بعد فراره لساعات.. سائق سيارة نقل العمال المتسبب في مقتل سيدة مسنة يسلم نفسه لأمن طنجة    الأقاليم الجنوبية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    بايرن ميونخ يحتفل بلقبه ال34 بفوزه على ضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ (2-0)    الوكالة الفرنسية للتنمية تعلن تمويل استثمارات بقيمة 150 مليار بالصحراء المغربية    الاتحاد الاشتراكي بطنجة يعقد لقاءً تنظيمياً ويُفرز مكاتب فرعي المدينة وبني مكادة    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    دروس من الصراع الهندي - الباكستاني..    الصين وروسيا تؤكدان التزامهما بحماية العدالة الدولية وتعزيز التعددية    ريال مدريد يعلن قائمته للكلاسيكو بحضور دياز ولخديم    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    تقديم 8 متهمين في قضية طنين من مخدر الشيرا بالعرائش    نادي السد يتوج بلقب كأس قطر لكرة القدم عقب فوزه على الدحيل (4-3)    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    أرسنال يجهز الممر الشرفي لليفربول    بدء منافسات بطولة المغرب للشطرنج    مركز مغربي: الحكم الذاتي يتيح تنافس قادة "البوليساريو" مع نخب الصحراء    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    الى صديقي يونس    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    زلزال تفوق قوته 5 درجات يضرب هذه الدولة    حريق مهول يلتهم وحدة صناعية للأغطية دون خسائر بشرية    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    البطولة.. الكوكب المراكشي على بعد نقطة من العودة إلى القسم الأول بتعادله مع رجاء بني ملال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألف شخص على ملازمة منازلهم    إسبانيا تُطلق دراسة جديدة لمشروع النفق مع طنجة بميزانية 1.6 مليون أورو    بعد واقعة انهيار عمارة بفاس..التامني تسائل الداخلية عن نجاعة مشاريع تأهيل المباني الآيلة للسقوط    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يستعد للإعلان عن اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية خلال جولته الشرق أوسطية    العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تستنكر حرمانها من وصل الإيداع القانوني    مهرجان مغربي في تاراغونا يبرز عمق العلاقات بين المغرب وإسبانيا    وساطة أمريكية تنهي التصعيد بين باكستان والهند    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    الأوروبيون يسعون لهدنة مع موسكو    تنظيم استثنائي لعيد الأضحى بالمجازر.. هل يتجه الناظور لتطبيق النموذج المعتمد وطنياً؟    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    وكالة الحوض المائي اللكوس تطلق حملة تحسيسية للتوعية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    القضاء الأمريكي يجمد تسريح موظفين    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    إيران وأمريكا تستأنفان المحادثات النووية يوم الأحد    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبهات حول الإسلام.. هل داعش تمثل الإسلام..2/2
نشر في هسبريس يوم 30 - 12 - 2014

نواصل في الجزء الثاني من هذا المقال سرد الشواهد الحية من التراث والتي أوردنا منها ست نماذج في الجزء الأول على أن ننهي المقال بتقديم الخلاصات النهائية التي تشكل العمود الفقري للطرح الذي أفصحت عنه في مقدمة المقال الأول. أمر رأسا إلى الشاهد السابع، ،ثم، ما يليه:
7) قال ابن هشام:
