أزيد من 36 ألف شاب دون 40 سنة استفادوا من برنامج دعم السكن منهم 44.5 في المائة من النساء الشابات    أمني إسرائيلي يعلن التوصل بجثة رهينة "خاطئة"    استئنافية أكادير توزع 162 سنة سجنا على مدانين عقب أحداث شغب أيت عميرة    "طنجة: الأمن يتفاعل مع مقاطع فيديو تُظهر مروجين للصخب الليلي ومدمنين على المخدرات    طقس الأربعاء: أجواء حارة نسبيا مع هبوب رياح قوية في الجنوب الشرقي ومدن الشمال    برلماني يسائل تدبير مؤسسة في وجدة    واشنطن.. صندوق النقد الدولي ومحافظو بنوك مركزية إفريقية يجددون تأكيد التزامهم بالتنمية المستدامة في إفريقيا    تتويج جمعية دكالة ضمن أفضل جمعيات المجتمع المدني بالمغرب في اليوم الوطني لمحاربة الأمية    الركراكي: الفوز على الكونغو يثبت تطور أسود الأطلس ويحفزنا لكأس إفريقيا    كرة القدم: 16 فوزا متتاليا.. رقم قياسي عالمي جديد من توقيع أسود الأطلس    "الأشبال" جاهزون لمواجهة فرنسا    الانتقال الطاقي محور لقاء رئيس الحكومة بوفد من كبار المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين بمقاطعة آنهوي الصينية    تصفيات إفريقيا لمونديال 2026: المغرب يهزم الكونغو ويحقق رقماً قياسياً عالمياً ب16 انتصاراً متتالياً    حمد الله يقود منتخب الرديف لانتصار ودي على الكويت بدبي    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب    اتحاد الجمعيات الثقافية والفنية بالصحراء تثمن مضامين الخطاب الملكي بالبرلمان    "ساعة مع مبدع" في ضيافة الشاعر "محمد اللغافي    ماستر كلاس المخرج محمد الشريف الطريبق في مهرجان ليالي السينما    المنصوري: أزيد من 36 ألف شاب دون الأربعين استفادوا من برنامج دعم السكن    في نيويورك... أغلبية ساحقة تدعم مغربية الصحراء: الحكم الذاتي يترسخ كخيار واقعي ووحيد لإنهاء النزاع    "الداخلية" تحيل ملف مزاعم رشوة عامل آسفي السابق على النيابة العامة    32 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمدن    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    تراجع مقلق في مخزون السدود بالمغرب إلى 32% بسبب الجفاف والتبخر    النباوي يلتقي رئيس النزاهة العراقية    الرباط تحتضن نقاشا إفريقيا حول "حق التتبع" للفنانين التشكيليين والبصريين    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة ب 70 مليار دولار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    منير محقق يصدر «تحليل بنيات الحكاية الشعبية المغربية»    رسميا.. تحديد موعد الديربي البيضاوي بين الرجاء والوداد    شعلة الحي المحمدي تطلق «حوارات شبابية» مع الدكتور كمال هشومي    سانشيز: المسؤولون عن "الإبادة الجماعية" في غزة يجب أن يحاسبوا قضائيا    "جيتكس غلوبال 2025" .. الذكاء الاصطناعي يحدد خريطة إنتاجية جديدة    دعوات نقابية لاحترام حق الشباب في الاحتجاج وتحذير من تهديد الاحتقان المتنامي للسلم الاجتماعي    منتخب "الأشبال" يواجه فرنسا بطموح بلوغ النهائي والاقتراب من اللقب التاريخي    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الموسيقى والأغنية والفنون الاستعراضية والكوريغرافية    بلاوي يشيد بمجهودات تمكين المرأة    "أسعار الاستهلاك" ترتفع في المملكة    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    