صفقة تاريخية.. حكيم زياش يعزز صفوف الوداد الرياضي    أكاديمية المملكة تحتفي بالمسار العلمي الحافل للباحث جان فرانسوا تروان    الصحراء المغربية.. التقرير الأخير للأمين العام الأممي يجدد تأكيد الدعوة إلى التحلي بالواقعية وروح التوافق    هذه تفاصيل الدعم المباشر الذي ستشرع الحكومة في توزيعه على "الكسابة"    بعد 10 ساعات من المحاكمة... الحبس النافذ ل 16 شخصا في ملف "حراك جيل Z" ببني ملال    مرسوم جديد يحدد شروط إنجاز واستغلال منشآت الإنتاج الذاتي للكهرباء    الخطوط المغربية تطلق 63 رحلة أسبوعياً نحو الأقاليم الجنوبية بأسعار تبدأ من 750 درهماً    ترامب: سأتخذ قرارا بشأن الإفراج عن القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي    المؤرخ بوعزيز يخاطب "جيل زد": المستقبل بين أيديكم.. لا تُعيدوا إنتاج الاستبداد    الأمين العام للأمم المتحدة يجدد دعوته إلى الحوار بين المغرب والجزائر    النيابة العامة تصدر دليلا لوحدة معايير التكفل بالأطفال المهاجرين وحماية حقوقهم    تمثل 22% من مجموع الإنفاق العام.. ميزانية 2026 ترصد زهاء 167.5 مليار درهم لفائدة نحو 51 "صندوقا خاصا"    الصحراء المغربية.. الأمين العام الأممي يجدد دعوته إلى الحوار بين المغرب والجزائر    بوريطة يدعو ببروكسيل الفاعلين الاقتصاديين البلجيكيين إلى الاستثمار في الأقاليم الجنوبية    الدوري الأمريكي لكرة القدم.. ميسي يمدد عقده مع إنتر ميامي الى غاية 2028    بايتاس: 165 ألف طفل سيشملهم دعم التعويضات العائلية الإضافية    كوتوكو الغاني: سنقاتل أمام الوداد    ايت قمرة.. سيارة اجرة ترسل سائق دراجة نارية الى المستشفى    تداولات بورصة البيضاء تنتهي حمراء    الرباط ضمن أفضل خمس وجهات عالمية في 2026    وزير الفلاحة: نتوقع إنتاج مليوني طن من الزيتون.. وسعر الكيلوغرام لا يتجاوز حاليا 5 دراهم (فيديو)    طقس الخميس.. سحب كثيفة وكتل ضبابية بعدد من المناطق    القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء توضح ل"اليوم 24" أسباب تأخر مواعيد مقابلات الفائزين في قرعة أمريكا    جامعة الكرة تقيم حفلا تكريميا على شرف المنتخب الوطني المغربي للشباب    وفاة الفنان محمد الرزين إثر معاناته مع المرض    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    الفنان محمد الرزين في ذمة الله    "ميتا" تقرر إلغاء 600 وظيفة في قسم الذكاء الاصطناعي    الرباط تخصص لهم استقبالا شعبيا كبيرا .. أبطال العالم فخورون باستقبالهم في القصر الملكي ويعبرونه حافزا للفوز بألقاب أخرى    كرة القدم ..المغرب يستضيف بطولة " فيفا يُوحِّد: سلسلة السيدات" لعام 2025 يوم 26 أكتوبر الجاري (فيفا)    جلالة الملك يبعث ببرقية تهنئة للأخ الكاتب الأول إدريس لشكر    تحت الرعاية الملكية السامية.. التزام مغربي متجدد لبناء فلاحة إفريقية صامدة ومبتكرة    فقدان آخر للفن..رحيل الفنان محمد الرزين عن 79 عاماً    جدد المغرب وبلجيكا، اليوم الخميس، التأكيد على إرادتهما المشتركة في تعميق شراكة استراتيجية ومهيكلة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل وتقارب وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية الكبرى    عاجل.. سكتة قلبية تنهي حياة أشهر "بارون المخدرات بدكالة" حمدون داخل سجن سيدي موسى بالجديدة...    