الولايات المتحدة تجدد دعمها لمغربية الصحراء وتشجع الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية    في أفق المؤتمر الوطني 12 للحزب .. لقاءات جهوية مخصصة لدراسة مشاريع الأوراق والمقررات    تونس.. توقيف أجنبي متهم بالاعتداء على سفينة ب"أسطول الصمود"    شكايات المواطنين تتزايد ومهنيون يحذّرون .. تحركات وزير الصحة مناسباتية بإجراءات محدودة عوض قرارات هيكلية    القسم الوطني الثاني يفتتح موسمه بمواجهات متكافئة وطموحات كبيرة    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    البطولة الاحترافية.. ديربي الرباط يفتتح الجولة 3 وفرق تتطلع لتأكيد البداية الإيجابية بينما أخرى تبحث عن أول فوز لها هذا الموسم    رالي المسيرة الخضراء: احتفاء بالذكرى الخمسين في مسار وطني من طنجة إلى العيون    ترامب: أعتقد لدينا اتفاقا بشأن غزة    منظمة العفو الدولية: تجريم الإجهاض في المغرب يعرض حياة النساء للخطر    الدار البيضاء.. توقيف شاب بمولاي رشيد بعد إحداث فوضى وتخريب عدد من السيارات        وزارة الفلاحة تلغي قرار عدم ذبح إناث الماشية    نتنياهو: دولة فلسطين انتحار لإسرائيل        بن عاشور: الأَنسيّة الديمقراطية تراث إنساني مشترك لا يحتكره أحد ولا يُروّض        ميناء طنجة المتوسط خامسًا عالميًا في كفاءة موانئ الحاويات    رئيس الفيفا: كل شيء جاهز تقريبا.. يمكننا تنظيم كأس العالم من الآن        مسرح رياض السلطان يفتتح موسمه الثقافي الجديد ببرنامج حافل لشهر اكتوبر    "نوستالجيا".. عرض مضيء لطائرات "الدرون" بموقع شالة الأثري        الداخلة على موعد مع النسخة الرابعة من منتدى "Africa Business Days"    شركات كبرى مثل Airbnb وBooking ضمن 158 شركة متورطة بأنشطة في المستوطنات الإسرائيلية    بوريطة يجدد بنيويورك تأكيد التزام المغرب بتطوير الربط في إفريقيا    منشور الخارجية الأمريكية واضح ومباشر: لا استفتاء، لا انفصال، الصحراء مغربية إلى الأبد    بلال نذير يستعد للعودة إلى المنتخب بعد نيل ثقة الركراكي    نقابة الصحافة ببني ملال ترفض المنع    الحكم على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالسجن لخمس سنوات    رقم معاملات المجمع الشريف للفوسفاط يتجاوز سقف 52 مليار درهم    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بنبيل عيوش وآيدا فولش وإياد نصار    وفاة رجل تعليم بالحسيمة متأثرا بتداعيات محاولته الانتحار    مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو    ترامب يهدد بتغيير المدن الأمريكية المستضيفة للمونديال بسبب "انعدام الأمان"    فيدرالية اليسار الديمقراطي تعلن عن دعمها للمطالب الشبابية        وفاة فيغار مهاجم أرسنال السابق    جمجمة عمرها مليون سنة توفر معطيات جديدة عن مراحل التطور البشري    عبد الوهاب البياتي رُوبِين دَارِييُّو الشِّعر العرَبيّ الحديث فى ذكراه    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس    الأصالة والمعاصرة.. من التأسيس إلى رئاسة حكومة المونديال            محامون يطالبون فرنسا بحماية المشاركين في "أسطول الصمود العالمي"    كيوسك الجمعة | السياقة الاستعراضية.. الأمن يوقف 34 ألف دراجة نارية    النرويج: السلطة الفلسطينية تتلقى دعما ماليا طارئا من الدول المانحة        عامل الرحامنة يحفز مؤسسات التعليم    "أولتراس الجيش" تقاطع لقاء بانجول    نبيل يلاقي الجمهور الألماني والعربي    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى دستور ثقافي، اجتماعي
نشر في هسبريس يوم 28 - 12 - 2014

كثر الكلام ويكثر بالمغرب حول تنزيل الدستور الجديد، خاصة مع هذه الحكومة التي جاءت في أعقاب منعطف وطني وإقليمي مميز، جاء بدوره استجابة لرياح التغيير التي هبت في الشرق بشكل أعنف مقتلعة عروش بعض المستبدين.
