"عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    فريق يوسفية برشيد يتعادل مع "الماط"    مدرب بركان يعلق على مواجهة الزمالك    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    كلمة هامة للأمين العام لحزب الاستقلال في الجلسة الختامية للمؤتمر    مرصد يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    البطولة: المغرب التطواني يضمن البقاء ضمن فرق قسم الصفوة وبرشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني    مكناس.. اختتام فعاليات الدورة ال16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    طنجة تسجل أعلى نسبة من التساقطات المطرية خلال 24 ساعة الماضية    ماذا بعد استيراد أضاحي العيد؟!    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك للقفز على الحواجز    اتحاد العاصمة ما بغاوش يطلعو يديرو التسخينات قبل ماتش بركان.. واش ناويين ما يلعبوش    تعميم المنظومتين الإلكترونييتن الخاصتين بتحديد المواعيد والتمبر الإلكتروني الموجهة لمغاربة العالم    الدرهم يتراجع مقابل الأورو ويستقر أمام الدولار    أشرف حكيمي بطلا للدوري الفرنسي رفقة باريس سان جيرمان    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    حماس تنفي خروج بعض قادتها من غزة ضمن "صفقة الهدنة"    بيدرو سانشيز، لا ترحل..    مقايس الامطار المسجلة بالحسيمة والناظور خلال 24 ساعة الماضية    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة واعتراض السبيل وحيازة أقراص مخدرة    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    جمباز الجزائر يرفض التنافس في مراكش    محكمة لاهاي تستعد لإصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو وفقا لصحيفة اسرائيلية    "البيغ" ينتقد "الإنترنت": "غادي نظمو كأس العالم بهاد النيفو؟"    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات لزيادة الأجور: 1000 درهم وتخفيض ضريبي متوقع    اعتقال مئات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة مع استمرار المظاهرات المنددة بحرب إسرائيل على غزة    بيع ساعة جَيب لأغنى ركاب "تايتانيك" ب1,46 مليون دولار    بلوكاج اللجنة التنفيذية فمؤتمر الاستقلال.. لائحة مهددة بالرفض غاتحط لأعضاء المجلس الوطني    نصف ماراطون جاكرتا للإناث: المغرب يسيطر على منصة التتويج    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على عزة ترتفع إلى 34454 شهيدا    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية جيل ستاين في احتجاجات مؤيدة لفلسطين    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    شبح حظر "تيك توك" في أمريكا يطارد صناع المحتوى وملايين الشركات الصغرى    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عز الدين علام لهسبريس: للملك الفضل في منح الترخيص لحزب البديل الحضاري
نشر في هسبريس يوم 17 - 06 - 2009

في هذا الحوار يتحدث الأستاذ عز الدين علام القيادي السابق بالشبيبة الإسلامية والقيادي بحزب البديل الحضاري المنحل عن ظروف التحاقه بالحركة الإسلامية ، كما يلقي الضوء على بعض الفترات المعتمة للشبيبة الإسلامية .
""
ويكشف لنا علام تبعات الزلزال الذي أصاب حزب البديل الحضاري على اثر اعتقال القياديين محمد الأمين الركالة ومصطفى المعتصم فيما أصبح يعرف بخلية "بليرج".
باسم الله الرحمان الرحيم، بداية أتوجه بالشكر لإدارة الموقع ولكل الساهرين عليه على هذه الاستضافة.
لقد تزامن مجيئي للدنيا بالذكرى الأولى لثورة الملك والشعب وذلك يوم 20غشت 1954،ولدت بقرية(المنزل)،والتي أصبحت فيما بعد مدينة صغيرة،هذه القرية التي تتوسط قبيلة بني بازغة،إحدى قبائل الأطلس المتوسط ،المتواجدة على بعد 60 كلم شرق مدينة فآس.تلقيت بها تعليمي الابتدائي ثم انتقلت مع أسرتي إلى مدينة الدار البيضاء أواخر سنة1969 حيث أكملت دراستي الإعدادية فالثانوية ثم لاحقا الجامعية.