الاتحاد الأوروبي يقر حزمة من العقوبات على روسيا تشمل حظرا على واردات الغاز    مذكرة توقيف دولية ثالثة يصدرها القضاء الفرنسي ضد بشار الأسد المنفي في روسيا    بيلينغهام يمنح ريال مدريد فوزا صعبا على يوفنتوس في دوري الأبطال    الجمعية المغربية لحماية المال العام تتهم الحكومة بحماية "المفسدين" وتعلن تضامنها مع رئيسها الغلوسي    سائق "إسكوبار الصحراء": "مشغلي كان يملك سيارتين تحملان شارات البرلمان حصل عليهما من عند بعيوي والناصيري"    في مديح الإنسانية التقدمية، أو الخطاب ما بعد الاستعماري وفق مقاربة فلسفية ايتيقية    وجدة: حين يصبح الحبر مغاربياً    تنوع بصري وإنساني في اليوم السادس من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    توأم تونسي يحصد لقب الدورة التاسعة من مبادرة "تحدي القراءة العربي"    هنري يرشح المغرب للتتويج بالمونديال    التجويع يفرز عواقب وخيمة بقطاع غزة    مصادر أممية تتوقع تقليص ولاية بعثة "المينورسو" في الصحراء المغربية    سكان أكفاي يطالبون بمنتزه ترفيهي    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    نجاحات كرة القدم المغربية، ثمرة رؤية ملكية متبصرة (وسائل اعلام صينية)    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كومينة: لماذا غرق كريستوفر روس في رمال الصحراء؟
نشر في فبراير يوم 08 - 03 - 2017

اختار كريستوفر روس، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء، الإعلان عن انسحابه من مهمته قبل نهاية مدة تكليفه في نهاية مارس المقبل.ويبدو أن الرجل اختار الإعلان عن انسحابه الآن بعدما تبين له ربما أنه تورط كثيرا مع الانفصاليين والجزائر حد تشجيعهما على الوقوف في وجه الأمين العام الأممي الجديد غوتيريس والدول الكبرى ورفض الانسحاب من منطقة كركرات، وبعدما تبين له أن دعمه القوي لأصدقائه الجزائريين ولديبلوماسيتهم في فترة حرجة، طبعها على الخصوص مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لم يحقق الغايات المرجوة، خصوصا بعد تمكن المغرب من الالتحاق بالاتحاد الإفريقي و تحقيقه لمكاسب أخرى في القارة السمراء والمشرق العربي، ولم يفد في الحيلولة دون تراكم عوامل الانهيار في وضع جزائري ازداد هشاشة. وبغض النظر عن التغيير الواقع في رأس الأمانة العامة للأمم المتحدة بعد ذهاب بان كي مون، الكوري الجنوبي الشديد الارتباط بالولايات المتحدة، ومجئ أنطونيوغوتيريس، الأوروبي بشكل عميق، وما يترتب عليه من تغير في تدبير الإدارة الأممية، فإن كريستوفر روس يشعر اليوم أنه لم يعد بمقدوره أن يلعب الدور الذي لعبه بالتباس حينا وبفجاجة في بعض الأحيان لفائدة أصدقائه الجزائريين ومحمييهم المستعملين في لعبة جيوسياسية تحولهم في الواقع إلى مرتزقة، وأنه لا يمكن له التعويل على أصدقائه في الإدارة الديمقراطية الأمريكية بعد فوز الجمهوريين بالرئاسة وبأغلبية غرفتي الكونغريس، بحيث يواجه استمراره في النهج الذي سار عليه مشاكل حقيقية، وذلك بعدما تحول هو نفسه إلى مشكلة كبيرة لا محيد عن إيجاد حل لها نتيجة إخلاله بواجب الحياد المطلوب توفره في وسيط أممي مكلف بتوفير شروط مفاوضات جدية للتوصل إلى حل سياسي للنزاع وانحيازه للجزائر، التي كان سفيرا للولايات المتحدة بها وكان على صلة وثيقة بمسؤوليها وبشكل يطرح إشكال تضارب المصالح مند البداية، وممارسته لنوع من التأثير السلبي على موقف الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي لا يعرف المنطقة وحقيقة النزاع فيها إلا من خلال ما ينقل له مكيفا وموجها و »مخدوما » في