وحدثني أبو عبيدة، عن أبي عمرو المدني، قال : لما ظفر رسول الرسول صلى الله عليه وسلم ببني قريظة أخذ منهم نحوا من أربعمائة رجل من اليهود،وكانوا حلفاء الأوس على الخزرج، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تضرب أعناقهم، فجعلت الخزرج تضرب أعناقهم، ، فيسرهم ذلك فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخزرج ووجوههم مستبشرة، فنظر إلى الأوس فلم ير ذلك فيهم،فظن أن ذلك للحلف بين الأوس وبين بني قريظة، ولم يكن بقي من بني قريظة إلا اثنا عشر رجلا، فدفعهم إلى الأوس، فدفع إلى كل رجلين من الأوس رجلا من بني قريظة وقال: "ليضْرِبْ قلانُُ وليذفِفْ فلان"، فكان ممن دفع إليهم "كعب بن يهوذا"، وكان عظيما في بني قريظة، فدفعه إلى "محيِّصةَ بن مسعود" وإلى أبي بردة بن نيار- وأبو بردة بن نيار هو الذي رخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يذبح جذعا بن المعز (يوم) عيد الأضحى- وقال: "ليضربه محيصة وليذفف عليه أو بردة" فضربه به ضربة لم تقطع (الرأس) وذفف أبو بردة (رضي الله عنه) فأجهز عليه (أي قطع رأسه ومات) فقال "حويصة" وكان كافرا، لأخيه محيصة: "أقتلت كعبا بن يهوذا؟" قال: نعم. فقال حويصة: أما والله لرُبَّ شحمِ قد نبت في بطنك من ماله، إنك لئيم يا محيصة، فقال له محيصة: لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك، (يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فعجب من قوله ثم ذهب عنه متعجبا. فذكروا أنه جعل يتيقظ من الليل: فيعجب من قول أخيه محيصة. حتى أصبح وهو يقول: والله إن هذا لدين. ثم أتى النبيَّ ثلى الله عليه وسلم فقال محيصة في ذلك أبياتا قد كتبناها"... سيرة بن هشام، الصفحة 20...دار الكتاب العربي، بيروت. الطبعة الثالثة. 1990.
(يمكن الاطلاع على تفاصيل أخرى حول حادثة مقتل كعب بن الأشرف الذي كان يهجو الرسول صلى الله عليه وسلم في أشعاره يمكنكم العودة إلى نفس المرجع، الصفحات من 12 إلى 18...هنا يقول بن هشام (وآخرون كابن إسحاق والطبري والواقدي وغيرهم) والعهدة عليه(م) أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر بقتل من يقولون فيه شعرا سيئا ويهجونه في قصائدهم مع العلم أن شاعر الإسلام حسان بن ثابت كان يرد على تلك الأشعار بقصائد أكثر إمعانا في القسوة اللفظية.. وهو ما يبرر لداعش قتل المخالفين لمجرد تقولهم الشعر على الرسول صلى الله عليه وسلم أو ما يبدو لهم أنه هجاء للرسول (ص) أو للإسلام أو حتى لجماعتهم.. أما ما يستفاد من حادثة أمر الرسول بضرب أعناق 400 من الرجال في بني قريظة بعد نجاح الحصار حول حصونهم فهو تحديدا ما تعتمده داعش وهي تطلق النار على العشرات في مشاهد تثير الاشمئزاز وهي المشاهد التي شاهدناها جميعا على قناة اليوتوب، فهل يعقل أن يكون الرسول قد قام بشيء كهذا؟...
8) 159: باب الفتك بأهل الحرب حديث رقم 3032: حدثني عبد الله بن محمد: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من لعكب بن الأشرف؟" فقال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله؟ قال: "نعم"، فإذن لي فأقول، قال: "قد فعلت... (البخاري).
9) 2946..حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهريحدثنا سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا أن لا إلاه إلا الله فمن قال لا إلاه إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه،وحسابه على الله" (البخاري) وأخرجه مسلم تحت رقم 021. داعش أيضا تعتقد أنها تقاتل الناس من أجل عبارة لا إلاه إلا الله وأي داعشي لا يخامره الشك في هذا على الإطلاق لأنه يسعى لأن تكون كلمة الله هي العليا من وجهة نظره وهذا يكفيه لكي يستبيح أموال ودماء وعرض الآخرين لمجرد كونه غير مقتنع بصدق الآخر في الجهر بوحدانيته.. (وسنورد ملخصا عن مثال يشهد على شيء كهذا في حكاية مقتل مالك بن نويرة).
