مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    كتل ضبابية وحرارة مرتفعة ورياح قوية في طقس يوم الجمعة    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    مجلس جماعة أولاد بوبكر يصادق بالإجماع على نقاط دورة ماي وغياب الأطر الطبية أبرز النقاط المثارة    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    الكعبي يتألق في أولمبياكوس اليوناني    رسميا.. اكتمال مجموعة المنتخب المغربي في أولمبياد باريس 2024    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    الجيش الملكي يُخرج بركان من كأس العرش    كأس العرش لكرة القدم.. الجيش الملكي يبلغ ثمن النهائي بفوزه على نهضة بركان بالضربات الترجيحية 8-7    بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    تفكيك مخيّم يثير حسرة طلبة أمريكيين    وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية    الملك يعزي بن زايد في وفاة طحنون آل نهيان    العقائد النصرانية    تنفيذ قانون المالية يظهر فائضا في الميزانية بلغ 16,8 مليار درهم    الأمثال العامية بتطوان... (588)    قرار بعدم اختصاص محكمة جرائم الأموال في قضية اليملاحي وإرجاع المسطرة لمحكمة تطوان    أوروبا تصدم المغرب مرة أخرى بسبب خضر غير صالحة للاستهلاك    أمطار طوفانية تغرق الإمارات وتتسبب في إغلاق مدارس ومقار عمل    مركز دراسات.. لهذا ترغب واشنطن في انتصار مغربي سريع في حال وقوع حرب مع الجزائر    أول تعليق من حكيمي بعد السقوط أمام بوروسيا دورتموند    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    ها التعيينات الجديدة فمناصب عليا لي دازت اليوم فمجلس الحكومة    بايتاس رد على لشكر والبي جي دي: الاتفاق مع النقابات ماشي مقايضة وحنا أسسنا لمنطق جديد فالحوار الاجتماعي    أزمة طلبة الطب وصلت ل4 شهور من الاحتقان..لجنة الطلبة فتهديد جديد للحكومة بسنة بيضاء: مضطرين نديرو مقاطعة شاملة    فوضى «الفراشة» بالفنيدق تتحول إلى محاولة قتل    ارتفاع حصيلة القتلى في غزة.. واعتقالات في الضفة الغربية    "الأمم المتحدة" تقدر كلفة إعادة إعمار غزة بما بين 30 إلى 40 مليار دولار    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    طاهرة تودع مسلسل "المختفي" بكلمات مؤثرة        رسميا.. جامعة الكرة تتوصل بقرار "الكاف" النهائي بشأن تأهل نهضة بركان    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الطريق إلى مكة
نشر في بيان اليوم يوم 20 - 07 - 2014


مشاهدات في بادية الخليج
اليومية 18
قبل رفع أذان الصلاة بقليل تسمع أبواب المتاجر تغلق في وقت واحد.. وهذه المتاجر موكول العمل فيها للعامل الأجنبي سوداني أو مصري أو يمني أو باكستاني أو جاوي في الغالب وهو الذي ستحاسبه هيأة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن تأخر في إغلاق المحل.. وهو من سيتعرض للعقاب وليس صاحب المحل الذي هو المواطن طبعا.
الملابس والأقمشة في سوق العتيبية تكون أرخص وذلك لأن أصحاب الدكاكين هنا لا يؤدون أية ضرائب أو عوائق تُثقلُ كواهلهم وتحولُ دون تحقيق أرباح مهمة..
في هذا السوق حوالي ثلاثة حوانيت للحلاقة يعمل فيها مغاربة.. والحلاقون المغاربة هنا عندهم شهرة ومكانة كبيرة وزبناؤهم كثيرون.. وضعيتهم أحسن من وضعية باقي العمال خصوصا العاملين في الجبس وقد عوضهم الهنود والباكستانيون بعد أن تعلموا الصنعة والحرفة من المغاربة الذين كانوا يستعينون بهؤلاء في عملهم إلا أنه سرعان ما نقلوا عنهم الصنعة والحرفة فأصبحوا منافسين للعمال المغاربة إذ يعملون بأثمنة أقل ولذلك كثر الإقبال على خدماتهم وقل الطلب على المغاربة نظرا لارتفاع أجورهم..
