تصريحات عنصرية في حق اهل الريف تثير استنكاراً واسعاً ومطالب بفتح تحقيق            ألمانيا.. إدانة ناشط حراكي سابق بتهمة التجسس    مندوبية التخطيط: خمس جهات تستحوذ على 74% من نفقات استهلاك الأسر في المغرب    مشروع القطار فائق السرعة القنيطرة-مراكش .. المكتب الوطني للسكك الحديدية يباشر الأشغال الكبرى للبنية التحتية السككية بالدارالبيضاء    مارسيليا يضم المغربي نايف أكرد من وست هام في صفقة ب23 مليون يورو    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    حادثة سير مروعة تودي بحياة امرأة بجماعة "إيحدادن"    مباريات موحدة لذوي الإعاقة تفتح 200 منصب في 19 وزارة    إحالة مدير مؤسسة تعليمية على السجن بتهمة استغلال قاصر بتسهيل من امرأة    حفل تكريمي على شرف المنتخب الوطني المتوج ب(شان 2024)        المغرب يواصل الصعود بينما الجزائر تَتَداعَى نحو السقوط    أمرابط يعزز وسط ميدان ريال بيتيس حتى نهاية الموسم    المنتخب المغربي يبدأ استعداداته لمواجهتي النيجر وزامبيا    حملات سياسية مغرضة تستهدف مجموعة الخير وحزب الاستقلال يرد بالحقائق    مندوبية التخطيط تكشف اتساع الفوارق في خلق الثروة بين جهات المملكة    كارثة إنسانية بالسودان.. انزلاق أرضي يمحو قرية بكاملها    المغرب يرسخ حضوره الإفريقي بزيارة برلمانية كينية رفيعة.. من الرباط إلى الصحراء المغربية    ميناء طنجة.. إحباط محاولة تهريب 1152 من المفرقعات والشهب النارية    المحكمة الابتدائية بالحسيمة تدين متهمًا بخيانة الأمانة والسرقة    محكمة دوسلدورف تدين مغربيا بتهمة التجسس على أنصار "حراك الريف" بألمانيا    "يورووينغز" تفتح خطوطا جديدة بين ألمانيا والمغرب ابتداء من أكتوبر 2025    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    الخارجية الفلسطينية: الاعتراف بدولة فلسطينية "ليس رمزيا"    سعر الذهب يحطم رقما قياسيا جديدا    مفاجأة الميركاتو: ريال بيتيس يخطف أمرابط من فنربخشة    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين    بلجيكا تعلن أنها ستعترف بدولة فلسطين وستفرض "عقوبات صارمة" على إسرائيل    مراكش.. قلق حقوقي من اختلالات بنيوية تهدد حق التلاميذ في التعليم بجماعة سعادة    سماعة طبية معززة بالذكاء الاصطناعي تكتشف أمراض القلب في 15 ثانية        المغرب يعزز قوته الجوية بصفقة لاقتناء مروحيات "كاراكال" متعددة المهام    بطولة انجلترا: الفرنسي كولو مواني ينتقل لتوتنهام على سبيل الإعارة    بكين تحتضن للمرة الأولى "سباق زايد الخيري".. حدث عالمي يجمع الرياضة بالإنسانية    ألمانيا تُجرّب حافلات ذاتية القيادة في 15 مدينة        سابقة في طنجة.. إغلاق زقاق سكني وتحويله إلى مطعم أمام أعين السلطة والسكان يستغيثون    صيف 2025 الأشد حرارة في بريطانيا منذ 1884    المغرب يختبر تجربة رائدة بألواح شمسية عائمة للحد من تبخر المياه وتوليد الطاقة النظيفة        كرة قدم: باير ليفركوزن يحسم صفقة المغربي إلياس بن صغير    حنان البيضاوية تطلق أغنية جديدة بعنوان «ولاد بلادي» بلمسة عصرية    الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    آني إرنو: الجهل بالأدب العربي في الغرب يحرمه من «نوبل»»    من روايات الدخول الأدبي الفرنسي L'Homme qui lisait des livres .. رشيد بنزين عن غزة: «لا يمكن استعمار المتخيل»    دراسة جديدة تكشف أن عقول المصابين بالتوحد منظمة بشكل مختلف    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    الملكية وتد ثبات الأمة وإستمرار الدولة المغربية    دخول القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي حيز التنفيذ    دعاء اليحياوي.. نجمة صيف 2025 بامتياز… تألق كبير في كبرى المهرجانات المغربية…            جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرض اليسارية ولعنة الجمود المؤبد-الرجعيون الجدد بحزب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
نشر في السند يوم 09 - 07 - 2010

لظروف مركبة، يمكن للإنسان أن يجد نفسه أن تربيته، وتكوينه، مثلما هو الحال مع آلاف من جيله، ومن الجيل الذي سبقه، والجيل الذي أعقبه، كانت تربية ماركسية، كان جيلا يدمن كتب ماركس وإنجلس ولينين، وأيضا هيغل، يلتهمها التهاما، وكانت قراءتها وتلخيصها ومناقشتها نقطة تابثة في جدول أعمال اجتماعات خلايا منظمة "23 مارس"، زمن السرية، كما في زمن العلنية، أو الشرعية القانونية، وكانت تدرج في نقطة التثقيف الذاتي.
