لقجع: الطلب العمومي الأخضر محور أساسي في استراتيجية التنمية المستدامة بالمملكة    الجنون الاستبدادي لقيس سعيّد: رئيس يقوّض أسس الديمقراطية التونسية    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    بعد 30 سنة من نسخته الأولى.. المندوبية السامية للتخطيط تطلق بحثا جديدا حول العائلة    اتفاق مغربي-مصري لرفع وتيرة التبادل التجاري وتعزيز الصادرات الصناعية    مايكروسوفت توقف تطبيق الاتصال عبر الإنترنت "سكايب"    وزير الفلاحة: توقع تسجيل زيادة بنسبة 41 في المائة من محصول الحبوب    بحث وطني جديد لرصد تحولات الأسرة المغربية بعد ثلاثة عقود    اختناق جماعي يصيب أزيد من 100 عاملة بمصنع ل"الكابلاج" بالقنيطرة    اختيار ملكة جمال الورد العطري في قلعة مكونة بمناسبة الدورة الستين لمهرجان الورد (صور)    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    وزير الفلاحة: نسعى لمواكبة الكسابة ورفع إنتاجية القطيع الوطني    الأميرة للا حسناء تلتقي بباكو السيدة الأولى لجمهورية أذربيجان ورئيسة مؤسسة حيدر علييف    نقابة تعليمية تحشد لعودة التصعيد    عامل إقليم الجديدة يشرف على حملة كبرى لتحسين وجه المدينة واليقضة الدائمة للشأن المحلي    تسجيلات صوتية تثير الهلع وسط أولياء التلاميذ بطنجة.. ومصالح الأمن تؤكد: "مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة"    البكوري: ندعم الفعاليات الجادة بتطوان وجمعية محبي ريال مدريد تُسهم في إشعاع مدينتنا    طنجة.. "سناك" يتحول إلى مطعم دون رخصة وروائح الطهي تخنق السكان بسبب غياب نظام التهوية    هكذا يستغل بنكيران القضايا العادلة لتلميع صورته وإعادة بناء شعبية حزبه المتهالكة    "الاستقلال" يشكو أوزين إلى العلمي    المديرية العامة لأمن نظم المعلومات تصدر تحذيرا من برمجية خبيثة تستهدف أجهزة أندرويد    الأحزاب الوطنية تؤكد انخراطها القوي وراء جلالة الملك في معركة الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة    المغرب وموريتانيا يدفعان بعجلة التنمية المحلية عبر توطيد التعاون اللامركزي    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    كوبونات الخصم: مزاياها وكيفية استخدامها عند التسوق اونلاين    "الأشبال" يستعدون لتونس بالإسماعيلية    الغزيون في مواجهة سلاحي الجوع والعطش    وزارة الداخلية تشدد شروط الحصول على الجنسية الفرنسية    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تزور بباكو ممر الشرف وممر الشهداء    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    احجيرة: 8 آلاف سيارة مغربية بمصر    المغرب يحصد 43 ميدالية منها ثلاث ميداليات ذهبية في بطولة إفريقيا للمصارعة    جهة الشرق تسجل أعلى معدل بطالة في المغرب    الدريوش توضح حيثيات تصريح الداخلة: دعم مشاريع الأحياء المائية موجه للمبادرات وليس للأفراد وعدد المستفيدين بلغ 592 مستفيدا    المحمدية تحتفي بالمسرح الاحترافي في دورته الثالثة    مدير المستشفى الجهوي بني ملال يستنفر كل الأطقم لتجفيف كل الظواهر المشينة بالمشفى ومحيطه    الحقيقة والخيال في لوحة التشكيلية المغربية ليلى الشرقاوي    ألباريس: المغرب ساعدنا في أزمة الكهرباء.. وعلاقتنا تشهد "تقدما كبيرا"    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    عودة ليفاندوفسكي تزين قائمة برشلونة قبل موقعة إنتر ميلان في دوري الأبطال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    أوقفها ثم أعادها.. مصطفى أوراش يتراجع عن التجميد ويُعلن استئناف البطولة    جدل يرافق دعما يفوق مليار سنتيم في قطاع الصيد .. والدريوش: التمويل دولي    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    تتويج مثير لكلوب بروج بكأس بلجيكا وشمس الدين الطالبي يرفع العلم المغربي احتفالاً    أسعار الذهب ترتفع مدعومة بتراجع الدولار    الكوكب يواصل نزيف النقاط واتحاد يعقوب المنصور يعزز موقعه في المركز الثالث    مفاوضات متواصلة تؤجل الكشف عن الأسماء المغربية في موازين    أسود الأطلس يواصلون التألق بالدوريات الأوروبية    باريس.. الوجه الآخر    رسميًا.. ألكسندر أرنولد يعلن رحيله عن ليفربول    أكاديمية المملكة تحتفي بآلة القانون    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ولماذا خلقت أمريكا تنظيم "داعش"
نشر في هسبريس يوم 15 - 10 - 2014

الولايات المتحدة عدوة الديمقراطيات في كل العالم الثالث، لسبب بسيط هو أن نظامها الرأسمالي- الامبريالي قائم على النهب والسرقة والاحتيال. وللولايات المتحدة تاريخ طويل وعصيب في خلق ودعم الجماعات الإرهابية في كل بقاع العالم، ولن تشكل هذه الحقيقة مفاجأة إلا للذين يشاهدون ويقرؤون الأخبار ويتجاهلون قراءة التاريخ.
