عمّت أجواء الفرحة مختلف مدن وأقاليم الجنوب المغربي، ليل الجمعة، عقب التصويت التاريخي لمجلس الأمن الدولي، الذي أقر بشكل رسمي مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الحل الجاد والواقعي لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية. وفي مشهد وطني استثنائي، خرجت جموع الصحراويين والصحراويات إلى الشوارع والساحات العامة، خصوصا في العيون والداخلة والسمارة وبوجدور، تعبيرا عن فرحتهم العارمة بهذا "الانتصار الدبلوماسي التاريخي"، الذي رسخ الاعتراف الأممي بوجاهة الموقف المغربي وعدالة قضيته الوطنية. كما عكس تجمع الحشود الغفيرة حجم الالتفاف الشعبي حول المشروع الوطني وقضيته المصيرية، والتلاحم القوي بين مكونات الأمة في الدفاع عن وحدة التراب وسيادة الدولة. وبتزامن الحدث مع الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لعيد المسيرة الخضراء المظفرة، رفرفت الأعلام الوطنية بساحة المشور شرقي العيون، في أجواء احتفالية عارمة ردد خلالها المواطنون شعارات تمجد الوحدة الترابية وتؤكد تجذر الانتماء للوطن من طنجة إلى لكويرة. كما ازدانت شوارع عاصمة الأقاليم الجنوبية بالألوان الوطنية، وبارتفاع صوت الزغاريد والهتافات التي اختزلت فرحة أجيال متعاقبة ببلوغ لحظة الحسم التي طال انتظارها لأزيد من خمسين سنة. وشكلت هذه التعبيرات الشعبية تجسيدا صادقا لروح مسيرة التنمية والدبلوماسية والشرعية التي يقودها الملك محمد السادس، بعدما انتقل الملف من مرحلة الدفاع إلى مرحلة تثبيت المكتسبات وترسيخ الاعتراف الأممي بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية. وفي قلب هذا الزخم الوطني، انخرطت ساكنة الأقاليم الجنوبية في احتفالات شعبية ضخمة، شارك فيها عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، ومولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جماعة العيون، وعدد من المنتخبون والأعيان وشيوخ القبائل الصحراوية، مرددين عبارات الولاء للوطن والملك، مؤكدين أن "قرار مجلس الأمن والاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء لا يمثل نهاية معركة دبلوماسية فحسب، بل بداية لمرحلة جديدة من البناء والوحدة والتنمية". وفي هذا الصدد، عبّر شيوخ القبائل الصحراوية والمنتخبون المحليون عن اعتزازهم بالقرار الأممي الذي وضع حدا لمرحلة الغموض، لافتين إلى أن "الساكنة الصحراوية لطالما كانت في صلب المشروع الوطني، وأن هذا الاعتراف الدولي جاء تتويجا لنضالها وثباتها على مبدأ مغربية الصحراء". كما ثمّنوا في تصريحات لجريدة هسبريس الإلكترونية القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، التي حوّلت المعركة الدبلوماسية إلى انتصار وطني شامل على المستويين الإقليمي والدولي، معتبرين أن "هذا القرار الأممي تتويج لمسار من العمل المتواصل والنهج الملكي القائم على الواقعية والحزم في الدفاع عن وحدة الوطن وصيانة سيادته". وأكد المصرحون أن "ساكنة الصحراء المغربية تعيش لحظة فخر واعتزاز بهذا الانتصار الدبلوماسي، الذي يدعم وجاهة الموقف المغربي وعدالة قضيته"، مجددين ولاءهم ل "العرش العلوي المجيد وتشبثهم الدائم بثوابت الأمة ووحدتها الترابية". وتوجت هذه الأجواء الفريدة بإنصات المشاركين في المسيرات الشعبية التي جابت كل شوارع مدينة العيون للخطاب الملكي التاريخي الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الشعب المغربي، والذي أعلن خلاله عن "فتح جديد في مسار ترسيخ مغربية الصحراء والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل في إطار حل توافقي على أساس مبادرة الحكم الذاتي"، مؤكدا أن المغرب يعيش "مرحلة فاصلة ومنعطفا حاسما في تاريخه الحديث، فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025 وما بعده". حري بالذكر أن القرار الأممي، الذي صوتت لصالحه 11 دولة من أصل 15 عضوا بمجلس الأمن، يشكل نقطة تحول مهمة في مسار هذا الملف الذي عمر لأزيد من نصف قرن، بعدما أكد المجلس دعمه الكامل للأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي في تيسير المفاوضات، على أساس المقترح المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الحل الأكثر قابلية للتطبيق لإنهاء النزاع، مع تمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2026.