البطولة.. المغرب التطواني يرافق شباب المحمدية إلى القسم الثاني    لتخفيف الضغط.. برلماني يطالب ببناء مجمع سكني للعاملين بميناء طنجة المتوسط    جريمة "قتل سيسيه" تنبه الفرنسيين إلى ارتفاع منسوب الكراهية ضد المسلمين    موانئ المغرب تحظى بإشادة إسبانية    "منتخب U20" يجهز للقاء سيراليون    رغم دخوله بديلا.. دياز يتفوق على غولر في تقييم الكلاسيكو    البارصا يكرس التفوق على ريال مدريد    إيغامان يساهم في فوز عريض لرينجرز    بوصوف: رؤية الملك محمد السادس للسياسة الإفريقية تنشد التكامل والتنمية    الدرك يُطيح بمروجَين للمخدرات الصلبة بضواحي العرائش    وفاة غامضة بسجن العرائش.. ومندوبية السجون ترد بغضب    عيدي يوثق الحضور المغربي بأمريكا    مجلس ‬المنافسة ‬يكشف ‬تلاعبا ‬في ‬أسعار ‬السردين ‬الصناعي ‬    شبهات في صناعة قوارب الصيد التقليدي بمدينة العرائش: زيادات في المقاسات وتجاوزات قانونية تحت غطاء "باك صاحبي"!    الحكومة الفرنسية: العلاقات مع الجزائر "مجمدة تماما" وقد نجري عقوبات جديدة    الفيلم التركي "قصب" يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة    تاراغونا- كتالونيا مهرجان المغرب جسر لتعزيز الروابط الثقافية بين المملكتين بحضور السفيرة السيدة كريمة بنيعيش    سبتة.. إحباط محاولة تهريب أزيد من 11 ألف قرص مهلوس نحو المغرب    الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو في الأقاليم الجنوبية    الوساطة السعودية تنجح في وقف التصعيد الباكستاني الهندي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    خطأ غامض يُفعّل زلاجات طائرة لارام.. وتكلفة إعادتها لوضعها الطبيعي قد تتجاوز 30 مليون سنتيم    جمعية الشعلة تنظم ورشات تفاعلية للاستعداد للامتحانات    البابا ليون الرابع عشر يحث على وقف الحرب في غزة ويدعو إلى "سلام عادل ودائم" بأوكرانيا    مراكش تحتضن أول مؤتمر وطني للحوامض بالمغرب من 13 إلى 15 ماي 2025    المحامي أشكور يعانق السياسة مجددا من بوابة حزب الاستقلال ويخلط الأوراق الانتخابية بمرتيل    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    الحزب الشعبي في مليلية يهاجم مشروع محطة تحلية المياه في المغرب للتستر على فشله    مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا يعود إلى الواجهة بميزانية أقل    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    شراكات استراتيجية مغربية صينية لتعزيز التعاون الصناعي والمالي    إسرائيل تستعيد رفات جندي من سوريا    انهيار "عمارة فاس".. مطالب برلمانية لوزير الداخلية بإحصائيات وإجراءات عاجلة بشأن المباني الآيلة للسقوط    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    شاهد.. سائحات يطلبن من لامين يامال أن يلتقط لهن صورة دون أن يعرفن من يكون    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    "الاتحاد" يتمسك بتلاوة ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    القاهرة.. تتويج المغرب بلقب "أفضل بلد في إفريقا" في كرة المضرب للسنة السابعة على التوالي    زيلينسكي: روسيا تدرس إنهاء الحرب    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسلام للتأجير .. ومسيح للتأجير .. والقس والنبي في الدوحة
نشر في الصويرة نيوز يوم 11 - 10 - 2012

لم يرو عن السيد المسيح أنه شوهد غاضبا الا في حادثة تطهير الهيكل .. عندما دخل السيد المسيح الى الهيكل فوجده مليئا بالدواجن والماشية وطاولات الصرافة والصرافين .. فما كان من المسيح الا أن أمسك بمجموعة من الحبال وجعلها مثل السوط وانهال على الباعة والصيارفة ونثر دراهمهم على الأرض وقلب الموائد وطردهم مع ماشيتهم وهو يقول غاضبا: لاتجعلوا بيت أبي بيت تجارة؟؟!! ..
