برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبطال ومعارك
نشر في بيان اليوم يوم 26 - 04 - 2021

هو سعد بن أبي وقاص بن مالك بن أهيب بن زهرة الحبشي (ولد سنة 23 للهجرة / وتوفي سنة 55 للهجرة) الذي شرح الله صدره للإسلام وهو لم يبلغ بعد السابعة عشر ربيعا مع كل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة بعد أن شهد موقف النجاشي حاكم الحبشة بعد رفضه تسليم المسلمين الذين هاجروا إليه واحتموا به، وممّا قيل وروي في ذلك: "….. قبل أن يعلن سعد بن أبي وقاص إسلامه كان له أحد المواقف مع النجاشي حاكم الحبشة الذي كان قد هاجر إليه عدد من المسلمين فراراً بدينهم من المُشركين واضطهادهم لما عرف عن هذا الحاكم من العدل، وحينها قام المشركون بإرسال كل من عمرو بن العاص (كان صديقا للنجاشي) وسعد بن أبي وقاص إلى ملك الحبشة مُحمّلين بالهدايا العظيمة والقيّمة بغية تسليمهم المُسلمين الفارين من قبضة المُشركين وهاجروا إليه ليحتموا به، فرفض النجاشي أن يسلمهم دون أن يستمع لهم وأخذ يقول حينها: يا سعد، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك، فوالله إنه لرسول الله حقا، فقال له سعد أأنت تقول ذلك؟، فقال النجاشي أي والله فاطعني يا سعد، فخرج من الحبشة قاصداً المدينة وكان ذلك في شهر، فقابله في الطريق كلا من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وكانا في طريقهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم لإعلان إسلامهما، فساروا جميعاً واسلموا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ليعلن النجاشي إسلامه فيما بعد، وفي هذا يقول سعد بن أبي وقاص: …. عندما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أبسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه وقبض يديّ وقال مالك يا سعدو؟، فقلت أردت أن أشترط يا رسول الله، فقال اشرط ما شئت، فقلت أن يغفر لي الله، فقال أما علمت بأن الإسلام يَهدم ما قبله وأن الهجرة تَهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله..".
حلم مظلم وإسلام مشرق
يروي لنا محمود شلبي في (سعد بن أبي وقاص: بطل القادسية) واصفا لنا الخطى الأولى لإسلام سعد بن أبي وقاص بالقول "…نشأ سعد بن أبي وقاص مُؤهلا للقتال ورمي السهام، يرتاع مع شباب قريش حياة الصيد والغزو، ويتعرّف على الدنيا من خلال قوافل الحجاج الوافدين إلى مكة المُكرمة أيام الحج ومواسمها الُمتباينة الأهداف والمُتنوعة الغايات، حتى بات له المثل في الصيد والرماية رغم كونه قصيراً غليظاً جعدا شعر الجسم، أفطس الأنف، وهي صفات لم تمنعه من إعلان إسلامه مُبكرا وهو لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ويكون رابع من عزهم الله بالإسلام (بعد علي وأبو بكر وزيد بن حارثة) وأخذ يقول حينها متحدثا عن نفسه: ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الإسلام..!!، ومما يُروى عن إسلامه أنه أسلم عبر حلم حين، فكان في يوٍم رأى رؤية وجد فيها أنه يمشى في مكان مظلم، وكلما مشى أكثر اشتد عليه الظلام، ثم وجد قمراً مُنيراً بشدة، فذهب هناك فإذا به يجد أن أبا بكر الصديق وعلى بن أبي طالب وزيد بن حارثة يقفون أسفله، فعلم أن القمر هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعندها استيقظ وأعلن إسلامه…".