10) 3012: حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: حدثنا الزهري، عن عبيد الله، عن بن عباس، عن الصعب بن جثامة، رضي الله عنهم قال: مر بي النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالأبواء أو بِوَدَّان، وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال "هم منهم"...وسمعته يقول "لا حمى إلا لله ورسول الله صلى الله عليه وسلم" أخرجه مسلم تحت رقم 1745 و1193. هذا الحديث خطير جدا.. لأنه يدعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح قتل النساء والأطفال لأنهم من المشركين ومن ذوي المشركين، ويمكنك عزيزي القارئ أن تتأكد من هذا الكلام من خلال رابط الفيديو الذي أورده هنا ولك أن تذهب رأسا إلى الدقيقة 10.36 مع العلم أن الفيديو ككل يتكلم بالشيء الكثير.. في هذا المقطع ستجدون أن أحد شيوخ داعش يعبر عن فرحته القصوى بالحديث الذي أوردته هنا لأنه يبيح لهم قتل الأطفال والنساء.. وأفضل أن لا أواصل التعليق على هذه النقطة لأن ما يورده البخاري هنا كاف لكي نطرح أسئلة من نوعية أخرى تماما.https://www.youtube.com/watch?v=-WRC2lcf1kM&index=6&list=PLigOVm0davBkIPU0a4OT_gcU-IN7BEP0G
11) 3018: حدثنا معلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، فاجتووا المدينة فقالوا : : يا رسول الله أَبْغِنا رسلا،قال: "ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود" فانطلقوا، فشربوا من "أبوالها" و"ألبانها"، حتى صحوا وسمنوا، وقتلوا الراعي، واستاقوا الذَّوْدَ، وكفروا بعد إسلامهم فأتى الصريخُ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم، فبعثَ الطلب، فما ترجَّل النهارُ حتى أتي بهم، فَقَطَّعَ أيديهم وأرجلَهُمْ، (أي النبي (ص)) ثم أمر بمسامير فأحميت (أي سخنت)، فَكَحَلَهُمْ وطرحهم بالحَرَّة، يَسْتَسْقُونَ فما يُسْقُونْ، حتى ماتوا" (أي يطلبون الماء ويستعطفون ولا يمنح لهم الماء وهم يعذبون بذلك إلى آن ماتوا من العطش والعذاب)... هنا لا يتناطح عنزان حول أحقية الرسول (ص) في التعامل مع هذا الرهط من القوم الذين أصابوا من خيرات المسلمين وهم للكفر مضمرون، ولكن المشكلة هنا هي القتل.. وطريقة القتل.. أي القتل عن طريق التعطيش والتجويع والكي والتعذيب. وهو الحديث الذي بوسع داعش أن تؤوله كما تريد لكي توقع من التعذيب والقتل ما تريد بمن تريد لمجرد حكمها على المقتول المعذَّب بكونه كان مخادعا للجماعة.. جماعتهم التي يعتبرونها على حق وما دونها على ضلال.
12) 3142: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، ، عن ابن أفلح عن بن محمد مولى أبي قتاة عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا، كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين علا رجلا من المسلمين، فاستدرت حتى أتيته من ورائه، حتى ضرَبْتُهُ بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل علي فضمني ضمة وجدتُ منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني (بمعني أطلقني من قبضته) ، فلحقت عمرَ بن الخطاب فقلت (له): "ما بال الناس؟ قال: أمرُ الله ، ثم إن النا رجعوا، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من قَتَلَ قتيلا لهُ عليهِ بينةُ فَلَهُ سَلْبُهْ". قمتُ فقلتُ: من يشهد لي (؟).. ثم جلَسْتُ..،ثم قال (الرسول (ص)): " من قتل قتيلا له عليه بينة فَلَهُ سَلْبُهْ"، فَقُمْتُ فقلْتُ: "من يشهد لي؟"، ثم جلستُ فقال رسول الله: "ما لك يا أبا قتادة؟"...، فاقتصصتُ عليه القصة ، فقال رجلُ: صدق يا رسول الله وسلبه عندي ، فأَرْضِهِ عَنِّي، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، " لا إلاه إلا الله، إذْ لا يعمد أسد من أسدِ اللهِ يقاتل عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يعطيك سلبه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، "صدق"، فأعطاه، فبعت الدرع، فاباتعتُ به مخرفا في بني سلمة، فإنه لأول مال تَأَثَلْتُهُ في الإسلام ( تأثل بمعنى استخرج و"حصل على" بلغة عصرنا).... عن صحيح البخاري، ورواه مسلم تحت رقم 1751.. هذا الحديث خطير أيضا لأن داعش تستعمله كحافز لجلب المزيد من المنضمين والمقاتلين باعتباره لن يحصل على الحور العين في الآخرة وحسب بفضل قتاله للمشركين (الذين هم مسلمون آخرون يدعون بدورهم امتلاك الحق والحقيقة وتمثيل الإسلام كجماعة النصرة مثلا في سوريا)..بل يعني أيضا أن كل من قتل قتيلا له سلبُه.. فهل يعقل أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمر كهذا؟ وهل سيظل المسلمون في موقعة حياد إزاء هذه الإساءات الخطيرة لشخص الرسول وهي إساءات من وجهة نظري أخطر من تلك التي صدرت عن ذلك الرسام الدانماركي المغمور قبل سنوات من اليوم.