في القصة التي رواها الكتاب المقدس اشارة وكناية الى ان المعابد والأديان هي هدف للتجار ومرتع لهم ان لم يطردوا بالسوط .. وأن دين الله لايغفر من يمارس البيع والتجارة في ظل الله .. وهذا الموقف الغاضب للسيد المسيح يلخص كل أزمة الدين منذ الأزل والعلاقة مع الله وهي متمثلة في أولئك الانتهازيين من البشر الذين يبحثون عن ثرواتهم حتى في معابده ويجعلونها مكانا للربح والتجارة حتى وان دخلت المواشي والدواب والعلاقات المالية ومافيها من فساد الى ملكوت الله ..
انني أخشى أن أتحدث في أديان الله لأنني لست بواعظ ولاقديس ولاأملك الحق في رجم أحد أو دين أحد لأنني بشر ولست “بلا خطيئة” .. ولاأقدر على مجادلة المتدينين من كل الأديان والطوائف لأنني أخشى أن أخلط الدنيا بالآخرة .. والعلم بالكهنوت .. وهما لايختلطان كما لايختلط الماء بالنار .. ولكن ماذا أفعل وأنا أرى أن حناجر الثوار صارت تبيعنا المصاحف والأناجيل من الرياض ومن قطر .. وأنا لم أعد أعرف في عهد ثوارنا أين هي بيت لحم ولا الناصرة .. ولا أين هي مكة ولا المدينة ..
ففي مكة التي عرفناها وحدثنا عنها المحدثون لم يكن هناك مملكة ولاملوك بل كان هناك دار ندوة للقرشيين وحلف الفضول الذي كان اول معاهدة لحقوق الانسان .. لكنها اليوم بلا ندوة وبلا حلف فضول .. بل مدينة محشوة ومتخمة بالملوك وأبناء الملوك وتفور بالأمراء والأميرات وتتقيأ الألقاب الملكية .. ومكة اليوم لاتغزو “خيبر” كما فعلت يوما ولاتغزو تبوك بل تستعين “بأهل خيبر” على غساسنة اليرموك السوريين الذين قاتلوا مع خالد بن الوليد .. وتستعين مكة اليوم بمن حاربتهم في تبوك من الروم لقتل مناذرة العراق .. فمكة لم تعد مكة .. ومكة اليوم يعشش فيها الملوك والأمراء كما يعشش القمل في الرأس..
وفي جزيرة العرب يتم تأجير الاسلام وتأجير اسم النبي العربي للأمريكيين .. وقد تولى عملية التأجير شيخ زنيم اسمه القرضاوي بعد أن تقاسم وكالة التأجير مع شيوخ آل سعود .. وصار الاسلام ونبي الاسلام تحت الطلب الأمريكي ..الى درجة مهينة جدا ومزرية جدا حتى أن الدعاء على أعداء أميريكا (روسيا والصين وايران) تم تأجيره في الحج وفي المنابر ولم يسمح بالدعاء على اميريكا واسرائيل .. وكلنا نذكر أن محاولات الحجاج الايرانيين في الثمانينات لاقامة مسيرات (البراءة من أميريكا واسرائيل) تمت مواجهتها بعنف وقتل مئات من الحجاج الايرانيين بحجة أن عملهم خلط للدين والسياسة في شهر الحج والعبادات والتجليات وصرف للناس عن عبادة الله .. الاهانة النبوية في الحج لاتصدق ولاتطاق ولاأدري كيف نقرر الزج بديننا ونبينا في صراعات الأمم .. القرضاوي يدعو على أمم كاملة بالهلاك ويعرض النبي للتأجير لصالح الولايات المتحدة .. أنا لم أسمع عن عقيدة من عقائد الأمم أنها تدخل بازارات السياسة والعرض والطلب الا في عهد اسلاميي هذا الزمان ..وعهد الاسلام المؤجر ..
وكما لاأدري في ثورات العرب أين هي مكة فانني لاأدري أين هي “بيت لحم” الثوار العرب .. ولم أعد أعرف درب الناصرة أيضا .. ففي الطريق الى بيت لحم يقف التجار الذين طردهم السيد المسيح والصيارفة وتجار المواشي والدواجن في طوابير .. وصارت عيوننا ترى بعضا من هؤلاء المطرودين من ملكوت الآب والابن والروح القدس يقفون في معارض السياسة الشرقية يعرضون المسيح نفسه للتأجير في الدوحة .. ويعرضون صليبه للأجرة .. وتاج الشوك الذي أدماه للأجرة .. فالمسيح صار يعظ من الدوحة وهو يتناول العشاء مع حوارييه في المعارضة السورية .. والمسيح “يقوم” من الدوحة .. والمسيح يمشي على الماء من الدوحة ..