وتوجد على هوامش هذا السوق مساجد صغيرة يقوم بالآذان والصلاة بالناس فيها أجانب في الغالب..
منهم من تجد له صوتا أثناء الآذان يسحر الألباب..
والذي يجب أن يقوم بتلك المهمة في الحقيقة هم المواطنون السعوديون لأنهم يأخذون راتبا شهريا عن كل مسجد يؤذنون ويصلون فيه بالناس.. لكن معظمهم يتكفل بأجنبي ليقوم بهذه المهمة بدلا عنه مقابل 500 ريال أو 600 ريال سعودي والباقي ربح صافي للمواطن الذي لم تعد له علاقة بالمسجد الذي هو في عهدته سوى أخذ الراتب في آخر الشهر .
....
سكنت أنا وزميلي في غرفة أجرها لنا السيد عوض العتيبي في السيل الصغير وبثمن رخيص جدا ..
كانت الغرفة لا تتوفر إلا على سجاد فُرش على الأرض.. ولم يكلفنا الأمر سوى شراء إسفنجة كفراش ووسادة وغطاء لكل واحد .
عدنا من العمل في هذا اليوم مرهقين بالحرارة ومسافة الطريق خصوصا أنه أول يوم لنا في السيل الصغير صلينا الظهر في المليحاء.. ومن نافذة المسجد كنت أصلي بجسدي أما عقلي فهو مركز على شيء كنت أراه يتحرك على شكل ثعبان أسود عبر نافذة المسجد.. خصوصا أن الصحراء أية صحراء طبيعي أن تكون فيها حشرات و ثعابين سامة.. كانت صلاتي تلك بسب الخوف من حجم الثعبان عبارة عن سجود وركوع بدون خشوع يذكر....
بعد نهاية الصلاة استفسرت الطلبة عن الثعبان الذي لا يزال كما رأيته أول مرة.. فإذا بالطالب يخبرني أن ما أراه هو فرع شجرة صغيرة يشبه الثعبان ..
انتهى الدوام وعدنا من العمل عبر الصحراء التي يمر منها وادي الشامية.. هذا الوادي يكون خطيرا في فصل الشتاء كما حكى لنا أهالي القرية وسنتحقق من خطورته فيما بعد بأنفسنا..
تناولت وزميلي وجبة الغذاء وأخذنا قسطا من الراحة.. كان العصر قد أذن وأنا غارق في نومي بينما زميلي ذهب إلى مسجد صغير بجوار المطعم على حاشية الطريق..
في نومي عصرا كنت أحلم بذلك الثعبان الذي تخيلته وأنا أصلي، إذا بعسكريين يدخلان الغرفة بدون استئذان ويوقظاني بطريقة همجية..
قم قم ..
فركت عيني وأنا أرى العسكريين واقفين على رأسي لم أعد أميز بين الحقيقة والحلم..
من أنت.. يا أنت..؟
أنا مغربي ..
استغرب العسكريان وهما يسمعان ويريان لأول مرة مغربيا عندهم في هذه الديار..
مغربي ..؟ ويش جاي تعمل هنا..؟
أنا مدرس.. في قرية المليحاء..
طيب.. العصر أدنْ وأنت نايم.. ما تريد تقوم تصلي..؟
أنا لم أسمع أذان العصر.. ثم إني في غرفتي.. وأنتما تهجمتما علي بدون حق..
كنت أحدثهم وأنا أحسب نفسي في بلد غربي تحكمه القوانين الوضعية وليس الأعراف القبلية.. لذلك لم تعجب حدة كلامي العسكريين فنهرني أحدهم ..
الحق عندنا أنك ما تأخر الصلاة.. قمْ تصلي.. قمْ
قمت لأبحث عن صنبور الماء عسى أن أجده بجوار الغرفة لأن المكان جديد علي ولم أكتشفه كله بعد.. اتجهت صوب المسجد، ثم عدت وزميلي لنجد العسكريين جالسين على شرب الشاي والشيشة في الغرفة.
استغربت لرجلي أمن ينصحاني بالصلاة وهما لم يصليا وجلسا في غرفتنا بدون حق يشربان الشاي ويدخنان الشيشة..