منذ إعلان ما يعرف باسم "مبدأ مونرو"، وهو البيان الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو سنة 1823، وفحواه أن الولايات المتحدة لن تتدخل في شؤون العالم ولن تسمح بتدخل أوربا في الأمريكيتين. وكان الغرض من ذلك قطع الطريق على من يحاول مزاحمة أمريكا على مصالحها في المنطقة. وبدأت السياسة الأمريكية تأخذ طرقاً وأساليب عديدة، أهمها اعتماد سياسة دعم الحكومات الموالية لسياستها، وتدبير الانقلابات العسكرية ضد أي حكومة ديمقراطية ليبرالية أو يسارية. وبدأت في تنفيذ خططها الجهنمية المباشرة بمساعدة الشركات الرأسمالية وسفرائها ولاحقاً بمساعدة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لكي تكون أمريكا الجنوبية حديقتها الخلفية الأمينة.
فأزاحت بالقوة أو عن طريق الانقلابات العسكرية جميع الحكومات المنتخبة ديمقراطياً ونَصّبت مكانهم "جنرالات الموت" الذين تدرّبوا ولايزالون في "جامعة الأمريكيتين" School of the Americas الرائدة في مجال الإرهاب في فورت بنينغ Fort Benning في ولاية جورجيا. وحسب تقرير وزارة الخارجية الامريكية نفسها، استقطبت هذه الجامعة الارهابية مجرمين وقتلة من 159 دولة، تدربوا فيها وتخرجوا منها، وبلغ عددهم إلى حدود سنة 2010، ما يزيد على 67 ألف جنرال وصغار القتلة الذين يتقنون فنون الإرهاب والقتل والإجرام حتى يساعدوا على تنفيد "الهولوكوست" الأمريكي دون توقف. اٌطلق على هؤلاء اسم "فرق الموت"، وبدأ مشوار الاغتصاب المكشوف والمستمر واللامحدود لجنوب القارة الامريكية بافتعال الحروب العدوانية وسياسات الانقلابات العسكرية منذ ذلك الحين وحتى وقتنا الحاضر.
وانقلبت امريكا على نفسها في عهد الحرب الباردة، وانتهكت تعهداتها بانجرافها نحو العالم العربي والاسلامي وانحيازها الى الاسلام المتطرف في محاولة واضحة لمحاربة النفوذ السوفياتي في الدول العربية والاسلامية آنذاك. فقسمت امريكا العالم الى قسمين: شطر يدين بالقوميات والحركات الوطنية التحررية يدعمه ويسانده الاتحاد السوفياتي، والشطر الآخر يحركه الاسلام السياسي المتشدد، والذي اعتبرته امريكا حليفا في الكفاح ضد الاتحاد السوفياتي.
لهذا السبب ساندت واستخدمت وكالة المخابرات المركزية الامريكية في منتصف الستينيات وبداية السبعينيات، جماعة الاخوان المسلمين في مصر، ضد نظام جمال عبد الناصر، كحاجز لإحباط التوسع السوفياتي ومنع انتشار الأيديولوجية الماركسية بين الجماهير العربية. وتتالى الدعم ليشمل الحركات الاسلامية المتطرفة ضد سوكارنو في إندونيسيا، والجماعة الاسلامية ضد ذو الفقار علي بوتو في باكستان. وأخيرا وبالتأكيد ليس آخرا، خلقت امريكا تنظيم "الطالبان" وتنظيم "القاعدة"، في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كأداة لإرهاب الاتحاد السوفياتي وطرده من افغانستان. الا ان السحر انقلب على الساحر، في كل هذه الحالات، والقارئ يعرف البقية. ووسط كل هذه البلبلة يدعي صناع القرار في الولايات المتحدة اليوم انهم ضد التطرف الاسلامي ويتطلعون الى محاربته بشتى الوسائل، هذا مع العلم انهم هم من صنعوه كسلاح في السياسة الخارجية الامريكية لمقاومة الاعداء.
