استعرض رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الأربعاء في مدريد، أبرز معالم الشراكة الاقتصادية المتنامية بين المملكتين المغربية والإسبانية، مؤكداً أن متانة العلاقات الثنائية تستند إلى أرقام واضحة تعكس طابعها الإستراتيجي. وقال أخنوش: "إن متانة شراكتنا تتجلى في أرقام ملموسة، فنحن لسنا مجرد جيران، بل يمثل كل واحد منا بالنسبة للآخر شريكاً وسوقاً إستراتيجياً، إذ تعد إسبانيا اليوم الشريك التجاري الأول للمغرب مورداً وزبوناً" وأوضح، في كلمة ألقاها خلال اختتام المنتدى الاقتصادي المغربي-الإسباني، أن المغرب أصبح بدوره أحد أهم الشركاء التجاريين لإسبانيا، إذ يحتل مرتبة الزبون الثالث خارج الاتحاد الأوروبي، كما يعد المزود الأول للسوق الإسبانية على مستوى القارة الإفريقية. وأضاف رئيس الحكومة أن هذه الدينامية الاقتصادية تتجلى بوضوح في حجم المبادلات التجارية، التي بلغت سنة 2024 حوالي 20 مليار يورو، من ضمنها 11 مليار يورو من الواردات المغربية من إسبانيا و9 مليارات يورو من الصادرات نحوها، وأبرز أن هذه الأرقام تعكس حركة اقتصادية قوية، تتجسد في شاحنات تعبر الموانئ يومياً، ومصانع تشتغل في الأندلس وكاتالونيا والباسك، إلى جانب آلاف فرص الشغل في قطاعات اللوجستيك والطاقة والسيارات والصناعات الغذائية. وسجل المسؤول الحكومي ذاته أن سنة 2025 عرفت بدورها زخماً استثمارياً لافتاً، إذ أصبحت إسبانيا رابع مستثمر أجنبي في المغرب بأكثر من 150 مليون يورو خلال النصف الأول من السنة، بزيادة بلغت 64.5% مقارنة بالفترة نفسها من 2024؛ وفي المقابل ارتفعت الاستثمارات المغربية في إسبانيا إلى 37 مليون يورو خلال النصف الأول من 2025، بعدما بلغت 93 مليون يورو سنة 2024، وهو ما يعكس توسع حضور المقاولات المغربية بالسوق الإسبانية. وأكد أخنوش أن هذه التدفقات الاقتصادية المتبادلة تعزز الثقة والتكامل بين اقتصادَي البلدين، مشيراً إلى وجود نحو 800 مقاولة إسبانية تنشط في المغرب، إضافة إلى 17 ألف شركة إسبانية تربطها علاقات تجارية منتظمة مع المملكة، مقابل أكثر من 12 ألف مقاولة مغربية لها روابط اقتصادية قائمة مع إسبانيا. ولفت المتحدث نفسه إلى أن عدداً من الفاعلين الاقتصاديين الإسبان يشاركون اليوم في مشاريع كبرى للطاقات الخضراء بالمغرب، خاصة في إطار "عرض المغرب" المتعلق بتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر والأمونياك الأخضر، ما يجعل من إسبانيا شريكاً رئيسياً في بناء سلاسل القيمة الصناعية منخفضة الكربون التي يجري تطويرها بالمغرب لفائدة المقاولات على ضفتي مضيق جبل طارق، وأضاف أن التعاون الثنائي يشمل أيضاً القطاع السياحي، إذ استقبل المغرب إلى غاية أكتوبر 2025 نحو 3.8 ملايين سائح إسباني، وهو رقم يعكس متانة الروابط الإنسانية والثقافية بين الشعبين. واختتم رئيس الحكومة كلمته بالتأكيد على أن هذه المعطيات "ترسم مسار شراكة متقدمة ومهيكلة"، مشدداً على أن العلاقات المغربية-الإسبانية تجاوزت الطابع الظرفي لتصبح علاقات راسخة ومتجذرة في مصالح مجتمعات البلدين ومقاولاتهما ومواطنيهما، ويتم الارتقاء بها بفضل الرؤية المتبصرة والحوار المتواصل بين الملك محمد السادس والملك فيليبي السادس، ومؤكدا أن استمرارية هذا التعاون، رغم مختلف التحديات، تمنح الشراكة الثنائية صلابتها وتوسع آفاقها الإستراتيجية، بما يفتح الطريق أمام مستقبل اقتصادي مشترك أكثر طموحاً وازدهاراً.