مظاهرات "جيل زد" خلال اليومين الماضيين جرت دون تسجيل أي تجاوزات    احتجاجات "جيل Z".. إحالة العشرات على القضاء بين القصر الكبير والعرائش وتحركات أمنية بالعوامرة    ارتفاع قيمة "البتكوين" لمستوى قياسي    ناشطو "أسطول الصمود" يشكون معاملتهم "كالحيوانات" من طرف إسرائيل    إسبانيا تمنع مظاهرات حاشدة مساندة لفلسطين وتستخدم العنف لتفريقها    ترامب يأمر بنشر 300 جندي بشيكاغو    حصيلة ضحايا انهيار مدرسة في إندونيسيا تصل إلى 37 قتيلا    عشرات الآلاف بدون كهرباء في بريطانيا بعد مرور العاصفة "آمي"    إحباط تهريب 33 كيلوغراما من الكوكايين الخام بميناء طنجة المتوسط قادمة من أمريكا الجنوبية    أمن أكادير يوقف متورطين في تخريب سيارات بتيكيوين بعد خلاف مع حارس ليلي    هجوم مجهولين على سد أمني بإمزورن يخلّف خسائر مادية    إسدال الستار على المهرجان الدولي المغاربي للفيلم بوجدة في نسخته الرابعة عشرة    مصرع 9 أشخاص ينحدرون من إقليم الحسيمة في حادثة سير مروعة    الفيفا تصادق على تغيير جنسية احتارين لتمثيل المغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    مونديال الشباب.. فرص مصر بالتأهل "شبه مستحيلة" وهذا هو السيناريو الممكن    الفخامة المصرية على الأراضي المغربية.. «صن رايز» تستعد لافتتاح فندق جديد    المديرية العامة تصنع الحدث في معرض الفرس برواقها المديري وعروض شرطة الخيالة (ربورطاج)    تشكيلة "الأشبال" لمواجهة المكسيك    مباراة شكلية .. منتخب "الأشبال" ينهزم أمام المكسيك في "المونديال"    الجامعة السنوية لحزب "الكتاب" توجه انتقادات لاذعة إلى تدبير الحكومة    حجز آلاف الأقراص المخدرة بتيفلت    إحباط محاولة لتهريب الذهب بميناء طنجة المتوسط    طنجة.. الدرك الملكي بكزناية يطيح بأربعة أشخاص متورطين في تخزين وترويج مواد غذائية فاسدة    محمد الريفي يعود بديو مع "أورتيجا"    الحقوقي عزيز غالي في عداد المختطفين لدى إسرائيل وسط صمت رسمي مغربي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان: المظاهرات خلال اليومين الماضيين جرت دون تسجيل أي سلوك من شأنه المساس بالحق في التجمع السلمي    المسطرة الجنائية تكافح الاتجار بالبشر    المنتخبون التجمعيون يثمنون مطالب الشباب ويستنكرون 'الدوغمائية' المتربصة بالمجهود التنموي        من يستبيح بيت رئيس الحكومة؟ .. التوحش الافتراضي أخطر من الخصومة السياسية    نادي "بيتيس" يعلن إصابة أمرابط                القضاء الأمريكي يحكم بحبس نجم الهيب هوب ديدي    لجان التحكيم بالمهرجان الوطني للفيلم    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    معرض الفرس بالجديدة.. الخيول العربية-البربرية ركيزة أساسية لشرطة القرب            حماس توافق مبدئيًا على خطة ترامب لوقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى    أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب    جينك يعلن خضوع الواحدي لعملية جراحية في الكتف        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بني ملال في مواجهة التتار الجديد
نشر في أزيلال أون لاين يوم 02 - 11 - 2012

عكس القاش الذي جرى في قاعة الوكالة الحضرية ببني ملال، على هامش اجتماع يوم الأربعاء 24 أكتوبر 2012 بخصوص إعطاء انطلاقة دراسة تحيين مخطط توجيه التهيئة العمرانية لبني ملال الكبرى، وإعداد تصميم تهيئة مدينة بني ملال، تشخيصا للحالة العمرانية التي تعرفها المدينة.
أجمع المتدخلون على وجود اختلالات عميقة وتشوهات في تنظيم المجال، ابتداءا بالكلمة التوجيهية للسيد محمد فنيد والي الجهة الجديد ورئيسي المجلس البلدي والإقليمي لبني ملال، والكاتب العام ل CGEM ومديرة الوكالة والمفتشة الجهوية ورؤساء المصالح ذات الصلة وممثلي الغرف المهنية والجماعات المحيطة بالمدينة وانتهاءا بمدير الثقافة، ليختم الوالي بلزوم الصرامة وتوقيف كل من يراكم الأموال الطائلة على حساب تشويه المجال العمراني ووضعهم عند حدهم، وأعلن عن المشروع الكبير الذي تقرر فتح طلبات عروضه وطنيا في وجه الاستثمارات المنتجة التي تخلق مناصب شغل، وليس تلك التي تجني الأرباح دون إنتاجية وتشغيل، وذلك في إطار الاتفاقية الجارية بين الولاية و CGEM والبنك الشعبي المركزي ومكتب الاستثمار الجهوي.
