عكس التطمينات الحكومية، التي تشير إلى تسجيل تحسن في القوة الشرائية للأفراد واستقرار أسعار معظم المنتجات والخدمات سنة 2014، تشير أرقام المندوبية السامية للتخطيط إلى زيادة في الرقم الاستدلالي العام الذي يشمل المواد الغذائية وغير الغذائية والخدمات. وفي الوقت الذي ظل المسؤولون الحكوميون يؤكدون أن الأمور سارت على أحسن ما يرام بالنسبة للمواطن المغربي، تشير الإحصائيات إلى زيادة في كلفة السكن والماء والكهرباء والمحروقات، بنسبة عامة قاربت 2.3 نقطة. وتميز هذا العام بقرار الحكومة القاضي برفع دعم صندوق المقاصة في البداية على البنزين وتخفيضه بالنسبة للغازوال بشكل تدريجي، قبل أن تقرر رفع هذا الدعم عن كل المحروقات مع نهاية السنة الجارية. انهيار القدرة الشرائية ب 25% القرار الأخير صاحبته مجموعة من الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية، كما تم تسجيل زيادة في أسعار العديد من الخدمات المرتبطة بالنقل. كما لم تسلم أسعار الكهرباء والماء والتطهير السائل من موجة الزيادات الحكومية. الميلودي مخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، قال إن 2014، كانت سنة ضرب القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة، على كافة المستويات، مضيفا أنه "بالنسبة للقدرة الشرائية لمواطنين، فإننا كل يوم نستيقظ على إيقاع زيادات مباشرة كتلك التي طبقت على المحروقات والمنتجات الغذائية، وغير المباشرة بالنسبة للمنتجات التي لا يتم اقتناؤها من طرف الأسر المغربية بشكل يومي". وأورد مخاريق في تصريح لهسبريس، أن الإحصائيات والدراسات التي نحن نرى بكل صراحة ونحن في اتصال دائم مع الطبقة العاملة، التي تشكل الشريحة الاجتماعية التي تعيش انعكاسات. وأكد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل في تصريحه "لقد لمسنا أن سنة 2014 القدرة الشرائية انهارت بنسبة 25 في المئة للطبقة العاملة، من خلال دراسات ميدانية شملت الطبقة العاملة، وهذه مسألة خطيرة أعتقد أن لها انعكاسات سلبية على السلم والتماسك الاجتماعي". واستغرب الميلودي مخاريق كون قانون المالية لسنة 2015 لم يأتي ولو بإجراء واحد لحماية القدرة الشرائية وتحسين الدخل، كما لم يأتي بإجراءات تحفيزية من إجل التشغيل. 2014 والأسر الفقيرة محمد أبوالفدا، رئيس جمعية الدفاع عن حقوق المستهلك ببرشيد، قال إن سنة 2014 كانت كارثية على الأسر الفقيرة والمعسرة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى. مشيرا إلى أنه بالنسبة للمواد الاستهلاكية فقد شهدت ارتفاعا تدريجيا نتيجة مجموعة من العوامل التي تدخل فيها المضاربة والزيادة في أسعار المحروقات وانعكاسها المباشر على المواد الغذائية بكافة أنواعها. أمام هذا الارتفاع، يقول أبو الفدا في تصريح لهسبريس "أضحت مجموعة من المنتجات والمواد الغذائية بالنسبة لهذا المواطن الفقير أصبح مجموعة من المواد الغذائية كاللحوم حلم لم يعد بإمكانه الوصول إليه". وأضاف المتحدث "دون مبالغة، لقد أصبحت فواكه كالموز والتفاح من الكماليات بالنسبة لشريحة واسعة من الأسر الفقيرة، أما اللحوم فقد أضحى من المستحيلات التي لا يمكن للفقراء الاستمتاع بتناوله... إننا نشاهد أسرا متكونة من 10 أفراد على الأقل، وتقيم في الوسط الحضري تقتني 20 درهما من اللحوم الحمراء مرة واحدة في الأسبوع، وهنا أتحدث عن الأحياء الهامشية". ويضيف أبو الفدا أن القدرة الشرائية أنهكتها الحكومة الحالية بسبب قراراتها، فالزيادات مست كافة المجالات، بالرغم من أن الحكومة ما فتئت تصرح أنها تسعى لتحقيق مصلحة الفئات الشعبية، لكن في واقع الأمر نلمس أن التصريحات الحكومية في واد، والواقع في واد آخر. ويشير إلى أن هناك تناقض في الخطاب الحكومي طوال هذا العام، ففي ظل التطمينات الحكومية التي لا تعكس الواقع الذي يعيشه المواطن، أقدمت على رفع أسعار الكهرباء والماء، كما قررت رفع الدعم بشكل نهائي عن المحروقات خاصة الغازوال. ويستطرد رئيس رئيس جمعية الدفاع عن حقوق المستهلك "نحن نعتقد أن إقبال الحكومة على رفع الدعم على الغازوال سيزيد من استفحال مشكل الأسعار خلال سنة 2015".