فيما بعد فهمني السيد مصطفى والعامل الهندي في المطعم أن العسكريين اعتادا بعد الأذان أن يركنا سيارتهما خلف بناية المطعم ويشربان الشاي والشيشة خفية عن الأعين في نفس الغرفة التي أجرها لنا عوض ولذلك هما منزعجان منا.
ولما أخبرنا عوض صاحب الغرفة بما وقع لنا مع العسكريين وأخبرناه بأننا سنبحث عن سكن آخر .. أقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يغفر لهما ما فعلاه في حقنا .. وفعلا منذ ذلك اليوم أصبح العسكريان يعاملاننا باحترام .
لكن بدأنا نشعر ونحن حديثي العهد بهذه الديار التناقض الحاصل في القول والعمل عند بعض الإخوة هنا .. اهتمام متزايد ومبالغ فيه ومتشدد في الدين ..فهم يفرضون التدين على الأجنبي لكن بالمقابل هناك إهمال كبير في تطبيق تعاليمه على أنفسهم ومواطنيهم .. فمع العشرة وطول المقام بينهم تحس وكأن هذه الشعائر تؤدى عند البعض منهم بحكم العادة ليس إلاَّ .
كانت هذه البناية ل «عوض» مكانا ملائما ليستريح فيها القادمون من الطائف إلى مكة أو العكس.. بناية مكونة من مطعم في الأسفل وثلاث غرف في الطابق الأول.. وأربعة غرف أرضية.. ومسجد صغير يصلي فيه العاملون بالمطعم وهم قلة منهم أنا وزميلي وبعض عابري السبيل.
المسافرون العابرون إلى مكة قصد العمرة يعتمرون في ميقات قرن المنازل والذي يسمى اليوم بالسيل الكبير وهو لا يبعد كثيرا عن السيل الصغير إلا بمسافة قصيرة كنت أقطعها راجلا بشكل شبه يومي لأتحدث في الهاتف مع أهلي في المغرب أو لأشتري حاجياتي من بقالة يشتغل فيها رجل أثيوبي حاصل على شهادة الدكتوراه في بلده كما أخبرني .
ولكم استغربت حينها لرجل يحمل شهادة دكتوراه ويشتغل بائعا في بقالة.!
....
كان ل «عوض العتيبي» نفوذ في المنطقة.. ومطعمه هذا يوجد على حاشية الطريق الرئيسي بين مكة والطائف وباقي الحجاج القادمين من نجد ودول مشرقية أخرى عبر مدينة الطائف..
المطعم مفتوح ليل نهار يشتغل فيه هنود بالتناوب ومعهم رجل مصري كنت أناديه «»عم مصطفى» وهو يتكلف في الغالب بإعداد الشيشة للزبائن..إذ توجد بالمطعم عدة أنواع من أدوات الشيشة ..
كان هذا المطعم متنفسا لي..حيث آكل فيه وجبة الغذاء أو العشاء في الغالب كما أجلس للقراءة.. أما زميلي (م ج) وبحكم سنه الذي تجاوز الخمسين سنة فكان ينام باكرا.. وبعد صلاة العشاء مباشرة..
كنت أقضي في هذا المطعم معظم الليل ساهرا مع بعض الهنود العاملين في المطعم خصوصا في فترة أيام البرد الذي يقل فيها المعتمرون .
كان أحد الهنود يحكي لي قي هذا المطعم عن مغامراته مع النساء لما كان عاملا في النظافة.. وبسب خوفه من أي عقاب محتمل طلب من عوض أن ينقل له كفالته ويشتغل عنده في هذا المطعم ..حتى لا يناله العقاب الذي هو الموت طبعا عليه وحده دون من تغصبه على معاشرتها .
ذلك أن المرأة التي يتزوج زوجها عليها بأخرى وثالثة ورابعة لا يبقى أمامها لإشباع شبقها الجنسي إلا الآخر.. وإن لم يكن هذا الآخر من عائلتها فسيكون أجنبيا.. ولن يكون إلا عاملها أو سائقها الهندي كانت هذه أول صدمة لي في مجتمع كتوم لا أعرف عنه شيئا.
أما العم مصطفى فقد قرر أن يغادر نهائيا إلى مصر بعد حج هذه السنة.. لذا كان يعد العدة من الآن وكل نهاية أسبوع وأنا نازل إلى مكة يناولني بعض النقود لأشتري له هدية أو اثنتين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.