ومعلوم أن مدينة بني ملال تعيش منذ أكثر من عقدين تحت سيطرة الرأسمال العقاري كنمط إنتاجي غير منتج، يتضخم بالريع، ولا يخلق فرص الشغل، ولا يساهم في إنتاج وتنمية الثروة المحلية والجهوية، بل يستثمر الأرباح خارج المنطقة وخارج الوطن، مخلفا وراءه التفقير، كما لا تقتصر همجية هذا اللوبي العقاري في تشويه المجال العمراني، بل تمتد كذلك للتحكم وتشويه اللعبة السياسية بالسيطرة على الهيئات المنتخبة وجعلها في خدمة مصالحه وأهدافه المتوقفة على استئصال كل ما هو جميل وتعميم الذبول، وقطع الأشجار رأفة بالإسمنت ، فتحولت بني ملال من مدينة جميلة ومريحة في مجالها وعمرانها ووديانها المخترقة لمجالها الحضري، إلى تفجر عمراني عشوائي عنيف و مخيف، حيث تشطب فيه الملاعب والحدائق والمسابح والمدارس وتقلص الطرقات وتقبر الوديان بالبناء فوقها وتغطيتها بالإسمنت بعدما كانت هاته الوديان بصفاء مائها، تعكس صور وجوهنا حين ننظر إليها، أما الآن فالأجزاء القليلة المتبقية منها مملوءة بالقمامة.
وفي غياب استثمار منتج فإن هذا التتار الجديد مصمم على تعميم جرائمه باسم التمدن لباقي مدن الجهة وضواحيها، بل أضيف لللوبي العقاري المسيطر صنفين آخرين، صنف لوبي محترفي الوداديات الذين تمرسوا في إثقان الجريمة، وأصبح بعضهم يملك أكثر من عشر وداديات/ شركات غير معلنة ومعفية من الضرائب، وتضم في مكاتبها غير المنتخبة أعضاء من المؤسسات ذات الصلة مثل البلدية، المحافظة، الوكالة وغيرها، وصنف الشركات الريعية الكبرى مثل الضحى، التي تسخر لها أجمل المواقع وبأثمنة رمزية ودون مسطرة الصفقات العمومية لتنتج تجمعات سكنية رهيبة على شكل شقق صغيرة من حجم 40 أو 50 متر مربع، وبطوابق كثيرة من شأنها أن تضم تكدسا بشريا جديدا على المنطقة، يبشر بإنتاج جيل عنيف سيكبر في فضاء عنيف بدون أشجار وازهار وعصافير ومياه.
لقد أجمع المتدخلون في الاجتماع أن مهمة مكتب الدراسات الذي أسند له إنجاز المخطط والتصميم، بأنها تاريخية وستحدد مجال حياة الجيلين المقبلين، كما تم الاجماع على كفاءة طاقم المكتب تحت رئاسة المهندس عبد الرحمان شرفي، اعتبارا لما عرف عنهم، كما تم التأكيد على خصوصيات المدينة بعدما قدم المكتب المنهجية والبرنامج الزمني التي سيتبعها في عمله.
ويمكن اختزال هذه الخصوصيات والمميزات في ثلاث محاور:
أولاها أن بني ملال مدينة تضم تحتها مدينة أخرى والتي تسمى بالكهوف التي كانت لها مخارج خارج السور المحيط بالمدينة الفوقية ببواباته الخمس، حيث كانت هاته الكهوف تضم ساحات كبرى ومسالك عريضة ووحدات إنتاجية (معصرات لزيت الزيتون، ومطاحن)، كما كانت تتسع لكل الساكنة والمحصول والأغنام، طيلة فترة الصيف الحارة، أو أثناء الحركات التأديبية التي كانت تتلقاها بسبب موقعها بين فاس ومراكش كعاصمتين للنخبة المخزنية، خصوصا حين ينشب خلافا بينهما حول تولية بعض السلاطين في تلك الأزمنة التي كانت وراثة العرش من نصيب الإخوة، فيطلب من بني ملال/ قلب تادلة الولاء لإحداهما، وكانت بني ملال دائما مستقلة ولا تتموقع من قضايا العاصمتين، فتنال العقاب منهما.
ثانيها بني ملال عاصمة قطب كبير للجهة ومرشح للاتساع ضمن الجهوية الموسعة ليشمل كذلك أقاليم خريبكة، خنيفرة، ميدلت ضمن 12 عاصمة بالمغرب، وتجري بها إنجازات تحتية كبيرة، الطريق السيار، المطار، المركب الصناعي الفلاحي AGROPOLE ، مما سيجعلها منطقة واعدة باستقطاب مشاريع استثمارية في مجال الصناعات الفلاحية التي تنتج الجهة حوالي ثلث الإنتاج الوطني، بالإضافة إلى المنتوج السياحي المتنوع والصناعات التحويلية لكون الجهة ستضم بشكل كلي المخزون الفوسفاطي للمغرب.
ثالثها في الزيارة الملكية الأخيرة لبني ملال سنة 2010 وصف محمد السادس على لسان وزيره في الداخلية الطيب الشرقاوي، بعد قضاء أسبوع بكامله: بأن بني ملال قرية كبيرة، تعرف اختلالات كبيرة في أغلب قطاعاتها، وجب تأهيلها لتصبح في مستوى عاصمة لقطب جهوي كبير، ومنذ ذلك التاريخ والعمل يجري من طرف الجميع ومن مختلف المواقع والأهداف الإنمائية أو التدميرية.
هذه هي حال المدينة التي صرح رئيس بلديتها بأنه لن يتوصل إلا بأربعة ملايير سنتيم لحد الآن من مشروع التهيئة الذي حددت قيمته في 120 مليار، (بعدما فضح جرائم مكتب الدراسات الذي أنجز التصميم والمخطط الحالي بعد شراء ذمته من طرف عائلتي النفوذ العقاري ببني ملال).
لكن الذئاب لازالت مكشرة عن أنيابها ولازالت لها امتدادات قادرة على الحد من المقاومة ليست الشعبية فقط بل حتى مؤسسات الدولة، إلا أن الأمل قوي لأن الرأسمال المنتج وحده القادر على تقزيم نفوذ الرأسمال العقاري المتوحش.
ذ.محمد الحجام
مدير نشر جريدة ملفات تادلة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.