في ظل التوترات المتزايدة والتصعيد الكلامي بين إيرانوالولاياتالمتحدة على خلفية اغتيال الجنرال قاسم سليماني، هناك مخاوف كبيرة من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط قد يمتد الى السوق الاقتصادية بالمنطقة انه سوق الطاقة حيث أن تداعيات هذه الأزمة يمكن أن تؤدي إلى تعطيل إمدادات النفط الخام الإقليمية قريبا حسب العديد من المراقبين والمحللين للشأن الاقتصادي بالمنطقة. وقد حذر بعض المحللين من أنه مع سيطرة إيران على طريق التجارة الحيوي في الخليح الذي يمثله مضيق هرمز ، فإن أسعار النفط سترتفع بشكل جنوني إذا أغلقتها طهران. وفي حديثه إلى قناة CNBC الأسبوع الماضي قال جيمس إجينتون محلل الاستثمار لدى مؤسسة Tribeca Investment Partners إن الخطوة الإيرانية لإغلاق إمدادات الخام بالكامل في مضيق هرمز ستؤدي لامحالة إلى ارتفاع أسعار النفط متجاوزة سقفها الحالي. مضيق هرمز في الخليج يمر من خلاله 21 مليون برميل من النفط كل يوم وهو ما يشكل خمس استهلاك العالمي للذهب الأسود وهذا يعني أن تعطيل عبور النفط في مضيق هرمز ، حتى ولو بشكل مؤقت يمكن أن يؤدي إلى تأخير كبير في الإمدادات الطاقية وارتفاع تكاليف الشحن وستكون نتيجته ارتفاع أسعار الطاقة العالمية لعدم قدرة عبور النفط في هذا الشريان الرئيسي الاستراتيجي للطاقة الذي يمثله هذا الممر المائي الضيق الذي يربط منتجي النفط الخام في الشرق الأوسط بالأسواق الرئيسية في جميع أنحاء العالم. ليس فقط النفط الذي يعتمد على المضيق وسيلة نقل بل ثلث تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم يمر أيضا عبر هذا الممر المائي الحساس وهذا هو الطريق الذي يستخدمه أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم – قطر – لجميع صادراتها تقريبا خاصة في ظل استمرار الحصار عليها من دول الطوق الخليجي وحليفها المصري. على الرغم من أن إيران يمكن أن تنتقم من الولاياتالمتحدة من خلال إغلاق المضيق أو مضايقة ناقلات النفط التي تمر عبرها ، فإن طهران لا تريد أن تزعج قطر التي تعتبر أحد الحلفاء القلائل لديها في الخليج. اضافة الى دور سلطنة عمان الحيادي والجانبي مع كل الاطراف الاقليمية والدولية من الصراع الايراني الامريكي والسعودي بصفتها مجرورا وتأمل طهران في أن يكون القائد الجديد لسلطنة عمان السلطان هيثم بن طارق في السير على خطى السلطان الراحل قابوس،للحفاظ على موقع مسقط كوسيط قادر على المساعدة في تهدئة التوترات بين إيران وخصومها عند حدوثها فسياسية سلطنة عمان الخارجية هي بمثابة مسكن لهذه الأزمات. البعد الآسيوي لمضيق هرمز واكتشافات النفط الجديدة في العالم أهمية مضيق هرمز ليس محصورا في بلدان الشرق الأوسط فحسب بل تستفيد منه دول آسيوية ففي سنة 2018 كانت الصينوالهند واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة أكبر الوجهات التي يتحرك فيها النفط الخام عبر مضيق هرمز ، وهو ما يمثل 65 في المائة من جميع تدفقات النفط الخام ومشتقاته في هرمز وفقًا لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية EIA. فمنذ ايام قليلة كانت الهند مشاركا رئيسيا في اجتماع خاص في طهران حول مبادرة هرمز للسلام والصين التي تشتري ما بين 50 و 70 في المائة من صادرات النفط الإيراني ، ستعارض أيضاً أي انقطاع أو تعطيل في تدفق الطاقة عبر هذا المضيق. في الأسبوع الذي تم فيه اغتيال الجنرال قاسم سليماني من قبل الولاياتالمتحدة ، قامت شركة النفط الأمريكية أباتشي وتوتال الفرنسية باكتشاف لمخزون نفطي كبير في سورينام كما أن شركة إكسون موبيل الأمريكية نقبت مؤخرًا عن النفط في غويانا المجاورة لدولة سورينام كما أن البرازيل يمكن لها جلب إمدادات جديدة في غضون العقد القادم، وفي الوقت نفسه بدأت دولة الأرجنتين إنتاج الصخر الزيتي بالرغم من كلفته العالية وكل هذه الاجراءات الاستكشافية الاخيرة ستؤدي حسب العديد من المحللين ،الى تدفق إمدادات جديدة للنفط في النصف الغربي للكرة الأرضية وسينتج عنه خفض قيمة النفط لدول الشرق الأوسط. وعلى الرغم من استمرار تزويد العالم بالنفط عبر المضيق ، فإن اكتشافات النفط الرئيسية في جميع أنحاء العالم يمكن أن تساعد في موازنة الطلب. فإغلاق مضيق هرمز من شأنه أن يقوض علاقات إيران الدولية مع شركائها القلائل الذين يمثلون لها قيمة استراتيجية ،وتعدتجارة طهران مع بيجين حيوية للغاية بالنسبة لإيران حتى لا تخاطر بخسارة أكبر زبائنها مقابل الانتقام من واشنطن .