يبدو أن الهوة بين حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية في القضايا المرتبطة بالهوية، مازالت متسعة، ذلك ما أبانت عنه العلاقة المتشنجة بين بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وبرلمانيات حزب التقدم والاشتراكية، وخصوصا الوزيرة السابقة في المنصب نفسه نزهة الصقلي. فخلال مناقشة لجنة القطاعات الاجتماعية لمشروع قانون رقم 78.14، المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، اضطرت "الوزيرة الإسلامية" إلى مواجهة فرق الأغلبية والمعارضة معا، على خلفية اصطفاف فريق حزب التقدم والاشتراكية إلى جانب فريقي الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة ضدها. وقالت الصقلي، المنتمية إلى حزب التقدم والاشتراكية، في تصريح لهسبريس، إن رفض الوزيرة الحقاوي للتعديلات التي قدمها فريقها في إطار الأغلبية غير مبرر، مسجلة أنها "قدمت تأويلات غير مفهومة بكوننا أقحمنا أمورا إيديولوجية؛ مثل الدفاع عن المثليين وغيرها، وهذا أمر غير صحيح". الصقلي أوضحت أن التعديلات التي توافقت عليها الأغلبية وانضمت إليها المعارضة، هدفها حماية الأسرة، ودعت إلى ضرورة "اهتمام المجلس بمختلف مكونات الأسرة، ولاسيما الأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية صعبة والأسرة التي تعرف فقدان أحد مكوناتها". وبعدما انتقدت الصقلي الوزيرة الحقاوي "التي انتهجت سياسة الرفض رغم أنها لم تفتح نقاشات قبلية مثل جميع القطاعات الوزارية مع الأغلبية"، أكدت أن "التعديلات التي تم إعدادها كانت في إطار الأغلبية، وعبر مفاوضات بين مكوناتها، ولكن، مع الأسف، السيدة الوزيرة قامت برفض جميع هذه التعديلات". "الوزيرة طالبت بسحب التعديلات، لكن قلنا إن هذا الأمر غير ممكن، وتمسكنا بها لأننا أغلبية متعددة، وتم الاتفاق على التعديلات"، تقول الصقلي التي "نبهت إلى أن ما اقترحناه أمر عاد بالنظر لتطور المجتمع، فهناك الزواج العرفي، لأن المشرع يقول إن الأسرة هي المبنية على العلاقات الشرعية، والعلاقة الشرعية ليست هي القانونية"، لافتة الانتباه إلى وجود "حالات للجد والجدة يحتاجون إلى رعاية، ويجب على المشروع أخذها بعين الاعتبار". من جهتها قالت البرلمانية عن الفريق الاشتراكي حسناء أبو زيد إن "التعديلات التي قدمتها فرق المعارضة ورفضتها الحكومة، تتقاطع بشكل كبير ومتعدد مع التعديلات الذي تشبث بها فريق التقدم الديمقراطي من داخل الأغلبية"، موضحة أن الهدف هو "إضفاء الواقعية والفعالية على اهتمامات المجلس بمنطوق القانون". وشددت البرلمانية عن فريق "الوردة" على ضرورة إدراج مجموعة من الحالات التي يجب أن تكون أولوية المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة في تفعيله لاختصاصاته حتى لا يسقط في هامش التفكير، مبرزة أن "الأسرة المغربية أسرة بالضرورة متوازنة وسعيدة وطبيعية"، وأن مشروع القانون أغفل واقع العنف الأُسَري والمجتمعي. أبوزيد نبهت إلى "الحالات الاجتماعية التي تحرم أطفالا في وضع خاص من العيش داخل بيئة أسرية تكرس تمتع هذه الشريحة بحقوقها التي نص عليها الدستور بشكل متساو مع الأطفال الآخرين"، مبرزة "أنه لا يمكن، بأي حال من الأحوال، حرمان طفل بريء من حقه في الاستفادة من الاستقرار الأُسَري". وأبدت البرلمانية المعارضة أسفها "لضعف تجاوب الوزيرة مع مضامين النقاشات العميقة التي طرحتها النائبات، ولهشاشة التبريرات الحكومية"، متسائلة عمّا إذا كانت "الوزيرات تملكن السلط السياسية والتنظيمية والتدبيرية والتقريرية نفسها التي يملكها الوزراء في القدرة على التجاوب والتأثير على القرارات والاملاءات، واستدراك مكامن ضعف المشاريع الحكومية، وإنقاذ القوانين من التصويت الميكانيكي".