الصين تواكب المغرب في إطلاق الجيل الخامس: فتح باب التراخيص يعزز الشراكة التكنولوجية بين الرباط وبكين    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    طقس الثلاثاء: ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ    المنتخب المغربي للسيدات يلاقي منتخب مالي في ربع نهائي كأس أمم إفريقيا    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    الحكومة تخرج عن صمتها بشأن ارتفاع استهلاك الكهرباء بالمغرب خلال يونيو    حكيمي وبونو في التشكيلة المثالية لمونديال الأندية    رسميا.. ميلان يعلن تعاقده مع لوكا مودريتش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    نتانياهو يصطدم بالجيش بسبب "المدينة الإنسانية" في غزة: ما هو سبب الخلاف؟    نيجيريا تعلن الحداد لمدة أسبوع على وفاة رئيسها السابق بخاري    طقس الثلاثاء.. ارتفاع ملحوظ لدرجات الحرارة بهذه المناطق المغربية    الملك محمد السادس يراسل الرئيس الفرنسي ماكرون    صادرات الحلويات الإسبانية إلى المغرب تقفز بأربعة أضعاف    أوروبا تستعد للحرب المدمرة    "فيفا" يصدر قرارات جديدة بشأن صحة وفترات راحة اللاعبين    سكان شمال المغرب يستشعرون زلزال إسبانيا وجبور يكشف التفاصيل    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي    شارلوروا البلجيكي يتعاقد مع خليفي    ريال مدريد يجلب الظهير "كاريراس"    النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعلق على مشاريع تعديلات قوانين الصحافة    حافلة نقل تدهس سيدة وتصيب مواطنين بباب دكالة بمراكش    المحكمة تبرئ البرلماني محمد السيمو من تهم تبديد أموال عمومية    الإصلاح الضريبي.. ارتفاع الموارد الجبائية ب 25,1 مليار درهم عند متم يونيو 2025    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تحذر: خطر حرائق الغابات مرتفع بعدد من الأقاليم من 15 إلى 18 يوليوز    لقجع: قبول 98,4% من ملفات طلبات الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر    فيلم وثائقي إسباني يقرّ بمغربية جزيرة ليلى    الفريق الاشتراكي: الاقتراع الفردي لانتخاب ممثلي الصحافيين في "مجلس الصحافة" يتعارض مع الدستور    دراسة علمية: السمنة تسرّع الشيخوخة البيولوجية لدى الشباب وتعرضهم لأمراض الكهولة في سن مبكرة    رسميا.. محطة تحلية المياه بالجرف الأصفر تبدأ في تزويد مدينة خريبكة بالماء الشروب    الرباط تدعم تكوين بعثة فلسطينية        أبرشان يُسائل "زكية الدريوش" حول مآل مشاريع قرى الصيادين ومناطق التفريغ بالناظور    الوزير البريطاني الأسبق للدفاع والتجارة الدولية: المملكة المغربية شريك أساسي للمملكة المتحدة    ارتفاع نسبة نجاح نزلاء السجون في البكالوريا لسنة 2025    زيدان: اللجنة الوطنية للاستثمار صادقت على 237 مشروعا استثماريا بقيمة 369 مليار درهم        وفاة "تيكتوكر" مغربية بعد عملية تكميم المعدة تثير الجدل حول التنمر وضغوط "السوشيال ميديا"    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    غالبيتهم من الأطفال.. إسرائيل تواصل جرائم التعطيش بغزة وتزهق أرواح أزيد من 700 فلسطيني    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    إنريكي ينفي اعتداءه على جواو بيدرو: "حاولت الفصل بين اللاعبين"    ماسك: الذكاء الاصطناعي سيتفوق على البشر خلال عامين    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    زلزال قوي يضرب الجنوب الإسباني    رولاني موكوينا مدربا جديدا لمولودية الجزائر    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوغطاط المغربي |عصابة المهدي حيجاوي.. خفايا نمط متحور للجريمة العابرة للحدود ومحاولة اختراق أجنبية ويقظة المخابرات المغربية تفشل المخطط
نشر في برلمان يوم 14 - 07 - 2025


الخط :
إستمع للمقال
في مساء 12 يوليوز 2025، ظهر رجل الأعمال مصطفى عزيز في فيديو عبر حساب "حركة مغرب الغد" على "تيك توك" متحدثا لأكثر من خمس وعشرين دقيقة عمّا وصفه بأخطر عملية زعزعة ثقة تواجه المملكة في العقد الأخير. في هذا الفيديو، كشف مصطفى عزيز خيوط شبكة احتيال متشعبة يقودها المهدي حيجاوي، وتتمدّد إلى كندا عبر هشام جيراندو، وإلى إسبانيا عبر علي المرابط والحسين المجدوبي وسيمبريرو وآخرين، مع حضور أسماء مثل عبد الواحد سدجاري وإلياس العماري وآخرين. لكنّ أخطر الخيوط تلك التي تشدّ الشبكة إلى الخليج وتحديدا الإمارات، حيث يلمّح عزيز إلى غطاءٍ خارجي رفيع المستوى يرى في حيجاوي ورقة لضبط توازنات مغربية مستقبلية والانقضاض على أجهزة سيادية من بعيد.