ثورة أم سعد.. ومحبة الرسول
ويضيف الكاتب: "….ما أن سمعت أمه بنبأ إسلامه حتى ثارت ثائرتها وهاجت كالأمواج في وجهه، لكنه بقي بارا بها محبا لها حتى بعد رفضها لإسلامه ومحاولاتها المتكررة لرده عنه، وفي هذا يقول سعد (وما سمعت أمي بخبر إسلامي حتى ثارت ثائرتها، وكنت فتى باراً بها مُحباً لها، فأقبلت عليّ تقول: يا سعد، ما هذا الدين الذي اعتنقته فصرفك عن دين أمك وأبيك؟ والله لتدعن دينك الجديد أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك حزناً عليّ ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس أبد الدهر، فقلت: لا تفعلي يا أماه فأنا لا أدع ديني لأي شيء)، إلا أن أمّه اجتنبت الطعام ومكثت أياماً على ذلك فهزل جسمها وخارت قواها، فلما رآها سعد قال لها (يا أُماه إني على شديد حبي لك لأشد حباً لله ولرسوله ووالله لو كان لك ألف نفس فخرجت منك نفساً بعد نفس ما تركت ديني هذا بشيء)، فلما رأت الجد أذعنت للأمر وأكلت وشربت على كره منها ونزل قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، ونال بذلك محبة كبيرة لدى النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال فيه حينما سأله يا رسول الله من أنا: (سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ)، وقال عنه يوم أحد بعد أن عدّ أول من رمى بالسهم في الإسلام (إرم يا سعد، فداك أبي وأمي)، ويقول علي بن أبي طالب (ما سمعت رسول الله يفدي أحدا بأبويه إلا سعدا، فإني سمعته يوم أحد يقول: ارم يا سعد، فداك أبي وأمي)، حتى عدّ سعد من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه، ومجاهداً في معركتي بدر وأحد.
المُهمة الأولى في الإسلام
كانت أولى المهام التي أسندت إلى سعد بن أبي وقاص عقب إسلامه حينما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم ليغرق جمعاً لقضاعة يريدون غزو المدينة، فسار عمرو على رأس مسيرة قوامها ثلاثمائة مقاتل وآزرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائتين من المُهاجرين والأنصار كان من بينهم عمر وأبو بكر وأبو عبيده بن الجراح وكتب النصر لجيش الرسول، وباتوا ليلتهم في العَراء دون أن يُوقدوا النار للتدفئة، وعندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن سبب رفضه إشعال النار قال عمرو: كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مَدَد فيعطفوا عليهم، وكرهت أن يوقدوا ناراً فيرى عددهم وقلتهم، فحمد الرسول الكريم حسن تدبيره وسدادة رأيه وفطنته، وأخذ يلعب دوراً كبيراً في الفتوحات والمعارك الإسلامية التي كان أشهرها معركة القادسية، وفي هذا يستطرد محمود شلبي بالقول ".. سرعان ما توالت فتوحات وانتصارات ابن العاص في الشام ( كان قد شارك في معركة اجنادين ومعركة اليرموك)، فأخذ يوجه نظره إلى مصر فرغب في فتحها بعد إقناع الخليفة عمر بن الخطاب الذي أعدّ له العتاد والعدد من أجل التوجه لفتح مصر، فسار على رأس جيش مُكون من أربعة آلاف مُقاتل فقط وكتب عمر بن الخطاب رسالة إلى سعد قال فيها: ….إذا بلغتك رسالتي هذه قبل دخول مصر فارجع، وإلا فسر على بركة الله …!!، كانت تلك الرسالة قد وصلت إليه وهو في طريقه إلى مصر وقد علم بما تحتويه فرفض فتحها حتى وصل مشارف مصر وقال للصحابة أين نحن الآن في فلسطين أم في مصر؟، فأجابوه في مصر، فقال إذن نسير في سبيلنا كما يأمر أمير المؤمنين، وكان أول اشتباك له مع الروم بمدينة (الفرما) التي قهر جيشها وفتح (بلبيس) وقهر قائدها الروماني (ارطبون) الذي كان قائدا للقدس وفرّ منها مُسرعا من جيش عمرو بن العاص، فحاصر حصن (بابليون) حيث المقوقس حاكم مصر من قبل هرقل الذي اضطر إلى الاستسلام ودفع الجزية..".