فالثورة السورية كما نعلم ثورة ملتحية ومعممة ومسوّرة بالتكبيرات وأحلام الامارات الاسلامية ومنطق أهل الجزية ولكنها تستعمل بعض الأسماء المسيحية (التي تنتمي الى فصيلة تجار المعبد الذين طردهم السيد المسيح) لحلاقة لحيتها الكثيفة والطويلة ورفع عمامتها عن رأسها كي تبدو ثورة عصرية مدنية حليقة الذقن .. ان عملية التغطية على العنف الثوري في القيم المسيحية تشبه ببشاعتها اطلاق سراح باراباس واعتقال المسيح بدلا عنه ..
وحلاقو الثورة كثر، منهم صالون حلاقة لشخصية مسيحية سورية اسمه (صالون كلنا شركاء لحلاقة اللحى) .. وأحد الصالونات المعروفة التي كانت الثورة تحلق فيها لحيتها كل أسبوع هو صالون حلاقة يديره الحلاق البليد (ميشيل كيلو) الذي يحمم للثورة لحيتها ويشذب شعرها الأشعث لتحتال على الناس وتغير ملامحها كما يفعل اللصوص .. ويذكرني ميشيل كيلو بحلاقي الشخصي فهو يشبهه كثيرا ولافرق بين حديث الشخصين سوى أن حلاقي شخص مهضوم وظريف ونظيف ولايكذب رغم أنني لاأذكر حديثا واحدا من ملايين الأحاديث التي يحدثني بها دون توقف .. تماما كما لاأذكر من أحاديث حلاق الثورة السورية ميشيل كيلو سوى أنها نموذج للظل الثقيل والروح الثقيلة .. وقد عجزت طوال سنوات عن منع نفسي من التثاؤب بعد السطر الثاني من مقالاته .. وصارت عيناي تقفزان كما الخيول العربية الأصيلة من فوق الحواجز عندما تنصب لي الصحف مقالات ميشيل كيلو كالحواجز العالية والموانع الخشبية البغيضة والطينية .. وقد نجحت خيولي في اجتياز كل الحواجز دون أي خطأ ..
في قطر يشترون كل شيء ويعتقدون أنهم يستطيعون حتى استئجار يسوع الناصري .. حتى أن أمير قطر بتصرفاته يعتقد أنه يستطيع أن يشتري المسامير -التي دقها اليهود في كف المسيح على الصليب – ليصنع منها قلادة لنفسه أو يعلقها في غرفة الاستقبال أو تلبسها موزته خلخالا .. وأما من يعمل على اقتلاع المسامير من أخشاب الصليب ليبيعها له فهو تاجر معبد كان يبيع الدواب والدواجن اسمه جورج صبرة .. جورج تسلل الى صليب المسيح وبدأ ينزع بأسنانه المسامير التي غادرها يسوع الى قيامته .. ليبيعها التاجر جورج صبرة في قطر الى شيخ جاهل لايستحق من المسيح الا سوطا على ظهره ..
والغريب أن جورج صبرة يعرف أنه مجرد ديكور .. وستارة .. ومنكهات لتخفيف ملوحة البحر الاسلامي وملونات وأصباغ تخفف سواد هذا الشراب العربي .. وهو بالتالي يشبه زوجا تتزوجه عاهرة لتمارس الرذيلة مع كل الرجال دون أن يحق لأحد ان يسألها عن الرجال الداخلين الى مخدعها لأن في البيت رجلا وزوجا يغطي لها فحشاءها .. وهو لايفعل سوى قبض ثمن جسد زوجته ..
وكنت فيما أراقب اجتماعات الدوحة وحيواناتها ودواجنها أحس أن المسيح قد ينزل في أية لحظة من عليائه غاضبا يحمل نفس الحبل الذي جلد به التجار يوما في القدس وهو يقول: “لاتجعلوا بيت أبي بيتا لتجارتكم .. ولاتجعلوا بيت “سورية” بيتا لسفاهاتكم” ..ثم يقلب الطاولات وينثر الدولارات والدراهم ويهش على الأغنام والماعز والأبقار والبغال والحمير الحاضرة مثل جورج صبرة والسيدا وغليون وسيف ومعاذ الخطيب وو .. التي جمعها حمد … ويطردها .. من المعبد السوري..