تقرير ‬دولي: ‬المغرب ‬يحقق ‬تقدماً ‬ب17 ‬نقطة ‬مئوية ‬في ‬خدمات ‬المياه ‬المدارة ‬بشكل ‬آمن    "فيفا" يكشف التميمة الرسمية لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة    مهرجان بن جرير يكرم رشيد الوالي ويحتفي بذكرى محمد الشوبي    الشرقاوي: "جيل زيد" حرّكت المشهد السياسي لكنها تعاني من التضخم الرقمي وغياب القيادة    قادة أربع دول يوقعون وثيقة شاملة بشأن اتفاق إنهاء الحرب في غزة    إسبانيا ‬تتموقع ‬إلى ‬جانب ‬المغرب.. ‬نحو ‬شراكة ‬بحرية ‬جديدة ‬تعيد ‬رسم ‬موازين ‬المتوسط    الذهب يلامس ذروة قياسية جديدة وسط إقبال على الملاذ الآمن    انفجار يقتل 3 عناصر من الدرك شمال إيطاليا    نحو ألفي قتيل و30 ألف جريح إسرائيلي منذ أكتوبر 2023.. تقرير يرصد امتداد الخسائر إلى خمس جبهات    "جيتكس غلوبال" يبرز مستجدات الحلول الذكية ومستقبل الأصول الرقمية    فوز 3 علماء بجائزة نوبل في الاقتصاد    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سلاماً»: لمن تقوّل في الطريقة القادرية البودشيشية
نشر في هسبريس يوم 30 - 12 - 2015

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه
في هذا الزمان، زمان الفايسبوك والواتساب، كثيراً ما تفوح روائح مُنتنة وغير مسؤولة لنافخي الكير بإصدار أحكام مُدنّسة وصبغها بصبغة النصوص المقدسة؛ وما ذاك إلا بسبب «تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» كما أخبر بذلك وتنبّأ به النبي الأمين عليه الصلاة والتسليم. فليحذر الذين يُوقِّعون عن رب العالمين أن يتلبسوا بهذا الوصف المشين...
وإن من عجائب هذا الزمان أن نجد بعض المحسوبين على العلم مَن يتنطع ويتطاول حتى على الراسخين في العلم من العارفين بالله شيوخ التربية الصوفية الربانيين، بل ويستتيبهم!، ويا للجهل والجهالة!... -عفواً، ليس من أخلاقنا أن نُعيّر الناس، ولكني استقيت هذا الوصف من كلام ابن القيم في مدارج السالكين وهو يقارن ويفاضل بين العارف الصوفي وبين العالم، فيقول: «العارف صاحب ضياء الكشف أوسع بطانا، وأعظم إطلاقا، وبلا شك من صاحب العلم، ونسبته إليه (أي: نسبة العارف إلى العالم) كنسبة العالم إلى الجاهل»-.
ويأتي حُكم صاحبِ هذا الوصف، بسبب مَشهدٍ روّجه الإعلام هذه الأيام، لم يستسغه عقله، ولم يستطع أن يفك رموزه، فاختزل العمل الصوفي كله في ذلك المشهد الرباني السامي الذي لم يَفْقَه معناه ولم يُحِط به علمه، فضَلّ وأضَلّ... (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما ياتهم تاويله).
مثله كمثل الذي لم يصله من آي كتاب الله المجيد، إلا آية واحدة؛ تلك التي تتحدث عن "خرور موسى صعقا لمّا تجلى ربه للجبل"، فأخذها على منطوقها، دون إدراك معاني تجلي الرب، ولا أذواق تحلي العبد، واعتقد أن أهل القرآن لا يقضون أوقاتهم إلا في الصعق والخرور!...
أو كمثل من لم يسمع من حديث البخاري إلا حديث الضجة التي ضجها الصحابة الكرام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس النبوي (أي: صاحوا صياحا شديدا)، فظن -من حيث لا يدري- أن البخاري لم يأت في صحيحه إلا بالحُمق والجنون، أو أن الصحابة الكرام لم ينفكوا عن الصعق والصياح، حتى نطق أحدهم بالحمدلة على نعمة العقل، ولم يع أنْ ليس له من نور القلب شيء!...