وقد قدم مصطفى تفاصيل دقيقة عن لقاءات جرت بين صيف 2024 وربيع 2025، وكيف انتحل حيجاوي صفة "الرجل الثاني في لادجيد" واستعان بتسجيلات صوتية مزيّفة للمستشار الملكي فؤاد عالي الهمة لإقناع رجال أعمال من أوروبا وأفريقيا وأمريكا والبرازيل بضخ استثمارات تتجاوز المليار دولار في مشاريع مرتبطة بكأس العالم 2030. سرعان ما تحولت الوعود إلى فواتير رفعت خارج المغرب، من مدريد إلى إسطنبول، واستُبدلت التزامات البناء بقوائم هدايا ثمينة قبل أن يختفي الوسطاء ومعهم الأموال.
بدأ الخيط في صيف 2024 حين عرّف صديقٌ مشترك لمصطفى عزيز على رجل قدّم نفسه بصفته "الرجل الثاني في"لادجيد" اللقاء الأوّل في باريس تخلّله حديث عن "كتاب إصلاحي" مزعوم حول الأجهزة الأمنية، قبل أن يعرض حيجاوي مشروعا "ملكيا" زائفا لجذب استثمارات تفوق المليار دولار استعدادا لكأس العالم 2030. بعد أيام هاتف عزيز صوتٌ يشبه تماما المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة يؤكد تكليفه بالمواكبة؛ لاحقا سيتضح أن التسجيل من إنتاج ذكاء اصطناعي متقدّم بتقنية "DeepFake"، ما فتح الباب أمام حقبة التزييف العميق في الاحتيال السيادي.
خلال أربعة أشهر نسّق عزيز لقاءات لحيجاوي مع مستثمرين من أربع قارات. في مقدمتهم السويسري جان-إيف أوليفييه، ذراع الرئيس الكونغولي دينيس ساسّو نغيسو، الذي منح حيجاوي جوازا دبلوماسيا كونغوليا وسعى معه لإطلاق قناة إخبارية إفريقية بتمويل فاق 10 ملايين دولار مقابل أرض قرب "برج محمد السادس".
الضحايا شملوا أيضا سيناتورا أميركيا مقربا من دونالد ترامب يطوّر مشروعا لإدارة المياه. كل الاجتماعات عُقدت خارج المغرب—من إسطنبول إلى بانكوك—لكنّ المقابل العملي كان "هدايا شخصية" فاخرة وتحويلات مالية أُرسلت إلى حسابات خارجية قبل أن يتوارى الرجل عن الأنظار تاركا خلفه فواتير مفتوحة، ومشاريع وهمية، ومستثمرين مذهولين، في أعقد وأخطر عمليات النصب الدولية.
وموازاة مع كل هذا، ظهر جانب آخر للشبكة في مونتريال، حيث واصل هشام جيراندو بثّ فيديوهات تحريضية تعزف على أوتار حرية التعبير لتشويه الأجهزة الأمنية المغربية وتشكيك الجالية في وطنها الأم. وحملات أخرى تدّعي صراعات داخل القصر وبين الأجهزة الاستخباراتية. كان الهدف واضحا: خفض منسوب الثقة الخارجية والداخلية في المؤسسات، لتبدو شكاوى المستثمرين وكأنها صدى صراع خفيّ بين أجنحة الدولة، لا نتيجة عملية احتيال محترفة.