هو سعد بن أبي وقاص بن مالك بن أهيب بن زهرة الحبشي (ولد سنة 23 للهجرة / وتوفي سنة 55 للهجرة) الذي شرح الله صدره للإسلام وهو لم يبلغ بعد السابعة عشر ربيعا مع كل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة بعد أن شهد موقف النجاشي حاكم الحبشة بعد رفضه تسليم المسلمين الذين هاجروا إليه واحتموا به، وممّا قيل وروي في ذلك: "….. قبل أن يعلن سعد بن أبي وقاص إسلامه كان له أحد المواقف مع النجاشي حاكم الحبشة الذي كان قد هاجر إليه عدد من المسلمين فراراً بدينهم من المُشركين واضطهادهم لما عرف عن هذا الحاكم من العدل، وحينها قام المشركون بإرسال كل من عمرو بن العاص (كان صديقا للنجاشي) وسعد بن أبي وقاص إلى ملك الحبشة مُحمّلين بالهدايا العظيمة والقيّمة بغية تسليمهم المُسلمين الفارين من قبضة المُشركين وهاجروا إليه ليحتموا به، فرفض النجاشي أن يسلمهم دون أن يستمع لهم وأخذ يقول حينها: يا سعد، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك، فوالله إنه لرسول الله حقا، فقال له سعد أأنت تقول ذلك؟، فقال النجاشي أي والله فاطعني يا سعد، فخرج من الحبشة قاصداً المدينة وكان ذلك في شهر، فقابله في الطريق كلا من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وكانا في طريقهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم لإعلان إسلامهما، فساروا جميعاً واسلموا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ليعلن النجاشي إسلامه فيما بعد، وفي هذا يقول سعد بن أبي وقاص: …. عندما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أبسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه وقبض يديّ وقال مالك يا سعدو؟، فقلت أردت أن أشترط يا رسول الله، فقال اشرط ما شئت، فقلت أن يغفر لي الله، فقال أما علمت بأن الإسلام يَهدم ما قبله وأن الهجرة تَهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله..".
حلم مظلم وإسلام مشرق
يروي لنا محمود شلبي في (سعد بن أبي وقاص: بطل القادسية) واصفا لنا الخطى الأولى لإسلام سعد بن أبي وقاص بالقول "…نشأ سعد بن أبي وقاص مُؤهلا للقتال ورمي السهام، يرتاع مع شباب قريش حياة الصيد والغزو، ويتعرّف على الدنيا من خلال قوافل الحجاج الوافدين إلى مكة المُكرمة أيام الحج ومواسمها الُمتباينة الأهداف والمُتنوعة الغايات، حتى بات له المثل في الصيد والرماية رغم كونه قصيراً غليظاً جعدا شعر الجسم، أفطس الأنف، وهي صفات لم تمنعه من إعلان إسلامه مُبكرا وهو لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ويكون رابع من عزهم الله بالإسلام (بعد علي وأبو بكر وزيد بن حارثة) وأخذ يقول حينها متحدثا عن نفسه: ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الإسلام..!!، ومما يُروى عن إسلامه أنه أسلم عبر حلم حين، فكان في يوٍم رأى رؤية وجد فيها أنه يمشى في مكان مظلم، وكلما مشى أكثر اشتد عليه الظلام، ثم وجد قمراً مُنيراً بشدة، فذهب هناك فإذا به يجد أن أبا بكر الصديق وعلى بن أبي طالب وزيد بن حارثة يقفون أسفله، فعلم أن القمر هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعندها استيقظ وأعلن إسلامه…".
