واصلت الصحف التونسية، في أعدادها لنهار اليوم الثلاثاء، إثارتها للشأن السياسي في البلاد الذي يميزه المؤتمر العاشر ل(حركة النهضة) والاهتزاز على مستوى حزب (نداء تونس) الحاكم، فيما اختارت الصحف الجزائرية إثارة الضغوط التي تواجهها الحكومة في سياق أزمة اقتصادية حادة. ففي تونس، خصصت صحيفة (الضمير) افتتاحيتها للمؤتمر العاشر ل(حركة النهضة) التي تعد القوة السياسية الأولى في البرلمان بعد انشطار حزب (نداء تونس) الحاكم. فتحت عنوان "حركة النهضة، المنتظر من المؤتمر داخليا ووطنيا ودوليا"، كتبت الصحيفة أن هذا الحدث (من 20 إلى 22 ماي) سيكون رسالة قوية تعكس التطور الحاصل في الحركة (ذات مرجعية إسلامية) "بعد 5 سنوات من استعادتها لإكسير الحياة وخروجها من سراديب الملاحقة والمتابعة إلى سدة الحكم". وقالت إن المؤتمر محطة تاريخية واستثنائية تتجاوز الحركة وأبناءها لتأخذ أبعادا وطنية وربما دولية وحتى تاريخية، مشيرة إلى أن ما يهم المواطن التونسي هو أن يخرج المؤتمر بمشاريع ومقترحات تضع حدا للبطالة المتفشية والتفاوت الجهوي وضعف البنى التحتية في الجهات، فيما يطمح أبناء الحركة وقاعدتها خروج هذه الأخيرة من مؤتمرها أكثر قوة وتماسكا. ووصفت جريدة (الصحافة) المؤتمر ب"الموعد المفصلي" في تاريخ الحركة على مستوى رئاستها وقيادتها التنفيذية والفصل بين الدعوي والحزبي. وأوردت أن قيادات (النهضة) تعتبر المؤتمر مناسبة وطنية تنتظرها الساحتان الداخلية والخارجية منذ فترة، وكذلك مناسبة لتوضيح ملامح هذه الحركة "السياسية والدعوية في آن واحد" وبلورة صورة جديدة تقوم على تقييم جدي لتجربة (النهضة) ما قبل الثورة وما بعدها، خاصة عند خوضها تجربة الحكم إبان انتخابات 2011، كاشفة أن هناك اختلافات بدأت تبرز للعيان بين قيادات الحركة بالرغم من التكتم على ذلك. وتعقد النهضة مؤتمرها بينما يعرف حزب (نداء تونس) تصدعا، حيث تحدثت الصحيفة ذاتها عن موجة من الخلافات لم تهدأ منذ تولي الرئيس المؤسس للحزب الباجي قايد السبسي قيادة البلاد وأمينه العام محمد الناصر رئاسة مجلس نواب الشعب (البرلمان)، مبرزة أن هذا التصدع يتمثل في الصراع على المواقع ومراكز النفوذ تسبب في تقسيم الحزب واستقالات بالجملة منه ومن كتلته النيابية. وذكرت، في هذا الصدد، بأن الحزب الذي حاز في الانتخابات التشريعية لسنة 2014 على المرتبة الأولى ب86 مقعدا، يتراجع اليوم ليصبح صاحب المرتبة الثانية من ناحية عدد النواب وذلك لفائدة حزب (حركة النهضة) الذي أصبح صاحب الأغلبية بمجلس نواب الشعب. جريدة (الصباح) كتبت بدورها أن (نداء تونس) أوحى في البداية بأنه الحزب الوحيد القادر على إضفاء شيء من التوازن على الحياة السياسية ويمكن أن يكون صوت الوسطيين الذين يرفضون الأحزاب اليمينية أو اليسارية وأحزاب الإيديولوجيا، لكن هذا الحزب "لم يكن سوى وعاء لشخصيات جمعتها المصلحة في فترة ما وليس مصلحة تونس، لذلك تشتتوا". ودفع هذا الوضع بصحيفة (المغرب) إلى التوقع بأن مفاجأة من العيار الثقيل بصدد الطبخ هذه الأيام، "قيادة جديدة للحكومة وللحزب الأول (نظريا) في البلاد". وفي الجزائر، توقفت الصحف عند الضغوطات التي يخضع لها النظام في ظرفية تتسم بالأزمة الاقتصادية، منها صحيفة (لوتون دالجيري) التي حذرت من أن هذا النظام لا يواجه فقط تحدي الأزمة المالية المتولدة عن انهيار أسعار النفط، بل أيضا الجبهة الاجتماعية المهددة بالانفجار في أية لحظة. وأوضحت الصحيفة أنه بداية من قطاعي التربية والصحة مرورا بقطاع المالية وصولا إلى قطاعات أخرى مهددة، تجد الحكومة نفسها أمام ضغوط تنضاف إليها احتجاجات الساكنة في مختلف المناطق مطالبة بتحسين شروطها عيشها اليومي. ومن بين الاحتجاجات التي تناقلتها الصحف والتي باتت تؤرق الحكومة تلك التي يعرفها قطاع النقل السككي في ظل إضراب دخل يومه التاسع للضغط من أجل تسوية مناصب سائقي القطارات بمستوى حاملي الشهادات الجامعية. وذكرت صحيفة (الخبر) أن هؤلاء السائقين لم يتوصلوا بعد مع الإدارة إلى اتفاق يرضي الطرفين ويعيد القطار إلى السكة، مفيدة بأن الإضراب خلق جوا من التوتر بين المسافرين وبين موظفي الإدارة والأكشاك، بل وحتى أعوان الأمن، مثلما يقول أحدهم في حديثه مع الصحيفة "نتحم ل بشكل يومي انتقادات المواطن التي لا تنقطع، رغم أننا نحاول أن نخفف عنهم بعض المشقة بإعلامهم بمواعيد القطارات التي تضمن الحد الأدنى من الخدمة". ونقلت (الخبر) عن المدير العام لمؤسسة النقل بالسكة الحديدية ياسين بن جاب الله أن إدارة المؤسسة استنفدت كل جهودها للتفاوض مع العمال بغية التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين، "وهي مضطرة لتطبيق القانون على المعنيين، الذي يصل إلى الفصل النهائي من المنصب"، مضيفا أن تلبية مطلب فئة واحدة يفتح المجال إلى إضراب آخر يشنه ال12 ألف عامل آخرون، والشركة غير قادرة على تسيير إضراب تالي. وانفردت صحيفة (الشروق)، بدورها، بنشر تصريح لوزير النقل بوجمعة طلعي أطلق فيه النار على سائقي القطارات وعمال الصيانة المضربين منذ أزيد أسبوع، واصفا إياهم ب"الخارجين عن القانون"، ومتوعدا بتطبيق أقصى العقوبات في حال رفضوا العودة إلى العمل. وقال الوزير للصحيفة إن العدالة أقرت بعدم شرعية الإضراب الذي شنه عمال الصيانة وسائقو القطارات، كونهم لم يلتزموا بالإجراءات القانونية المنظمة للإضرابات والاحتجاجات، مشيرا إلى أن الشركة الوطنية للسكك الحديدية هي مؤسسة تقدم خدمة عمومية للمواطن، وبالتالي من حق المواطن الحصول على هذه الخدمة، إلا أن المضربين لم يحترموا لا المواطن ولا القوانين من خلال شن إضراب مفتوح وبصفة فجائية في تجاوز خطير للقوانين.