كم يجهد الذين يرسمون لنا لوحة سورية في قطر أن تبدو لوحة طبيعية ربيعية أخاذة .. وكم فيها من الرومانسية والحلم حتى أن دموع الناظر تطفر من فرط تأثره بالوطنية وهارمونيكا الاديان .. مسيحي سوري ثائر في رئاسة المجلس الوطني السوري .. وائتلاف سوري برئاسة شيخ ثائر اسلامي اسمه معاذ الخطيب
العياذ بالله لي ولكم من هذه الثنائية المنافقة .. هذا اللقاء بين جورج صبرة ومعاذ الخطيب يشبه عنوان كتاب غامض نشر في نهاية السبعينات اسمه (قس ونبي) كتبه الأب جوزيف قزي باسم مستعار هو (أبو موسى الحريري) .. يقول فيه ان الرسول الكريم محمد بن عبد الله قد تلقى علمه عن القس ورقة بن نوفل الذي نقل له ترجمة فصيحة للانجيل العبراني المفقود المنحول عن انجيل متّى والذي تمت تسميته لاحقا باسم .. القرآن .. أي أن القرآن ليس قرآنا بل نسخة من الانجيل المفقود “العبراني” .. وبالتالي فان سيدنا محمد من صنع قسيس من قساوسة الجزيرة العربية هو القس الجليل ورقة بن نوفل قريب السيدة خديجة والقرآن هو كتاب عبراني .. وقد بنى جوزيف قري آراءه بناء على ملاحظات التشابه بين السور المكية تحديدا والانجيل العبراني ..
لاأعرض هذا الجدل لرفض الكتاب أو تأييده لأنني لست باحثا تاريخيا ولامفكرا لاهوتيا رغم أنني لم أستسغ النظرية وثقوبها الكثيرة والفتحات الصناعية التي أحدثها أبو موسى الحريري كما يحدث سعد الحريري ثقوبا في جسم لبنان ومسلمي لبنان .. لكنني اليوم في الحقيقة أتذكر عنوان الكتاب وعندي احساس عميق أن عمليات التوليد والتأليف والدمج والعجن والخلط والالقاح والاخصاب بين الثورجيين في قطر تستحق أن تسمى لقاء (القس والنبي) حيث يترجم “قس الثورة” جورج صبرة و”نبي الثورة” معاذ الخطيب معادلة ذلك الكتاب فيتبادلان كتابة كلمات القرآن الجديد للسوريين .. في الحرية والديموقراطية والتعايش المشترك بدل الدستور الوطني السوري .. وينجزان القرآن العبراني وآيات الربيع العربي وسوره القطرية والاستانبولية ..التي حلت محل السور المكية والمدنية..للقرآن الذي تعلمناه ..ولو قرأنا سلسلة كتب المفكر الراحل الصادق النيهوم مثل (الاسلام في الأسر) و (اسلام ضد الاسلام) لأدركنا أن هناك عنوانا ناقصا لم يكتب بعد في هذه السلسلة وهو (اسلام للايجار) .. و(مسيح للايجار) ..
ومهما قيل عن هذه الائتلافات والمهجنات المتنافرة في المعارضة السورية فانها قد تعبر عن نقلة حاسمة في مسيرة مايسمى الثورة السورية .. وبرغم الضجيج والصخب في بيان مؤتمر الجامعة العربية وكلام حمد بن جاسم ونبيل العربي فانني كنت قادرا على رؤية أن حمد بن جاسم ليس حمد بن جاسم الذي كان يتحدث بوقاحة وصلف وغرور وثقة منقطعة النظير عندما كان يمهل السوريين بالأيام والأسابيع ويحذر من التلاعب والتردد في الانحناء والاذعان .. ولاحظت أن الرجل كان ليس على مايرام في المؤتمر رغم هدوئه وكان لسانه اقل طولا من ذي قبل .. لكن الهدوء والرزانة في سلوك هذه الشخصيات المعروفة باللؤم والنذالة لايعكس الا اذلالا فهي لاتهدأ الا عندما يكون في أفواهها أحذية كبيرة .. وقد رأيت عقب الحذاء (كعبه) بين شفتيه وقد دخل الى بلعومه بكامله بعد أن ابتلع حذاء كبيرا .. يقال انه حذاء جندي في الجيش العربي السوري ولكني أيضا أستطيع أن أزعم أنه حذاء من مقاس قدم لرجل طويل فارع الطول .. وهو صاحب أطول قامات السياسيين في الشرق الأوسط .. وكان يعمل طبيب عيون ..