ثورة أم سعد.. ومحبة الرسول
ويضيف الكاتب: "….ما أن سمعت أمه بنبأ إسلامه حتى ثارت ثائرتها وهاجت كالأمواج في وجهه، لكنه بقي بارا بها محبا لها حتى بعد رفضها لإسلامه ومحاولاتها المتكررة لرده عنه، وفي هذا يقول سعد (وما سمعت أمي بخبر إسلامي حتى ثارت ثائرتها، وكنت فتى باراً بها مُحباً لها، فأقبلت عليّ تقول: يا سعد، ما هذا الدين الذي اعتنقته فصرفك عن دين أمك وأبيك؟ والله لتدعن دينك الجديد أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك حزناً عليّ ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس أبد الدهر، فقلت: لا تفعلي يا أماه فأنا لا أدع ديني لأي شيء)، إلا أن أمّه اجتنبت الطعام ومكثت أياماً على ذلك فهزل جسمها وخارت قواها، فلما رآها سعد قال لها (يا أُماه إني على شديد حبي لك لأشد حباً لله ولرسوله ووالله لو كان لك ألف نفس فخرجت منك نفساً بعد نفس ما تركت ديني هذا بشيء)، فلما رأت الجد أذعنت للأمر وأكلت وشربت على كره منها ونزل قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، ونال بذلك محبة كبيرة لدى النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال فيه حينما سأله يا رسول الله من أنا: (سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ)، وقال عنه يوم أحد بعد أن عدّ أول من رمى بالسهم في الإسلام (إرم يا سعد، فداك أبي وأمي)، ويقول علي بن أبي طالب (ما سمعت رسول الله يفدي أحدا بأبويه إلا سعدا، فإني سمعته يوم أحد يقول: ارم يا سعد، فداك أبي وأمي)، حتى عدّ سعد من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه، ومجاهداً في معركتي بدر وأحد.
المُهمة الأولى في الإسلام
كانت أولى المهام التي أسندت إلى سعد بن أبي وقاص عقب إسلامه حينما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم ليغرق جمعاً لقضاعة يريدون غزو المدينة، فسار عمرو على رأس مسيرة قوامها ثلاثمائة مقاتل وآزرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائتين من المُهاجرين والأنصار كان من بينهم عمر وأبو بكر وأبو عبيده بن الجراح وكتب النصر لجيش الرسول، وباتوا ليلتهم في العَراء دون أن يُوقدوا النار للتدفئة، وعندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن سبب رفضه إشعال النار قال عمرو: كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مَدَد فيعطفوا عليهم، وكرهت أن يوقدوا ناراً فيرى عددهم وقلتهم، فحمد الرسول الكريم حسن تدبيره وسدادة رأيه وفطنته، وأخذ يلعب دوراً كبيراً في الفتوحات والمعارك الإسلامية التي كان أشهرها معركة القادسية، وفي هذا يستطرد محمود شلبي بالقول ".. سرعان ما توالت فتوحات وانتصارات ابن العاص في الشام ( كان قد شارك في معركة اجنادين ومعركة اليرموك)، فأخذ يوجه نظره إلى مصر فرغب في فتحها بعد إقناع الخليفة عمر بن الخطاب الذي أعدّ له العتاد والعدد من أجل التوجه لفتح مصر، فسار على رأس جيش مُكون من أربعة آلاف مُقاتل فقط وكتب عمر بن الخطاب رسالة إلى سعد قال فيها: ….إذا بلغتك رسالتي هذه قبل دخول مصر فارجع، وإلا فسر على بركة الله …!!، كانت تلك الرسالة قد وصلت إليه وهو في طريقه إلى مصر وقد علم بما تحتويه فرفض فتحها حتى وصل مشارف مصر وقال للصحابة أين نحن الآن في فلسطين أم في مصر؟، فأجابوه في مصر، فقال إذن نسير في سبيلنا كما يأمر أمير المؤمنين، وكان أول اشتباك له مع الروم بمدينة (الفرما) التي قهر جيشها وفتح (بلبيس) وقهر قائدها الروماني (ارطبون) الذي كان قائدا للقدس وفرّ منها مُسرعا من جيش عمرو بن العاص، فحاصر حصن (بابليون) حيث المقوقس حاكم مصر من قبل هرقل الذي اضطر إلى الاستسلام ودفع الجزية..".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.