اللغوي والبشري وحتى الجغرافي، فالكتالانيين يوجدون في كاتالونيا، والباسكيين في الباسك، في حين أن المغرب يعرف وضعا مختلفا؛ لغة أمازيغية تتجاوز المجال الترابي الوطني إلى الفضاء الإقليمي الذي هو شمال إفريقيا، فهي موجودة على كل التراب الوطني بتعبيرات تختلف نطقا وصواتيا، ولا تختلف من حيث القواعد، إن الأمر يشبه اللغة العربية الحميرية، والقريشية، والتميمية، في إختلافاتها على المستويات السابقة الذكر، ولا أعتقد أن صاحبنا فكرا يوما أن يتحدث عن العربيات في موطنها رغم هذه الاختلافات.
إن الأمر الذي يحتاج إلى تنافس المتنافسين، ليس هو البحث عن تخريجات للقضاء على لغة لازالت تقاتل من أجل بقائها رغم جحود أبنائها، بل هو السعي إلى تقويتها وإعطاءها المكانة التي تستحقها في الفضاء الوطني دونما تمركز أو استعلاء لغوي لا مبرر له في هذا العصر. إن الذي يجب أخده من إسبانيا هو تجربتها في تدريس الأمازيغية لأبناء مهاجري شمال إفريقيا، عوض التلكؤ الذي يعرفه تعليم هذه اللغة في بلادها.
إن اللغة المصطنعة حقيقة هي تلك التي ننعشها بجرعات من الدعاية الإيديولوجية والدينية المكثفة، أما اللغة الأمازيغية فإنها لغة الشعب، يتحدث بها منذ قرون، ويتعامل بها في حياته دونما عقد نقص، وأعتقد أن ما ينطلق منه البعض في تقييم التقدم من اعتباره يبدأ من اللغة، فهو واهم فاللغة هي إنتاج البشر فكلما تقدم البشر تقدمت لغته، ولا نحتاج أن يزايد علينا أحد في هذه النقطة، إن تخلف بعض اللغات يأتي من تخلف أهلها، وينطبق هذا الحال علينا، وعلى اللغتين معا. وأعتقد أن ثقافة المواطنة الحقيقية هي التي تنطلق من اعتراف بعضنا ببعض دون نظرات مستعلية، فلنعطي للغاتنا نفس الفرص للنماء دون تعصب ولا تخندقن وبعيدا عن مركزية نعيبها على الآخرين ونسقط فيها. وليتذكر صاحبنا أن هذه السنة 2010 هي سنة أرادتها منظمة الأمم المتحدة للتعايش بين الثقافات، وهذا التعايش ينطلق من الاعتراف المتبادل بالقيم والأدوار المختلفة لكل لغات العالم دون استثناء.
وكل سنة ولغاتنا الوطنية بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.