نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية سلسلة مقالات بعنوان «في المغرب، أجواء نهاية عهد محمد السادس»، تناولت فيها مسار المملكة المغربية منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس -نصره الله- العرش سنة 1999. ورغم ما تحاول هذه السلسلة أن توحي به من "تحقيق صحفي"، فإنها جاءت محمَّلة بالمغالطات والانتقائية، متبنية أطروحات خصوم المغرب، ومتجاهلةً عن عمد التحولات العميقة التي عرفتها البلاد خلال العقدين الماضيين. علَّمنا الفيلسوف بول ريكور أن التأويل ليس بريئًا؛ فكل قراءة للنصوص أو للأحداث تنطوي على خلفية فكرية أو إيديولوجية. ومن هنا يتضح أن ما كتبته الصحيفة الفرنسية لم يكن إلا تأويلًا منحازًا يخدم أجندات معينة أكثر مما يخدم الحقيقة الموضوعية. لقد ركَّزت المقالات على تضخيم مشاهد معزولة، في حين تجاهلت مسارًا متكاملًا من الإصلاحات: من إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة، إلى إصلاح مدونة الأسرة، إلى البرامج التنموية الكبرى وعلى رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كما تناست الإنجازات البنيوية التي جعلت المغرب يتصدر إفريقيا في مشاريع البنية التحتية، مثل القطار فائق السرعة وميناء طنجة المتوسط. كما يرى الفيلسوف جون ديوي أن الإصلاح ليس محطة نهائية، بل هو مسار مستمر للتعلم الجماعي. وهذا ما يجسده المغرب في عهد الملك محمد السادس؛ فالإصلاحات الاجتماعية والسياسية لم تكن لحظة عابرة، بل مسارًا تراكميًا يوازن بين الاستقرار والتجديد. وقد أثبتت التجربة أن المغرب قادر على التفاعل الإيجابي مع الأزمات والتحولات: – في الأزمة الصحية العالمية (كوفيد-19)، كان المغرب من أوائل الدول التي وفرت اللقاح لمواطنيها. – في القضية الوطنية (الصحراء المغربية)، حقق المغرب انتصارات دبلوماسية غير مسبوقة، تجلَّت في افتتاح قنصليات متعددة بالعيون والداخلة، واعتراف قوى دولية بمغربية الصحراء. إن النقد البناء، كما يقول إيمانويل كانط، هو ذلك الذي يهدف إلى إضاءة الطريق لا إلى هدمه. لكن ما قرأناه في "لوموند" أقرب إلى النقد الهادم الذي يسعى إلى تقويض الثقة وزرع الشكوك، بدل تقديم قراءة متوازنة لمسار بلد يسعى إلى التقدم وسط محيط إقليمي مضطرب. لقد أراد بعضهم أن يصور المغرب كبلد متعثر في انتقاله، لكن الحقيقة أن المغرب بقيادته الرشيدة يمضي بثبات في بناء نموذج تنموي جديد، جامع بين الهوية الوطنية والانفتاح العالمي. وكما قال الفيلسوف فريدريك نيتشه: «إن ما لا يقتلنا يجعلنا أقوى». وهكذا، فإن حملات التشويه الخارجية لن تضعف المغرب، بل ستزيده إصرارًا على المضي في طريق الإصلاح والتنمية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس -نصره الله-.