بعد أن توارت عن الواجهة، هاهي قضية المتقاعدات والمتقاعدين تعود إلى صدارة الاهتمام والنقاش، وذلك على الأقل من خلال: ما أعلن عن تحرك اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد. عروض وتصورات مؤسسات معنية بتدبير الموضوع. إعلان الحكومة عن وضع ملف التقاعد ضمن لائحة القضايا المطروحة للمعالجة في الآجال المنظورة. عودة هذه المسألة إلى «التداول» في مربع الحالية مسألة طبيعية جدا بالنظر إلى كون شريحة المتقاعدين، من كل القطاعات المهنية، تستحق أن تكون محل تقدير وتكريم واعتراف بما قدمته من خدمة وعطاء للوطن والمجتمع. على أن هذا الاستحقاق لا يعفي المعنيين من العمل التنظيمي والجماعي للدفاع عن حقوقهم ومطالبهم وكرامتهم. وحتى لا تكون هذه الشريحة هي الرقم المنسي في معادلات الحراك الاجتماعي، فمن حقها أن تتطلع إلى تضامن ومساندة كل القوى الفاعلة في الحقل الاجتماعي والسياسي من أحزاب ونقابات ومؤسسات ومنظمات مهنية. والواقع أن حيوية وآنية ملف التقاعد والمتقاعدين تتأكد من خلال المنطلقات والتصورات والمواقف التي ظهرت وتظهر في مجرى البحث عن أفضل السيناريوهات الممكنة، وكيف الوصول في كل الأحوال إلى القيام بالإصلاحات اللازمة وبما يضمن الحقوق الأساسية للمتقاعد وكرامته. على هذا الطريق كانت فدرالية جمعيات المتقاعدين بالمغرب قد بعثت، منذ شهر أبريل الماضي، بمذكرة إلى رئيس الحكومة طرحت فيها اهتمامات وتطلعات المتقاعدين. وقدمت بتفصيل مطالبها وتصورها في الموضوع تمحورت بالخصوص عن قضايا جوهرية من قبيل: إحداث إطار قانوني يحمي المتقاعد ويعزز مكانته ويحدد في نفس الوقت علاقاته بالسلطات العمومية إن نجاح أي إصلاح يتوقف على مدي ارتكازه على الإنصاف والعدالة الاجتماعية وعلى احترام مبادئ أساسية، منها: الحفاظ على المكتسبات، ضمان استمرارية نظام التقاعد على المدى البعيد، ربط توازن الصناديق بتنمية التشغيل... إشراك المتقاعدين في الحوار الاجتماعي. ضمان تمثيلية المتقاعدين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي حتى يتوفر المتقاعدون على منبر ملائم آخر لإسماع صوتهم بشأن قضايا التقاعد. تمثيلية المتقاعدين في المجالس الإدارية لصناديق التقاعد مع إعطائهم حق المشاركة في النقاش والتصويت. مطالبة السلطات العمومية، بخصوص التغطية الصحية، باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد للاختلالات التي يعاني منها المتقاعد وإلزام التعاضديات وشركات التأمين بتطبيق المساواة بين المزاولين والمتقاعدين ومعالجة الملفات الطبية بدون أي فرق أو تمييز. فيما يخص الوضعية المعاشية وتحسين المعاش: مراجعة الضريبة على المعاش، تحسين المعاش الأدنى وتعميمه على الأرامل وكافة الصناديق، إصدار قانون يهم كافة الصناديق ويستفيد المتقاعدون بمقتضاه من إعادة تقييم سنوية للمعاشات بنسبة تساوي على الأقل نسبة التضخم. هذه المطالب والتطلعات أكد عليها مجددا المكتب الفدرالي لهذه الهيئة التي تضم أزيد من 25 جمعية وطنية للمتقاعدين (من مختلف القطاعات الخاص والعام)، وذلك أثناء اجتماعه مؤخرا بالدار البيضاء. وهي مطالب وقضايا تكون معها الفدرالية وجمعيات المتقاعدين أمام مهام تستوجب كثيرا من الجهد والعمل من أجل الدفع بعجلة الإصلاح المطلوب في مجال التقاعد والتغلب على كل العقبات التي ظهرت بشأن المرجعيات والسيناريوهات المتداولة وأيضا بطريقة وآليات الحوار الحالي الذي نصبت له لجنة وطنية وأخرى تقنية منذ مناظرة 2003. وإن كانت السلطة الحكومية المعنية تسلم بأن إصلاح نظام التقاعد يكتسي راهنية وحساسية كبيرة ويعد أساسيا في إطار التضامن بين الأجيال فهذا ما يحفز على الإسراع بتدارك التعثر الذي عرفه هذا الملف وجعل مقاربته ومعالجته تتم وفق منهجية تشاركية.