بين ذلك الماضي البعيد، والحاضر، الذي يتحرك بيننا وحوالينا، كان منا كثيرون، أو أغلبيتنا، وما زال منهم العديدون، بعد أن تفرقت بهم السبل، يعتقدون أن معرفتهم بالماركسية، حسب التعبير الاعترافي لمحمود أمين العالم، معرفة محدودة ومسطحة وهشة.
هذا الاعتراف، لم يكن مجرد كلام عابر في زمن عابر، كان فلسفة في الفكر والسياسة والحياة، تعكس رؤية للعالم، تنبني على الاجتهاد، وتنبذ التقديس والجمود، وتعني أننا في حاجة لنبقى نتعلم باستمرار، ومن حسناته، أن أبرز الاجتهادات المغربية في قضايا الماركسية، كان وراءها مناضلون من منظمة "23 مارس"، يجتهدون ويدعون إلى إعادة صياغة انتمائهم إلى الماركسية، ويعتبرون "النموذج السوفياتي غير صالح للاتباع وللتعميم"، بل أكثر من ذلك، كان هناك من اعتبره ارتدادا على فكر ماركس، فيما كان كل ما يفعله رفاقهم في منظمة "إلى الأمام" هو إعادة إنتاج لغة وأفكار "زمن المجد"، يرددون الجمل الثورية، مثل ببغاوات، يهللون للذات، ويلصقون كل الاتهامات بالآخرين، كل الآخرين غيرهم، لأنهم وحدهم من يمتلكون "الحقيقة".
وفيما أطلقت العديد من الحركات المماثلة، في البلدان العربية، وأبرزها في لبنان، مثلا، مع المفكر الفذ كريم مروة، فكرة أن "لكل حقبة من التاريخ أفكارها وتجاربها"، كان المريدون والمجندون في منظمة "إلى الأمام" مطمئنين لقناعاتهم الببغاوية، التي لا تتحرك ولا تتبدل ولا تتغير، قد تعرف بعض التحويرات في التعبيرات، لكنها تبقى هي هي تابثة. إن تلك الأفكار الببغاوية، التي كنا نسخر من سطحيتها، والتي كان هؤلاء المصابون بلوثة الرجعية الجديدة يعيدون إنتاجها في السبعينيات، هي نفسها في الثمانينيات، ثم التسعينيات، وما زالت، إلى اليوم، تتردد في الأدمغة الببغاوية، التي لا تنظر إلى اجتهادات الآخرين إلا برؤية التخوين والانحرافية والرجعية واليمينية والانتهازية ووو، دون أن يستطيعوا مواجهة أنفسهم بسؤال صادم: "انحراف عماذا؟"، انحراف عن ماركسية لا يملكون شجاعة الاعتراف بأنهم الأكثر جهلا بها، وبإفلاسهم وعجزهم عن أي محاولة جادة للتحرر من الطابع الإيديولوجي العقائدي في انتمائهم المعلن إلى الماركسية، التي حولوها إلى صنمية بئيسة، تلغي حق الناس في حريتهم في التفكير، مثلما ألغت طابع الماركسية العلمي، باعتبارها فكرا تاريخيا، وكل فكر تاريخي يخضع لتحولات وصيرورة التاريخ، إلا عند هؤلاء.