أروقة الأمم المتحدة التي حرصت المخابرات الجزائرية على اختراقها بكل الوسائل، حيث أن زيارة بان كي مون للصحراء، التي خلفت الأزمة المعروفة وشجعت الجزائر وخدامها على لعبتهم القدرة في المنطقة العازلة المستمرة مند الصيف الماضي والمهددة للمنطقة واستقرارها، قد تمت بتحريض منه و كانت التجاوزات التي عرفتها بإيعاز منه كذلك. فكريستوفر روس يتحمل مسؤولية كبرى في الوضعية الخطيرة القائمة في المنطقة الآن، وهناك اتهام له بالسعي إلى إشعال الحرب بين المغرب والجزائر خدمة لمخطط أصدقائه المحافظين الجدد الذين أشعلوا الحرائق ونشروا الدمار في المشرق العربي وكانوا يراهنون على حدوث انهيارات في المنطقة المغاربية وعملوا عليها بمساعدة الأمير القطري حمد بن خليفة وشبكته الدعائية « الخنزيرة » وأمواله التي تدفقت بدون حساب.لقد قام كريستوفر روس بأعمال مضادة لمهمته طوال مدة تكليفه التي زادت عن سبع سنوات( يناير 2009-مارس 2016)، وبشكل مستفز جدا في كثير من الأحيان، بحيث تحولت زياراته للصحراء إلى تشجيع لكمشة من الانفصاليين، الذين يتلقون الأوامر والتمويل من الجزائر بشكل مكشوف، على القيام بأعمال الشغب والتخريب المتعمد والاعتداء على القوات العمومية والمواطنين الوحدويين الذين يتحاشون تأجيج الأوضاع بالرد على الاستفزازات والاعتداءات وخلق العداوات في مجتمع قبلي، وكانت أحداث اكديم إزيك المأساوية التي ذهب ضحيتها عدد من رجال الأمن المغاربة بعد تعرضهم للقتل من طرف مجرمين قتلة اخترقوا مخيم الاعتصام سنة 2010 متزامنة مع بداية مهمة روس التي سارت في خط منحرف مند البداية.ورغم وعي المغرب بأن كرستوفر روس يشتغل وفقا لأجندته التي لا تخدم الحل السياسي، لأنها ضربت صفحا على ما انتهى إليه خلفه القانوني الهولندي بيتر فان فالسوم وأرجعت عقارب الساعة إلى الوراء، ورغم اقتناعه بأن مقاربته لا يمكن أن تقود إلى الحل السياسي الذي صار الأفق المطروح من طرف مجلس الأمن والقوى العظمى، بعد استحالة تنظيم الاستفتاء بسبب عدم التوصل إلى اتفاق يحسم فيمن يحق لهم المشاركة فيه، فإنه عمل بحسن نية على تسهيل مهمة الأمم المتحدة وتجاوب مع مبادراته، وبالأخص اللقاءات غير الرسمية ذات الطابع الاستطلاعي التي استدعى إليها، من منطلق الرهان على أن هذا الديبلوماسي الأمريكي سينتهي به الأمر إلى فهم التعقيدات المحيطة بالنزاع المغربي-الجزائري والسعي إلى إنجاح مهمته كوسيط غير متحيز وساع للسلام وليس إلى تأجيج النزاع وخلق التوتر، لكن الرجل بقي متشبثا بأجندته الأصلية وحاول توريط مجلس الأمن والولايات المتحدة في مساندة الموقف الجزائري، بحيث عمل كل سنة على جر مجلس الأمن إلى تغيير مهمة المينورسو، وكاد في وقت من الأوقات من تحقيق هدفه بعد جر ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف عدائي اتجاه المغرب في القرار الذي تكلفت بتحريره من طرف مجموعة « أصدقاء الصحراء »، التي يتم إنضاج القرار داخلها قبل عرضه على مجلس الأمن للبث فيه، مما استدعى تدخل الملك محمد السادس باستعجال لدى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لتعود الأمور إلى نصابها.