من العبث والجهل إذن أن نجد في هذا الزمان الذي يعرف ردّة الروح، من يقف على حال الإمام مالك، كما في الشفا للقاضي عياض، فيجده «كلما ذكر رسول الله يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه»، فينزل بوابل من الويل والتبديع على إمام دار الهجرة...
بل صرنا نرى ونسمع من يُبدِّعُ ما أجازه النبي صلى الله عليه وسلم وأقرّه من الاهتزاز في الذكر، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأحمد في مسنده عن رقص الحبشة في المسجد النبوي بين يديه صلى الله عليه وسلم، وهُم يقولون بكلامٍ لهم: «محمدٌ عبدٌ صالح». وفيه دليل على أنّ الاهتزاز بالذكر جائز، ولا يُسمى رقصاً محرماً.
والتصوف ليس مقيَّدا بإظهار هذه المواجد والمشاعر الوجدانية الإسلامية السامية، ولا هذا الإظهار من أولوياته، بل التصوف في مقاصده كما قال ابن القيم في المدارج: «زاوية من زوايا السلوك الحقيقي وتزكية النفس وتهذيبها»،... وسيظل التاريخ الإسلامي شاهداً على ما قام به التصوف الإسلامي الأصيل، وتقوم به الطريقة القادرية البودشيشية اليوم، من نشر الإسلام بمُثله وقيمه العليا، داخل الأقطار الإسلامية وخارجها في أوربا وآسيا وإفريقيا وأمريكا، وفي الأدغال والبقاع البعيدة التي ما كان أن يصل إليها إلا من تجرّد لله تجرداً كاملا، والواقع فصيح في ذلك،... بل سيظل التاريخ شاهداً على ما تقوم به الطريقة القادرية البودشيشية اليوم، دعماً لواجب الوقت، من جمعٍ للشمل، وتوحيدٍ للصف، وتثبيتٍ لدعائم وثوابت الهوية الدينية المغربية التي أجمع عليها المغاربة منذ قرون...
أصحاب التحريف والانتحال والتأويل لا يكلفون أنفسهم عناء البحث والتقصي، بل يتجرؤون ويسارعون إلى إصدار الأحكام السلبية المسبقة، عن التصوف خاصة، انطلاقا من مفاهيم مزيفة تكوّنت في أذهانهم... لكن القاعدة في الحُكم عند أهل العلم هي: «الحكم على الشيء فرع عن تصوره»، (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)،... فهذا الفقيه الأصولي الإمام الشاطبي يستنبط ويُدلي بشهادته في الصوفية، والشهادة مسؤولة ولها مقتضياتها في الشرع، فيقول في الموافقات: «وبذلك سادوا -أي الصوفية- غيرهم ممن لم يبلغ مبالغهم في الاتصاف بأوصاف الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه»، بل أجمع أمرهم في قوله بأن الصوفية: «بنوا نحلتهم على اتباع السنة، وهم باتفاق أهل السنة صفوة الله من الخليقة». وبنفس القوة يشهد فيهم ابن تيمية في الفتاوى فيقول بأن الصوفية: «هُم مِن أكمل صديقي زمانهم». وعلى منوالهم يسير المحدث الحاكم في مستدركه فيقول: «الصوفية هي الطائفة المنتمية إلى أكابر الصحابة قرنا بعد قرن».
نَعم، في كل عِلم وفنّ تجد الدخلاء والمدَّعين، لكنَّ القاعدة كما قال الشيخ زروق، أنْ: «يُرَدّ قولُهم، ويُجتنَب فعلُهم، ولا يُترَكُ المذهب الحق الثابت بنسبتهم له، وظهُورهِم فيه».
ومن ثمّ، فمن يتكلم بما لا يُحسن يأتي بالعجائب! ولا غرابة.
أعتقد أن في هذا التوصيل كفاية (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون)
وإن عُدتم عُدنا
*أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الأول بوجدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.