أما مايمكن فهمه من هذه الائتلافات فهو ببساطة أن هناك اتفاقا على تحويل الثورة السورية الى حالة سياسية بعد فشلها .. ويشير بعض الصحفيين الغربيين الى أن بداية موت أي ثورة هو بالضبط الطريق الذي فرضته قطر على الثورة السورية بأوامر أمريكية استعدادا لمرحلة قادمة بعد تبين نهاية ولاية أوباما الأولى ..لأن الائتلافات السياسية وخلق الأدوار الديبلوماسية والحقائب والوفود والمشاركات في الاجتماعات يعني استدراج أو ادخال أي منظمة مسلحة في خيارات السياسة ومجاملاتها وحساباتها وضبط ايقاعها .. تماما كما تم حشر حركة حماس وبنادقها في الحكومات والصراعات السياسية فماتت فبرغم انتصارها العسكري والسياسي في غزة فان عملية ابتلاعها لم تتم الا عندما ألبستها الديبلوماسية ثياب الحكومات وحمّلتها الحقائب الوزارية ومسؤولية الأمن وجهدت بالانضباط العسكري لاثبات نجاحها السياسي .. وهناك محاولة مشابهة تماما كما يحاول الغرب امتصاص حزب الله في حركة سياسية ونواب برلمان وتوازنات سياسية لترويضه .. والملاحظ أن كلا من حماس وحزب الله وحفاظا على توازنات سياسية دخلا فيها لم يتمكنا من ممارسة المقاومة الايجابية .. بل المقاومة السلبية .. لأن كل مقاومة ايجابية ستتعرض للاتهام من الأطراف السياسية المشاركة معها في اللعبة السياسية بأنها لاتمارس التفاهمات السياسية والعمل السياسي .. لكن حزب الله كسر تلك القاعدة المميتة واخترق الديبلوماسية عام 2006 وانتقل مجددا الى عالم المقاومة الايجابية ولاتزال حرب 2006 مستمرة حتى اللحظة ولم تتوقف بدليل الاعداد المتواصل وكان آخرها رحلة الطائرة أيوب المتحدية التي وصلت بحزب الله الى النقب وديمونا والتي افتتحت نهاية الحقبة الديبلوماسية وعودة المقاومة الايجابية التي ستنفجر ان عاجلا أو آجلا ويحاول الغرب تأخيرها بمحاولة امتصاص حزب الله الى معادلة الحرب الأهلية اللبنانية باستفزازات واضحة ..
ولكن على عكس عودة حزب الله الى المقاومة الايجابية خرجت حماس نهائيا من لعبة المقاومة .. ودخلت النادي السياسي ونادي الحقائب الوزارية والمالية ..ولم تنطلق رحلة أيوب (حمساوية) من غزة وبدا صاروخ القسام مثقلا بالحقائب والاوراق والدولارات وقد ترهل بالديبلوماسية وصار جسمه أكثر شبها بجسم حمد بن خليفة بعد أن كان ممشوقا كالرمح ورشيقا كالمقاومين !!.. وقد وصلت حماس في رحلات السياسة والاستطلاع الى استانبول والدوحة .. والقطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي حيث أبعد نقطتين عن فلسطين وأبرد نقطتين في العالم يصلهما قلب ثائر مطفأ.. ولن نستغرب أن نرى خالد مشعل يعانق أحد البطاريق أو يلتقط صورة تذكارية بين مجموعة من البطاريق أو سكان الاسكيمو .. ولا تستغربوا ان وجدتم اسماعيل هنية راكعا منحنيا يقبل يد بطريق عجوز لأن له لحية هو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء البطاريق وعلوم البطريقيات..وأن نراه على عربات تجرها الكلاب ..بدل الأيائل..