وأمام إمعان روس في ممارسته المتجاوزة لواجب الحياد المطلوب في الوساطة الأممية، والوساطة الهادفة إلى نزع فتيل النزاعات وإنضاج التسويات عموما، وعدم تمكنه من إحراز أي تقدم في مهمته اضطرت الحكومة المغربية إلى التعبير عن اعتراضها على استمراره في تلك المهمة وعن رفضها لوساطته. ورغم تراجعها عن هذا الموقف بعد تلقي الملك شخصيا من الأمين العام للأمم المتحدة لتأكيدات بعدم تكرار التجاوزات، فإنها وجدت نفسها أمام رجل يمضي في نفس الطريق ويمارس مهمته بنفس الأفق ويسعى إلى الوصول إلى التأزيم وليس إلى إيجاد الحل، وهو ما جعلها تشترط بعد ذلك اقتصار زياراته للمغرب على العاصمة الرباط كي يكف عن لعب دور المحرض، وإن بشكل ملتو، على الشغب وخلق الأجواء التي تساعده على استعمال ورقة حقوق الإنسان ضد المغرب، بينما يتغاضى عن الوضعية الكارثية لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف المحاصرة بالجيش الجزائري والمخابرات العسكرية الجزائرية التي تستخدم ساكنة تلك المخيمات استخداما بعيدا عن الأخلاق البشرية. لقد جعل روس المفاوضات، التي كانت قد بدأت في مانهاست بوساطة سلفه فان والسوم، تتوقف، مند تكليفه في سنة 2009، بعد فشل مقاربة الاتصالات غير الرسمية بسبب الجمود الجزائري. وكان هو نفسه من قاد إلى ذلك الفشل، إذ بدل أن يعمل على دفع الجزائر، لأنها من يملي الموقف على أتباعها في تندوف، للتخلي عن الجمود والبحث عن حل واقعي في ضوء تطور موقف الدول العظمى، ومن ضمنها الولايات المتحدة، فقد اختار ممارسة الضغط على المغرب الذي قام بخطوة كبرى في اتجاه تسهيل دور الأمم المتحدة بطرحه لمشروع الحكم الذاتي، والظاهر أنه تسرب أليه وهم في وقت من الأوقات بأن ضغطه يمكن أن يؤدي إلى نتيجة، مما جعله يصوغ تقاريره الدورية المقدمة لمجلس الأمن بتكرار الإلحاح على تغيير مهمة المينورسو بشكل يتناسب والهدف الجزائري و يجعل السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية مبتورة.أكثر من ذلك، فإن روس تجاوز واجب التحفظ المطلوب في وسيط أممي في نزاع إقليمي وأطلق عددا من التصريحات ضد المغرب تلقفها أعداء وحدتنا الترابية وقاموا بتسويقها واستعمالها دون أن يصدر عنه رد فعل.ويمكن القول أن فشل روس كان، وبدرجة كبيرة، وراء الأزمة الحالية في المنطقة التي تعتبر من أخطر الأزمات مند وقف إطلاق النار، وتبقى مفتوحة على أسوأ الاحتمالات إذا ما أصرت الجزائر وأذنابها على تحدي الأمم المتحدة والعالم وعلى لعبة الاستفزاز بالطريقة الطفولية المتبعة مند انسحاب المغرب من المنطقة العازلة استجابة لنداء الأمين العام للهيئة الأممية.
لقد كان بإمكان كريستوفر روس أن يسجل اسمه في التاريخ لو اختار مقاربة أخرى غير تلك التي دفعه إليها انحيازه، بالاستفادة من مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب كأساس للتفاوض من أجل الوصول إلى حل سياسي مقبول من طرف الجميع، ومن موقف مجموعة مهمة من الدول، وعلى رأسها دولته الولايات المتحدة، التي اعتبرت ذلك المشروع جديا وذي مصداقية، ومما انتهى إليه سلفه بيتر فان والسوم الذي اعتبر أن المشروع الانفصالي غير واقعي وغير قابل للتحقق، وهو الموقف الذي وصل إليه غيره ممن تعاملوا مع ملف النزاع المغربي-الجزائري في إطار الأمم المتحدة وعرفوا بالخفايا الحقيقية لهذا النزاع الذي يستعمل فيه الانفصاليون بأبشع الطرق، لكنه اختار الطريق الخطأ وورط نفسه في العداء للمغرب والشعب المغربي وانتهى به الأمر إلى أن يكون أفشل الوسطاء الأمميين الذين تكلفوا بهذه المهمة. ومن مفارقاته أنه وصل هو نفسه إلى قناعة فالسوم بأن الطرح الانفصالي بلا أفق، حسب ما تسرب من محادثاته مع مسؤولين إسبان، لكنه ظل يتصرف خارج هذه القناعة بشكل يثير الاستغراب.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.