العقوبات البديلة بالمغرب .. هذا تسهر منصة على تنفيذ المراقبة الإلكترونية    المصادقة على تعيينات جديدة في مناصب عليا    بورصة البيضاء تنهي التداول بارتفاع    الملك محمد السادس يدشن ويزور مشاريع كبرى بميناء الدار البيضاء    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بتحديد مبلغ التعويضات الممنوحة لأعضاء لجنة التقييم والانتقاء ولجنة تنظيم جائزة اتفاقيات الشغل الجماعية    مقتل أربعة ضباط إسرائيليين في غزة        شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    قتيلان في إطلاق نار عند معبر اللنبي بين الضفة الغربية والأردن    المغرب يقترب من نادي العشرة الكبار في تصنيف فيفا العالمي    توقيف حكم مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير بسبب الأخطاء التحكيمية    البحرين تواجه "أسود الأطلس" بالرباط    آسية رزيقي تواصل التنافس بطوكيو    المغرب يقتحم سوق الهيدروجين الأخضر ويعزز موقعه كمركز عالمي للطاقة النظيفة    امطار مرتقبة بالريف وشرق الواجهة المتوسطية        الأرصاد الجوية توصي بزيادة الحذر    ترويج الكوكايين والأقراص المهلوسة بالعرائش يطيح بشخصين    رغم حضور لطيفة رأفت .. محاكمة "إسكوبار الصحراء" تتأجل إلى أكتوبر    القوات المسلحة الملكية تكرم ثلة من متقاعديها بالمنطقة الجنوبية    الخطوط المغربية تدشن خطا جويا جديدا مباشرا بين الدار البيضاء ونجامينا    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يكشف عن لجنتي تحكيم دورته الثلاثين    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    "مجلس حقوق الإنسان" يطالب بحرية التعبير الرقمي وحماية المواطنين من دعاوى التشهير الحكومية        350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    رئيس شبكة الدفاع عن الحق في الصحة: معدلات وفيات الأطفال والمواليد الجدد في المغرب ما تزال مرتفعة    العباس يطمئن رؤساء أندية الشمال: التصويت سري لاختيار رئيس شاب جديد أو التجديد لمعمِّر قديم    ابتكارات وتقنيات جديدة تتصدر فعاليات مؤتمر الأمن العام في الصين.    لماذا ‬رحبت ‬قمة ‬الدوحة ‬بقرار :‬    اجتماع ‬اللجنة ‬الوزارية ‬لقيادة ‬إصلاح ‬منظومة ‬الحماية ‬الاجتماعية    دي ‬ميستورا ‬بالجزائر ‬قبل ‬التوجه ‬الى ‬باريس ‬بحثا ‬عن ‬مواقف ‬متقاطعة ‬    العزيز: إقصاء فيدرالية اليسار من مشاورات الانتخابات يهدد نزاهة الاستحقاقات    تقرير: الفقر المطلق يتضاعف في المدن رغم احتفاظ القرى بثلث فقراء المغرب        الولايات المتحدة.. ترامب يعلن تصنيف حركة "أنتيفا" اليسارية المتطرفة منظمة إرهابية    بوسليم يقود مواجهة الوداد واتحاد يعقوب المنصور    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شمال جزيرة "سولاويزي" الإندونيسية    النفط يتراجع وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي وتخمة المعروض    ارتفاع نفقات سيارات الدولة يثير تساؤلات حول أولويات الإنفاق العمومي    مصادر: ميسي يمدد العقد مع ميامي    أكثر من 200 مليون دراجة هوائية في الصين            عمدة بينالمدينا الإسبانية يكرم شخصية مغربية تقديراً لنجاح مبادرات ثقافية    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    آلام الرقبة قد ترجع إلى اختلال وظيفي في المضغ        قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة ترامب والمغرب...
نشر في هسبريس يوم 08 - 11 - 2024

يعد فوز دونالد ترامب بولاية جديدة كرئيس للولايات المتحدة حدثًا دوليًا مؤثرًا يعيد تشكيل الكثير من التوازنات العالمية ويترك بصمته على السياسة الدولية، فهو الرئيس الوحيد الذي يمكن أن يتسبب بتغريدة على تويتر في انهيار عملة دولة أو إسقاط أقوى شركة ناشئة في العالم بتصريح واحد، ويغير موازين القوى والخريطة الجيوسياسية لمنطقة بموقف واحد. إن شعار حملته الانتخابية "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" هو تعبير دقيق عن مرحلته، مما ينعكس إيجابيًا على أصدقاء أمريكا ويثير قلق مناهضيها ممن يروجون لخطابات المعسكرات المتهاوية. عودة ترامب تجدد فرص التعاون في العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية مع المغرب، وتمنح زخمًا للعلاقات التاريخية بين البلدين، وتفتح المجال للوصول إلى معالجة نهائية لملفات هامة مثل قضية الصحراء، وتعزيز التعاون الأمني، وتوسيع الشراكة الاقتصادية.