طيب.. كنت أتمنى لو كان بوسعي إيراد كل الشواهد التي أتحوزها ولكني لا أريد لهذا المقال أن يطول مني وبوسع القارئ أن يعتمد على الرابط الذي أوردته أعلاه لكي يطلعوا على مزيد من الشواهد في السيرة التي تأباها كل نفس مؤمنة وكل نفس تحب دينا تعلمنا أنه دين رحمة وليس دين قتل ودماء. ستجدون كلاما عن كيفية قيام خالد بن الوليد، سيف الله المسلول، بقتل خالد بن نويرة من أجل البناء بزوجته الجميلة وهو الامر الذي أساء خليفة رسول الله (ص) أبو بكر الصديق، ناهيك عن ذكر روايات السيرة لقيام خالد بن الوليد بالأكل من لحم رأس بن نويرة بعد أن طهاه فوق نار أشعلت بلحيته وشعر رأسه..فهل يعقل هذا؟ وهل يعقل مثلا أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل امرأة اسمها العصماء بنت مروان لمجرد أنها على غرار كعب بن الأشرف قالت هجاء في حق الرسول والدعوة؟ وهل يعقل أن يقول الرسول لقاتلها (عمير بن عدي) حين سأله هذا الأخير عن مشروعية قتلها وهي نائمة آمنة في بيتها ليلا "وهل يتناطح في ذلك عنزان"؟.. هل يعقل هذا؟...
طيب.. أتوقف عن إيراد الشواهد هنا وأمر إلى الخلاصات.
دعونا نعود إلى الكلام عن المشهد السياسي الراهن وعلاقته بما أورده هنا عما إذا كانت داعش حقا تستمد مشروعية مفترضة لأفعالها الإجرامية من تراث الإسلام كما دونه رواد السيرة ومن يعتقد في حقهم المواطن العادي أنهم قمة الروعة في الإسلام وأقدس من وجبت لهم القداسة بعد الله والرسول (ص) (رغم كون القداسة لغير الله أصلا محرمة بنصوص ليس هذا مجال ذكرها).. ما علاقة أمريكا بالأمر؟ وما علاقة النظام العالمي الحديث (وليس الجديد الذي أصبح قديما)..؟ وما علاقة ما ادعيته في مطلع الجزء الاول من كون السياسة الدولية الجديدة تتجه نحو القضاء على التطرف من منابته التي هي "نفوس الناس" وحسهم المشترك.. دعوني ألخص القول.
نعم.. أمريكا لها دور في حدوث داعش، وللغرب والخليج دور في ذلك.. هذا مما لا نقاش ولا جدال فيه، ولكني مصر على نفي نظرية "المؤامرة" كما يقول البعض وعن كون أمريكا تواصل تآمرها على المسلمين من خلال دعم داعش وخلقها من أجل أهدافها في المنطقة ومصالحها التي لا تفنى... ليست هناك مؤامرة، ولكن هناك خطة.. والفرق بينهما كبير ولكي ألخص الفرق أقول أن "المؤامرة" يقوم بها الضعيف ضد القوي وهذا تعريفها وأمريكا ليست ضعيفة والمسلمون ليسوا أقوياء، بل هم في قعر سلم الحضارة والتطور والرقي ولا يشكلون خطرا بأي حال من الأحوال اللهم إن كان المعيار هنا هو "سلاطة اللسان" و"العنتريات الدونكيشوطية".. أما الخطة، فهي تحاك ضد القوي والضعيف من أجل مصلحة واضع الخطة.. وأمريكا وضعت خطة بديلة عن خطتها الأصلية التي أتى بها كيسنجر سنة 1991 لما تكلم عن "النظام العالمي الجديد" (بعيد انهيار المنظومة الشرقية والاتحاد السوفياتي وجدار برلين الرمزي)..
