ميناء طنجة المتوسط يخطط لتوسعة كبرى لمحطة المسافرين استعدادًا لمونديال 2030    توقيف قاصر بإنزكان بعد تداول فيديو يعرض سلامة مستعملي الطريق للخطر    نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح أحيانا قوية يومي الأحد والاثنين        مدرب زامبيا: مواجهة المغرب صعبة ونشعر هنا أننا في أوروبا    منعطف قضائي بشأن شرعية رسوم تسجيل الطلبة الموظفين    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    فيضانات تجتاح جنوب إسبانيا بعد تساقطات ليلية كثيفة    تأخر الإشهاد ونقص السيولة يرجئان صرف منحة "الريادة" إلى مطلع 2026    سلطات آسفي تدقق في لوائح المتضررين من الفيضانات لتفادي الإقصاء            "كان المغرب".. موزمبيق يحقق أول انتصار له في تاريخ المنافسة على حساب الغابون (3-2)    حكيمي: "جميع اللاعبين يشعرون بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.."    مداخيل المغرب من صادرات الأفوكادو تتجاوز 300 مليون دولار خلال موسم واحد    الناخب الوطني: دياز بلغ "النضج الذهني"    بنسليمان.. انتخاب أحمد بلفاطمي كاتبا إقليميا لاتحاد المقاولات والمهن بإجماع المهنيين    تحسن نسبي مرتقب في الأحوال الجوية بالمغرب بعد أيام من الاضطراب الجوي        عاصمة الرباط تنتظرها بطولات أكبر ..    حادث دهس يصيب شرطيا إسرائيليا    بورما تجري أول انتخابات عامة منذ الانقلاب العسكري عام 2021    روسيا تعلن إسقاط 25 طائرة مُسيّرة    قرار حكومي يوسّع الاستفادة من منحة "مؤسسات الريادة" ويعدّل منظومة التحفيز    الحلم المغاربي حاضر في الرياضة غائب في السياسة    مدفوعة ب"كان 2025″ وانتعاش السوقين المحلية والأوروبية.. أكادير تقترب من استقبال 1.5 مليون سائح مع نهاية السنة    بعد خمس سنوات من التطبيع.. تقرير يكشف تغلغل إسرائيل في المغرب من الفلاحة إلى الأمن والتعليم والطاقة    مباريات قوية الأحد تحدد ملامح التأهل    غموض الموقف المغربي والإماراتي يلفّ رفضاً عربياً وإسلامياً واسعاً لاعتراف إسرائيل ب"أرض الصومال"    شتاء غزة.. الأمطار تُغرق ما تبقى من خيام والبرد ينهش أجساد النازحين        "جمعية هيئات المحامين بالمغرب" ترفض مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة وتدعو إلى جمع عام استثنائي    عواصف عنيفة تحصد أرواحًا في السويد وتغرق دول الشمال في الظلام    الصين تفرض حد أقصى إلزامي لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية    الخدمة العسكرية .. الفوج ال40 يؤدي القسم بالمركز الثاني لتكوين المجندين بتادلة    أزيد من 2600 مستفيد من قافلة طبية متعددة التخصصات بخنيفرة    مصرع عشريني في اصطدام مروّع بين دراجة نارية وسيارة بطنجة    كُرةٌ تَدُورُ.. وقُلُوبٌ تلهثُ مَعَها    العرض الرقمي الأول لفيلم عباسي    علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    ورزازات في الواجهة : العلامة الترابية "زوروا ورزازات" visit OUARZAZATE تتصدر مؤلَّفًا دوليًا مرجعيًا في إدارة العلامات التجارية بين الشركات    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    انطلاق فعاليات مهرجان نسائم التراث في نسخته الثانية بالحسيمة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    نسبة الملء 83% بسد وادي المخازن    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    الحق في المعلومة حق في القدسية!    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشيد نيني: إنها الحرب إذن
نشر في شعب بريس يوم 01 - 06 - 2020

"الحرب مجزرة تدور بين أناس لا يعرفون بعضهم البعض لصالح أناس يعرفون بعضهم البعض ولا يقتلون بعضهم البعض‪"، بول فاليري.

الذين استغربوا اقتناء المغرب لصواريخ مضادة للسفن، واقتراضه لشراء صواريخ فرنسية متطورة، وشراءه 36 طائرة أباتشي أمريكية، وتسلمه شحنة نظام راجمات الصواريخ الصيني AR2، والذي يعتبر من أقوى أنظمة الرجم بالصواريخ في العالم، وشروعه في تشييد ثكنة عسكرية في الحدود مع الجزائر، وإطلاق مشروع التجنيد الإجباري، عليهم أن يبحثوا عن تفسير ذلك فيما يحدث في ليبيا هذه الأيام حيث يتدفق السلاح عليها من كل حدب وصوب.