بهذه المدينة سيعرف مسار حياتي تحولا جوهريا كان له الأثر البليغ في كل حياتي كما لازلت أعتز به إلى اليوم وأحمد الله لأنه كان قدرا من عنده سبحانه لا دخل لي ولا لأسرتي فيه انه التحاقي المبكر(مستوى الإعدادي) بصفوف الحركة الإسلامية المغربية وهي بعد في بداياتها الأولى على يد أحد القيادات الوطنية آنذاك الأستاذ نورا لدين ذكير، بحكم تقاربنا في السكن وكانت تجمعنا الصلاة في مسجد الحي. .
هل لك أن تطلعنا على أهم المحطات التي عرفها هذا المسار مع تسليط الضوء على بعض الزوايا التي بقيت معتمة من تاريخ الحركة الاسلامية؟
بداية أشكر الأخ الكريم على هذا السؤال لأهميته في نظري.
لم يستغرق تأطيري مدة طويلة حتى بدأ الإخوة المسئولون يكلفونني بمهام تنظيمية وتأطيرية...(وكان ذلك نوع من التأطيرأيضا على قاعدة قولة الشهيد المهدي بنبركة أثناء افتتاح ورش طريق الوحدة غداة الاستقلال:نبني الطريق والطريق يبنينا) الشيء الذي أهلني ،وفي مدة قياسية،لأن أصبح أحد القيادات الميدانية من أبناء جيل تأسيس الحركة الإسلامية المغربية؛كما أنه ذات السبب الذي جعل الأستاذ مطيع يوجه لي دعوة ،عبر الأخوان الصنيبي وبيرواين لحضور المؤتمر المصغر الذي نظمته الحركة بمكة المكرمة موسم الحج لسنة 1977،لتدارس الوضع التنظيمي بالمغرب آنذاك ولتجاوز الإشكالات التنظيمية والتصدعات التي خلفها انشقاق القيادة الوطنية بالداخل ،التي كانت مشهورة باسم (القيادة السداسية).
من أبرز التوصيات التي خرج بها هذا المؤتمر تشكيل قيادة وطنية بديلة(قيادة13)،والتي كنت من بين أعضائها،وبرجوعكم إلى أول كتاب صدر لأول باحث مغربي في شؤون الحركة الإسلامية الدكتور محمد الضريف بعنوان(الإسلام السياسي) ستجدون اسم عز الدين علام من بين الأسماء القيادية التي ذكرها الباحث كما أنه كان من أبرز هذه الرموز القيادية البديلة أخونا الأستاذ المصطفى المعتصم،عجل الله بفرجه.
في نونبر 1978التحقت بالمملكة العربية السعودية لاستكمال دراستي الجامعية بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض،وكان ذلك بطلب من الأستاذ عبد الكريم مطيع لأكون معاونا له هناك،أثناء هذه الفترة الوجيزة التي قضيتها هناك،كان لي شرف التعرف على عدة شخصيات من بينهم الدكتور خالد العجيمي غالب ظني أنه رئيس نفس الجامعة حاليا،مفتي المملكة العربية السعودية يومذاك المرحوم عبد العزيز بن بازوالذي تشرفت بدعوته لي لحضور مأدبة غذاء ببيته بالرياض،كما لايفوتني أن أذكر اللقاء الذي جمعنا بالأستاذ مهدي عاكف ،المرشد العام للإخوان المسلمين الحالي،اللقاء الذي دعا له وأشرف عليه الأستاذ لاشين أبو شنب ،عضو مجلس الشعب سابقا عن الإخوان المسلمين،هذا اللقاء الذي انتدب له ممثل عن كل بلد إسلامي وكنت ممثل المغرب فيه.
في دجنبر 1979رجعت للمغرب لحضور جلسة محاكمة الأستاذ ابراهيم كمال ومن كان معه وبعد أن تمت محاصرة مبنى المحكمة من طرف قوى الأمن (تدخل سريع وغيره)ألقي علي القبض مع 21من بين الإخوة الذي جاؤوا لحضور أطوار المحاكمة ،كان ذلك يوم 10دجنبر1979(اليوم العالمي لحقوق الإنسان).