لم يكتفِ حيجاوي بالخداع المالي؛ إذ روَّج بأنّه يحظى بحماية من شخصية نافذة جدا، وأن هذه الحماية ستضمن "التحكّم الهادئ"في المؤسسة الاستخباراتية المغربية بعد زعمه بإقدام الملك على إحداث زلزال تغييرات مزعومة في دوائر القرار الأمني والاستخباراتي بالرباط. وهذا ما دفعه إلى حد الحديث عن "مجلس ملكي" وصيٍّ على العهد القادم. بذلك تحوّل الاحتيال إلى مشروع هيمنة ناعم يرى في الانتحال السيادي جسرا لتوجيه القرار المغربي من الخارج.
وبهذا تكون خطورة الملف لا تتوقف عند عمليات نصب مالية ولا عند التشهير الإعلامي الممنهج؛ بل تتمثل في تحوّل التزييف العميق إلى أداة لاختراق المجال السيادي. فإذا أمكن استنساخ صوت شخصية بمستوى فؤاد عالي الهمة لاستدراج مليار دولار، فما الذي يمنع غدا تزوير تعليمات بصوت أي شخصية مسؤولية لتقويض صورة مؤسسات الدولة أو خلق أزمات خطيرة. هنا يلتقي الاحتيال المالي بالإرهاب غير العنيف، لأنّ الفعل يستهدف روح الدولة. ومن زاوية الاقتصاد، تتجاوز الكلفة المباشرة أي مبلغ سُرق، إذ يكفي تقرير واحد في صحيفة دولية موسومة بالمصداقية لتتبخر استثمارات مستقبلية بمئات الملايين خوفا من مخاطر "الحوكمة" في المغرب.
هذه التفاصيل تكشف وجها جديدا للجريمة العابرة للحدود: جوازات دبلوماسية مزوَّرة، تزييف أصوات بتقنيات "ديب فايك"، اجتماعات تُعقد في ملاذات آمنة، وخطاب دعائي يُلبس المحتالين قناع "المعارض" أو "الصحافي المنفي". الخسارة لا تُقاس بما تبخّر من ملايين الدولارات فحسب، بل بما يلحق الثقة العامة من ضررٍ في قدرة الدولة على حماية بيئة الأعمال في لحظة تستعد فيها المملكة لاحتضان استثمارات ضخمة مرتبطة بالمونديال ومشاريع البنية التحتية.
وقد أثبتت الاستخبارات المغربية ورجال الدولة المخلصون للعرش قدرتهم على تفكيك خيوط هذه المؤامرة المعقدة، إذ رصدوا مبكرا حركة الجوازات الدبلوماسية المشبوهة وتلاعب الأصوات المزيّفة، وها هم يقتربون من إسقاط آخر حلقات العصابة وإحباط مشروعها قبل أن يتجاوز حدود الأوهام إلى واقع المؤسسات.
لكن يبقى سؤال مُلحّ: هل كانت مظلّة الحماية التي يُقال إن شخصية أمنية إماراتية نافذة وفّرتها للمهدي حيجاوي مجرد سوء تقدير فردي، أم محاولة منهجية لاختبار قابلية اختراق الدوائر السيادية المغربية عبر موظف مطرود؟ وهل ترويج فكرة "مجلس وصاية" وشائعات التغيير في عيد العرش إلا خطوةً لخلق فراغ ثقة يتيح نفوذا خارجيا ناعما، أم أنّها مجرد مزاعم احتيالية تضخمت بفعل ذكاء الاصطناعي؟ أياًّ يكن الجواب، فإن تعزيز الحزم داخليا وخارجيا، ومواصلة فضح شبكات التضليل حيثما تنشط، يظلان الضمانة الأقوى لمنع تكرار تجربة حيجاوي وترسيخ معادلة واضحة: لا مجال لاختراق سيادة المغرب أو مقايضة أمنه بأي غطاء خارجي، مهما بدا براقا أو مُغريا.
الوسوم
المغرب المهدي حيجاوي بوغطاط المغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.