من الاستثمار إلى التحالف: زيارة سفيرة كينيا على رأس وفد هام إلى العيون تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية    سفير أنغولا: تكريم الملك الراحل الحسن الثاني يعكس عمق الصداقة التاريخية بين المغرب وأنغولا    الاتحاد البرتغالي يستأنف طرد رونالدو    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    "تلوثٌ في منطقة الفوسفاط يفوق الحدود المسموح بها".. دراسة تكشف ما يحدث في تربة آسفي الصناعية    إيران تدعو إلى الأخوة والسلام بالمنطقة    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    مديرية الأمن الخارجي بفرنسا تشيد بتعاون المغرب في مجال مكافحة الإرهاب    سيدات الجيش الملكي يواجهن مازيمبي الكونغولي في نصف نهائي أبطال إفريقيا    عمر هلال: الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك، ترتكز على فلسفة العمل والفعل الملموس    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    حموشي يقرر ترقية استثنائية لمفتش شرطة بآسفي تعرّض لاعتداء عنيف    الذكاء الاصطناعي يراقب صناديق القمامة في ألمانيا لضبط المخالفين    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    اليونان تفوز على اسكتلندا في تصفيات كأس العالم    أكاديمية محمد السادس، قاطرة النهضة الكروية المغربية (صحيفة إسبانية)    حكيمي يطمئن المغاربة بصور جديدة    ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    أمين نقطى: زيارة أخنوش لمديونة سنة 2021 آتت أكلها بتنفيذ عدة مشاريع لفائدة الساكنة    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025): البطلة المغربية أمينة الدحاوي تتوج بذهبية التايكواندو لفئة أقل من 57 كلغ    حجز كميات قياسية من الكوكايين والشيرا بوجدة وتوقيف أربعة متورطين    أحكام ثقيلة في الحسيمة ضد متهمين بالاتجار في المخدرات القوية والاعتداء على موظفين عموميين    عمر هلال: الدبلوماسية المغربية تقوم على الفعل الملموس بقيادة جلالة الملك    سيدات الجيش في نصف نهائي الأبطال    البرازيل تزيد تصدير اللحوم للمغرب    المحروقات للربع الثاني من 2025 .. الأسعار تتقلب وهوامش الربح تستقر    العلمي يهاجم "العقول المتحجرة" .. ويرفض توزيع صكوك الغفران السياسية    نشرة إنذارية.. زخات مطرية محليا قوية مرتقبة اليوم السبت وغدا الأحد بعدد من مناطق المملكة    في ظرف ثلاثة أشهر .. أنترنت الجيل الخامس (5G) يغطي 60 مدينة بالمغرب    المغرب... دولة الفعل لا الخطاب    رياض السلطان يقدم مسرحية الهامش وموسيقى لؤلؤة البحيرات العاجية ولقاء فكري حول ذاكرة المثقف    غزة: عشرات الخيام تغرق في مواصي خان يونس جراء الأمطار الغزيرة    عامل العرائش و السلة الفارغة: كيف أنهى الأسطورة و تحققت نبوءة الانهيار!    ترامب: آمل بانضمام السعودية إلى "اتفاقات أبراهام" قريبا... وبن سلمان يزور واشنطن الأسبوع المقبل    ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,2 في المائة مقابل الدولار الأمريكي ما بين 6 و12 نونبر 2025    وليد الركراكي: علينا المحافظة على الثقة في هذه المجموعة ونحن نعرف كيفية تحقيق الفوز    أمطار رعدية قوية... نشرة إنذارية تشمل طنجة وتطوان وعدة مناطق شمالية    استفادة الجيش الصيني من "علي بابا" تثير الجدل    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    نواب "العدالة والتنمية" يطالبون بلجنة تقصّي حقائق في صفقات الدواء وسط اتهامات بتضارب المصالح بين الوزراء    ترامب يلمح لقرار بشأن فنزويلا والجيش الأمريكي يبدأ عملية ضد تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات.. المعطي منجب مع المرض
نشر في برلمان يوم 25 - 01 - 2021

حكاية المعطي منجب مع المرض هي أشبه بحكاية المدين مع "السندات لأجل"، أو مثل حكاية الدائن مع "الاشتراكات في الودائع لأجل". فالرجل لا يمرض ولا تخونه صحته إلا في مواقيت زمنية محددة، وفي سياقات قضائية معلومة، وكأن أسقام الرجل وأقراحه وأتراحه مبرمجة هي الأخرى وفق آجال زمنية محددة.
فمن عبث الصدف، أو من ترتيبات المعطي منجب، أنه لا يمرض ولا تهن قواه إلا إذا استدعته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أو طلبه وكيل الملك للاستنطاق، أو وجهت إليه المحكمة أوامر بالاستقدام، أو أصدر قاضي التحقيق أمرا بإحضاره من السجن للاستماع إليه على ذمة جلسات الاستنطاق التفصيلي.
ومن سخرية الصدف أيضا، أنك لن تصادفالمعطي منجب يمشي على كرسي متحرك، وكأنه شخص يعاني من إعاقة جسدية، إلا إذا استدعته الشرطة القضائية، وكان مطلوبا للبحث التمهيدي.وقتها تخور قوى الرجل، ولا تسعفه مفاصله، فتتناسل المقالات الصحفية الصديقة والبلاغات الحقوقية الرفيقة التي تنسج الأخبار المزعومة عن وهن الرجل، مدعية عدم قدرته على تحمل جلسات التحقيق، وما أن ينتهي أجل الاستدعاء الأمني أو التحقيق القضائي حتى تعاين الرجل يأكل في "الشوايات والأسناك" ويمشي في الطرقات، وكأن المرض المزمن يتعافى تماما بعد استدعاءات الشرطة وأوامر القضاء.