في مارس 1981،وبعد أن كان قد تم إطلاق سراحي طبعا في متم فبراير 1980، توجهت إلى فرنسا (باريس)بدعوة من الأستاذ عبد الكريم مطيع،تجدر الإشارة إلى أنها نفس الفترة التي عرفت انشقاق الإخوة (الأستاذ عبد الإله بنكيران،محمد اليتيم،ادريس شاهين،المرحوم علال العمراني،...واللائحة طويلة )والذين أصدروا حينذاك بيانا في الموضوع كان قد نشر بجريدة الشرق الأوسط وهم نفس الإخوة الذين أسسوا بعد الانشقاق تنظيما جديدا تحت اسم(الجماعة الإسلامية) هذا الاسم الذي لم يرق السلطات فتم استبداله ب(حركة التجديد والإصلاح) قبل أن تتحول إلى(التوحيد والإصلاح)بعد الاندماج الذي حصل مع جماعة القصر الكبير (الشروق) التي كان يرأسها الدكتور أحمد الريسوني.
كانت أيضا هي ذات الفترة التي عرفت انشقاق مجموعة من الإخوة من أبرزهم الدكتور المرحوم محمد البشيري الذين أسسوا رفقة الشيخ الأستاذ عبد السلام ياسين تنظيما آخر تحت اسم (الجماعة الخيرية)والتي كان شعارها ولايزال (العدل والاحسان) ،هذا الشعار الذي سيغلب استعماله فحل محل الاسم.
بعد رجوعي من فرنسا ، أمضيت فترة تأمل ومراجعة ومشاورة مع بعض الإخوة من أمثال رفيق دربي الأستاذ إبراهيم بورجة حفظه الله، الذين كنا نتقاسم نفس الموقف،قررت تجميد نشاطي ولزوم بيتي. هذا الموقف الذي لم تقتنع به الأجهزة الأمنية آنذاك، فبقيت تلاحقني وتعد علي أنفاسي،ومن ذلك على سبيل التمثيل:
-اختطافي من داخل المؤسسة التي كنت أدرس بها في مارس1982 ،(هذا الاختطاف ومدته مثبتان في التقرير التحكيمي الذي توصلت به من هيأة الانصاف والمصالحة).
-استدعائي للتحقيق بمفوضية الشرطة/ الدائرة الرابعة /سيدي عثمان/ مصلحة الاستعلامات العامة، على مدى أسبوع يوميا وأحيانا في الفترة الصباحية والمسائية،سنة1984على خلفية اعتقال مجموعة26 (الحكيمي بلقاسم ومن معه)التي كانت متهمة بإدخال الأسلحة عبر التراب الجزائري وبعد تأكدهم بأن لا علاقة لي بالموضوع و لاتربطني أية علاقة بأفراد المجموعة أخلي سبيلي دون أن أسلم من الأذى، رغم تأكدهم من براءتي ،فتم حجز جواز سفري ،وفرض علي ما يشبه الإقامة الجبرية.
قبل ختام الجواب على سؤالكم هذا بقي توضيح أقدر أنه ضروري، أستأذنكم في فتح قوس للإدلاء به : مسألة كثيرا ما التبست على بعض من يتصدون الآن لكتابة تاريخ هذه الحركة وغالبيتهم يقدمون أنفسهم على أنهم باحثين مختصين في شأن الحركات الإسلامية ،هذا التاريخ الذي لم يكتبه صانعوه أو الذين عاشوه أو على الأقل عايشوه ،رغم المحاولات التي ابتدأتها رفقة أخواي المعتصم وبورجة ( بدافع الغيرة والايمان منا على أن تاريخ أية تجربة ينبغي أن يسطره أبناؤه الذين صنعوه،بعد ذلك فليكن ما كتبوه مادة للباحثين المختصين) على صفحات جريدة الجسر،ورغم أنها لم ترق إلى مستوى التأريخ ولم يدع يوما أحد من هؤلاء الثلاثة ذلك ،اعتبرناها يوم ذاك (محاولات)،رغم ذلك لم ترق البعض فاضطررنا لوقف مابدأناه. ..لعله لفث انتباهكم استعمالي تسمية(الحركة الإسلامية المغربية)إن ذلك كان عن قصد مني لتوضيح هذه المسألة ،إن التنظيم الذي كنا فيه هو:الحركة الإسلامية المغربية،والتسمية كانت مقصودة لتمييزنا عن غيرنا من باقي الحركات الإسلامية الأخرى في المشرق وحتى لا يعتبرننا أحد أننا جزء من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين،كما أن هذه الحركة كانت هي الحركة الإسلامية الوحيدة بالمغرب آنذاك وبذلك استحقت أن تكون أم باقي الحركات التي تفرعت عنها فيما بعد.وفي نفس الوقت كانت هناك جمعيات موازية للحركة هي:
-جمعية الشبيبة الإسلامية التي كان يرأسها الأستاذ عبد الكريم مطيع وكان نائبا له الأستاذ ابراهيم كمال.
