مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بالحالة المدنية        مسيرة آيت بوكماز... عامل إقليم أزيلال يتعهد بالاستجابة لمطالب الساكنة في غضون 10 أيام    وزارة النقل واللوجيستيك تسمح باستعمال صفائح التسجيل الدولية داخل التراب الوطني    طنجة.. توقيف أحد نواب رئيس مقاطعة مغوغة بشبهة التزوير والسطو على أراض    بريطانيا تصفع مجددا الجزائر ودميتها البوليساريو: أي اتفاقيات تخص الصحراء لن تُبرم إلا مع المغرب    توقيف شخص بمكناس بشبهة حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    لطيفة رأفت تحيي جولة صيفية في مختلف جهات المملكة المغربية        مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    بتوجيهات من "حموشي".. صرف منحة استثنائية لفائدة أرامل ومتقاعدي الأمن الوطني    تعيينات جديدة في مناصب عليا بعدد من القطاعات الحكومية    المغرب يستقبل 8,9 ملايين سائح خلال النصف الأول لسنة 2025    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي    الوكيل العام يعيد ملف موظفي "الاتحاد المغربي للأبناك" إلى الشرطة لتعميق البحث في قضية زيوزيو    محاكمة إسكوبار الصحراء تتعثر بغياب لطيفة رأفت وشخصيات بارزة    عدد المستفيدين من برنامج دعم السكن بلغ 55 ألفا و512 (بايتاس)    مكتبة بيت الحكمة بتطوان تستضيف الصديق معنينو، حسن طارق وفضيلة الوزاني    هولندا.. مسجد "بلال" بألكمار يوقف الإمام يوسف مصيبيح بعد زيارته لإسرائيل    تنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك إعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق    الدولار يتراجع    المنتخب المغربي يعزز ريادته عربيا ويحافظ على موقعه عالميا في تصنيف "فيفا" الجديد        مقاييس التساقطات المطرية بالمغرب            سعد لمجرد يوضح بشأن تذاكر حفله المرتقب بالجديدة    اقتصاد هش وسياسات قاصرة.. مدون مغربي يبرز ورطة الجزائر بعد قرار ترامب الجمركي    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    عمر بلمير يكشف موعد طرح "ديالي"    الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة: الفساد يهدر الحقوق ويجهز على كرامة الإنسان    بنموسى يحذر من استغلال القضايا الديموغرافية ويدعو لتجريب "سياسات الغد"    نجاة الوافي: "سيوف العرب" يعيد إحياء أمجاد التاريخ العربي برؤية فنية احترافية    إنريكي: الظفر بكأس العالم للأندية هدفنا وديمبيلي الأحق بالكرة الذهبية    د.الحسن عبيابة: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بدون عنوان للمرحلة المقبلة    23 قتيلاً في قطاع غزة بينهم 8 أطفال    أكثر من 90 % من "ملاحظات المجتمع" على منصة إكس لا تُنشر    "ريمالد" تعتني بزراعة القنب الهندي    "أوكسفام": أربعة أثرياء في إفريقيا أغنى من نصف سكان القارة    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    بعد ‬الإعلان ‬عن ‬نمو ‬اقتصادي ‬بنسبة ‬4.‬8 % ‬وتراجع ‬التضخم ‬    خورخي فيلدا: الانتصار على الكونغو أعاد الثقة ل"لبؤات الأطلس" قبل مواجهة السنغال    أشرف حكيمي: الرحيل عن ريال مدريد لم يكن قراري    مجلس ‬المستشارين ‬يصادق ‬على ‬قوانين ‬مهمة    هل ‬هو ‬الظلام ‬الذي ‬ينبثق ‬عنه ‬الفجر ‬الصادق ‬؟    الإيطالي سينر والصربي ديوكوفيتش يتأهلان لنصف نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب    محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق    تحطم مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي ومصرع طياريها    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    مجزرة كروية في أمريكا .. الملكي يتهاوى أمام إعصار باريس    "غي -تا" تكشف عن ملامح عملها الفني الجديد "كروا غوج"    في سابقة طبية إفريقية.. المغرب يشهد أول عملية جراحية بتقنية "v-NOTES" لاستئصال الرحم    مازغان يطلق المطعم الموسمي الجديد    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الهادي الذي أحبه

هو عبد الهادي الذي يغني "القمر الأحمر"، هو عبد الهادي الذي يغني "الشاطئ"، والذي يسلطنني طربا مثلما سلطن أجيالا من المغاربة قبلي وهو يقول "ذكريه يارمال الشط بالأمس القريب". هو عبد الهادي الذي يدندن الصنادرة، والذي ينتشي في القطار الشهير، قطار الحياة، الأغنية المغربية التي لايوجد مغربي واحد لايحفظها.

هو عبد الهادي الذي غنى يوما "بنت الناس" فابتسم السامعون لها، وهو عبد الهادي الذي يتوسل "عافاك ماتقوليش نساني", وهو عبد الهادي الذي لاتنتهي أغانيه وإن أردنا تعدادها إلى آخر الأيام. يمثل أسدا فعليا للأغنية المغربية, ورمزا حقيقيا لها, وأنشودة نترنم بها على الزمن المشرقي فنغلبه بفضلها ونقول له "فالشرق كامل ماعنكومش خو هاد الراجل".

