الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"    نجاح كبير للدورة ال16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    طلاب مغاربة يتضامنون مع نظرائهم الغربيين الداعمين لغزة    عاجل.. رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز يقرر البقاء في منصبه    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    "غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة    أبرزها الاستبعاد من بطولات إفريقيا.. العقوبات المنتظرة على اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    بيدرو سانشيز يكشف قراره النهائي بخصوص الاستمرار في منصبه    مجلس المنافسة: 40 في المئة من الخضر والفواكه بالمغرب تتعرض للتلف    النفط يهبط 1% مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار في غزة    تقرير: نمو "سياحة المغامرات" يتخطى 19% بحلول 2032    بنكيران: "مرشحو العدالة والتنمية لا تهزمهم المنافسة الشريفة بل استعمال المال ورئيس الحكومة يختبئ وراء الملك"    تيزنيت.. 5 نقابات صحية تدعو لفتح تحقيق معمّق بشأن شبكة المؤسسات الصحية    السكوري…المخاطر المهنية يمكن تفاديها بإرساء نظام فعال للسلامة وثقافة وقائية    للمنافسة عالميا.. جهود مغربية لتطوير صناعة الألعاب الإلكترونية    أسعار الذهب تتراجع مع انحسار آمال خفض سعر الفائدة الأمريكية    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    الدرهم يتراجع ب 0,46 في المائة مقابل الأورو    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    حادث سير خطير بالقرب من المحكمة الابتدائية يتسبب في إصابة خمسة أشخاص    المشتبه فيه فقتل التلميذة "حورية" بصفرو قرقبو عليه بوليس فاس: العملية الأمنية شاركت فيها الديستي وها فين لقاو المجرم    النائب المرابط إلى وزير التربية الوطنية: إحداث ثانوية بجماعة بليونش ستكون له انعكاسات جد إيجابية تربويا واجتماعيا    واش يبقى ولا يستاقل. اليوم يتحدد مصير رئيس الحكومة الصبليوني. خدا ويكاند باش ياخد قرارو بعد اتهام مراتو بالفساد    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سبعة من عمالها    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    بالفيديو.. الجيش الإسباني ينفذ تمارين عسكرية على الحدود مع الناظور    الحكومة والنقابات توقعات على زيادات عامة في الأجور وتخفيضات في الضريبة على الدخل    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    تقرير: المغرب وإسرائيل يسعيان تعميق التعاون العسكري رغم الحرب في غزة    يوسفية برشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني بعد التعادل مع تطوان    رواد مركبة الفضاء الصينية "شنتشو-17" يعودون إلى الأرض في 30 أبريل    هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلاسفة والحب -الحلقة 5-
نشر في بيان اليوم يوم 17 - 03 - 2024

لم يحاول أحد مواجهة الرؤى المختلفة للفلاسفة حول الحب لدرجة أن المرء قد يكتشف مزيدا من العمق في الحديث عن الحب في الأغاني الشعبية عنه عند المفكرين المعاصرين. إذ ثمة فكرة سائدة بأن الفلسفة والحب لا يجتمعان ويقطن كل منهما في غرفة منفردة، منذ العصور الحديثة على الأقل.
فمع كون الحب الظرف القدري للسعادة عند غالبية البشر، والعنصر الدائم لكل أشكال الدراما الأدبية، إلا أن الفلاسفة قد أثاروه بتحفظ يشبه من يدخل إلى قفص الأسد ويخشى أن يؤكل حياً.
فقد نفهم أن الفلاسفة يطالعون تلك العاطفة الغريبة بكثير من التعقل لأنهم مشغولون بتحرير الإنسان من كل أشكال العبودية العقلية، فيما يؤدي الحب بالإنسان إلى الموت كمدا.
هناك العديد من أنواع الحب، نزوة الأيام المعدودة، الاستلاب المقيد، الفتور المستمر، الجموح الخاطف، الاعتياد البارد.. ولم يفلت الفلاسفة من كل تلك الأنواع.
قضية هذا الكتاب لماري لمونييه واود لانسولان ترجمة دينا مندور، محاولة للنظر في هذه النقطة بعدالة، على طريقتهم المرتبكة أو المختالة، واللاذعة في معظم الأحيان، بل والعدائية الشرسة التي انتهجها بعضهم، والحديث عن كل ذلك بلهجة حاسمة فجميعهم في الحقيقة لديهم ما يقولونه لنا عن الحب، وعما يصاحبه من وهم وخلود، وما يولده من معاناة، وعن الطريقة التي نطمح بها لترويضه.
في الحقبة المعاصرة انقلب السحر المرتبط بالحب إلى تفاهة دنيئة
واجه أفلاطون، مسبقاً، «الرغبة المشؤومة» للشاعر لوكريس، والوهم الخادع للعاطفة الجياشة التي وصفها خلفاؤه، بالرغبة المجنحة، والضوء الساطع، والخصوبة الروحية للحب. فالحب، عنده، يهدف إلى السعادة وليس إلى الاكتفاء بأسبوع عابر لنزوة شهوانية، إنما في إرضاء وتجديد رغبة متقدة دائماً. نلاحظ أن هذا الشطط نحو الشيء الروحي هو الذي سيقدم لنا في ما بعد، بتحوير للمعنى، التعريف اللاجنسي «العلاقات الحب الأفلاطوني». ولكننا سنخطئ في الاعتقاد بهذا الازدراء للبعد الجسدي عند أفلاطون. فقد وصف باعتباره المرحلة الأولى لارتقاء النفس، الحب الأرضي، فحب الأجساد لا يؤدي سوى إلى بديل للخلود. بديل مصنوع من الخرق التي تتجمع كما ثوب من خليط مرقع، لكنه أيضاً يعطي الخلود الظاهري. في فيدرا، نجد أن العشاق المتعانقين لا يذهبون إلى سراديب الجحيم، بل تنمو أجنحتهم مع الوقت. هناك نوع من الجمال الحقيقي في هذا الاندفاع يجعلهم يشعرون بتسامي أنفسهم، ميتافيزيقياً، في روح أخرى. ولكن مع الأسف، «انفصل الحب عن الجمال»، كما يؤكد لاكان.