-جمعية الطلائع التي كان يرأسها الأستاذ نجمي.
-جمعية شباب الدعوة التي كان يرأسها الأستاذ الدكتور القاضي برهوم.
-جمعية أنصار الدعوة التي كان يرأسها العالم الجليل المرحوم السرغيني.
-جمعية خريجي مدرسة المعلمين التي كان يرأسها الأستاذ عمر الأزرق.
فما سبب اشتهار الحركة الإسلامية المغربية باسم حركة الشبيبة الإسلامية؟
الجواب بكل بساطة أنه وعلى اثر الاعتقالات التي طالت شبابنا أواخر سنة 1975 على خلفية اغتيال المناضل الشهيد عمر بنجلون وإلصاق تهمة اغتياله بالحركة وبجمعية الشبيبة الإسلامية لاعتبار أن رئيسهما كان واحدا الذي هو الأستاذ عبد الكريم مطيع (على اثر ذلك) حدث أمران هما ،في تقديري،السبب الرئيسي في الالتباس والخلط بين الحركة والجمعية هما:
-البيانات والتصريحات التي كان الأستاذ عبد الكريم مطيع يصدرها من منفاه سواء بالمملكة العربية السعودية أو بالكويت على صفحات عدة منابر(مجلة المجتمع الكويتية،الشهاب اللبنانية،الرائد التي كان يصدرها الأستاذ عصام العطار من آخن بألمانيا،الغرباء من لندن،...)كانت هذه البيانات كلها تصدر بتوقيع رئيس الشبيبة الإسلامية.
-التوجيه الذي كان يعطى للشباب بأن يصرحوا،في حالة الاعتقال،بالانتساب إلى جمعية الشبيبة الإسلامية التي كان معترفا بها وحاصلة على وصل الايداع القانوني وفق مقتضيات قانون الحريات العامة الصادر سنة 1958.
وهكذا اشتهرت الحركة الإسلامية المغربية باسم الشبيبة الإسلامية من باب إطلاق الجزء وارادة الكل كما يقول البلاغيون،فكانت الجمعية بمثابة الشجرة التي تخبئ خلفها الغابة.
هل لنا أن نعرف السياق الذي جاء فيه التحاقكم بالبديل الحضاري؟
استمر تجميدي لنشاطي إلى غاية رمضان 1996،في هذا الشهر المبارك اتصل بي فيه (وكنت وإخوة آخرين كان لهم نفس موقفي من أبرزهم أخي بورجة) الأخ الكريم المعتصم ، الذي وجدته ،وبعد طول فراق ، كما عهدته في السبعينيات ،نشاط وحيوية وحماس وحب وغيرة على هذا الوطن كل هذا كان، تحس وأنت تستمع إليه ، ممزوجا بالألم والحسرة على ما آل إليه الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي...ببلادنا .وبعد عدة لقاءات(والتي لم يتخلف عنها الأستاذ المعتصم ولو مرة واحدة متنقلا من فاس إلى البيضاء على نفقته مصحوبا كل مرة بأحد من إخوانه غالبا ما يكون الأخ الكريم محمد الأمين الركالة) ونقاشات كانت تستمر بنا إلى الفجر وبعد اطلاعنا على المراجعات التي قام بها ومن معه وتغيير كثير من القناعات السابقة بقناعات جديدة من قبيل:مركزية الحوار في مشروع البديل الحضاري،الموقف من الديمقراطية موقفا استراتيجيا واعتبارها الآلية الأوحد لحسم النزاع في المختلف فيه بين الفرقاء وللتداول السلمي على السلطة،الموقف من الملكية واعتبارها ضرورة لضمان وحدة البلاد واستقرارها ...،نبذ العنف والتوسل به وسيلة إما لحسم الخلاف مع المخالفين أو للوصول إلى السلطة،التأكيد على احترام ثوابت البلاد والتمسك بكل ما يضمن وحدة المغاربة،...