هذه الأيام رأيت سهرة من نوع آخر لعبد الهادي. كانت السهرة مبثوثة على قناة السادسة. وكانت لافتة كبيرة تعتلي الركح الذي أعتقده مسرح محمد الخامس, وعليها كتب بالبنط العريض "يوم المساجد".
أمضيت وقتا طويلا في محاولة فهم علاقة عبد الهادي بيوم المساجد. لم أفهم شيئا. الرجل كان يمسك بين يديه بعوده الشهير, وكان يقترب بفمه من الميكروفون أي كان يغني, فأين العلاقة بالمساجد إذن؟

لم أجدها ولم أكترث, فكلنا في نهاية المطاف أو جلنا مسلمون ندلف إلى المساجد باستمرار, وهذا ليس نقاشا يستحق كل هذا العناء. أصخت السمع بعدها لعبد الهادي وهو يغني فلم أجد منه أي غناء. كان يحاول بمعاناة شديدة أن يؤدي "المنفرجة", وكان قبلها أو بعدها يقاتل لكي يغني "الفياشية" تلك المقطوعة الجميلة التي يحفظها المغاربة كلهم باللحن العيساوي الشهير أو باللحن الشمالي الأشهر "أنا ماني فياش, وآش عليا مني؟ نقلق من رزقي لاش؟ والخالق يرزقني". سوى أن عبد الهادي كان يحاول تلحينها وكان يحاول دفع الفرقة الموسيقية وراءه لترديدها معه, وكان يحاول جالسا تحميس الجمهور القاعد أمامه, الذي لم أعرف منه إلا محمد الحمداوي من حركة التوحيد والإصلاح, والذي لم يسبق لي أن رأيته في أي سهرة فنية في المغرب أبدا حتى ذلك اليوم.

فهمت بعدها أن عبد الهادي لايغني. عبد الهادي يمثل. والتمثيلية الجديدة تريد أن تقول لنا إن كل التراث الفني الكبير الذي صنعه الرجل على امتداد كل هاته السنوات, لم يعد يصلح لشيء, وأن الأفضل هو أن يعوض كل ذلك الغنى الفني بأغنية يتعب نفسه في أدائها دون أن تكون له, ودون أن يتقنها في يوم من الأيام.

أتحدث من الناحية الفنية الصرف, ولا أتحدث من نواح أخرى لا أفقه فيها كثيرا. ليس من حق عبد الهادي أن يسيء لتراثه الفني الذي أسسه بهاته السهولة. ليس من حقه أن يأتي حتى النهاية, وأن يمحو بجرة عود واحدة "وغير موزونة" المسار الكبير والعملاق الذي صنعه حتى تربع عن جدارة واستحقاق على عرش الأغنية المغربية.

من حق عبد الهادي أن يتوب عن أغانيه القديمة إذا كان يعتبرها رجسا من عمل الشيطان تجب التوبة منه. من حقه أن يتبرأ منها "كاع" إذا أراد ذلك، وأن يقول لجمهوره الذي أحبه بسببها "ديك الأغاني راني كنت غالط لأنني غنيتها"، لكن ليس من حق عبد الهادي أن يطالب اليوم نفس الجمهور بأن يحب "أغانيه" الجديدة، لأنها بكل بساطة وبكل اختصار و"من الأخير كاع" ليست أغاني نهائيا.

هي أناشيد يجهد نفسه لكي يقنعنا أن فيها بعض الجمل الموسيقية, وهي ترانيم يقاتل من أجل أن يمنحها شرعية الأداء فوق خشبة وأمام الناس, لكنه في النهاية يفشل, وكل ماينجح فيه هو أنه يدفع الناس إلى التساؤل عن عبد الهادي الحقيقي "فين مشا".
عادة في الدول التي تتوفر على ممارسة فنية حقيقية وسليمة, لا يدفن المغني الكبير أغانيه التي صنعت مجده كلها تحت التراب، ويقرر أنها لاتصلح لشيء، وأن الجديد الذي سيقدمه لهم هو الأحق بالمتابعة. لا، هو يضع القديم الذي أسسه بكل المعاناة والجهد والإبداع الحق في مكانه اللائق، ملكا مشتركا بين كل من أحبوه، ولا يقدم أي جديد إلا إذا كان جديدا ويستحق بالفعل أن يحمل بصمته وطابعه.

وآسف جدا أن أقولها: مايغنيه عبد الهادي هذه الأيام لايليق به نهائيا, وسيكون حسنا له لو أنه عجز عن إيجاد أغان تعبر عن تصوره الحالي للحياة أن يكتفي بتقليد الأغاني الكبيرة التي تغنت بالدين وبالله وبالرسول (ص), وهي موجودة وغناها كل الكبار, عوض أن يضيع كل ماصنعه على امتداد تاريخه بهاته الأناشيد المغناة بطريقة سيئة للغاية، والعاجزة عن العثور على أذن موسيقية حقيقية قد تتبناها أو تتذوقها في يوم من الأيام
وليعذرنا عبد الهادي على القسوة, لكنه سلطننا طربنا لسنوات طويلة, وليس من حقه أن يقتلنا اليوم بهذا النشاز, حتى وإن حاول إخفاءه في الدين.

ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
بغض النظر عن البواعث السياسية المختلفة التي حركت الكثيرين في مسيرة الأحد في البيضاء, فإن الرسالة كانت واضحة من طرف الشعب المغربي وأهم قواه الحية بالصراخ عاليا بضرورة تحرر سورية اليوم قبل الغد, وضرورة رحيل بشار قبل أن يرتكب المزيد من جرائم الإبادة ضد شعبه وبلده.

المغاربة كانوا هكذا دائما: في لحظات الجد يجدون الطريقة الأفضل والأكثر اختصارا للتعبير عن مواقفهم الكبيرة بكل شجاعة تاريخية.
تلك هي نقطة قوة هذا البلد بالتحديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.