داعش ليست من صنع المتآمرين، ولكنها من "تمويلهم".. هذا أمر أكيد.. الهدف من داعش أبعد من داعش.. الهدف من داعش هو طرح مزيد من الأسئلة لأن داعش حقا وفعلا هي أكبر تجميع لمتطرفي العالم الإسلامي ممن يعيشون بيننا بأقنعة عديدة ولا يملكون فرصة "للتدعشش" على سنة الدماء والقتل والسبي.. إن داعش هي أكبر تجمع للحالمين بدولة الخلافة ممن لا يؤمنون بالسياق ولا يضعونه في الحسبان وهم يقرؤون ما صح من السيرة الواردة في كتب التراث.. أما ما كان منه مستحيل الوقوع حقا كسلوك من رسول الإسلام (ص) فتلك حكاية اخرى حتما.. بعبارة أخرى.. حتى لو كانت أمريكا وراء خلق داعش وفق أي نظرية مؤامرة تحبذون، فإنها تستمد أفعالها من كتب التراث لأن كتب التراث هي التي تقدم لهم الدعم المعنوي والتبرير الشرعي لما يقومون به.. وهم في حصولهم على دعم دول بعينها يعملون بعبارة "الحرب خدعة" الشهيرة والواردة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما فعلت القاعدة من قبل وهي تنقلب على أمريكا بعد الفراغ من العدو المشترك الذي كانه الاتحاد السوفياتي تفكر داعش غدا بعد التمكن في التمرد على مموليها..
الفرق بين القاعدة وداعش أن داعش "شبه" جيش نظام عقدي يقاتل تطبيقا لما يراه سنة مؤكدة... وهذا يقودنا بالنهاية إلى الإلحاح في المطالبة على وجوب تنقية التراث لأنه الأصل ولأنه المشرعن لكل هذه الجرائم التي ترتكب حول العالم باسم الإسلام والتي تشوه صورتنا أمام العالم وتجعل تهمة الإرهاب لصيقة بنا.. على الفقهاء وكبار رجال الدين أن يخوضوا هذه المعركة وأن يتوقفوا عن ممارسة عقلية التقديس إزاء البخاري ومسلم وبن هشام وغيرهم.. عليهم أن يكونوا أكثر غيرة على الدين وليس على رجال الدين وعليهم أن يحسموا لنا أمرا من اثنين.. إما أن الإسلام صالح لكل مكان وزمان وأن ما يرد في كتب السيرة تَجَنِ على السيرة وعلى سلمية الدعوة، وحسن خلق رجالات الإسلام الأوائل، وبالتالي مراجعة كل كتب السيرة وتنقيحها أو التخلي عنها بالمجمل... وإما أن يقولوا لنا أن ما يرد في كتب السيرة صحيح وأن داعش على حق وأن هذا هو دين الله الحق وأن الدين بالتالي يصلح لكل زمان ومكان من هذا المنطلق، أما المتسامحون من المسلمين العاديين والفقهاء المبجلين الذين يقولون أن كل ما ورد في السيرة و(القرآن أيضا) له ظروف تنزيل معينة مرتبطة بذلك الزمان فعليهم أن يحسموا القول بدورهم ويقولوا بصريح العبارة أن أحكام الإسلام لم تعد صالحة لهذا الزمان لأنها وليدة ظرفية تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية معينة... هذا كل ما في الأمر. وعلى السادة الفقهاء المعاصرين أن يحسموا موقفهم.
https://www.facebook.com/abdelkrim.elquamch


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.