هذا المنعطف التاريخي المتمثل في هبة اجتماعية رفعت سقف الاحتجاجات بشكل غير مسبوق في إطار الاحتجاج السلمي، عرف النظام كيف ينحني للعاصفة في شكل اعتراف ضمني بوجاهة الحركة الاحتجاجية مصدرا مقاربته للحل في شكل وثيقة دستورية أجمع المختصون وفقهاء القانون الدستوري على أنها أرقي ما وصلت إليه دساتير المملكة لحد الساعة، إضافة إلى كون دستور 2011 يتضمن الكثير من المقومات التي ارتقت به إلى مصاف الدساتير الديمقراطية، ولا حاجة هنا إلى التذكير بأهم هذه المكاسب الديمقراطية مما بات على علم به أغلب المتتبعين.
ومن هذه المكاسب الديمقراطية بعض الصلاحيات التي خرجت نسبيا من يدي الملك لتصبح بين يدي رئيس الحكومة، إضافة إلى تقوية عمل البرلمان وإنشاء مؤسسات منتخبة أخرى بصلاحيات مختلفة، علاوة على تنصيص الدستور على إعطاء مكانة دستورية متميزة حتى للمجتمع المدني باعتباره قوة اقتراحية تلزم مقترحاتها واضعي السياسات العمومية.
لكن الحكومة الحالية عرفت عدة أزمات دستورية، قد يجري تضخيمها من قبل الصحافة،لكنها تبقى حسب المختصين تجاوزات دستورية لم يتم فيها تنزيل الدستور بشكل صحيح.
فهل يتعلق الأمر بعدم نضج النخبة السياسية لتأخذ على عاتقها كافة مسؤولياتها التنفيذية حسب الدستور؟
أم أن المخزن لازال يفرض قوته ويمارس صلاحيات أوسع بشكل أقوى؟ أم لعل المجتمع نفسه لازال لم يكتسب الثقافة الديمقراطية الصحيحة التي يبقى الدستور روحها وقوتها الإلزامية.
بهذا الصدد نذكر كيف أن عددا من الدول الديمقراطية العريقة يعتبر فيها المواطن قطب الممارسة الديمقراطية وحارس الدستور متمثلا روحه في كل الممارسات السياسية، بل حتى في السلوكات اليومية.
ولاغرو هنا أن نجد دولة كبيرة بحجم بريطانيا العظمي، إحدى أعرق الديمقراطيات وأكثرها بروزا، مع مجتمع معروف بقدرته على التنظيم والانجاز وتحقيق الازدهار،إضافة إلى ما يتمتع به من حرية كبيرة، إلا أن ما لا يزال ينتظم الأدبيات السياسية في الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، هو دستور عرفي لدولة بتقاليد ملكية تاريخية عريقة، لكن بنظام سياسي ديمقراطي برلماني تمثيلي متقدم.
فهل يكون الدستور فقط عبارة عن نصوص تكتسي أعلى درجات السمو القانوني، حيث الجميع يجب أن يحتكم إليها؟ أم أن الدستور الحقيقي هو ممارسات يومية وسلوكات فردية،ثقافية واجتماعية ترسخ نظاما متينا وسليما في تسيير كافة شؤون الدولة والمجتمع؟
إن النموذج المغربي ونظيره البريطاني يشيران بشكل واضح إلى أن الدستور المنظم للبلاد ليس نصوصا قانونية فقط مهما بلغت درجة صياغتها ديمقراطية وتقدما، وليس فقط مؤسسات بمجالس منتخبة وبصلاحيات واسعة، كما أنه ليس فقط آليات ديمقراطية تمكن عددا من قوى المجتمع من مشاركة وتمثيلية قانونية ملزمة.
إنها ليست قطعا نصوصا ملزمة لكنها جامدة، بل إنها روح وثقافة، عرف اجتماعي منظم وملزم أخلاقيا وضمنيا ينطلق من أقل شأن اجتماعي إلى أعلى مؤسسات الدولة. إنها ثقافة مجتمعية وسلوكات فردية وروح جماعية ناتجة عن تربية أصيلة على قيم النظام والتنظيم، المشاركة والمواطنة، الالتزام والمسئولية، الرقابة الذاتية، حب الوطن والحرص على مصلحة واستقرار وازدهار المواطنين.
إننا في المغرب، خاصة مع هذه الوثيقة الدستورية المتقدمة، بحاجة إلى ترسيخ دستور ثقافي اجتماعي على شكل عقد وتعاقد مبني على كل تلك القيم التي أشرنا إليها وغيرها، إن حاجتنا للدستور الثقافي والاجتماعي، مع وجود وثيقة دستورية متقدمة، هي كحاجة الجسد إلى الروح.
فلنعمل إذن على بناء وإشاعة تلك الروح الدستورية في تربيتنا للنشء في سلوكياتنا اليومية، في أخلاقنا الشخصية وفي ثقافتنا المجتمعية.
- طالب باحث وفاعل جمعوي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.