لم تكن المسافة الفكرية بيننا بعيدة بسبب المعرفة المسبقة بيني والأستاذ ابراهيم بورجة من جهة وبين الأستاذ المعتصم من جهة أخرى ولأننا كنا نحن أيضا في لقاءاتنا،غالبا الثنائية،نقوم بنقد ذاتي لتجربتنا السابقة وبمراجعات فكرية،ولكن لاأنكر استغرابنا وصعوبة هضمنا لبعض ما كنا نسمعه،لكن طول نفس الأستاذ المعتصم ومن كان يرافقه وصبرهم علينا وقدرتهم على المحاورة والإقناع جعلت استغرابنا يتبدد وقناعاتنا تتجدد...(من بين المقولات التي سمعتها منهم وبقي صداها يتردد في أذني:لاتضحية بدون قناعة ولا قناعة بدون حوار)،بعد ذلك اتصلت بأخي المعتصم أخبره باستعدادي التام الالتحاق بالبديل الحضاري ،هذا الالتحاق الذي لازلت أعتز به وأعتبره شرفا لي.
في أول جمع عام لجمعية البديل الحضاري سنة 2000 وبعد تجديد مكتبها الوطني تم انتخابي عضوا به،إلى أن تم اختياري عضوا باللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر التأسيسي لحزب البديل الحضاري يوم 14يوليوز2002،الذي انتخبت عضوا بأمانته العامة .
كيف تلقيتم نبأ اعتقال الأخوين المعتصم والركالة؟
بعد أن كانت الأجواء عادية أثناء وبعد مؤتمر المجلس الوطني المنعقد بمدينة المحمدية أيام الجمعة والسبت والأحد لم يكن هناك أي مؤشر يوحي بنية إقدام السلطات على اعتقال الأخوين نفاجأ قبيل مغرب يوم الاثنين الموالي(18/02/2008) بخبر اعتقالهما ،أصبنا بالذهول ..قلنا لعل الأمر ناتج عن خطأ ما ..الشك والريبة كانت السمة التي طبعت أغلب المتصلين بنا للتأكد من صحة الخبر من سياسيين وحقوقيين وإعلاميين..فالجميع لم يستصغ نبأ الاعتقال لما للأخوين بصفة خاصة ولأبناء البديل بصفة عامة من مكانة مميزة وتقدير خاص عند الكثير من المهتمين بالشأن السياسي والحقوقي ببلادنا..كانت كل الاتصالات تستنكر وتتساءل:أيعتقل دعاة الوسطية والاعتدال ونبذ العنف..؟
إذا اعتقل،بتلك الطريقة المهينة، هؤلاء الذين كانت لهم اليد البيضاء على كثير من أبناء الحركة الإسلامية،لأنهم كانوا بحق رواد المراجعات التي عرفتها الساحة الإسلامية بصفة خاصة،في عدة مجالات: تبني الخيار الديمقراطي،اعتبار الملكية فاعلا أساسيا وضمانة لإنجاح المسلسل الديمقراطي واعتبار الملك رمزا لوحدة البلاد واستقرارها..،ولا أبالغ إذا قلت أن لهذين الرجلين الفضل الكبير في التحول الذي عرفته الحركة الإسلامية بالمغرب هذا المجهود الكبير الذي وصل صداه إلى المشرق العربي مما جعل مفكرين كبارا من أمثال الأستاذين فهمي هويدي ومنير شفيق يستشهدون بتجربة البديل الحضاري الرائدة رغم حداثتها في بعض كتاباتهم وتصريحاتهم.قلت إذا اعتقل مثل هؤلاء الشرفاء رغم ما بذلوه ،فهل يستطيع المسئولون أن يقنعوا الرأي العام أنه باستطاعتهم إقناع شبابنا المغرر به سواء في مخيمات لحمادة بتندوف أو في الشتات بالعودة إلى أرض الوطن بمجرد أن يسمع أن الوطن غفور رحيم؟
هل يستطيعون إقناع هذا الرأي العام ،الذي شكك في الرواية الرسمية لاعتقال السياسيين الستة،أنهم باستطاعتهم إقناع أتباع التيار السلفي القابعين في السجون بإجراء مراجعات فكرية؟.