فالمغرب يعتبر حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في شمال إفريقيا، خاصة في ظل قيادة الملك محمد السادس، حيث أظهرت سياسته الحكيمة رؤية متبصرة واستباقية جعلت من المغرب دولة منفتحة ووجهة استثمارية وشريكًا موثوقًا على الصعيد الإقليمي. ومع عودة ترامب، تتجدد الآمال في تعزيز التعاون في ملفات استراتيجية ودعم المصالح المشتركة.
في هذا المقال، نستعرض تأثيرات فوز ترامب على العلاقات المغربية الأمريكية في عهد الملك محمد السادس، مع التركيز على التعاون الأمني، الاقتصادي، والدبلوماسي في ظل التحولات الإقليمية والدولية.
العلاقات المغربية الأمريكية: تاريخ عريق وشراكة متينة
بدأت العلاقات المغربية الأمريكية منذ القرن الثامن عشر، حين كان المغرب أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة عام 1777، مما أسس لعلاقة دبلوماسية قوية ومتينة امتدت لأكثر من قرنين. تطورت هذه الشراكة عبر الزمن لتشمل مجالات حيوية كالأمن، الاقتصاد، والسياسة، ضمن إطار من الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي. ولا تقتصر هذه الروابط على الجانب الرسمي فحسب، إذ تبرز شواهد تاريخية وحضارية تُظهر الصلات العميقة بين البلدين، ومنها المستكشف المغربي الأزموري، الذي أسهم في اكتشاف الغرب الأمريكي في القرن السادس عشر، وأيضًا بعض الأبحاث التي تناولت احتمال وجود آثار للملك الأمازيغي يوبا الثاني في الأمريكتين، مما يعزز فرضية التواصل الثقافي والحضاري عبر الأطلسي.
كما أن للرئيس دونالد ترامب بُعدًا شخصيًا تمثّل في لقاء الملك الحسن الثاني قبل عقود بصفته من رجال الأعمال البارزين، وهذا يعكس الاهتمام الأمريكي الكبير بالمغرب ويبرز مكانته كوجهة جذب للمستثمرين ورواد الأعمال الأمريكيين.
في عهد الملك محمد السادس، تميزت الشراكة بين البلدين بعمق أكبر بفضل الإصلاحات المتقدمة التي انتهجها المغرب، حيث تحول إلى نموذج للاستقرار والازدهار في المنطقة. وقد توطدت هذه الشراكة عبر اتفاقيات استراتيجية، أبرزها اتفاقية التجارة الحرة لعام 2006، التي لعبت دورًا رئيسيًا في تعزيز التبادل الاقتصادي، إذ فتحت الباب واسعًا للتجارة والاستثمار في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والبنية التحتية.
إضافة إلى التعاون العسكري المتميز باستفادة المغرب من أسلحة إستراتيجية بشكل حصري، كما يظهر في مناورات "الأسد الإفريقي" السنوية، التي تُعد من أكبر التدريبات العسكرية في إفريقيا.
يعد المغرب اليوم شريكًا موثوقًا للولايات المتحدة في نشر قيم السلام ومكافحة التطرف والإرهاب، إذ يبرز كنموذج فريد في المنطقة والشرق الأوسط الكبير. تجمعه مع الولايات المتحدة رؤية مشتركة لترسيخ الأمن ودعم التنمية، مما يجعل هذه العلاقة مثالًا للتعاون المستمر والمتجدد.
الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء
في ديسمبر 2020، ومع اقتراب نهاية ولاية الرئيس دونالد ترامب، اتخذ قرارًا جريئًا بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية. كان هذا الاعتراف التاريخي، الذي صدر في الأيام الأخيرة من رئاسته، خطوة جريئة وغير مسبوقة تعكس شجاعة سياسية واضحة ورؤية استراتيجية لدعم حليف أساسي للولايات المتحدة. ورغم صدور القرار في توقيت حساس، إلا أن الولايات المتحدة مدركة لأبعاده وآثاره الإيجابية في تعزيز استقرار المنطقة. فقد أكدت الإدارة الأمريكية اللاحقة هذا الاعتراف، وبهذا تم ترسيخ مكانة المغرب كلاعب مهم وشريك موثوق لها.
