استيقظ المغاربة الداعمون طولا للمقاومة الفلسطينية، من مدنيين وسياسيين وفاعلين جمعويين ونقابيين، على "وقع الصدمة" إثر انتشار نبأ "استشهاد" إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بعد سقوط صاروخ من خارج الأراضي الإيرانية على إقامته بطهران، حيث كان يحضر مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان؛ وهو ما خلف غضبا مغربيا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي. هنية، الذي زار المغرب في يونيو 2021، لم تكن عملية اغتياله "حدثا مهضوما إطلاقا" لدى الذين اعتبروا أنه كان محبا للمغرب وملكه وشعبه، وباعتبار عملية الاغتيال التي وصفتها الدوحة حيث كان مقيما ب"الجريمة الشنيعة"، وفق معلقين "تواصل وضع المسامير الأخيرة في نعش الكيان الإسرائيلي، الذي تعرضت صورته منذ 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) إلى عملية تهشيم خطيرة لا يمكن أبدا إعادة بنائها لدى الغالبية الكاسحة من الشعب المغربي". "رجل محب للمغرب" أوس رمال، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وصف حادثة قتل إسماعيل هنية ب"الهمجية"، مسجلا أنه "كان رجلا محبا للمغرب وكانت لديه علاقات طيبة مع حركة التوحيد والإصلاح التي تؤمن طولا بحق الفلسطينيين في الأرض بلا أي مكان للتفاوض". وأضاف رمال، في تصريحه لهسبريس، أن عملية الاغتيال "الجبانة" تأتي ضمن "مسار طويل من استهداف عائلة الرجل خلال الشهور الأخيرة، التي خسر فيها أفراد أسرته. وقد تمكن الكيان الصهيوني الغادر من أن يلحقه بهؤلاء الشهداء نسأل الله سبحانه أن يكتب كتابه في أعلى عليين، وأن يعيد جمعه مع أهله وأولاده وأسرته في الجنة". وسجل المتحدث ذاته: "هذا العمل الذي قام به الصهاينة قرأتُه قراءة واحدة وهو أن بنيامين نتنياهو مُصر على جر المنطقة إلى حرب شاملة"، موضحا: "هو يريد أن يطيل بقاءه في على رأس حكومة الكيان؛ ولكن من جهة أخرى نحن نتذكر أنه كان يتجول قبل عملية "طوفان الأقصى" بخريطة تضم جزءا من لبنان ومن الأردن ومصر، وقد كان هذا إشعارا للعالم بأنه آن الأوان لتصبح إسرائيل الدولة التي ينشدونها، أي ما يسمى "إسرائيل العظمى"، وفق تصورهم". وتابع رمال: "الولاياتالمتحدةالأمريكية تدعي وتزعم أنها لا تريد أن تتوسع الحرب؛ لكن من الواضح أنه صار يبدو أن هناك حرصا كبيرا على إدراج واستدراج إيران إلى هذه المعركة ويتصورون أنها حرب ستدخل دول المنطقة فيها وتستطيع فعلا ضمنها إسرائيل أن تحقق مبتغاها وأن تحقق إسرائيل العظمى التي تنشدها". وتابع: "الآن، هل، فعلا، ستكون هناك حرب من هذا النوع؟ ما هو مؤكد هو أن إيران الآن أصبح لها الحق في الرد؛ لأنها استهدفت مباشرة في داخل أرضها وفي أناس عندهم علاقة دبلوماسية معها وتحميهم". وخلص رئيس حركة التوحيد والإصلاح إلى أن "نتنياهو يلعب حرب الكل ضد الكل، فهو لم يعد عنده ما يتحفظ من أجله، وحاليا هو مدان دوليا ومحكوم من طرف محكمة العدل الدولية ومنبوذ من طرف العالم كله وبالتالي هو يراهن على إدخال الشرق الأوسط في حرب أوسع ليضمن بقاءه وليمهد لإقامة دولة إسرائيل العظمى كما يسميها وكما يرسمها في خريطته". "إرهاب بلا حدود" جمال براجع، الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي، قال إن "هذا الاغتيال يمثل وجها للإرهاب بلا حدود الذي يبرع فيه الكيان الصهيوني الاستيطاني"، معتبرا أن "اغتيال هنية بهذا الشكل الغادر من المؤكد أنه لن يمر بسهولة؛ لأن المقاومة سيكون ردها قاسيا ورد إيران أيضا التي قتل على أراضيها". وأضاف باجع، ضمن تصريح