المغرب يتسلح ويجدد ترسانته وأنظمة دفاعه وهجومه لأن القادم من ليبيا لا يبشر بالخير. فما يحدث في القطر الليبي يهدد أمن واستقرار منطقة شمال أفريقيا برمتها.

ليبيا على شفى حرب مدمرة على الطريقة السورية، خصوصا بعدما دمرت تركيا عشرة منظومات روسية دفاعية، مما يعتبر إهانة تركية للصناعة الحربية الروسية، تضاف إلى فقدان حفتر لقاعدة الوطية.

اليوم هناك حديث عن احتمال نشر قوات أمريكية في تونس لاحتواء التواجد الروسي بعدما سلمت قوات خليفة حفتر طائرات ميغ وسوخوي.

وعمليًا في ليبيا تدعم مصر وروسيا والإمارات الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر، في حين تدعم تركيا وقطر وإيطاليا بشكل رئيسي الحكومة المعترف فيها دولياً برئاسة فايز السراج، فيما فرنسا وأمريكا يلعبان على الحبلين.

وحفتر هذا هو النموذج المثالي لصناعة العملاء، فقد كان يقود قوات ليبيا في تشاد زمن القذافي فأسر سنة 1987 وتخلى عنه القذافي فقرر أن يجعل من إسقاط هذا الأخير هدفه الأسمى، بعدما غادر السجن التشادي بناء على صفقة بين الرئيس التشادي و‪CIA تدعم بمقتضاها أمريكا التشاد في حربها ضد القذافي، قبل حفتر العرض الذي عرضه عليه الرئيس التشادي الذي زاره في سجنه، وبعدها هاجر حفتر إلى أمريكا حيث جندته «سي آي أيه» وجعلته يقيم في ولاية فرجينيا قرب مقرها الرئيس لمدة عشرين سنة.

وعندما انفجرت الأوضاع في ليبيا سنة 2011 عاد وتحالف مع المعارضة الإسلامية ومولها وسلحها قبل أن ينقلب عليها بعد تنفيذ المهمة التي أطلقت عليها وكالة الاستخبارات الأمريكية "قتل الكلب الأحمق"، في إشارة إلى القذافي، وتم تعيينه من طرف مجلس النواب سنة 2015 كقائد للجيش الوطني الليبي.

حفتر لا يعترف بحكومة الوفاق الوطني التي تريد أن يكون الجيش خاضعا لحكومتها والتي خرجت من اتفاق الصخيرات الذي كلّف المغرب كثيرا على المستوى المادي والمعنوي، ورغم ذلك اتفق الطرفان سنة 2017 على توقيع اتفاق ينهي أزمة ليبيا.‪

حفتر يهاجم طرابلس اليوم بحجة أنها تحتضن الإسلاميين، في إشارة إلى ميليشيات تنظيم لواء النواصي وثوار ليبيا التابعين لقطر.‪

ومن يقرأ مواقف الدول الكبرى المتورطة في المستنقع الليبي يكاد يصاب بالدهشة من كونها جميعا تدين العنف وتطالب بوقف الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات، ولكن المفاوضات حول ماذا ؟

هذا هو السؤال، فالأطراف المتصارعة لا يهمها مصير الشعوب التي تدرب وتسلح وتدفع فصائلها للتناحر في ما بينها، بل تهمها مصادر الطاقة والمواد الأولية، أي أن يتم تقسيم الكعكة عندما ينجح تقسيم الأرض في ما بينها كل حسب نفوذه ولا عزاء للغائبين.

وفي الشأن الليبي عوض أن نتحدث عن دول يجب أن نكون صريحين وأن نتحدث عن شركات بترولية تتصارع في ما بينها للحصول على نصيبها من حقول الغاز والبترول التي تسبح فوقها ليبيا وتنام في جوف مياه المتوسط.

وهناك اليوم لاعبان أساسيان في الملف الليبي هما الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أرسل إلى ليبيا عبر شركة واغنير الخاصة حوالي 3500 مرتزق لكي يحموا مصالح الشركات النفطية الروسية الثلاث العاملة فوق الحقول الليبية غازبروم ‪Gazprom، تاتنفت ‪Tatneft، روزنيفت‪ Rosneft، والتي وقعت عقود استغلال مع الشركة البترولية الليبية ‪NOC.

وقد يقول قائل كيف يساند بوتين حفتر وفِي الوقت نفسه يبرم الصفقات مع السراج وحكومته المنتخبة. الجواب ليس لغزا، فبوتين أيضا يلعب على الحبلين، وهو يقوم بدور الفزاعة لإخافة السراج وحكومته حتى يطلب المساعدة من التركي أردوغان، وهذا ما حدث بالضبط، فقد وقف حفتر بجيوشه على مشارف طرابلس ولم يخفض سلاحه إلا بعدما وقع السراج اتفاقا مع أردوغان (لصالح بوتين) يقضي بحمايته وبمنح الترك الحق في التنقيب عن الغاز في مياه المتوسط التي تطالب بها اليونان وقبرص، اللتان سبق أن وقعتا مع إسرائيل اتفاقية تمنحها حق التنقيب في نفس المنطقة.