فتح هذا الاعتراف الباب لتعزيز الموقف المغربي عالميًا، حيث شهدت الساحة الدولية تفاعلاً واسعًا مع هذا القرار، إذ شجع العديد من الدول على إعادة تقييم مواقفها تجاه قضية الصحراء المغربية. وكان تأثير القرار الأمريكي بمثابة كرة الثلج التي دفعت القوى العالمية لمراجعة سياساتها تجاه هذه القضية. ومن بين أبرز تلك المواقف، إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا دعمه العلني لسيادة المغرب، وهو تحول ملحوظ في السياسة الأوروبية يعكس قوة المغرب الدبلوماسية المتزايدة.
كما أتاح الاعتراف الأمريكي للمغرب غطاءً دبلوماسيًا قوياً لتوسيع نطاق تحالفاته وتعزيز شراكاته الاقتصادية. فعندما قررت الجزائر وقف الغاز عن المغرب، كان موقف إسبانيا مثالاً على هذا التغير في السياسات، إذ تحدت مدريد التهديدات الجزائرية بقطع الغاز عنها إن قامت بإمداد المغرب به، وقررت تزويده بالغاز بدعم أمريكي، مما يظهر مدى الالتزام الأوروبي بدعم استقرار المغرب وتأييده في قضاياه الاستراتيجية.
المغرب في مرحلة ترامب المقبلة
مع عودة ترامب إلى الرئاسة، يتطلع المغرب إلى استكمال هذا الزخم الدبلوماسي والاقتصادي، إذ أن عودته قد تحمل معها آفاقًا جديدة لدعم أكثر صراحة لقضية الصحراء. ويأمل المغرب في تفعيل التزامات أمريكية إضافية تعزز من الاعترافات الدولية وتوسيع دائرة الدعم للموقف المغربي، والعمل على طي هذا الملف بصفة نهائية، مما يفتح المجال لفرص أكبر للتنمية الاقتصادية والاستثمارات في الأقاليم الجنوبية، ما يعزز الاستقرار في المنطقة ويوفر بيئة مواتية لتحقيق مزيد من التعاون السياسي والاقتصادي.
وتتجدد الآمال في أن يستفيد المغرب من كونه الشريك الأبرز للولايات المتحدة في القارة الإفريقية، حيث يرى الحزب الجمهوري وترامب في تحالفاتهما بُعدًا جيوستراتيجيًا وإيديولوجيًا. ويُعد المغرب، بحكم استقراره السياسي ودوره الفاعل في شمال إفريقيا، الدولة الأكثر تأهيلاً للاستفادة من هذه السياسة، ليصبح له موقع حيوي ومؤثر في رسم المشهد الجديد لإفريقيا والمتوسط.
فرص لتعزيز الشراكة
تزداد أهمية هذا التعاون في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة في إفريقيا والشرق الأوسط. بفضل علاقاته القوية مع الولايات المتحدة والداعمين له داخل الإدارة الأمريكية، في مواجهة النفوذ المتزايد لقوى منافسة في المنطقة، من خلال شراكات اقتصادية وتجارية تتيح له أن يكون بوابة استثمارية مهمة نحو القارة الإفريقية. كما أن هذه العلاقة قد تتطور لتشمل دعم مشاريع استثمارية أمريكية في المغرب، مما يعزز من موقع المملكة كحليف اقتصادي وثيق وصديق استراتيجي للولايات المتحدة.
في هذا الإطار، يُرتقب أن تلعب اللوبيات الداعمة للمغرب دورًا فعالًا في صياغة القرارات والسياسات التي تدعم استقراره وتقدمه الاقتصادي، خاصة في الأقاليم الجنوبية. فعودة ترامب قد تؤدي إلى دعم مشاريع استثمارية حيوية، وتوفير فرص اقتصادية أوسع للمغرب، سواء عبر تطوير البنية التحتية أو تعزيز قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة والصناعة.
وبذلك، تُعد عودة ترامب إلى الرئاسة فرصة تاريخية لتعزيز مكتسبات المغرب الاستراتيجية ودعم مكانته كحليف رئيسي للولايات المتحدة في إفريقيا والمتوسط. ومن خلال استثمار هذا التعاون الوثيق، يستطيع المغرب ترسيخ دوره كقوة إقليمية مؤثرة وشريك موثوق، مما يمهد الطريق لبناء مستقبل مزدهر ومستقر للمنطقة، ويعزز من قدرة المملكة على مواكبة التحولات العالمية بكل مرونة وقوة.
وبفضل هذا التأثير السياسي، سيستمر المغرب في تعزيز استقلاليته ومرونته الدبلوماسية، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من معادلة الاستقرار الإقليمي. من هنا، تبدو مرحلة ترامب المقبلة واعدة للمغرب، الذي سيعزز من مكانته كقوة إقليمية تتمتع بوزن استراتيجي واقتصادي، وقادرة على قيادة التعاون الإقليمي بما يتماشى مع رؤية الولايات المتحدة لحلفائها الرئيسيين في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.