ففي الحقبة المعاصرة، انقلب السحر المرتبط بالحب إلى تفاهة دنيئة، وإلى عجز مزر بين الأجساد. تعرض روايات ميشيل ووليبيك بقسوة دور الخزي الذي يمارسه اليوم الإنسان الشهواني، ويشير أيضًا الكاتب فرانسوا ميروني في كتابه عن الإبادة التي اعتبرت أحد الفنون الجميلة ، والتي تشير بالنسبة له إلى هاوية من العفونة يصل إليها المجتمع عندما يتحول الجماع إلى رأس مال نرجسي بسيط. فلو ربط أفلاطون الرغبة بالشوق أي استبدال الشوق الميتافيزيقي بالحاجة المتدنية، لكان ذلك هو البؤس الكبير، آلة لا تكف عن توليد الإحباط.
نحن نجرد الفاعل من رغبته، كما يضيف لاكان، وفي المقابل نرسلها إلى السوق، لنعرضها في المزاد في تبادلية الأجساد والتعطش عصر المستمر، فإن «إيروس المتوله، تحوّل إلى إيروس الطاغية». إن نفساً مضطهدة كتلك ستظل فريسة للعوز والفراغ، كما تنبأت فيدرا. إنها لشطط نحو الشيء الروحي هو الذي سيقدم لنا في ما بعد، بتحوير للمعنى، التعريف اللا جنسي العلاقات الحب الأفلاطوني. ولكننا سنخطئ في الاعتقاد بهذا الازدراء للبعد الجسدي عند أفلاطون. فقد وصف باعتباره المرحلة الأولى لارتقاء النفس، الحب الأرضي، فحب الأجساد لا يؤدي سوى إلى بديل للخلود. بديل مصنوع من الخرق التي تتجمع كما ثوب من خليط مرقع، لكنه أيضاً يعطي الخلود الظاهري. في فيدرا، نجد أن العشاق المتعانقين لا يذهبون إلى سراديب الجحيم، بل تنمو أجنحتهم مع الوقت. هناك نوع من الجمال الحقيقي في هذا الاندفاع يجعلهم يشعرون بتسامي أنفسهم، ميتافيزيقياً، في روح أخرى. ولكن مع الأسف، انفصل الحب عن الجمال، كما يؤكد لاكان.
ففي الحقبة المعاصرة، انقلب السحر المرتبط بالحب إلى تفاهة دنيئة، وإلى عجز مزر بين الأجساد تعرض روايات ميشيل ووليبيك بقسوة دور الخزي الذي يمارسه اليوم الإنسان الشهواني، ويشير أيضًا الكاتب فرانسوا ميروني في كتابه عن الإبادة التي اعتبرت أحد الفنون الجميلة، والتي تشير بالنسبة له إلى هاوية من العفونة يصل إليها المجتمع عندما يتحول الجماع إلى رأس مال نرجسي بسيط. فلو ربط أفلاطون الرغبة بالشوق أي استبدال الشوق الميتافيزيقي بالحاجة المتدنية، لكان ذلك هو البؤس الكبير ، آلة لا تكف عن توليد الإحباط.
نحن نجرد الفاعل من رغبته، كما يضيف لاكان، وفي المقابل نرسلها إلى السوق، لنعرضها في المزاد في تبادلية الأجساد والتعطش عصر المستمر، فإن «إيروس المتوله، تحوّل إلى إيروس الطاغية». إن نفساً مضطهدة كتلك ستظل فريسة للعوز والفراغ، كما تنبأت فيدرا. إنه عرض للخيالات الجنسية الإعلامية على أجساد مسكونة أقل فأقل.
إنه بئر من الحزن بلا قرار بالنسبة «الحضونين» (جني ذكر يمارس الغرام النساء أثناء نومهن) و«السقوبات» (جني أنثى تمارس الغرام مع الذكور أثناء نومهم) الذين أصبحوا رجالاً ونساءً يمتع بعضهم بعضاً. ويرى الفيلسوف المعاصر آلان باديو، أننا قد نجرؤ، مع سقراط، على تأكيد تلك الفكرة الحقيقية، والمبدأ، في مقابل شبح تلك الحرية التي ترهقنا حرية الاعتماد على أشياء عديمة الشأن وعلى رغبات تافهة. وهل تنبغي استعادة حماسة القلب النقي، بتلافي الإحباط المعاصر، كي نحرر إيروس؟ إنها القوة الأولية التي تدفعنا وتحركنا في غموض، كما قال أورتيجا إي جاسيه الذي استنكر في القرن الماضي، كيف أننا لم نعد نتحدث عن الحب الحقيقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.