ما هي الخطوات التي اتخذتموها بعد هذا الاعتقال؟
**بعد وقت يسير من نبأ الاعتقال/الاختطاف اجتمعت الأمانة العامة فاكتفت باصدار بيان تستنكر فيه الاعتقال وتؤكد فيه على أهم المبادئ التي قام عليها حزب البديل الحضاري ومدى تشبتنا بها كيف ما كان نوع الاعتداء علينا ،وناشدت فيه الفضلاء والغيورين من سياسيين وحقوقيين ونقابيين وفاعلين..مؤازرتنا في محنتنا.
في اليوم الموالي كان لقاء آخر للأمانة العامة لقد قررنا فيه تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان مساء يوم الخميس21/02/2008،وبالمناسبة أجدد التنويه بكل الذين اتصلوا بنا تلك الليلة من سياسيين وحقوقيين...معربين لنا عن استعدادهم للانخراط معنا في أية خطوة نضالية سنقدم عليها كما أبدوا الاستعداد للحضور المكثف معنا في هذه الوقفة الاحتجاجية.فاذا بنا نفاجأ في يوم الغد على العاشرة صباحا بالوزير الأول يقدم على اصدار مرسوم رام الى حل حزبنا ،وفي نفس اليوم بعد الظهر وزير الداخلية يعقد ندوة صحفية في الموضوع بعد أن كانت مبرمجة لمساء يوم الخميس.
اعتبرنا الخطوتين تندرجان ضمن حرب استباقية قصد تكبيلنا وقطع الطريق أمام أي خطوات نضالية نقدم عليها .
وهكذا اعتبرنا الوقفة الاحتجاجية ملغاة بموجب القانون،رغم بعض المحاولات من هنا أو هناك التي كانت تريد اقناعنا بالذهاب الى الوقفة لكنها فشلت في ذلك،لسبب بسيط هو أننا آلينا على أنفسنا سواء عندما كنا جمعية أو عندما تحولنا إلى حزب أن نعمل في ظل الشرعية والقانون،وأن نتحرك وفق قناعاتنا لابردود الأفعال...إن قيمة التزامنا بما نؤمن به وما ندعو اليه تكون ساعة الشدة لا ساعة الرخاء،إن أي تجمع بشري حزبا كان أم غيره يعجز أن يجعل المنتسبين إليه يتمثلون في سلوكهم ما يدعو إليه هو عن فعل ذلك أعجز مع غيرهم .
ولكن هذا لم يثنينا عن حضور الأنشطة التي تدعو إليها وتنظمها لجنة الدعم الوطنية أو تنسيقية أسر المعتقلين الستة من وقفات احتجاجية أو مهرجانات خطابية أو ندوات...
