مستشار ترامب يبلغ دي ميستورا بموقف واشنطن في ملف الصحراء    النسبية.. نمط اقتراع متناغم مع نظامنا السياسي        بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض            لا يفل الحديد إلا الحديد    مونديال 2030.. رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم يشيد بتقدم التحضيرات في المغرب    وفاة فيغار مهاجم أرسنال السابق    جولات وزير الصحة القسرية والمكوكية!    جمجمة عمرها مليون سنة توفر معطيات جديدة عن مراحل التطور البشري    الاعتداء الوحشي على "إيمان" يصل إلى البرلمان        عبد الوهاب البياتي رُوبِين دَارِييُّو الشِّعر العرَبيّ الحديث فى ذكراه    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس        المجلس الاقتصادي يصادق على مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة    تركيا تعلن شراء 225 طائرة أمريكية    بريطانيا تضع ضوابط للذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية    محامون يطالبون فرنسا بحماية المشاركين في "أسطول الصمود العالمي"    محاولة انتحار تهز الحسيمة... أستاذ في العناية المركزة بعد تناول مادة سامة    حجز 9 أطنان من الأكياس البلاستيكية المحظورة وتوقيف مروج بالدار البيضاء    كيوسك الجمعة | السياقة الاستعراضية.. الأمن يوقف 34 ألف دراجة نارية    وزراء خارجية تحالف الساحل يشيدون بالمبادرة الأطلسية لجلالة الملك    ساركوزي: "سأنام في السجن مرفوع الرأس"    النرويج: السلطة الفلسطينية تتلقى دعما ماليا طارئا من الدول المانحة    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدين الاعتداءات الاسرائيلية على أسطول الصمود المتوجه إلى غزة وتطالب بحمايته    لقاء دي ميستورا مع مستشار ترامب.. الولايات المتحدة تكرّس موقفها: لا حل للصحراء خارج سيادة المغرب            تراجع الطلب يؤدي إلى انخفاض نسبي في أسعار اللحوم بمجازر البيضاء    عامل الرحامنة يحفز مؤسسات التعليم    "أولتراس الجيش" تقاطع لقاء بانجول    أخنوش: الملك يرعى أوراش المونديال    "كاف" تؤجل بيع تذاكر "كان المغرب"    نبيل يلاقي الجمهور الألماني والعربي    وزارة الداخلية تراهن على لقاءات جهوية في تحديث النقل بسيارات الأجرة    طنجة تستعد لاحتضان الدورة 14 لمهرجان الفيلم الدولي            رامي عياش يسترجع ذكريات إعادة "صوت الحسن" وصداها العربي الكبير    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    تأجيل إطلاق المرحلة الأولى لبيع تذاكر "كان المغرب"        الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر    البيضاء على وشك ثورة في مجال النقل بعد قطارات القرب    زيدان يدعو إلى دعم المقاولات السياحية الصغرى وتطوير منتجات خضراء تنافسية    مئوية بي بي كينغ… صوت الجموع الخاص    حكيمي يكسر صمته: "تهمة الاغتصاب أقوى شيء حدث لي.. لقد شوهوا صورتي واسمي"    "محطات الوقود" تقاطع بنعلي وتتهم الوزارة بالتغاضي عن العشوائية    مونتريال.. المغرب وروسيا يبحثان سبل تعزيز الربط بين البلدين في مجال النقل    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التشهير بين صانعيه ومستقبليه
نشر في هسبريس يوم 28 - 08 - 2024

