تحوّل مجلس جهة درعة- تافيلالت، اليوم الثلاثاء، إلى فضاء شاهدٍ على النقاش بين الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين والترابيين حول تسريع عجلة مواكبة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة؛ فيما جاء لافتاً إعلان ممثلي القطاع الخاص والبنكي الحاضرين (الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب) انخراطهم والتزامهُم بتلك المواكبة لتطوير نسيج مقاولاتي يمثل أكثر من 90 في المائة ضمن خريطة الاقتصاد المغربي. عرضُ تفاصيل نظام الدعم الخاص الموجه للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة وبسط أهدافه والتعريف بكيفيات وشروط الاستفادة منه أعقبَه تنظيم جلستين محوريتَين، أضاءتَا أكثر "دور المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة في النسيج الاقتصادي، وآليات دعمها ومواكبتها"؛ لاسيما من حيث مواكبة الهيئات المهنية والتمويل البنكي. مواكبة "الباطرونا" على هامش فعاليات الجلسة الأولى التي ناقشت "دور المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة في تعزيز الاقتصاد الوطني"، بمشاركة أعضاء في الحكومة، رحّب شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM)، بخطوة "تفعيل الميثاق الجديد للاستثمار في شقه المتعلق بنظام خاص يدعم الشركات الصغيرة والصغيرة جدا"، موردا: "إنه خطوة في غاية الأهمية، دافعنا بقوة من أجل إخراجه إلى حيّز التنفيذ"، وذلك ضمن تصريح أدلى به لوسائل الإعلام. وقال لعلج، الذي شارك في فعاليات الجلسة ذاتها: "هذا النظام يُوجّه إشارة قوية للمقاولات مفادها أن الدولة تعتبرها فاعلا استراتيجيًا في التنمية، وتمنحها الدعم والمساندة لمواصلة مسارها بثقة"، معتبرا أن "المقاولة الصغيرة والمتوسطة ليست مجرد فئة من فئات النسيج الاقتصادي، بل هي قلب الاقتصاد الوطني النابض ومحرك التنمية الترابية والاجتماعية؛ فهي تمثل ما يقارب 95 في المائة من مجموع المقاولات المغربية، وتُوفر حوالي 70 في المائة من فرص الشغل الرسمية، كما تُحدث 80 في المائة من مناصب الشغل الجديدة خلال السنوات الخمس الأخيرة". ولفت رئيس "باطرونا المغرب" إلى "تأكيد ممثلي القطاع الخاص على بساطة الصيَغ وإجراءات التطبيق لتسهيل ومرونة التنفيذ"، مسجلا أن "الاتحاد يلتزم بتشجيع المقاولات ورواد الأعمال على الشروع في مشاريعهم بتوفير المواكبة، مع تقديم التوجيه العملي لإعداد ملفات تُمكّن من قبول المشاريع بسهولة أكبر"، مشددا على "جعل دعم المقاولات الصغرى والصغرى جدا أولوية أساسية". وأضاف المتحدث ذاته أن "هذه الفئة من المقاولات رافعةٌ حقيقية للتماسك الاجتماعي، إذ تساهم في تعزيز إدماج الشباب والنساء في الدورة الاقتصادية، وتدعم تنمية الأقاليم عبر مشاريع قريبة من المواطنين"، مردفا بأن "المشاريع الكبرى بمليارات الدراهم ما كانت لتتحقق دون مساهمة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي تؤمّن سلسلة الإمداد والإنتاج والخدمات". التموي البنكي لأن التمويل مازال التحدي الأكبر أمام تعزيز مكانة المقاولات الصغيرة في نسيج الاقتصاد المنظَّم؛ حضر خلال الحدث الرسمي ذاته صوتُ "المجموعة المهنية لبنوك المغرب" (GPBM)، ممثلةً بنائب رئيسها محمد الكتاني، الذي لفت إلى أن "القطاع البنكي ملتزمٌ بتعزيز دينامية الانخراط الجماعي لمختلف الفاعلين، من مؤسسات حكومية وفاعلين اقتصاديين وأبناك، تأكيداً على تعبئتهم لإنجاح هذا الورش الوطني الإستراتيجي". وقال الكتاني، نائب رئيس المجموعة المهنية لبنوك المغرب، ضمن تصريح إعلامي على هامش الحدث: "في القطاع البنكي نُشارك اليوم في هذا اللقاء الهام المتعلق ببرنامج الدعم والتحفيز الموجه للمقاولات الصغيرة جدًا والصغيرة والمتوسطة؛ حيث تابعنا تقديم معطيات دقيقة حول حزمة من التحفيزات القوية التي من شأنها أن تُيسّر بشكل ملموس تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة". وأضاف المتحدث ذاته: "بموجب هذا البرنامج يمكن أن تصل المنح التحفيزية إلى حدود 30 في المائة من قيمة المشروع، بحيث يكفي أن يساهم حامل المشروع بنسبة 10 في المائة من الأموال الذاتية، فيما تتكفل الدولة بدعم يصل إلى 30 في المائة، وفق معايير محددة وواضحة، على أن يتم تمويل الجزء المتبقي عبر القطاع البنكي في إطار رؤية تشاركية ومسؤولة". وفي السياق ذاته كشف الكتاني "عمل المجموعة المهنية لبنوك المغرب، بتعاون وثيق مع بنك المغرب، وتحت إشراف والي بنك المغرب، على إعداد ميثاق بنكي خاص يهدف إلى تسهيل عملية تمويل المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، وضمان انخراط فعلي للبنوك في هذا الورش الوطني الطموح". وختم المسؤول البنكي ذاته منوّهاً بما أطلقته الحكومة المغربية "في تناغم تام مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تحقيق العدالة المجالية وتمكين كل جهة من جهات المملكة من فرص متكافئة للاستثمار والتنمية وخلق فرص الشغل"، وزاد: "ليس من قبيل الصدفة أن تُختار مدينة الرشيدية لاحتضان هذا اللقاء، لما تحمله من رمزية قوية في مسار إعطاء دفعة جديدة للاستثمار في الأقاليم وتعزيز إشعاعها الاقتصادي والاجتماعي". قافلات جهوية ناقشت الجلسة الثانية "آليات مواكبة المقاولات على الصعيدين الوطني والجهوي"، بمشاركة رئيس مجلس جهة درعة-تافيلالت، اهرو أبرو، إلى جانب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة درعة تافيلالت، والمدير العام لوكالة "مغرب المقاولات"، والمدير العام للاستثمار ومناخ الأعمال، وكذا المديرة بالنيابة للمركز الجهوي للاستثمار لجهة درعة تافيلالت. وثمنت مجمل المداخلات، حسب ما تابعته هسبريس، "مبادرة الوزارة الوصية ورئاسة الحكومة إلى إخراج آليات الدعم الموجهة إلى هذا الصنف من المقاولات"؛ مع تنويه واضح بالأبعاد المجالية-الترابية لكيفيات وآليات التنزيل؛ وهو ما تردد في أكثر من مداخلة على لسان مسؤولين ترابيين بالجهة. ومن المركز الجهوي للاستثمار بالجهة عينها أُعطيت "الانطلاقة الرسمية" لتنظيم قوافل جهوية تجوب كل أقاليم وعمالات المملكة، من أجل التعريف بنظام الدعم الجديد ومواكبة المقاولات الراغبة في الاستفادة منه؛ وهي القوافل التي تنظمها المراكز الجهوية للاستثمار، "باعتبارها المسؤول الأول عن تفعيل هذا النظام"، بحسب ما أعلنه رئيس الحكومة والوزير زيدان.