نعتقد أن التفكير في اغتيال حزب البديل الحضاري سيكون خطأ لا يغتفر في تاريخ المغرب المعاصر،فهذه التجربة على ضعف امكاناتها هي عنوان إلى جانب كل القوى الحية في بلادنا للأمل في مغرب جديد ..البديل الحضاري بخياراته السلمية والديمقراطية التي لا يشكك فيها سوى متآمر وبمنهجه التجديدي الباهر وعلاقاته المتينة مع كل فرقاء المشهد ..كل ذلك يجعل الإصرار على اغتياله ظلما وعدوانا جريمة في حق كل المغاربة ..نحن لم نأت لنضرب الناس بالسلاح كما قدمتنا مع الأسف وزارة الداخلية ولم نأت لنروع الامنين..نحن أردنا أن نكون بإخلاص اضافةديمقراطية نوعية إلى رصيد الخير العميم الموجود في بلادنا لذلك نحرص باستمرار على تأكيد أن البديل الحضاري نقيض فعلي لكل خطاب متشدد والله يعلم أنه لا تحركنا في ذلك سوى الرغبة في نيل مرضاته والنهوض بهذا الوطن ..ربما رأى البعض فينا مبالغة في انتقاد أوضاع البلاد فقرروا التخلص من هذا الصوت المزعج إلا أن هؤلاء ربما يجهلون حجم الأخطار التي باتت تهدد بلادنا في ظل متغيرات دولية رهيبة ، والحال أنه لايمكن الرد على هذه التحديات سوىبأ حزاب حقيقية قوية في خطابها واضحة في خياراتها ..نحن في البديل التقطنا بحماس كبير ما عبر عنه جلالة الملك محمد السادس من رغبة في إصلاح أوضاع المغرب واعتقدنا صادقين أن بلادنا أمام فرصة تاريخية لتحقيق حلم الانتقال نحو الديمقراطية بشكل لارجعة فيه لذلك انخرطنا رغم كل العراقيل في مشروع انجاح هذه الدينامية ..أملنا أن يتدارك عقلاء المغرب الخطأ الجسيم الذي ارتكب في حق هذه التجربة السياسية المسالمة ،فالمرحلة لا تسمح باختلاق المؤامرات وتصفية الآخرين مهما قللنا من شأنهم ..المرحلة تستلزم استجماع كل طاقات بلادنا من اجل النهوض ومن أجل بناء وطن قوي يستظل بالقانون ولاشئ سوى القانون ..و نحن في البديل نقول لكل الذين تآمروا ضدنا لن تجدوا منا ردا سوى الحلم الذي أوصانا به الرسول (ص)...واذا كانت مشاكل المغرب لن تحل سوى باغتيال حزب مسالم مثل البديل فليكن ذلك
بعد تحول الملف من يد الحموشي الى ياسين المنصوري هل هناك آفاق لطي الملف؟
هذا التسريب الإعلامي والذي انفردت بنشره جريدة(أخبار اليوم) وقريبا منه ما جاء في أسبوعية(الأسبوع الصحافي)،في نظري لايمكن،على الأقل التشكيك فيه،لسبب بسيط هو أن القائمين على هذا المنبر الإعلامي أو ذاك لايمكن أن يجازفوا ويضعوا سمعة الجريدة في الميزان بنشر هكذا خبر من العيار الثقيل لو لم تكن مصادرهم ،حسب ما قالوا،موثوقة.
إن خبر نقل الملف من يد إلى أخرى ،خصوصا بعد أن ذكرت الجريدة التداعيات التي اقتضت هذا النقل وبالأخص أن ذلك ،حسب إخبار اليوم،كان بأمر من الجهات العليا في البلاد ،إن هذا الخبر لا يخلو من أهمية،ولكن الأهم منه في تقديري ،وحسب نفس المصدر السابق،أن الملف الآن أصبح تحت الإشراف المباشر لجلالة الملك.
وسبق لي أن قلت في تصريح لأسبوعية (العدالة والتنمية):إن اعتقال أخوينا ،ومن معهما من باقي المعتقلين السياسيين الستة،كان وراءه قرار سياسي ولا يمكن حل هذا الملف إلا بقرار سياسي أسما منه لهذا،قلت، ننتظر تدخل ملك البلاد لوضع حد لهذا العبث بأمن المواطنين وحريتهم .
لأنه يبدو أن هناك بعض النخب الأمنية إما أنها لم تستوعب بعد التحولات الهامة التي عرفها المغرب بمجيئ الملك محمد السادس وما رافقه من شعارات ومراجعات عملية لأخطاء الماضي القريب،أو أنها استوعبت ذلك فعلا لكنها خافت على مصالحها من أن تعصف بها رياح التغيير،فتحركت جيوب المقاومة فيها للتصدي لأي تحول وانفتاح وارتفاع لمنسوب الحرية بدأت بلادنا تتنسم نفحاته مع العهد الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.