ويعد تنظيم "داعش" احدث سلاح خلقته الولايات المتحدة الامريكية في مختبراتها السياسية ويشبه إلى حد كبير تنظيم القاعدة، الذي در بدوره نتائج عكسية على السياسة الخارجية الامريكية (كما اعترفت بذلك هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة"Hard Choices) . وطفت شهرة تنظيم "داعش" الى الساحة الدولية عندما اقدم مجرمو هذا التنظيم على قطع رأس الصحفي الامريكي جيمس فولي في شهر اغسطس.
فقامت القيامة ولم تقعد وكأن قطع الرؤوس تخصص داعشي. ولو كانت امريكا صادقة مع نفسها لكانت ادانت قطع الرؤوس في السعودية، حيث فُصل في السعودية 19 رأسا في نفس الشهر الواحد الذي قتل فيه جيمس فولي. لكن على ما يبدو أن قيمة الرؤوس عند الأمريكيين تختلف حسب الخلق والانتماء واللون والجنسية! واهم من هذا لماذا هذه الضجة على مقتل مواطن أمريكي واحد (نحن ندين بشدة سلوك داعش الهمجي)؟ كم عدد المدنيين الذين قتلهم تنظيم داعش الإرهابي بالمقارنة مع عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم على يد الولايات المتحدة وحلفائها العسكريين الإرهابيين في العراق وأفغانستان والصومال واليمن؟ هل تأسف الغرب، على الأقل، على القتلى المسلمين الابرياء من النساء والأطفال والعجزة؟ هل حرك الغرب ساكنا عندما شنت إسرائيل حربها العنصرية الأخيرة على غزة وقتلت الأطفال والنساء بالمئات وهدمت البيوت بالآلاف على ساكنتها؟
لكي يفهم المرء لماذا نمت وازدهرت "الدولة الإسلامية" بهذه السرعة، عليه أن يلقي نظرة على جذورها المدعومة من الولايات المتحدة. ان الغزو الأميركي عام 2003 للعراق واحتلاله، وتدميره لجهاز الدولة العلمانية واستبدال ادارته السنية بإدارة ذات اغلبية شيعية تسبب في الفوضى السياسية وحالة الدمار والخراب الحالية. وهذا بعينه ما كانت تتطلع اليه أمريكا لخلق الأرضية الخصبة في العراق للانقسامات الطائفية.
هكذا ظهر الى الوجود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق الذي كان يستعمل حتى حدود عام 2010 اسم تنظيم القاعدة في العراق. الا انه بعد 2011، ومع اندلاع الثورة في سوريا، غيّر التنظيم اسمه الى تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق وسوريا" المعروف باختصار ب"داعش". وأمريكا هي من سلحت داعش لإعلان الحرب على بشار الأسد لسببين: الأول للحد من نفوذ إيران المتنامي في المنطقة والآخر لمواجهة روسيا على ارض سوريا باعتبار الأسد حليفا روسيا رئيسيا.
والمدقق في الصورة المنقولة لنا على الشاشات الصغيرة يلاحظ بكل جلاء أن متمردي تنظيم داعش يلوحون بكل فخر وعلننا أسلحة أمريكية الصنع. فتنظيم داعش مجرد أداة إرهابية تستخدمها السياسة الخارجية الأمريكية ليس لإسقاط حكم الأسد الستاليني-النازي، بل كوسيلة تستخدم للضغط على كل من إيران وروسيا. لكن العفريت الذي خرج من قمقم الطائفية أثقل حمله ظهر أمريكا فارتعد له جنونها فشهرت سكينها لإعادة الجني إلى قلب الزجاجة.
تتمحور السياسة الأميركية في الشرق الأوسط حول نقطتين: النفط وإسرائيل. غزو العراق روى شهية واشنطن للنفط نسبيا، ولكن الضربات الجوية التي بدأت في سوريا على داعش، التي خرجت عن طاعة أمريكا، والعقوبات الاقتصادية على إيران لها علاقة مباشرة ب"أمن" إسرائيل. الهدف من ذلك هو حرمان "أعداء" إسرائيل مثل حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين واليوم داعش في سوريا، من أي سلاح قد يشكل خطرا على وجود الكيان الصهيوني.
واللافت للنظر أن أمريكا تستغل وجود تنظيم داعش لثلاثة أغراض: الأول كمدخل لإثارة التهديد والخوف داخل المجتمع الأمريكي لتبرير التوسع الغير المسبوق للتجسس على المواطنين الأمريكيين، والثاني كذريعة للتقسيم والغزو العسكري للشرق الأوسط الغني بالنفط، والثالث كأداة لحماية ما تبقى من الديكتاتوريات العربية بمواجهة ما يسمى بالأعداء ولاسيما روسيا وإيران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.