تحضر في ذهني، بهذا الصدد، كثير من الأدبيات، التي كنا نعتبرها "مسخرة"، لما تثيره من سخرية وشفقة على سذاجة وأرتوذوكسية هؤلاء، الذين لا يكفون يرددون أفكارهم الببغاوية. من تلك الأدبيات، وثيقتهم المعروفة بعنوان "من أجل بناء خط ماركسي لينيني لحزب البروليتاريا المغربي"، التي خصصوها للتهجم العدواني المرضي على رفاقهم في "23 مارس"، التي اتهموا قيادتها ب"الممارسات الانتهازية اليمينية"، ودعوا إلى "التقدم خطوة خطوة في الكشف عن الانحراف اليميني، الذي تمثله نشرة "23 مارس"، وتعرية هويته الإيديولوجية، وعزله جماهيريا كخط"، ليخلصوا إلى التشديد على أن "هذه المسيرة مستمرة، وستنتهي حتما بانتصار وتوطد الخط البروليتاري السديد"! وفعلا لقد انتصروا، اليوم، بعد 36 سنة على صدور الوثيقة، وأضحوا يشكلون "0 فاصلة 00000 شي حاجة" داخل المجتمع. طوبى لانتصارهم، ولاندحار كل "رجعي شرس"!
عندما أسترجع المضامين العدوانية والوثوقية المهزوزة في تلك الوثيقة، التي صدرت في 1974، أجد أن الحال هو نفسه، ونحن في 2010، الممارسات نفسها، الحلقية والاتهامات والتخوين هي نفسها، يمارسها (بالوكالة) المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ويمكن التأكد منها بالعودة إلى ردودهم الانفعالية المريضة على المعارضين لممارساتهم الهيمنية وأفكارهم الببغاوية.
عندما أراجع الاتهامات، التي ما زالوا يلوكونها، أستعيد بعضا مما جاء في وثيقتهم، التي اعتبرناها "مسخرة"، وكنا نتفكه بها وعليها. ومما جاء فيها الدعوة إلى "التحليل الطبقي السديد"، الذي اعتبروه "المهمة الأولى الملقاة على عاتق الثوريين، على قاعدة التحليل الملموس للواقع الملموس، القائم على دمج الحقيقة العاملة للماركسية بواقع بلادنا"!
كلام! لأنهم هم أول من يخرق هذا المبدأ، وأول من يضرب بعرض الحائط واقع البلاد، الذي يعيشون على هامش تحولاته المتسارعة، وينسون أن "ماركسية ماركس نفسه، هي ثمرة أوضاع تاريخية واجتماعية وفكرية محددة"، وأن "النظرة التاريخية والموضوعية لماركسية ماركس، هي متابعة تطوره الفكري، لا من حيث ما جاء في كتاباته ومواقفه فحسب، بل من حيث علاقة هذه الكتابات والمواقف بالسياق الاجتماعي والتاريخي والثقافي، الذي نشأ وعاش فيه وتأثر به"...
ونتيجة لهذا الانحراف البئيس، يسقط الرجعيون الجدد بحزب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مواقف خارج السياق المجتمعي للبلاد، ومناهضة لآمال وتطلعات الأغلبية الساحقة للشعب المغربي، بل يعاكسون مصالحه أحيانا، ويخرجون على قيمه، فيعزلون أنفسهم عن الشعب والبلد والتاريخ... من قبيل مواقفهم السياسية المسقطة على الجمعية الحقوقية، حول قضية الصحراء المغربية، ومسألة الشذوذ الجنسي، اللتين سنعود إليهما في عدد قادم، لفضح المنطلقات الرجعية، والاستلاب الفكري، والإسقاطات السياسية، التي باتت تتحكم في مواقف "الحزب السري الجديد"، الموجود مقره الجديد بحي الليمون بالرباط...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.