وسوابق الرجل مع "المرض المعلق على أجل" كثيرة ومتعددة ولا حصرية. ويكفي أن يتفحص المرء صور الرجل التمارضية في شبكة الأنترنت حتى يدرك أنها دائما ما تكون مقرونة، وبدون استثناء، بالأوامر والاستدعاءات القضائية. فعندما استدعت الشرطة القضائية بالرباط المعطي منجب في بحث تمهيدي سابق، ادعى هذا الأخير أنه مضرب عن الطعام، بيد أنه كان يأكل خلسة عند أقرب سناك شعبي، ولما شددت المحكمة على حضوره، التمس من حوارييه في منظمات حقوق الإنسان استئجار كرسي متحرك لخفره في " موكب حقوقي مهيب" نحو مقر الشرطة القضائية.
وعندما وجهت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية استدعاءً للرجل للمثول أمامها في شبهات غسل الأموال، نشر تدوينة تمارضية يربط فيها بين الاستدعاء الأمني وإصابته بمرض كورونا، في تجسيد غريب وغير مسبوق للعلاقة السببية، وكأن جميع المغاربة الذين أصابهم الوباء كانوا موضوع استدعاءات من طرف الشرطة. أكثر من ذلك، عندما حدّد وكيل الملك موعد التقديم أمام النيابة العامة، رفض المعطي منجب الحضور والامتثال تحت ذريعة "المرض"، بينما كان، في الوقت ذاته، رفقه صديقهمحمد رضى يتناولان أكلات سريعة ليست خالية من الدسم، كما هو مفترض في وجبات المرضى الحقيقيين.
واللافت للانتباه كذلك، أن المعطي منجب لم يقطع مع دابر "المرض المحدد أجله سلفا"، ولم ينفك يلوذ بهذه الحيلة حتى وهو داخل المؤسسة السجنية. فما أن استدعاه قاضي التحقيق، إلا وظهرت عليهمجددا أعراض فجائية للمرض المزمن، وصدرت عنه دعوات للإضراب العلني عن الطعام، وتواترت معها المقالات والبيانات التضامنية، بيد أن الحقيقة خلاف ذلك، وفق ما جاء في بلاغ إدارة السجن المحلي العرجات 2 الذي يأوي حاليا الرجل، بموجب عقد إقامة تحدد شروطه وآجاله أحكام القانون الجنائي والمسطرة الجنائية.
ولعلّ أهم ما جاء في بلاغ المؤسسة السجنية وهي تتحدث عن الوضع الصحي وشروط إقامة النزيل المعطي منجب، هي طلبات التموين التي وجهها لمقتصدية السجن خلال فترة إشعاره بالدخول في الإضراب المؤقت عن الطعام! فالرجل -حسب البلاغ-استلم مواد غذائية في الفترة الزمنية التي كان يزعم فيها أنه مضرب عن الطعام. فهل كان المعطي منجب يريد احتكار تلك السلع الغذائية في انتظار المضاربة فيها لاحقا، ما دام أنه ليس بحاجة آنية إليها بسبب إضرابه المفترض عن الطعام؟ أم أنه كان يعمل فقط بنصيحة النملة في حوارها الأزلي مع الصرار بشأن"استراتيجية التموين في فصل الشتاء"؟
لكن ما سكت عنه البلاغ، تهامس بشأنه بعض السجناء، الذين أكدوا بأن المواد الغذائية التي استلمها المعطي منجب في فترة "الصوم المزعوم" كانت غنية بالبروتينات والسكريات، إذ منهم من تحدث عن عشرة كؤوس من الياغورت والقشدة والمربى، ومنهم من ضاعف العدد مثلما اعتاد المعطي منجب ورفيقه محمد رضى مضاعفة عدد ضباط الشرطة القضائية الذين كانوا يباشرون إجراءات الضبط والتوقيف في بعض القضايا الزجرية.
ويبقى السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسهبإلحاح اليوم: لماذا يستجدي المعطي منجب المرض كلما كان موضوع إجراء قضائي أو تدبير مسطري؟ وتتفرع عن هذا السؤال عدة استفسارات عرضية من قبيل: لماذا لم يظهر الرجل على كرسي متحرك عندما كان ينتظر الإفراج عن أحد السجناء بعد انتهاء مدة محكوميته، مع أن الساعة كانت فجرا؟ فهل الكرسي المتحرك لا يصلح إلا للذهاب إلى المحكمة ومخافر الشرطة؟ ولماذا لم يتم اشتراط الحمية والغذاء الطبي عندما كان المعطي منجب يتناول الأكلات السريعة في مطعم شعبي بحي حسان التاريخي؟ وهل أكوابالياغورت وقشدة المربى التي طلبها لا تبطل مفعولالإضراب عن الطعام، مثلها مثل "رضاب المضمضة" الذي يختلسه الصائم بعد كل حصة وضوء؟
للأسف، الصدفة والقدر كلاهما براء من أمراض وأسقام الرجل. فادعاء المرض والتظاهر بالإضراب عن الطعام أصبحا عند بعض المنتسبين للحقل الحقوقيوسيلة للتنصل من المتابعات القضائية، ومطية للتأثير في عمل القضاء، و"آلية حقوقية" لشرعنة تبييض الأموال وتسويغ هتك أعراض النساء والرجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.