أما فرنسا فحاضرة عبر شركة طوطال، ويمكن أن نقول إنها المسؤولة تاريخيا وأخلاقيا عن الحالة التي وصلت إليها ليبيا اليوم. فقد اتخذ ساركوزي قرار إعدام القذافي وتدمير ليبيا بعدما أرسل نذير الشؤم بيرنار هنري ليفي لكي يزرع الفتنة ويعد التربة للدمار القادم.

وفرنسا بدورها تضع قدما مع حفتر وأخرى مع السراج، تماما مثل روسيا.

وطبعا فإيطاليا حاضرة أيضا بوصفها المستعمر السابق لليبيا، وهي تدافع عن مصالح شركتها‪ Eni التي ظلت تقتسم الغنائم البترولية في ليبيا منذ سقوطها مع شركة طوطال الفرنسية، قبل أن تتغير الأوضاع وتجذب رائحة النفط الشركات الروسية والتركية التي تحوم مثل ضباع حول أشلاء ليبيا الممزقة.

لذلك عندما كنت أشاهد الزحف الكبير على أوروبا من طرف مئات المهاجرين واللاجئين يوميا كنت أقول إن آخر من يحق له أن يشتكي من هذا الاجتياح هم الأوربيون أنفسهم. فقد ذهبوا بطائراتهم وجيوشهم في حلف الناتو لإسقاط أنظمة دول كانت بمثابة الجدار الأمني الذي يحرس حدودهم واليوم يبكون بسبب اجتياح لاجئي هذه الدول لبلدانهم.

ليبيا، سوريا، وقبلهما العراق، كلها دول كانت مستقرة فقررت القوى العالمية تفتيتها وتشريد شعوبها في المنافي، وبعد كل هذا يتساءلون عن سبب هذه الهجرات الكبيرة ويدعون أنهم لا يتحملون المسؤولية في ما يقع.

ولعل أفضل من يلخص ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط والدول العربية من حروب هو "بول فاليري" الذي قال "الحرب مجزرة تدور بين أناس لا يعرفون بعضهم البعض لصالح أناس يعرفون بعضهم البعض ولا يقتلون بعضهم البعض‪".

فالحرب هي سبب كل هذه الفوضى وهذا النزوح الكبير للمهاجرين واللاجئين، والحرب اليوم هي النشاط الاقتصادي الأكثر دخلا، وهي ما يتحكم في النمو الاقتصادي للدول الكبرى، مما يعني أن توقف الحرب يقود مباشرة إلى الإفلاس العالمي حسب المنظومة الاقتصادية المفروضة من طرف هذه الدول.

فهذه الدول ذات الماضي الإمبريالي تريد أن تشتت الدول الآمنة وتشرد مواطنيها ثم تظهر في النهاية وكأنها هي الضحية والمتضررة من تهجير شعوبها.

لقد كانت فرنسا من أكبر الدول حماسا لإسقاط بشار الأسد ولو تطلب الأمر تدمير سوريا كلها فوق رؤوس السوريين، وهو ما حدث فتشتت الشاميون في الأرض هائمين على وجوههم، وأصبحوا يهود التاريخ المعاصر‪.

لقد كشفت الأيام أن الاحتلال الأمريكي للعراق لم يكن بغاية حماية العالم من أسلحة الدمار الشامل، التي صنعها صدام حسين، بل فقط لتقسيم العراق من أجل السيطرة على مصادر النفط والغاز فيه. فالمنطقة الوحيدة الآمنة في العراق، التي لا تسمح أمريكا بالاقتراب منها، هي مناطق حقول البترول والغاز‪.

وبإحكامها السيطرة، عسكريا وسياسيا، على أهم مصدر لإنتاج البترول وأكبر احتياطي معادن في العالم بأفغانستان تكون أمريكا قد أحكمت قبضتها على مفتاحين مهمين من مفاتيح المستقبل، وفوتت على الصين مصدرين كبيرين من مصادر الطاقة والمواد الأولية‪.

سيكون صعبا علينا أن نقتنع بأن كل هذه «التضحيات» التي تقوم بها أمريكا ومعها أوربا بقيادة ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وحلفائها ليست وراءها سوى مصلحة الشعب السوري والشعب الأفغاني والشعب العراقي والشعب الليبي التي حولوا مواطنيها إلى مهاجرين ولاجئين، إلا إذا كان هؤلاء المنافقون يعتقدون أننا أغبياء إلى هذا الحد، فتلك قصة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.