لهسبريس، أن "هذا التهور يعكس أن إسرائيل لا تريد خيرا بالشرق الأوسط، وتريد أن ترى حربا أكثر شمولية بتدخل أطراف أخرى؛ لأن الدولة العبرية تشعر بأنها محمية من طرف الغرب الذي زرعها". وشدد الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي على أن "هذا الاغتيال سيزيد تعميق مقاومة الشعب الفلسطيني، وهو رد فعل على الهزيمة النكراء التي تعرضت لها إسرائيل خلال عملية "طوفان الأقصى" التي كانت ضربة قاسية للكيان العبري"، لافتا إلى أنه "بعدما كان مطمئنا لقدراته على هزم جيوش بعض الدول العربية بسهولة، اليوم هو لم يستطع لحد الآن رغم مرور 10 أشهر القضاء على المقاومة الفلسطينية التي هي مستمرة في تكبيد العدو خسائر على كافة المستويات العسكرية واللوجسيتية والاقتصادية وأساسا السياسية، فقد أصبح أكبر عزلة". وتابع قائلا: الكيان الصهيوني انهزم استراتيجيا، والطوفان شكل بداية انهيار المشروع الصهيوني كمشروع إمبريالي استعماري وعنصري داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وداخل منطقة الشرق الأوسط، ومآله هو الزوال فالاستعمار لن يطول إلى ما لا نهاية"، موضحا أن "هذا الاغتيال الإرهابي سيكون له ما بعده وإيران لن تسمح بهذا الأمر، وهو ما يحتاج استئصال هذا الكيان من المنطقة لكونه لا يستطيع أن يعيش إلا عن طريق الإرهاب وإثارة الحروب والصراعات إقليميا". "إصرار المقاومة" فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان والناطق الرسمي باسمها، قال إن "هذا الاغتيال الوحشي يؤكد وحشية الكيان الصهيوني وطبيعته التي لا تحترم الأعراف والتقاليد الدبلوماسية والأعراف كيفما كان نوعها"، معتبرا أن "هذا الجرم، الذي وقع على عين العالم، ندينه بأشد العبارات. ونحن نعرف أن المقاومة الفلسطينية قد تلقت جملة من الأحداث المماثلة وظلت صامدة، فقد كان لها شهداء من الرعيل الأول وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين وغيره". وأورد أرسلان، في حديثه لهسبريس، أن "فقدان هؤلاء لم يزد الشعب الفلسطيني ولم يزد المقاومة إلا صلابة وقوة؛ وقد ولدت دماؤهم أجيالا جديدة من الشهداء الذين سطروا وما زالوا يسطرون هذه الملحمة التي نعيشها جميعا، بل والتي أيقظت شعوب العالم وفضحت هذا الكيان وطبيعته الإجرامية، وما فعل بالأطفال والنساء والشيوخ وما هو ما زال مصرا على اقترافه رغم الوهن الذي تعرض له ورغم الانحدار الأخلاقي الكبير الذي تعرض له الغرب الذي يدعمه". واعتبر القيادي في "العدل والإحسان" أن "هذه الجريمة تبين أن الاحتلال وقع في منغلق وفي انسداد بعد 10 أشهر من الدمار الذي مارسه في غزة محاولا تدمير الناس وإبعادهم كحاضنة للمقاومة وبالتالي فشله في ذلك"، موردا أن "الأصوات التي تعالت وازدادت تتعالى من شعوب العالم ومن (الداخل الإسرائيلي) تكشف أن الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى الباب المسدود؛ فوقع ما وقع الآن في محاولة لخلط الأوراق ومحاولة الهروب إلى الأمام". وقال المتحدث ذاته: "الشعب الفلسطيني لم يعد له ما يخسره ولم يعد له خيار سوى المقاومة، والنصر لا بد له من الصبر؛ وإن شاء الله سيكون النصر قريبا"، موردا أن "إسرائيل صارت تقضي على نفسها بكونها تتصرف وكأنها في غابة، وتفعل ما تشاء وتدوس على كل شيء". وزاد الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان: "هذا سيخلق تداعيات خطيرة لا يمكن التكهن بها، ولا توقعها كردود أفعال، سواء من القيادات والشعوب العالمية وليس فقط الشعوب العربية والإسلامية تجاه هذا التصرف وهذا التعامل الوحشي".