شبّه محمد الساسي، القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، السلطوية في المغرب ببطل مسرحية "الحراز"، للراحل الطيب الصديقي، والذي لجأ إلى المناورة بحيلة تغيير صفته وشكله في كلّ مَرّة للظفر بفتاة كان يُحبّها ويرغب في الزواج بها، موضحا: "السلطوية مثل الحرّاز، كل مرة تتلون وتتموقع حسب ما تُمليه المصلحة". الساسي قال، في ندوة حول "المجتمع المدني ورهانات التغيير ومهام بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي"، نظمتها منظمة بدائل للطفولة والشباب، إنّ دستور 2011 كان متقدما، "لكنّ السلطوية مثل الحرّاز في كل مرة تحاول استرجاع ما ضاع منها بطرق مختلفة"، في إشارة إلى التراجعات الحاصلة على مستوى تفعيل مضمون الوثيقة الدستورية. وأشارَ القياديُّ في ال"PSU" إلى ما شهده مجلس مدينة الرباط الأسبوع الماضي، إثر اندلاع اشتباكات بين مستشاري حزب الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، قائلا: "في مواقع التواصل الاجتماعي يشاهدُ الناس مثل هذه الأشياء، وفي نشرات القنوات العمومية يُشاهدون تدشينات يقوم بها الملك، والرسالة هي شُوفوا هادْ الناس اللي انتخبتو أش كايديرو وشوفو الملك خدام". الساسي وصَفَ الطريقةَ التي يُدبّر بها النظامُ شؤون البلاد ب"الاستبداد المتنوّر، وإنْ كانَ الاستبداد واحدا وليسَ هناك استبداد متنوّر وآخر ظلامي"، وأضاف المتحدّث: "حينَ نرى المنتخبينَ يتعاركون في المجالس الجماعيّة، في الوقتِ الذي يقدّم التلفزيون الرسمي تدشيناتِ الملك، فوراءَ ذلك رسالة من خلال تقابُل هاتيْن الصورتيْن، مفادها: انتبهوا، هذا ما تُفرزه صناديقُ الاقتراع". وفيمَا يتعلّق بالدور الذي باتت المنظمات غير الحكومية تلعبه، قالَ الساسي إنّ المجتمع المدني وجد نفسه متورّطا في اختصاصات وأدوار كانَ من المفروض أنْ تضطلع بها الأحزابُ السياسية، والتي تخلّتْ عنها، خوْفا من الاصطدام بالسلطة، وأشار في هذا السياق إلى المُعارضة التي أبْدتها هيئات مدنيّة لمشروع "TGV"، في حين إنّ الأحزابَ لم تعترض، "ليس لأنها متفقة على إنشائه، بل لكونه مجالا مقدّسا لا يجب الاقتراب منه". واستطردَ المتحدّث أنَّ المجتمع المدني ابتعدَ عن السياسيين واقتربَ من السياسة، لأنّ السياسيين ابتعدوا عن السياسة، وأصبحَ فاعلا ضروريا افي الانتقال ولمْ يعُد عُنصرا مواكبا له، ففيمَا مضى كانَ الاعتقاد السائد هُو الانتقالَ الديمقراطي سيمرُّ عبر التعاقُد بين ثلاثة مكوّنات، هي الملكيّة والأحزاب والحركة الإسلامية، والآن انضمّ إليها المجتمع المدني، أو ما وصفه الساسي ب"المعادلة الرباعية". واعتبر الساسي أنَّ من المجالات التي برزَ فيها عملُ المجتمع المدني، مجالُ النهوض بحقوق المرأة، حيثُ تمكّن من تغيير سياسة الدولة في هذا المجال، ووصفَ التطور الحاصل على مستوى الحقوق في المغرب ب"النوعي"، قائلا: "لقدْ تأخرّنا على مدى أربعين سنة، ولكن تداركنا بنسبة كبيرة جدا ما فاتنا على المستوى التشريعي، غير أنه على مستوى الواقع هناكَ شيء آخر، فالعُنف ضدّ النساء ما زالَ مستمرا ويُمارَسُ بشكل فظيع جدّا"، بتعبير السياسي اليساري.