يعني التشهير ببساطة، السعي إلى إلحاق الأذى الرمزي أو المادي، أو هما معا، بالأشخاص والهيئات، عبر التجسس على حيواتهم الخاصة والتلصص على حميمياتهم وأسرارهم الذاتية، والعمل على نشرها، بعد تمطيطها وتضخيمها والتصرف فيها والنفخ في جوانبها، من طرف من يهمهم التشهير بها، وتسليط الأضواء عليها؛ كل ذلك لغاية واحدة، هي النيل من الأشخاص أو الجهة التي يعنيهم التسميع بها، ما يعني أن عملية التشهير، بهذا المعنى البئيس والحقير، هي صورة من صور التوحش والتردي والسقوط الأخلاقي والقيمي، التي يختارها بعض الأشخاص أو تختارها بعض الهيئات، أسلوبا للتخلص ممن تعتبرهم خصوما مزعجين، أو أعداء يجب إبعادهم وإخراس أصواتهم عبر التسميع بهم، وتشويه سيرهم الشخصية والعائلية، وعبر اختلاق كل ما يمكن وما لا يمكن، من الحكايات والمزاعم والترهات والأكاذيب، التي تتناسل بلا نهاية. واضح طبعا، أن عمليات التشهير، بهذا المعنى اللئيم، ما كان لها أن تتواجد وتنتعش وتتلاحق، لولا وجود عاملين اثنين، على الأقل:
الأول: ويتعلق بصانعي هذه الأشكال من التشهير، ومن يقف وراءها ويتعهدها، ويدفع بها في الاتجاه الذي يريده أو يريدونه، لأغراض تتعدد وتختلف، فيها السياسي والاقتصادي والمهني والعائلي وغيرها، والغاية واحدة، هي الإجهاز على من يعتبر خصما يتحتم إبعاده والقضاء عليه. ولأن التشهير بهذا المعنى، سلوك منحط، فإنه غالبا ما يتم وراء حجب وينشط في السراديب الخلفية، وتتم ترجمته بالوكالة، ولذلك يصعب تحديد مصادره وصناعه غير المباشرين، الذين يعمدون إلى إثارة الزوابع وألوان من الضجيج حول الأشخاص المعنيين بعملية التشهير، تمهيدا لقتلهم المعنوي والمادي، ثم يختفون في صمت، دون التمكن من تحديد هوياتهم بالضبط، من هم، ولماذا كل هذا العنف والتوحش والبدائية، في زمن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ وغالبا ما يرتبط هذا اللون من السلوك التشهيري بالأشخاص الذين يعتبرون مزعجين فكريا وسياسيا، من أصحاب الرأي والنظر، ممن يخاف من اجتماع الكلمة والناس حولهم، وأيضا، المزعجين اقتصاديا، ممن يعتبرون منافسين غير مرغوب فيهم، لأنهم يهددون المصالح المادية لغيرهم.
الثاني: ويهم عموم المواطنين والمواطنات الذين يستقبلون عمليات التشهير ويحتضنونها ويتكلفون بالترويج لها، بلا وعي في غالب الأحيان، كما يهم أيضا عموم المؤسسات والهيئات التي تتولى إشاعة أساليب التشهير والنفخ فيها، عبر وسائل عدة، يشترك فيها الإعلامي بأنواعه، الشفهي والكتابي، الورقي والإلكتروني، كما يساهم فيها الحزبي والجمعوي، وبعض ممن يحسبون على الشأن الثقافي عموما، ممن يشتغلون على تغذية الإشاعة، التي تتغذى هي الأخرى على التشهير بالمخالفين والمعارضين، ومن يراد التسميع بهم، وهذا مما يؤسف له، في بلاد تريد أن تتجه نحو السلوك الديمقراطي. واضح طبعا، أن معالجة آفة التشهير رهينة بالكف عن صناعته بالنسبة لمن يصنعونه ويبثونه في المجتمع، من وراء حجب، ورهينة ثانيا، بالكف عن استقباله وإشاعته بالنسبة لمن يستقبله ويشيعه من عامة الناس ومن بعض خاصتهم أيضا، وواضح أيضا، أن الطريق إلى ذلك هو التأسيس لقيمة الديمقراطية، التي تعني التحلي بروح المسؤولية والمواطنة الصادقة، والتي تعني التمكين لحقوق الإنسان وإسنادها بقضاء مستقل، والتي تعني وضع المواطن المناسب في المكان المناسب، والتي تعني أيضا ربط المسؤولية بالمحاسبة، حقيقة لا ادعاء، أما بالنسبة لمن يستقبل محتويات التشهير من المواطنات والمواطنين، فالحل الأمثل يكون بداهة، هو الرفع من منسوب الوعي لديهم والتمكين لثقافة التبين والتثبت والشك والسؤال، وعدم الانسياق السهل والساذج وراء كل ما يتم ترويجه، من حكايات ومزاعم وتخرصات، ما يعني مرة أخرى، الحاجة إلى توفير تعليم جيد للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.