واليوم يقال في الكواليس ان الائتلاف السوري هو التابوت الذي سيوضع فيه جثمان الثورة عندما يتم القضاء عليها نهائيا .. وقد بدت هناك قناعة دولية أن النظام السوري متين جدا وراسخ جدا .. وأن السيطرة على قرية حدودية مثل رأس العين مثلا أو معابر فارغة لايعني سقوط (دمشق) .. وهناك أكثر من دراسة استراتيجية تضعها اللجان البرلمانية الدولية في الغرب تحديدا خلصت الى القول بأن مايسمى الثورة السورية لاأمل لها بالنصر لكنها قد تستطيع القتال والشغب بالدعم المباشر التركي على هذه الشاكلة لمدة 12- 24 شهرا أو أكثر قليلا .. أما النظام وحلفاءه فسيحصدون جوائز انتصارهم لامحالة بسبب الموقف الروسي والصيني والايراني ودول بريكس.. كما أن صوت لهاث تركيا الحائرة والمتعبة من الورطة صار يهز موج البحر المتوسط وهذا ماسيقصر من فترة صمود المعارضة المسلحة …
والغربيون يحسبون المصالح الخاصة بهم ولذلك تشيع الآن بين بعض الديبلوماسيين الغربيين نصيحة تقول: دعونا لانصل متأخرين سنتين أو ثلاثا الى وليمة الأسد ونحن نسعى خلف معارضة مهزومة سلفا .. فليس هناك مايمنع من مصافحة الأسد .. فقد عدنا الى القذافي الذي فجّر لنا لوكربي وفجّر النوادي الليلية .. وبعث السلاح الى الجيش الجمهوري الايرلندي لقتل البريطانيين يوما ..فلم لانعود الى الأسد..ان الأسد لم يفعل بنا مافعله القذافي ..والعودة اليه لايشوبها شائبة ..ويمكن استعادة صورته بسهولة كما تم تشويهه ..وذلك بلوم المعارضة في الكذب علينا ..
ولذلك فان المرور نحو تجاوز مرحلة الثورة السورية بلق الائتلاف وفق تفاهم ما يتم سرا لايمكن استبعاده وهو لن يتم بشكل مفاجئ ولابد من سيناريوهات هدم واعادة بناء قد تدوم أشهرا .. فتم هدم المجلس الوطني السووري وبناء الائتلاف السوري للمعارضة.. واختراع حكاية التمثيل والاعتراف في المحافل الدولية .. وقد وضعت كلينتون المجلس الراحل في التابوت ليقيم عليه جورج صبرة الجناز والقداس .. وتم وضع التابوت في القبر السياسي (الائتلاف السوري المعارض) ليقيم معاذ الخطيب صلاة الجنازة على الطريقة الاسلامية .. هذه المجالس والائتلافات أنشوطة سياسية ترمى على عنق النظام بين الفينة والفينة لابتزازه .. أما الصراع المسلح فيخضع الآن للمبادلات التجارية والحسابات والمقايضات .. ومايجري على الحدود بين سورية وتركيا وغارات رأس العين ليس الا شكلا من اشكال المناورات العسكرية واستعراض القوة ليقدم كل طرف عرضه ومطالبه ..
انها الوفاة البطيئة على مهل وعلى نار الانتظار والمبادرات والمنشطات السياسية ومدغدغات العواطف والضحك على اللحى التي طالت كثيرا .. والتي دخلت المعابد .. فوجدت أن بانتظارها 23 مليون مواطنا يمسكون بأيدهم الحبال التي جعلها السيد المسيح سياطا لطردها من “أبي المعابد الشرقية” ..ولذلك اضطر الغرب لاختراع الائتلاف السوري المعارض للدخول في مرحلة مختلفة تماما .. وماتصريحات كاميرون عن احتمال تدخل عسكري الا جزرة ورماد في عيون الملتحين والأغبياء ….
ومنذ اليوم يجب تحرير النبي وتحرير السيد المسيح من براثن رجال الدين ورجال السياسة الثورجيين .. وعلى كل واحد أن يمسك سوطا وينهال على التجار والصيارفة وجيوانات المعابد ودواجنها وحاخاماتها .. وان يقول ملء صوته الغاضب:
كيف جعلتم بيت أمي سورية ..بيتا للتجارة؟؟؟؟!!! ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.