لنجعل شعارنا في التعامل مع حادث شارلي ايبدو كلاما نقوله في حب الرسول، حديثا صادقا نابعا من القلب، في حب خير الورى، الهادي المهدي، ذي الخلق العظيم. لنجعل شعارنا جملة واحدة، لكنها ناطقة بملايين المعاني : "نحبك يا محمد". لنضع هذا الشعار أمامنا، أينما كنا، و نتخلق به، و لنبن حياتنا في ضوئه، فكلنا محمد. صلى الله عليه و سلم. هناك أشياء يجب أن نفعلها حتى نبرهن بصدق عن حبنا للإسلام و تمسكنا بتعاليمه، فهذا الدين ليس عاطفة و دموعا و انكسارا فحسب، إنه دين التأسي بالرسول الكريم في جميع أخلاقه و معاملاته، إنه دين العلم و العمل و التفوق والانجاز و تجاوز سجن الأنا و الجد و المثابرة و الحزم و التحضر و عدم الرد على السفهاء و تحاشي الجهلاء، مصداقا لقوله تعالى : " و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ". لنترك سنة الحبيب تدخل قلوبنا، و لا نقابل إساءة من شوهوا الرسول الكريم و سخروا منه في رسومهم، بالشتائم و رغبات الانتقام. إن سخرية شرذمة من العلمانيين أو الملاحدة بخاتم الأنبياء لموقف يزيد من قوة هذا الدين و عدد أتباعه فآخر الإحصاءات تفيد أنه في أروبا وحدها بلغ عدد المسلمين أزيد من 45 مليونا، و أن الإسلام أسرع دين ينتشر بالقارة العجوز. إن الله ناصر دينه و لو كره المشركون. إن خصوم الإسلام يحتالون و يستفزون و يمكرون، و الله خير الماكرين. صحيح أن كل مسلم غيور على حرمة دينه و رسوله سيتملكه الغضب من طعنات كثيرة توجه للمسلمين في قلوبهم. إذلال الفلسطينيين على يد إسرائيل، وضع المسلمين في العراق و سوريا، تخلفهم عن ركب الحضارة و تخبط أكثر من نصفهم في الأمية و الجهل، و ها هو حادث شارلي ايبدو و تداعياته الإسلاموفوبية يزيد الطين بلة، فهل بلغ السيل الزبى ؟ هل أصبح المسلمون عالة على باقي الأمم ؟ حينما يسخر إنسان بإنسان ويستهزئ به، فإن هذا يعني أن فيه عيبا خارجا عن السياق المألوف في الحياة الطبيعية ، فالسخرية والاستهزاء موقف انفعالي يبنى على موقف فكري يجعل الساخر أو المستهزئ غير مقتنع بالشخص الذي يسخر منه وبالحيثية والظرف الخاص الذي يبدو به ذلك الشخص ، فقد يسخر الساخر من ملابس ذلك الإنسان إذا كانت خارج السياق المألوف، وقد يسخر من عضو من أعضائه الذي قد يبدو بشكل ناشز عن السياق المنظور في الإنسان الاعتيادي. و إذا عدنا إلى جريدة شارلي ايبدو لوجدنا أن سخرية عدد من رساميها من الرسول، صلى الله عليه و سلم، لا ينبع من عيب في الرسول، حاشا و كلا، و إنما تمليه عدة اعتبارات : فهم خاطئ وأعوج لحرية التعبير، و حقد دفين على الإسلام، و رغبة شيطانية في استفزاز مشاعر ملايين المسلمين (و هو ما حصل بالفعل قبل أيام قليلة). زد على ذلك رغبة الصبيان الجبناء في جني المال و التكسب على حساب مهاجمة الرموز و الأنبياء، و ليس أي رمز يا سادتي الكرام، فمنذ سنوات و شارلي ايبدو تركز على محاربة الإسلام، فما هو الموقف السليم إزاء ما يحدث، أيها المسلم، أينما كنت، في فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، أمريكا، المغرب، مصر... ؟ أينما كنت فأنا أدعوك إلى عدم الرد على الجاهلين و عدم الاكتراث بالسفهاء، فالله متم نوره و لو كرهوا أجمعين. لنجعل شعارنا في مواجهة حادث شارلي ايبدو تأسيا بأخلاق الرسول، و تعريفا بخصال هذا العزيز الغالي، و شمائله و ذكائه و حلمه و صبره على الأذى و إيمانه العميق و المطلق بنصر الله و لو بعد حين. لنعرف بالحبيب المصطفى في بلاد الغرب، في المنتديات و الملتقيات و الندوات، و في مجالس العلم، و على صفحات الانترنت. لنجعل شعارنا جملة واحدة، لكنها ناطقة بملايين المعاني : "نحبك يا محمد". لنضع هذا الشعار أمامنا، أينما كنا، و نتخلق به، و لنبن حياتنا في ضوئه، فكلنا محمد. - أستاذ جامعي و كاتب [email protected]