واصلت الصحف التونسية، الصادرة اليوم الثلاثاء، المخاض الذي تعرفه الساحة السياسية في أفق ولادة حكومة وحدة وطنية اقترحها رئيس الجمهورية، بينما تابعت الصحف الجزائرية تفاصيل التعديل الحكومي الذي جرى مؤخرا في البلاد. ففي تونس، تناقلت الصحف انطلاق المشاورات الفعلية حول هذا المولود، غدا الأربعاء، بقصر قرطاج بحضور ممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد أرباب العمل (منظمة الأعراف) والرباعي الحزبي المشكل للأغلبية وأحزاب، حيث أكدت صحيفة (المغرب) في افتتاحيتها أن الكرة باتت في ملعب الأحزاب. وتوقعت أن يناقش اللقاء مسألتين أساسيتين هما أولويات حكومة الوحدة الوطنية، وهيكلتها، معبرة عن استغرابها من تصريح صدر مؤخرا عن رئيس الحكومة الحبيب الصيد قال فيه "غير مستعد للاستقالة رغم تأكيده على أن تشخيص رئيس الجمهورية الذي أدي إلى اقتراح حكومة وحدة سليم مائة بالمائة". وقالت إن رئيس الجمهورية يدرك جيدا أن مبادرته قد تكون "خرطوشته الأخيرة" خلال عهدته الانتخابية، واتحاد الشغل ومنظمة (الأعراف) لا يريدان أن يكونا هما بدورهما "شاهدي زور" على محاصصة حزبية جديدة تخفي نفسها، مؤكدة أن الكرة هي الآن عند الأحزاب بصفة عامة وأحزاب الائتلاف الحكومي بصفة أدق "فإما التوافق على خطة طريق إصلاحية لتونس وعلى رئيس الحكومة كامل الصلاحيات أو إعادة تجربة الفشل مرى أخرى"، وخالصة إلى أن "الجحر أمام أعيننا وقد لدغنا منه أكثر من مرة ... فلم الاقتراب منه مرة أخرى ؟". وتحت عنوان "حكومة وحدة وطنية .. في انتظار الدخان الأبيض"، كتبت صحيفة (الضمير) أن الكل يعبر عن قبوله بمبادرة رئيس الجمهورية، ولكنه ينظر لهذه المشاركة من زاوية خاصة جدا وهم ما جعل من الترحيب بالمبادرة "أقرب إلى المجاملة السياسية منه إلى الرغبة الحقيقية" في تجاوز الاوضاع التي تمر منها البلاد. ورأت أن الوقت يمضي بسرعة كبيرة في وقت يسود الاعتقاد بأن المؤسسات الدولية التي تربط تونس بها برامج اقتصادية ومشاريع قروض وهبات، لا يمكنها الانتظار طويلا حتى تتشكل حكومة الوحدة الوطنية التي "لا يبدو أن دخانها قد اقترب". وتوقفت صحيفة (الصباح) عند الموقع الذي باتت ترى حركة (النهضة) نفسها فيه داخل الحكومة المقبلة على خلفية خلاصات مجلس شورى الحركة المنعقد مؤخرا بالحمامات (جنوبتونس). واعتبرته موقفا جديدا في مشهد الحياة السياسية "سيخلط بالضرورة جملة الأوراق الموزعة هنا وهناك" في تأكيد على أن المواقف لم تعد ثابتة في علاقتها بالتفاهمات القديمة بين حركتي (النداء) الحاكمة و(النهضة) حليفتها الحكومية، في إشارة من الصحيفة إلى تصريحات قيادات (النهضة) حول حكومة الوحدة الوطنية وضرورة تمثيل بالحركة بالنصيب الأكبر من الوزراء وأحقيتها باقتراح رئيس الحكومة المقبلة. وقللت جريدة (الصحافة) من فرص نجاح مبادرة رئيس الجمهورية "لأن كل الدلائل تحمل شروط إجهاضها"، موضحة أنها "من دون محتوى سياسي وبرامجي جديد واضح المعالم"، وجاءت من دون مشاورات مسبقة مع الأطراف الحزبية والجمعياتية المعنية بها، لتصطدم أيضا منذ البداية برفض الاتحاد العام التونسي للشغل المشاركة فيها، فضلا عن كونها جاءت من حيث توقيت طرحها ها مبهمة وغير مفهومة. وفي الجزائر، علقت صحيفة (الشروق) على التعديل الحكومي الذي أجراه ، مؤخرا، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بمقال جاء فيها أن الخماسي المغادر للحكومة دفع فاتورة "الفشل" في مواجهة الأزمة المالية الناجمة عن انهيار أسعار البترول، و"العجز" عن اختراع مخارج النجدة وابتكار بدائل النفط، سياحيا وفلاحيا وطاقويا وماليا، مؤكدة أن وزراء آخرين كانوا في "فم المدفع"، لكن التغيير الحاصل يعطي الانطباع بأنه كان "اقتصاديا" أو لأهداف مالية واقتصادية بحتة، ولذلك تم استهداف الوزارات المعنية بالأزمة بشكل مباشر، إم ا بإقالة بعض الوزراء، أو تحويل وزراء آخرين من هنا إلى هناك. ونقلت صحيفة (الفجر) عن مصادر مطلعة من حزب (جبهة التحرير الوطني) الذي برأسه شرفيا الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة، أن هذا التعديل الحكومي أثبت أن انتقادات الأمين العام للحزب عمار سعداني ضد بعض الوزراء الذين صنفهم في خانة الخصوم السياسيين، أخذت بعين الاعتبار في التعديل، خاصة ما تعلق بالوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الطاهر خاوة الذي يلقى مساندة كبيرة من قبل نواب الغرفة السفلى وأغلبهم من المعارضين لسعيداني. وتابعت الصحيفة أن إقالة وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة تؤكد مرة أخرى أن توصيات الأمين العام لجبهة التحرير الوطني أخذت بعين الاعتبار، حيث سبق وأن وجه عمار سعداني انتقادات لسياسية تسيير قطاع المالية، وخص بالذكر الوزير بن خالفة، ومحافظ بنك الجزائر لكصاسي (أقيل بدوره الشهر الماضي)، الذي قال عنه إنه اكبر حاجز في طريق تطور الاقتصاد الجزائري. وانفردت صحيفة (الخبر) بتصريح لجيلالي حجاج رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد أكد فيه أن حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال "أصبحت تحوم حولها شبهات كثيرة، بسبب دخول وزيرين لديهما ملفات قضائية في التعديل الحكومي الأخير، إلى جانب ما كشفته أوراق بنما من فضائح تخص وزراء جرى إبقاؤهم في مناصبهم، وهو ما يعد " استفزازا للجزائريين". وأضاف المتحدث أن الحكومة الحالية "لا تقدم المثال في مجال الشفافية"، لأن الوزراء لا يقدمون التصريح بممتلكاتهم كما ينص عليه القانون المتعلق بمكافحة الفساد والوقاية الصادر في 20 فبراير 2006، وهو ينص على أن التصريح بالممتلكات للمسؤولين العموميين يكون عند تسلمهم المنصب، وفي حال تغيرت قيمة الممتلكات أثناء تأديتهم عملهم، فإن المسؤول ملزم بتصريح جديد يودعه لدى المحكمة العليا.